أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرثا فرنسيس - 1-أين أبوك؟















المزيد.....

1-أين أبوك؟


مرثا فرنسيس

الحوار المتمدن-العدد: 3145 - 2010 / 10 / 5 - 04:37
المحور: الادب والفن
    


1-أين أبوك ؟
يكبر الأولاد ويبدأ العش الذي كان يمتلئ بالحيوية والحركة ، الضحك والشجار ، الحب والتأديب ، يبدأ السكون بعد أن يأخذكل منهم خطواته نحو المستقبل ، العمل أو السفر والزواج والإنجاب وتربية الأولاد وتدور الحلقة ويخلو البيت على الأب المسنّ أو الأم أو كلاهما ،منفردين مع الوحدة وأمراض الشيخوخة وبعض الأمراض الأخرى التى تصيب الإنسان في أي مرحلة من العمر
وجاءت فكرة دور المسنين والتي في حد ذاتها فكرة جيدة تساهم في حلّ مشاكل هؤلاء الذين ليس لهم من يطرق عليهم الباب أياما بأكملها ورغم هذا لم تُقبل الفكرة بسهولة قد يرجع السبب الى أننا شعب عاطفي يقيس كل امور حياته حتى الهامة منها بمشاعره .
و كان التفسير الوحيد لها من قبل الأباء وايضا بعض الأبناء انها لاتعني الا جحود وعقوق الأبناء بعد كل هذا العطاء والتضحية التي يقدمها الوالدان فكيف يكون جزاؤهم ان يلقى بهم في هذه الأماكن ليقضوا بها ماتبقى من العمر ، بين الأمراض والأدوية والبعد عن الأحباء والأولاد والأحفاد
دور المسنين تختلف في المستوى حسب نوع ومقدار الخدمات التي تقدم للمسنّ وحسب مستوى المعيشة المتوفر داخلها ، بعضها اصبحت مشروعات استثمارية لايستطيع ان يلتحق بها الا من لهم أرصدة عالية في البنوك أومن لهم اولاد يعملون في دول الخليج ويكون لديهم استعداد لدفع هذه المصاريف المبالغ فيها والأكثرية العظمى ينطبق عليها مايقال عن المدارس والمستشفيات الحكومية بكل مآسيها ومايتعرض فيها الإنسان لأنواع من المهانة( وكل واحد على قد فلوسه )
بعض هذه الدور لاتقبل الا من يستطيع ان يخدم نفسه ، ولاتقبل المقعدين والعجزة ، والبعض القليل جداً يقبلهم بعد أن اصبحوا يحتاجون لمن يطعمهم ويحافظ على نظافتهم الشخصية ويحافظ على مواعيد الأدوية واسعافهم عند الأزمات المفاجئة .من المفترض ان تقوم هذه الدور بالرعاية الصحيّة والنفسية والثقافية والإجتماعية للنزيل ولكنها مسألة نسبية حسب مستوى الدار ورسوم الإلتحاق به .
اصبحت الفكرة مقبولة بشكل أكثر نسبيا بعد ان استسلم المسن لاحتياجه لمساعدة الغير، وهذا الغير ليس هو بالتأكيد الإبن أو الإبنة وبعض الأبناء وجدوها الحل السحرى لمشكلة هذا الضيف الذي يحتاج من يخدمه ويعطيه جرعات من الحبّ والحنان لم تعد متوفرة في هذه الأيام الصعبة ويمكننا القول انها اختفت وتوارت مع زحام الحياة والمسئوليات.
المشكلة التي يشكو منها كبار السن هي ان الأبناء وكأنهم يتخلّصون من حمل الوالدين بمجرد أن يضعونهم في دور المسنين فينسونهم وتتقلص علاقتهم بهم الى مجرد دفع فواتير الدار(اذا كانت حالة الوالد او الوالدة المسنة لاتسمح لهما بالإنفاق على مصاريف الدار) ومصاريف العلاج الذي يحتاجون اليه ، ولايفكرون مجرد التفكير في الإتصال التليفوني على أقل تقدير وكأنهم لايعلمون مدى تأثير هذه الدقائق التليفونية على أب أو أم يشتاق أي منهم لمجرد سماع صوت فلذة كبده ، ومع هؤلاء الأحباء نستمع لقصص سأترك لكم تقدير تأثيرها على نفس الأب والأم
احدهم أودع والده دار المسنين ، فزوجته لاتقبله في البيت وهو مشغول في عمله والأب يحتاج لمن يعد له طعامه ويعطيه أدويته فحركته بطيئة ثقيلة ويعاني من امراض الشيخوخة التي تجعله يشعر بالحرج وليس اصعب من احساس المريض انه أضحى ثقيلا على احبائه ، كان المسئولون في الدار يتصلون بالإبن تليفونيا اذا اشتاق الأب ان يراه او اذا تعرض لأزمة تعرض حياته للخطر ، ويكون من المهم تواجد ابنه الى جواره ساعات قليلة حتى تنتهي الأزمة ، اصيب الإبن بالملل من جراء هذا الإزعاج فكان يغلق تليفونه ليلا واعطى تعليماته للمسئولين بألا يتصلوا به الا في حالة وفاة الأب !!!!
زوجة شابة يرفض زوجها بل يمنعها من رعاية امها المسنة بعض الوقت بالإستعانة بخادمة مدربة على رعاية المسنين ولن تقدم أكثر من بعض الوقت !!!و بعض المشاعر الحنونة والإهتمام الذي تعتبره حق لأمها عليها تضطر للإذعان للزوج وتذهب لرؤية امها خلسة بدون علم زوجها ،وهذا يجعلها تقضي بعض الدقائق التى لا تتعدى نصف الساعة على أكثر تقدير مع الأمّ التى تشعر بالحياة والوجود عند رؤيتها لإبنتها
احد المسنين في حديث معه يقول انه يشتاق لبيته وسريره وحمّامه وليس له اي مطالب اخرى غير ان يعيش ماتبقّى من عمره في المكان الذي قضى فيه اجمل ايام حياته.ويسأل لماذا عليه ان يحتمل الإحساس بالغربة وتسوّل مشاعر الإهتمام والحنان من أولاده ، هل من الصعب ان يعطيه كل ابن من أولاده بعض الوقت !!
أب فكر ان يعفي ابنه من حساسية الموقف رغم قدرته المالية على استدعاء ممرضة لتعتني به في بيته،لإحتياجه للمساعدة وفكر ان يذهب بنفسه الى دار المسنين متوقعاً ان يقدّر الإبن هذا الموقف فلن يحمله اي مسئولية تجاهه فقط يحتاج حبه وحنانه وسؤاله عنه ولو كان سيزوره مرة كل اسبوع فهذا يكفيه ، الأب يبكي غير مصدِّق ان ابنه استطاع كل هذه السنين ان ينسى اباه ولم يفكر في زيارته مرة واحدة خلال ثلاث سنين وحتى بعد أن انجب لم يفكر خلال هذه المدة ان يذهب بطفلته ليراها جدها، وهذا بكل تأكيد سيفرح قلبه وينسيه تعب ووحدة السنين .كان الأب يتصل بإبنه ليطمئن عليه وكثيرا ماتردّ زوجته قائلة انه في العمل او انه نائم او ترد الخادمة قائلة : انهم في سفر .
مايحتاج اليه المُسنّ هو حب واهتمام ابنائه ، بعد كل هذه السنين من المعاناة والتى انتهت به مريضاً مسناً ليس له يد في طول العمر واصابته بالأمراض ، قد تفرحه دقائق قليلة يقضيها مع ابنائه وسؤالهم عن حاله واحتياجاته، قد يحكي لهم بعض المتاعب التى ينظر لها الأبناء على انها تافهة ولسان حالهم ماذا يريد هذا الرجل اكثر من تسديد كل احتياجاته من مأكل ومشرب وغسل ملابسه ونظافته الشخصية وادويته ؟ وهم ينسون او يتناسون انه انسان
لنا نحن الأبناء : يتوقع المُسنّ في هذه المرحلة ان يأخذ مقابل سني عطائه الطويلة ويتوقع ان يقابَل بالعرفان والتقدير بعد أن أفنى حياته من أجلهم
يحدث للمسن قصور في السمع والبصر وعلينا ألا نعلّق كثيرا على هذا بل نحدثهم بصوت مرتفع ومفهوم مع مراعاة ان احساسه بهذا القصور مؤلم
كم من ساعات نقضيها امام التليفزيون او مع الأصدقاء او مع عالم الأنترنت المتسع ، ماذا لو قررنا الأستغناء عن بعض هذه الساعات وليس كلها وذلك لتقديم لمسات حانية رقيقة لآمهاتنا وآبائنا، ماذا لو علمنا أولادنا محبة كبار السن والرحمة بهم ،ماذا لو تعلموا من سلوكنا الطبيعي تقدير الوالدين والعطف عليهم والرحمة بهم ، ماذا لو استطعنا ان نفعل هذا ايضا مع أباء ازواجنا او زوجاتنا ، ليس فقط لأن لهم علينا حق يساوي كل سنين العمر ولا لأنه واجب سنقدم عنه حساب ولكن فقط لأنهم بشر ، يكبر الإنسان فيعود كصغره ، يفرح بسرعة وتنهمر دموعه بسرعة ،يفرح بالحلوى واللمسة والكلمة الطيبة ، ينسى الجفاء والقسوة بزيارة يُغلّفها الحُبّ الصادق من القلب
محبتي للجميع



#مرثا_فرنسيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس وهماً
- مصر بلدي زمان والآن
- قصة لا إنسانية أخرى من واقعنا الُمرٌ
- لقطات
- قصة لا إنسانية من واقعنا المُر
- استراحة قصيرة
- ماذنبي ياسادة ؟؟
- لؤلؤة غالية اثمن
- الساقطة ......نجحت !!!
- المرأة في المسيحية
- لحظات صدق
- الدموع
- حكاية أب
- تعال معي ....
- أحلام
- اليكِ ......ياطفلتي
- شريعة المساواة
- معاهدة معك......هل تقبل ؟؟؟
- موقف لن أنساه ..... طفل على الرصيف
- موقف لن أنساه


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرثا فرنسيس - 1-أين أبوك؟