أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب ابراهامي - حول الصهيونية والدولة اليهودية الديمقراطية















المزيد.....


حول الصهيونية والدولة اليهودية الديمقراطية


يعقوب ابراهامي

الحوار المتمدن-العدد: 3144 - 2010 / 10 / 4 - 18:03
المحور: القضية الفلسطينية
    


اين انت يا سيد يعقوب ابراهامي?
اكثر من قارئ واحد سألني هذا السؤال (عبد المطلب، كعادته، سارع واعلن انني قد هربت من المعركة) لذلك اكشف اليوم عن السر الرهيب.
لقد سكت مرغماً، ولم استطع الأجابة على مشاركات القراء، أو الرد على المقال المنفرد الذي شرفني به الأخ عبد الرضا، لأن ادارة "الحوار المتمدن" قررت مرة ثانية، لسبب اجهله، انني خرقت قواعد النشر والتعليق، واصدرت حكماً (بالأجماع؟) يقضي بمنعي من المشاركة في التعليقات على صفحات "الحوار"، لفترة محدودة.
اريد ان اسجل هنا ان ادارة "الحوار المتمدن" فعلت ذلك رغم ان النقاش الحر هو حق طبيعي كفلته لي ولغيري كل الشرائع الدينية والدنيوية ولا يحق ل"حوار" يسمي نفسه "متمدناً" ان يحرمني منه.
هكذا وجدت نفسي امضي اياماً وليالياً، اقرأ التعليقات والشكاوى، الذم والمديح، وانا ساكت على مضض لا استطيع ان انبس ببنت شفة. وشكراً لكل القراء الذين اقلقهم سكوتي.

اريد الآن ان اعوض عما مضى واجيب على تعليقات القراء، وإذا طال المقال بعض الشيء فإن اللوم في ذلك يقع كله على عاتق أدارة "الحوار المتمدن".

اليمين الأسرائيلي المتطرف هو الخطر الأكبر على اسرائيل:
اريد ان اوضح في البداية، بصورة لا تدع مجالاً للشك، انني، في كل كتاباتي وفي مقالي الأخير بصورة خاصة، لا ادافع عن سياسة الحكومة الأسرائيلية اليمينية.
انا اعتقد ان الحكومة الأسرائيلية الحالية لا تريد السلام بل تريد ابتلاع ما تبقى من اراضي الضفة الغربية وهي لهذا تؤلف خطراً على اسرائيل نفسها، وعلى وجودها، اكثر مما يؤلفه حماس وكل الأعداء الخارجيين.
وبصورة خاصة، انا اعتقد ان رئيس الحكومة الأسرائيلية نتنياهو هو انسان مخادع مراوغ وكذاب، لا يريد السلام، وكل مناوراته تهدف الى خدع العالم والفلسطينيين. ولكن لا كل شيء يعتمد على نتنياهو وهو لا يستطيع ان يفعل كل ما يريده.

أقول هذا لأن القارئ عبد القادر انيس لم يفهمني جيداً وظن ان دفاعي عن حل الدولتين (دولة يهودية ودولة عربية) هو في الواقع دفاع عن موقف الحكومة الأسرائيلية التي تصر على ان اعتراف الجانب العربي ب"يهودية الدولة" هو شرط مسبق للمفاوضات.
عبد القادر انيس يتساءل: " ما جدوى الإلحاح على يهودية الدولة. شخصيا أراه مطلبا تعجيزيا لعل هدفه إفشال المفاوضات مع السلطة الفلسطينية التي أثبتت أنها جادة في مسعى السلام وحتى في قبول تسوية معقولة لقضية اللاجئين والأرض."
ولكن هذا بالضبط هو ما قلته انا. في مقالي تساءلت: "اي سياسي اسرائيلي مراوغ لم يلوح بشعار الدولة اليهودية شرطاً مسبقاً للتفاوض مع الجانب الفلسطيني؟".

انا اعرف ان "الإلحاح على يهودية الدولة هو مطلب تعجيزي هدفه إفشال المفاوضات مع السلطة الفلسطينية". وقلت ذلك في المقال بوضوح. لم اكتب المقال لكي اطالب الجانب الفلسطيني بالأعتراف بيهودية الدولة شرطاً مسبقاً. الموضوع الذي بحثته هو: ماذا يعني مفهوم "الدولة اليهودية" وماذا يعني عدم الأعتراف ب"الدولة اليهودية" من ناحية حق تقرير المصير للشعب اليهودي. اردت ان اثبت ان مفهوم "الدولة اليهودية" يعني فقط حق الشعب اليهودي في تقرير مصيره بنفسه، وان عدم الأعتراف ب"الدولة اليهودية" يلقي الكثير من الشكوك حول الأعتراف بحق الشعب اليهودي في تقرير مصيره بنفسه، ويخالف قرار الأمم المتحدة بتقسيم البلاد الى دولتين: يهودية وعربية.

الرفيق فهد:
لا اعرف كيف اصبح الرفيق فهد، وتقييم دوره في تاريخ العراق الحديث، موضوع جدل في نقاش موضوعه الرئيسي هو: ما هي الحلول ل"القضية الفلسطينية" اليوم، سنة 2010؟

الرفيق فهد ليس فوق النقد. ليس هناك من هو فوق النقد، لا في العالم ولا في التاريخ البشري (عدا طبعاً ستالين في نظر النمري وقوجمان). ولكن الذي يريد ان يتكلم عن فهد يجب ان يراعي امرين على الأقل:
الأول هو ان احداً لا يحق له ان يتكلم عن فهد بالأسلوب الذي تكلمت به الأخت سناء الشيخلي. من يتكلم عن فهد يجب أولاً ان ينفذ الأمر الألهي الذي جاء في التوراة: "أخلع نعليك من على قدميك لأن الأرض التي تطؤها قدماك ارض مقدسة هي".
الأمر الثاني هو ان الرفيق فهد عاش وعمل في ظروف (النصف الأول من القرن الماضي) تختلف كلياً عن ظروف اليوم (النصف الأول من القرن الحادي والعشرين): عراق اليوم هو غير عراق الأمس، العالم العربي اليوم هو غير العالم العربي في الأمس، والعالم اليوم هو غير العالم الذي عاش فيه فهد (والحركة الشيوعية اليوم هي غير الحركة الشيوعية التي عرفها وناضل في صفوفها الرفيق فهد).

بعد ان قلنا كل هذا يمكننا ان نتسائل: هل كل ما قاله الرفيق قهد عن الصهيونية والقضية الفلسطينية كان صحيحاً؟
هل كل ما كان صحيحاً (وكثير مما كتبه وقاله كان صحيحاً في الظروف التاريخية آنذاك) لا زال صحيحاً (في الظروف الراهنة)؟
هذه اسئلة مشروعة يحق لنا ان نسألها ويحق لنا، بل يجب علينا، ان نناقشها.

بدل الدراسة النقدية النزيهة لمواقف الرفيق فهد من القضية الفلسطينية، وبدل دراسة الواقع المتجدد واختبار المواقف السياسية وفقاً لهذا الواقع، لا وفقاً لشعارات ونظريات ربما كانت صحيحة في حينها ولكنها فقدت صحتها اليوم، ينصحنا مقدام صابر (الذي تطلبت مني قراءة تعليقاته الطويلة كثيراً من الصبر) بما يلي: يواصل الشيوعيون العراقيون كفاحهم من اجل فلسطين وفقا لتعاليم فهد الثورية القاضية بالثبات على فكرة العداء للحركة الصهيونية ولفكرة الوطن القومي الصهيوني في فلسطين العربية.

عن اي "فلسطين عربية" يتحدث هذا الصابر المقدام؟ اكثر من ستين عاماً بعد قيام دولة اسرائيل ونكبة الشعب العربي الفلسطيني لا زال مقدام صابر يعيش في سنوات الأربعين من القرن الماضي، ويدعو الى " الثبات على فكرة العداء للحركة الصهيونية ولفكرة الوطن القومي الصهيوني في فلسطين العربية" وفقا لتعاليم فهد الثورية، وكأن شيئاً لم يحدث، وكأن الأمم المتحدة لم تتخذ قراراً بتقسيم فلسطين الى دولتين يهودية وعربية، وكأن دولة اسرائيل لم تنشأ بتأييد كل القوى التقدمية في العالم، وكأن الدول العربية الرجعية والأقطاعية لم تحبط قيام الدولة العربية الفلسطينية، وكأن الشعب العربي الفلسطيني لم يشرد من ارضه ووطنه لم يمزق.
كل شيء تغير في عالمنا، اما "تعاليم فهد الثورية" فقد بقيت، في نظر مقدام صابر، كما هي: لم تتغير ولم تتزحزح.
كثير من الصبر يوجد في كلام السيد مقدام صابر ولكن لا يوجد فيه شيء من الأقدام.

الجنون فنون:
السيد خالد يوسف هو، وفقاً لكل المعايير، انسان مثقف عاقل. والسؤال هو: اي دافع نفسي، لا يمكن السيطرة عليه، يرغم هذا الأنسان العاقل ان يكتب الجملة التالية: "مؤسس وقائد الحزب الشيوعي العراقي اعدم على يد الحكم الملكي العميل في 14 شباط 1949 تنفيذا لاوامر الصهيونية العالمية بسبب موقفه التاريخي المستقل عن الاتحاد السوفييتي آزاء قرار تقسيم فلسطين".
هل يصدق خالد يوسف نفسه هذه الكذبة؟ هل هو يصدق حقاً ان اعدام الرفيق فهد كان تنفيذاً لأوامر الصهيونية العالمية؟ من اين اتى بهذه الفكرة البائسة؟ ألا يرى انه بهذا يهين ذكرى الرفيق فهد؟ هل هناك انسان عاقل واحد في كل العالم يصدق ذلك؟ من قال له ذلك؟
هل مصدرهذا الجنون هو الخلل الفكري (المؤقت) الذي ينتاب اغلب المفكرين العرب لمجرد سماعهم كلمة "صهيونية"؟
(اسدى لي احد القراء يوماً نصيحة اخوية لم اتقبلها. اكتب ما تشاء، قال لي، ولكن لا تذكر كلمة "صهيونية".)

"الصهيونيه هي صهيونيه مهما حاولتم تجميلها" - يقول عبد المطلب في تعليقه، وكأننا في مباريات لاختيار ملكة جمال، ويسد بذلك الباب امام كل محاولة للحوار في الموضوع.

"ضوء على القضية الفلسطينية":
لا اعرف كم من الذين هاجموا التقرير المعروف باسم " ضوء على القضية الفلسطينية" قرأوا التقرير حقاً او اطلعوا على محتوياته. ولكن خالد يوسف الخبير، كما اسلفنا، بالمؤامرات عموماً وبمؤامرات الصهيونية العالمية خصوصاً، يضيف معلومة استخبارية جديدة لم نكن نعرفها، نحن الذين عاصرنا التقرير.
يقول هذا الخبير العالمي بالمؤامرات الغامضة : "التقرير نشر في اب 1948 بطريقة غامضة".
(يبدو ان ذاكرتي بدأت تخونني: انا لا اتذكر انني استلمت التقرير في حينه بطريقة غامضة. بطريقة سرية؟ هذا صحيح، لكنها لم تكن "طريقة غامضة".).

ماذا يقصد خالد يوسف ب"طريقة غامضة"؟ لماذا لا يفصح عن ذلك؟ هل هي الصهيونية العالمية مرة اخرى؟ هل تسرب عملاء الصهيونية العالمية الى داخل الحزب الشيوعي العراقي ودسوا فيه هذا التقرير؟ ولماذا لا يكشف خالد يوسف عن "المصادر الغامضة" التي زودته بهذا المعلومة "الغامضة"؟
على خالد يوسف ان يجيبنا على هذه الأسئلة لأن صدقيته تعتمد على ذلك .

انا اشك ايضاً كثيراً في القصة التي يرويها خالد يوسف عن الرفيق فهد بهذا الخصوص (وان كنت قد قرأتها في مكان آخر ايضاً).
يروي خالد يوسف نقلاً عن الذين زاملوا فهد في سجن الكوت " انه حين تسلم التقرير طلب الى احد رفاقه ان يقرأه بصوت عال ليسمعه السجناء السياسيون في تنظيم الشيوعيين كما هي العادة في التعامل مع ادبيات الحزب التي تصل السجن . ـ ولم يكن قد اطلع على محتواه بعد ـ ولكن ما ان بدأ القارئ بتلاوة الفقرات الأولى من التقرير حتى بادر الى ايقافه دون ان يخفي استياءه. ولم يقرأ التقرير بعدها"
كل من يعرف كيف نظم السجناء الشيوعيون حياتهم داخل السجون (وهو ما كان يدعى ب"التنظيم") يعرف ان "العادة في التعامل مع ادبيات الحزب التي تصل السجن" هي ان الأدبيات الحزبية لم تكن تقرأ على "السجناء السياسيين في تنظيم الشيوعيين" قبل اطلاع قيادة التنظيم على محتواها.
والأهم من كل ذلك: هل يجوز اخفاء محتوى تقرير حزبي هام عن اعضاء الحزب حتى إذا كان الرفيق فهد نفسه مستاء منه، بحيث "لم يقرأ التقرير بعدها"؟ (اريد ان يكون واضحاً: انا لا ازعم ان الرفيق قهد كان مرتاحاً من محتوى التقرير. ليس لي اية معلومات عن ذلك).

الدين اليهودي والشعب اليهودي:
اكثر التعليقات دارت حول الدين اليهودي والشعب اليهودي واغلبها انكر طبعاً وجود شعب يهودي مع التأكيد على وجود دين يهودي.

" كل الوثائق تؤكد أن اليهود طائفة دينية ومجموعة من الأقوام الرحّل تحاول اسرائيل شراءها وابادتها" - يقول مالك سعيد دون ان يذكر عن اية وثائق يتحدث ومن هم الأقوام الرحل الذين اشترتهم اسرائيل ثم ابادتهم.
على مالك سعيد، إذا اراد ان نصدقه، ان يأتينا باحدى هذه الوثائق. وحتى ذلك الحين يصعب التعامل بجدية مع ما يزعمه.

" الحركة الصهيونية الحديثة لم تقدم المبرر التاريخي الذي يثبت مشروعيتها القومية" - يقول خالد عبد القادر احمد، وهو يقصد، إذا كنت قد فهمته جيداً، ان الحركة الصهيونية ليست حركة قومية لشعب له حركة قومية ككل الشعوب.
الغريب هو ان خالد عبد القادر لا زال يبحث عن "مبرر تاريخي" يثبت "المشروعية القومية" للحركة الصهيونية بعد ان نجحت الحركة الضهيونية في اقامة دولة تعد، رغم كل شوائبها ونواقصها الكثيرة، دولة عصرية متمدنة ناجحة يعترف كل العالم المتمدن ب"مشروعيتها".
انا انصح خالد عبد القادر ان يرى الواقع كما هو بدل ان يبحث عن "مبرر تاريخي" يثبت "المشروعية القومية" للحركة الصهيونية. وماذا سنفعل إذا لم يجد خالد عبد القادر هذا "المبرر التاريخي"؟ هل سنرجع الى "اسرائيل المزعومة"؟

القارئ فعنونو اسيدون يكتشف "مفارقة عجيبة":
" ليس لليهودي،حتى اعتى العلمانيون منهم، سبب آخر غير الدين للتميز عن باقي الهويات وهو بذالك يتساوى في ذلك مع الاسلامي ويقدم له مبررا ثمينا لوجوده." - يقول فعنونو اسيدون، ويصف ذلك ب"مفارقة عجيبة لا بد من حل لها". وهي حقاً مفارقة عجيبة يصعب حلها. ولكن الحياة كلها مليئة بمفارقات عجيبة (الحياة ستكون مملة بلا مفارقات)، وكل الحكمة هي ان نعرف كيف نحل هذه المفارقات. وحلها بالتأكيد لا يكون وفقاً لنظريات وضعت قبل مائة عام بل وفقاً للحياة الحقيقية اليوم.

ومن اين لك، يا سيدي الفاضل، ان " ليس لليهودي،حتى اعتى العلمانيون منهم، سبب آخر غير الدين للتميز عن باقي الهويات"؟ وماذا تقصد بالدين؟ هل هو المراسيم والطقوس الدينية؟ انا مثلاً لا امارس أياً من هذه الطقوس. ألست يهودياً؟ وإذا كنت لا امارس طقوساً ومراسيم دينية يهودية على الأطلاق (ولا أؤمن بالله، على الأقل ليس بالشكل الذي يؤمن به رجل الدين) ما الذي يجعل مني يهودياً؟
الأمر كما ترى، اخي العزيز فعنونو اسيدون، ليس بالبساطة التي تتصورها. وحل "المفارقة" استعصى حقاً على أغلب الحكماء. حكومات كاملة في اسرائيل كادت تسقط حول المسألة التي تبدو تافهة: من هو يهودي؟
(نذكر بهذه المناسبة ان سارتر كان يقول ان اليهودي هو من يقول عنه الآخرون انه يهودي).

" كان لي صديق يهودي من بيت(كَرجي) وهو عربي القوميه" - يكتب عبد الرضا حمد جاسم، من العراق الحبيب، ويذكرني بحادثة شخصية وقعت لي.
في الطائرة التي نقلتني من تركيا الى اسرائيل بعد خروجي من السجن مباشرة (من بغداد رحلونا الى اسطنبول ومن هناك الى اسرائيل) جلست الى جانب سيدة في منتصف العمر لا اعلم من اية جنسية كانت. كانت الطائرة مليئة بقادمين جدد الى اسرائيل. تحدثنا بالأنجليزية. لا اتذكر كيف وصل الحديث بيننا الى ان سألتني عن جنسيتي. وانا بصورة طبيعية وبدون اي تردد اجبتها: عربي. يمكنكم ان تتصوروا ان السيدة الوقورة كاد ان يغمى عليها.

لماذا اقص هذه القصة؟ لكي اقول للأخ عبد الرضا حمد جاسم وللأخوة الآخرين ان الحياة اكثر تعقيداً و"حقيقية" من ان تدخل قي معادلات نظرية بسيطة مكتوبة في الكتب.

اذكر انني خضت مرة في سجن الكوت نقاشاً مع احد الرفاق (لا يحضرني اسمه) حول الشعار الرئيسي الذي رفعته "عصبة مكافحة الصهيونية" (التي اسسها الرفيق فهد) وهو: الصهيونية عدوة العرب واليهود.
هذا شعار خاطئ - قال الرفيق - لأن اليهود انفسهم هم ايضاً عرب. كيف يمكن الحديث عن "العرب واليهود" في حين ان العرب شعب واليهود، كما علمنا ستالين، ليسوا شعباً؟
لم استطع ان افند حججه آنذاك. اليوم انا اعرف ان الحياة اقوى من النظريات واقوى من "تعاليم" ستالين.

ليس هناك "مفوضية عليا" تعطي التصاريح بتأليف الشعوب:
بعد ان ينبه خالد عبد القادر كل المشاركين في النقاش "ان القضية الفلسطينية ليست قضية خلاف بين عائلتين" (وكأننا ظننا ذلك) يصل الى بيت القصيد: "المقال يحوي تزييف وقائع تاريخية ثابتة وثائقيا ويحرف مقولات فكرية حول المسالة القومية تكاد تشبه ادعاء ان النبتة يمكن ان تحيا بالفراغ ودون اتصال بمغذيها. . . شرح يعقوب ابراهيمي للمسالة القومية لا يحمل اي اثبات على اجتماع عناصر تكوين الظاهرة القومية وشروط بقائها وانما ( اختاروا ) ان يسموا انفسهم قومية وشعب".

انا لست مؤرخاً. انا انقل ما يقوله المؤرخون. وقد يكون بعض ما اكتبه خاطئاً. لكن اتهامي بالتزييف هواتهام ظالم. ومن يدعي ان " المقال يحوي تزييف وقائع تاريخية ثابتة وثائقيا" عليه ان يثبت ذلك.
اما النبتة التي تحيى في الفراغ فهي نبتة عجيبة، لها حق الحياة، إذا استطاعت ان تحيى في الفراغ اكثر من ستين عاماً. الأرجح ان ما يراه خالد عبد القادر فراغاً هو ليس فراغاً على الأطلاق "إنما خيل لهم".

اعود واكرر: ان الذي يقرر إذا كانت مجموعة بشرية شعباً ام لا هي المجموعة البشرية نفسها وليس من هو خارج هذه المجموعة البشرية.
ليس العرب او الأتراك او الفرس هم الذين يقررون إذا كان الأكراد شعباً ام لا، بل الأكراد انفسهم هم الذين يقررون ذلك.
ليس اليهود هم الذين يقررون إذا كان عرب فلسطين شعباً ام لا، بل عرب فلسطين هم الذين يقررون ذلك.
وبنفس المقياس ليس خالد عبد القادر احمد (مهما كانت الكتب والنظريات التي يستند عليها) هوالذي يقرر إذا كان اليهود شعباً ام لا بل ان اليهود انفسهم هم الذين يقررون ذلك.

المجموعة البشرية التي ترى نفسها "شعباً"، وتريد ان يراها الآخرون "شعباُ، من المفروض طبعاً ان تربط افرادها روابط مختلفة تشد بعضهم الى بعض، وأن يكون لهم علامات فارقة (متطورة تاريخياً) تجعل منهم مجموعة بشرية متميزة عن مجموعة بشرية اخرى. ولكن هذه الروابط والعلامات المميزة تتخذ اشكالاً متعددة ( كاللغة المشتركة، الأرض، التاريخ، العادات، التقاليد، الدين، الثقافة، الحياة الأقتصادية، الجنس البشري وغيرها) ولا يمكن حصرها باربعة او خمسة شروط يكفي انعدام واحد منها لكي نلغي صفة "الأمة" عن المجموعة البشرية، كما حاول ستالين ان يفعل في مؤلفه: "الماركسية والمسألة القومية".
انا ايضاً تربيت على "المقولات الفكرية حول المسالة القومية" التي يشير اليها خالد عبد القادر الى ان جاء الواقع وصفعني. انا فضلت الواقع، اما هو فيبدو انه يفضل "النظرية" على الواقع.

العلاقة بين الدين اليهودي والشعب اليهودي:
العلاقة بين الدين اليهودي والشعب اليهودي هي، في نظري، علاقة وثيقة معقدة ومتشابكة (وهي علاقة غامضة بالنسبة لي على الأقل).
انا لا املك الأجوبة على كل الأسئلة في هذا الخصوص. هناك طبعاُ اناس سعداء يعرفون الأجوبة "الصحيحة" على كل الأسئلة. خالد عبد القادر احمد هو واحد منهم. انا لست منهم. ولكن هذا لا يعني انني يجب ان انكر ما اراه بأم عيني لأنه يتنافى مع النظريات التي تعلمتها. وما اراه بام عيني هو ان هناك دين يهودي من جهة وهناك شعب يهودي من جهة اخرى، والعلاقة بينهما هي علاقة قوية. ولكنهما ليسا مفهومين متطابقين. هما ليسا شيئاً واحداً.
اليهود هم شعب كما ان الأرمن شعب، وكما ان الأرلنديين شعب. لهذين الشعبين ايضاُ، الأرمن والأرلنديين، شتات في كل ارجاء العالم، ولكن هذا لم ينف عنهما صفة الشعب. والحركة الصهيونية قامت لتحقيق الأستقلال السياسي لتلك المجموعات من الشتات اليهودي التي تريد ان تعيش في وطن قومي مستقل وفقاً لحق كل شعب في تقرير مصيره بنفسه. او كما كان يقول البروفسور الراحل يشعياهو لايبوفيش: لقد سئمنا العيش في ظل الأخرين.

دولة يهودية ديمقراطية:
"لا فرق في رأيي بين دولة يهودية الطابع وبين ايران وحماس وطالبان فهؤلاء جميعاً لا حقوق للإنسان في قوانينهم" - يقول بلهجة المطلع الواثق القارئ مالك سعيد
اما عابد الجابر عادل فيتساءل:" وهل تستقيم هذه التسمية: الدولة اليهودية اليموقراطة؟ كيف امكن لك الجمع بين الدين والديموقراطية،هل من دين ديموقراطي؟"

لا اعرف لماذا اختار مالك سعيد تعبير "دولة يهودية الطابع". انا افضل تعبير "دولة يهودية ديمقراطية" كما جاء في "وثيقة الأستقلال" وكما جاء في قرار التقسيم.
دولة يهودية ليس معناها دولة تسير وفقاً للشريعة اليهودية بل معناها فقط دولة تمثل حق الشعب اليهودي في تقرير مصيره بنفسه، دولة يكون فيها الشعب اليهودي نفسه سيد نفسه، تماماً كما ان الدولة العربية الفلسطينية عندما ستقوم ستكون دولة تمثل حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره بنفسه، وسيكون الشعب العربي الفلسطيني فيها سيد نفسه.

دولة يهودية ليس معناها دولة دينية تماماً كما ان دولة فلسطين العربية ليس معناها بالضرورة دولة اسلامية. لذلك تستطيع الدولة ان تكون يهودية وديمقراطية في آن واحد. قد يكون هناك تناقض بين الدين اليهودي والديمقراطية ولكن ليس هناك بالضرورة تناقض بين مفهوم الشعب اليهودي ومفهوم الديمقراطية.

هكذا بالضبط وصفت "وثيقة الأستقلال" دولة اسرائيل، يهودية وديمقراطية، عندما اعلنت:
"ان دولة اسرائيل ستدأب على تطوير البلاد لصالح سكانها جميعًا وتكون مستندة إلى دعائم الحرية والعدل والسلام مستهدية بنبوءات أنبياء إسرائيل, وستحافظ على المساواة التامة في الحقوق اجتماعيًا وسياسيًا بين جميع مواطنيها دون تمييز من ناحية الدين والعرق والجنس، وستؤمن حرية العبادة والضمير واللغة والتربية والتعليم والثقافة, وتحافظ على الأماكن المقدسة لكل الديانات وتكون مخلصة لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة".

اليسار الصهيوني الأسرائيلي ليس بحاجة الى عبد المطلب لكي يذكره ان هناك في اسرائيل قوى رجعية تحاول دائماً تقويض الأسس الديمقراطية التي تقوم عليها دولة اسرائيل والتي ضمنتها "وثيقة الأستقلال" لكل مواطنيها: عرباً ويهوداً.
والقوى التقدمية في اسرائيل ليست بحاجة الى من يذكرها ان هناك داخل اسرائيل قوى دينية رجعية تحاول تفسير مفهوم "الدولة اليهودية" بانه يعني تطبيق الشريعة اليهودية على كل نواحي الحياة في اسرائيل.
لكن النضال ضد الرجعية، الدينية والسياسية والأجتماعية، في اسرائيل هو واجب اليسار الأسرائيلي نفسه وهو يقوم بذلك.

وأخيراً الخيانة:
اكتفي اليوم بهذا القدر. وانهي بنكتة زودنا بها مشكوراً القارئ سلام محمد.
سلام محمد (غريب امرك يا ابراهامي) يقول ان كل ما اكتبه هدفه واحد: "انك تحاول تبرير خيانتك".
وقديماً قالوا: الله في خلقه شؤون.



#يعقوب_ابراهامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يخاف من دولة يهودية ديمقراطية؟
- محمد نفاع لا يعصرن المبادئ
- من يخاف من تصفية القضية الفلسطينية؟
- انصاف الحقائق في اجتهادات فؤاد النمري
- هل فقدوا البوصلة؟
- -عبد الحسين شعبان- يكيل بمعيارين
- عبادة ستالين : حقيقة لا افتراء
- جرائم ستالين
- يعيرنا أنا قليل عديدنا
- اسطول الرجعية يتقدم نحو شواطئنا
- قافلة حرية؟
- على من يتستر عبد الحسين شعبان؟
- موقفان لليسار : أيهما كان يسارياً حقاً؟
- من أنت، جورج حداد؟
- هكذا اختفى مفهوم الرجعية من أدبيات اليسار
- الدقة العلمية، الخيال الخصب والديالكتيك الإلهي
- فؤاد النمري ودفاعه عن -فناء الضدين-
- نحو فهم أوضح للستالينية (2)
- نحو فهم أوضح للستالينية (1)
- على -أنقاض الدولة الصهيونية-


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب ابراهامي - حول الصهيونية والدولة اليهودية الديمقراطية