أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - في الأزمة المتفجرة بين ثاني وثالث أقوى إقتصاديات العالم















المزيد.....

في الأزمة المتفجرة بين ثاني وثالث أقوى إقتصاديات العالم


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 3143 - 2010 / 10 / 3 - 12:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ هزيمتها في الحرب العالم الثانية، إخطـّت اليابان لنفسها سياسة خارجية بعيدة عن المغامرات والتشنجات والإثارة، حيث إتصفت مواقفها بالهدؤ والعقلانية حتى فيما يتعلق بنزاعها التاريخي مع روسيا حول جزر الكوريل، وخلافاتها الإيديولوجية مع نظام مشاغب مثل نظام بيونغيانغ الستاليني. وبالمثل، حاول اليابانيون بنجاح ألا يحول تاريخهم المعقد مع الصينيين أو مطالبة كل منهما بالسيادة على جزر "ديايو/ سينانكو" (أرخبيل مكون من ثماني جزر صغيرة في شرق بحر الصين، لا توجد على سطحها سوى الصخور والأحراش، فيما باطنها يحتوي على كميات من النفط والغاز، علما بأن تايوان تطالب بحق السيادة عليها أيضا وتسميها "تياويوتاي") دون إرتباطهما بعلاقات إقتصادية وتجارية بينية مفيدة للجانبين.
غير أن ما إنفجر مؤخرا من أزمة دبلوماسية غير مسبوقة بين البلدين الجارين، على إثر مطاردة قوات خفر السواحل اليابانية للسفينة الصينية "مينجيو5179" وإحتجاز قبطانها و14 من بحارتها في أوائل سبتمبر الماضي، أثار أسئلة لا نهاية لها حول حقيقة الحادثة، وتوقيتها، ودواعي التصعيد الإعلامي حولها، خصوصا وأن مثل هذه الحوادث تكررت مرارا في الماضي، وخصوصا زمن الحرب الباردة، لكن دون أن تؤدي بالعلاقات اليابانية – الصينية إلى مرحلة التأزم والحروب الإعلامية المتبادلة، وتبادل الاتهامات الشنيعة.
فمن الأسئلة التي أثيرت ولا يعلم أحد أجوبتها الحاسمة سوى طوكيو وبكين: ماذا كان أكثر من 160 سفينة صينية يفعل في المياه المحيطة بجزر "ديايو/ سينانكو" المتنازع عليها بين البلدين منذ عقود طويلة حينما داهمتها قوات خفر السواحل اليابانية؟ وهل كانت تلك السفن مجرد سفن لصيد الأسماك أم أنها كانت سفنا للتجسس وجمع المعلومات عن مسارات الغواصات اليابانية أوالغواصات الأمريكية المتطورة ذات الرؤوس النووية التي نشرتها واشنطون في المياه الآسيوية منذ يونيو الماضي، وشوهدت في مياه خليج "سوبيك" الفلبيني ومياه "دييغو غارسيا" في المحيط الهندي، وميناء بوسان الكوري الجنوبي؟ وهل قامت السلطات اليابانية بتحذير ربابنة تلك السفن قبل مهاجمتها أم خرقت القواعد المتعارف عليها دوليا؟ وماذا كانت ردود أفعال الربابنة، بمعنى هل أنهم تعاونوا مع تحذيرات اليابانيين أم أنهم عرقلوا مهمة قوات خفر السواحل اليابانية كما تدعي الأخيرة؟
ومن الأسئلة أيضا: هل للأزمة علاقة بصراع الأجنحة داخل الحزب الديمقراطي الحاكم في طوكيو، ولاسيما ما بين جناحي رئيس الوزراء الحالي "ناوتو كان"(معروف عنه أنه من أشد المدافعين عن فكرة إضطلاع جيش الدفاع الياباني بدور خارجي – على الأقل في منطقة المحيط الباسفيكي - يتلاءم مع قوة بلاده العلمية والإقتصادية) ورئيس الوزراء الأسبق السياسي المخضرم "أميتشيرو أوزاوا"؟ وبعبارة أخرى هل أن البحرية اليابانية وجدت في هذا الصراع فرصة للتمرد على التقاليد المتعارف عليها، فأخذت زمام المبادرة لخلق أزمة دبلوماسية مع بكين تبعد بها انظار الرأي العام الياباني وإهتماماته عن أزمة الحزب الحاكم؟ وهل أن الصينيين تعمدوا تفجير أزمة مع خصمهم التاريخي مباشرة بعد بلوغ بلادهم المركز الثاني في سلم أقوى الإقتصاديات في العالم بعد الولايات المتحدة، وذلك من أجل إبلاغ رسالة مفادها أنهم قادرون على تحقيق مراتب عالمية متقدمة على الصعيد العسكري أيضا، بمعنى أن هيمنتهم العسكرية على منطقة شمال وجنوب شرق آسيا ليست سوى مسألة وقت؟
بعيدا عما سبق، لكن في السياق ذاته، تساءل البعض قائلين : هل هي مجرد مفارقة أن تنفجر الأزمة بعد وقت قصير جدا من تصريح وزيرة الخارجية الإمريكية "هيلاري كلينتون" الذي قالت فيه أن جزر "سبارتلي" (مجموعة من الجزر الصغيرة في بحر الصين الجنوبي تدعي بكين وبعض دول جنوب شرق آسيا مثل الفلبين وماليزيا وتايوان وفيتنام وبروناي حق السيادة على كلها او بعضها نظرا لموقعها الاستراتيجي وما تحتويه من ثروات معدنية، علما بأن الصينيين حتى عام 1988 لم يولوا أي إهتمام بها رغم أنها كانت مسرحا لموقعتين حربيتين بينهم وبين الفيتناميين في عامي 1974 و 1988 ) تمثل أهمية إستراتيجية للولايات المتحدة وحليفاتها في المنطقة؟ وهل هي أيضا مجرد مفارقة أن تأتي هذه التطورات مباشرة بعد رفض بكين المشاركة في مناورات بحرية إمريكية – كورية جنوبية في المياه المحاذية لسواحل كوريا الشمالية؟
الأمر الملاحظ في هذه الأزمة أن طوكيو، التي كان بإمكانها ألا تعلن عما حدثت أسوة بما فعلته أيام الحرب الباردة لولا إعتقال قواتها لقبطان السفينة الصينية وبحارتها، حاولت قدر الإمكان تجنب التصعيد، إنطلاقا من المصالح الإقتصادية المتشعبة التي تربطها بالصين (بلغت قيمة التبادلات التجارية بينهما حوالي 147 بليون دولار في النصف الأول من العام الجاري فقط، مع ملاحظة زيادة صادرات اليابان للصين عن صادراتها للولايات المتحدة وبلوغ الأولى نحو 20 بالمئة من إجمالي الصادرات اليابانية للعالم)، وحفاظا على التقدم السريع الذي تحقق مؤخرا على صعيد بناء الثقة بعد توقف قادة طوكيو عن زيارة "ياسوكوني" حيث مقابر جنودهم الذين قضوا في حروب البلاد الإمبريالية. ويشهد على محاولات طوكيو تجنب التصعيد، عدم تحمسها لمحاكمة القبطان الصيني، ومسارعتها إلى إطلاق البحارة الأربع عشرة، ناهيك عن إطلاق سراح القبطان لاحقا، ودعوتها الصين إلى الروية والتصرف بحكمة خوفا من فلتان العواطف والمشاعر القومية، على نحو ما فعله "نورييكي شيكاتا" المتحدث الرسمي بإسم رئيس الحكومة، وعلى نحو ما أجمعت عليه مختلف الصحف اليابانية الكبرى في إفتتاحياتها المعتدلة.
غير أن الصينيين لأسباب غير معروفة، أو ذات علاقة بتزايد الشعور القومي المضاد لليابانيين، أو ذات علاقة بنفوذ متزايد لقادة الجيش الأحمر داخل دوائر صنع القرار الصيني، مارسوا التصعيد منذ اليوم الأول للأزمة. فمن تعليقهم للإتصالات البينية رفيعة المستوى، إلى تأجيلهم محادثات كانت مقررة في منتصف سبتمبر المنصرم حول الإستغلال المشترك لحقول الغاز الطبيعي في بحر الصين الشرقي، إلى إلغائهم لمناورات مشتركة مقررة غرب جزيرة أوكيناوا، إلى إتهامهم اليابان بخرق قانون البحار الدولي، إلى تهديدهم بإتخاذ إجراءات حازمة وشديدة ضد طوكيو تشمل قطع التعاون في مجالات حماية البيئة والإنتشار النووي والطاقة، وإعاقة طموحات طوكيو في لعب دور دولي أكبر من خلال مجلس الأمن الدولي، إلى إلغائهم إستقبال ألف شاب ياباني في معرض "إكسبو" الدولي في شنغهاي، إلى إستدعائهم للسفير الياباني في بكين "يو إيتشيرو نيوا" ست مرات إلى مقر وزارة الخارجية الصينية، إلى تكليف صحفهم الرسمية بشن حملة تحريض ضد المسئولين اليابانيين والبضائع ذات المنشأ الياباني، إلى إنتهازهم ذكرى الغزو الياباني لمنشوريا في عام 1931 لدفع الجماهير إلى تظاهرات قومية الطابع في بكين وشنغهاي وهونغ كونغ وشينغيانغ، إلى ترديدهم مقولات لا تستند إلى حقائق مثل: أنه لولا الأسواق الصينية لبارت الصناعة اليابانية، فيما الحقيقة هي أنه لولا التكنولوجيا اليابانية لما حققت الصين تقدمها الصناعي الراهن، وصولا إلى إعلانهم عن عدم نية رئيس الحكومة الصينية "وين جياباو" الإلتقاء بنظيره الياباني "ناوتو كان" على هامش الإجتماعات السنوية الحالية للأمم المتحدة، معللين السبب بعدم ملاءمة الأجواء حاليا للدخول في حوار مع جيرانهم.
ويقول بعض الخبراء والمحللين تعقيبا وتعليقا على ردود الفعل الصينية الحادة، أن قادة بكين بهكذا تصعيد أثبتوا ضعفهم في مواجهة صقور الحزب الشيوعي الحاكم والجيش الأحمر الذين يفضلون المواجهة مع الولايات المتحدة الإمريكية وحليفاتها الآسيويات، وعلى الأخص منهن اليابان، وذلك على خلاف من يسمون بالحمائم بقيادة الرئيس "هو جنتاو" ورئيس حكومته "وين جياباو"، والذين يرغبون في التوصل إلى حلول منطقية وعقلانية مع كل دول الجوار، بل لا يمانعون حتى في تقديم بعض التنازلات للأمريكيين على أمل جني مكاسب أعظم في المستقبل.
وعلى حين يؤكد هؤلاء الخبراء أنه من الصعب قياس مدى قوة الصقور والحمائم داخل دوائر صنع القرار في بكين بسبب التعتيم والطبيعة الشمولية للنظام الصيني، فإنهم من جهة أخرى لا يترددون في القول أن الكفة مائلة لصالح الصقور، وخاصة حينما يتعلق الأمر بقضية طرفها الآخر هو اليابان. ولا حاجة لنا في هذا السياق التذكير بأن أهم ما جعل "ماوتسي تونغ" بطلا شعبيا في نظر الجماهير، رغم عنفه وشراسته، هو مواجهته وتصديه لليابانيين، وأن أكثر ما جعل الصينيين ينظرون إلى الزعيم الوطني الماريشال "تشيانغ كاي شيك" (مؤسس تايوان) كرجل متخاذل وجبان هو تعاونه مع اليابانيين
إن الحقيقة التي لا جدال فيها أن كل المنطقة المواجهة لسواحل للصين تتداخل فيها الحدود البحرية وتنام على وقع إدعاءات أطراف عدة للسيادة عليها، إلى درجة أن أي دولة من دول المنطقة بإمكانها إطلاق مطالب أو إتخاذ إجراءات عملية لتعزيز تلك المطالب مثل إرسال طائرات للتحليق أو غواصات للتجسس أو سفن صيد لرفع الأعلام، وهو ما تم التحذير منه مرارا خوفا من إشعال أزمات ذات تداعيات وخيمة على السلام، أو تجييش عواطف الجماهير المشحونة سلفا بمظالم تاريخية تعرضت لها.
والحقيقة الأخرى غير الخافية على متابعي شئون شمال شرق آسيا هي أنه في حقبة الحرب الباردة كان بالمقدور، من خلال توازن القوى في العالم، منع وقوع مثل هذه الأزمات أو التصدي السريع لتداعياتها، أو على الأقل تعمد إخفاء تفاصيلها عن الرأي العام.



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كارثة الفيضانات تعزز نفوذ العسكر في باكستان
- إقتصاد باكستان الكسيح بعد كارثة الفيضانات
- أعين الجماعات الإرهابية مصوّبة على قرقيزستان
- صناعة المركبات كوسيلة للإدعاء بالتفوق الصناعي
- كيف ترى الصين نفسها؟
- في اليابان أيضا .. -ما بيصائب للحكم إلا صائب-
- تحديات جمة تنتظر زعيم الفلبين الجديد
- صعود آسيا و حراك القوى الإعلامية (2 من 2)
- صعود آسيا وحراك القوى الإعلامية (1 من 2)
- آخر معقلين للماويين في آسيا
- حكاية ذوي القمصان الحمراء في تايلاند
- عند البعض نفايات، وعند البعض الآخر مناجم للذهب
- الحيرة ما بين النظامين الرئاسي والبرلماني: باكستان مثالا
- دييغو غارسيا .. صاحبة الدور المحوري في حرب الخليج القادمة
- الصين كعقبة وحيدة أمام عقوبات أممية على طهران
- حول عملي الروائي الأول
- - ذو المتين- صار في خبر كان
- دماء في پونا الهندية
- باكستان تكذب رواية طهران عن إعتقال زعيم متمردي بلوشستان
- إستمرار الفساد في أندونيسيا يقوض شعبية يودويونو


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - في الأزمة المتفجرة بين ثاني وثالث أقوى إقتصاديات العالم