أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيمون خوري - صراع - القات - والأيديولوجية / في اليمن - الديمقراطية - ؟!















المزيد.....

صراع - القات - والأيديولوجية / في اليمن - الديمقراطية - ؟!


سيمون خوري

الحوار المتمدن-العدد: 3142 - 2010 / 10 / 2 - 02:49
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


صراع " القات " والأيديولوجية
في اليمن " الديمقراطية " ؟؟!


أتمنى على زملائي في موقع " الحوار المتمدن " ، وأعزائي القراء ، تحمل صراحة هذه المادة ، أو لنقل من يملك قلباً ضعيفاً بضعف قلبي ، أتمنى أن لا يقرأ هذه المادة . كي لا يصاب بالآرق والقرف من " الثورات " ؟! . محزن جداً أن تستعيد الذاكرة ، مشاهد العنف والدمار وجثث القتلى في الشوارع تنهشها طيور الغربان . أو أن يلقى بجثث بشرية بالجملة طعاماً لإسماك القرش. شئ مفجع وتصاب بالجنون ، عندما تكون شاهداً على مقتل أحدهم ليس رمياً بالرصاص ، بل بتصويب قذيفة دبابة نحوه ، وهو رافع يدية فوق رأسه . أو قذيفة آر بي جي نحو صدرة العاري . شئ محزن عندما تنتهك أعراض النساء بلا رحمة ثم تبقر بطونهم . شئ يدمي القلب عندما يركض طفلاً صغيراً لاهثاً بحثاً عن والدية ، لكن رصاصة رحمة من قاتل أيديولوجي وديني معاً ، تعفية من محنة التيتم والتشرد . ويحتل جسده الغض ، قوافل جراره من النمل والذباب الأزرق. تدمع عين المرء على تلك الأعين البريئة التي لم تتمكن من رؤية معنى الطفولة والإبتسامة وقيمة الحياة وقدسيتها .شئ محزن ، ومفجع يدمى القلب مئات المرات وأنت تعدو لطرد غراب من فوق جسد هذا الصغير . وللحقيقية نحن في هذا الشرق ظاهرة معقدة ومتناقضة حتى في ثقافتنا الروحية الفردية وفي إحترامنا لحق الأخرين في الحياة . ماذا تفعل ، أن تغمض عينيك ، فلم يعد ممكناً فقد إحتلت الصورة المرئية مكانها في الذاكرة . ربما هذا أكثر ما يؤلم عدم القدرة على تنظيف الذاكرة .
" عدن " كانت عنواناً وأملاً لمرحلة قادمة ، بيد أننا كنا مخدوعين الى درجة الهبل ، ولا نعرف ماذا يجري تحت سطحها البركاني . ما كان يريده الرفاق " السوفييت " غير ما كانت تريده بعض القيادة . " عبد الفتاح إسماعيل " منظر الحزب " الستاليني هو غير الرئيس المعزول " سالم ربيع علي " وهو غير الرئيس الأسبق العقلاني " علي ناصر محمد " . ما كان يريده وزير الدفاع الأمي " الجنرال علي عنتر " الذي لا يعرف القراءة ولا الكتابة الحائز على شهادة " عقيد ركن " من الأكاديمية العسكرية السوفياتية ، مثل شهادات الدكتواره لقادة بلدان العالم الثالث . هو غير ما كان يريده " الرفيق علي شايع احمد وزير الداخلية وغير ما يريده صالح مصلح وغير ما يريدة " علي سالم البيض" . إنه صراع " الرفاق الأعداء " ، صراع الرفاق على تجارة " القات " والأيديولوجية والسلطة معاً .
في بلاد الشرق يقال أن من ينعق الغراب على داره يصاب بالخراب . " عدن كانت بلاد الغربان " الذين إستوطنوا البلاد مع مجئ الإحتلال البريطاني اليها يوم كانت بريطانيا سيدة البحار في العام 1838 بعد توقيع سلطان " لحج ، محسن بن فضل العبدلي " معاهدة بالتخلي عن 194 كلم لصالح شركة الهند الشرقية – البريطانية ، درة التاج البريطاني الإستعماري .. لكن لا شئ يبقى على حاله ، قو ة تصعد ، وأخرى تختفي هذا منطق التطور الذي لا أحد يملك القدرة على التحكم به .
عدن سجل حافل من الحروب الأهلية منذ صراع الجبهتين " القومية وجبهة التحرير" إستقلت في العام 1967 . جاء الرئيس " قحطان الشعبي " وجرى الإنقلاب عليه " بحركة تصحيحية " خلفه الراحل " سالم ربيع علي أو سالمين " جرى الإنقلاب عليه في معارك دامية بعد إغتيال المقدم " أحمد حسين الغمشي " في شمال اليمن .وخلفه عبد الفتاح إسماعيل من العام 68- 1980 أطيح به وخلفه " علي ناصر محمد " غادر الأخير كنتيجة للحرب بين طرفي الحزب ، وخلفه " علي سالم البيض " ..؟! كم عدد الرؤساء والحروب المحلية تحت يافطة الأيديولوجية التي كانت تخفي صراع مصالح محليه وعالمية ( ....) .
في كافة الحروب المحلية إمتهن " الغراب " مهنة عامل نظافة مجاني ، مقابل توفير طعامة من أجساد البشر القتلى في الشوارع .. ليس مبالغة ، بل أننا لم نفتح من هذا الملف سوى عنوانه فقط . والحديث سيتناول هنا فترة زمنية محددة حوالي ثلاثة أسابيع فقط على سقوط نظام " علي ناصر محمد ، وتولي " علي سالم البيض " الرئاسة.
كتؤطئة للموضوع أود أن أوضح التالي ، نحن ننتمي الى اليسار .. نعم لكن ليس أي يسار كان .. هناك يسار أخلاقي – ديمقراطي ، كما أن هناك " يمين " أخلاقي وإنساني . يتمتع بحس إنساني ، يحترم معنى الحياة وقيمتها التي لن تعاش سوى مرة واحدة . يسار لا يؤمن بالدكتاتورية أياً كان مصدرها ،حتى لو كان إلهاً فضائياً ، ولا بسيادة طبقة إجتماعية على أخرى ، ولا بديانه فضائية على أخرى ، ولا بألف شنب لرجل مقابل قلب إمرأة أو طفل صغير . فإذا لم تكن حريصاً على دماء الناس وأرواحهم ، ومصالحهم فلا معنى لكونك يسارياً . ربما ممن الممكن أن تكون جزاراً ، أو طبالاً لنظام ، أو حذاءاً لجنرال .. أو بعوضة تمتص رحيق حياة ضحيتها بلا شفقه ، لكن لا يمكن أن تجمع النقيضين معاً بأن تكون يسارياً أو شيوعياً وسفاحاً ؟؟! . المعادلة برأي المتواضع هي ، إما أن تكون إنساناً أو لا تكون . الكتب الدينية تبرر ما يريده رجل الدين ، وكتب الأيديولوجيا تبرر ما يريده " الديكتاتور " شخصياً هكذا أفهم معنى اليسار ، الإنسان أولاً . مع شكري لأحبائي في هذا الموقع والقائمين عليه

************ ****************** ****************
" عدن " زهرة الليل ، وغراب أسود ، وحجر بركاني أسود .. عرب و هنود وأثيوبيين ، وصوماليين . خليط متجانس من البشر جمعتهم مصالح مشتركة ، العيش بسلام . تنقسم العاصمة الى ثلاث مناطق " الشيخ عثمان وخور مكسر والتواهي . وتتوزع اليمن الديمقراطية سابقاً الى خمسة محافظات . أما سجن عدن فقد أطلق عليه السكان لقب " المحافظة السادسة "؟؟!
عدن كانت فوهة بركان جيولوجي ، دمر حياة سابقة ، تحولت الى بركان أيديولوجي ، مدمراً معه أحلام شعب بسيط ومتواضع . وأطفأ شمعة كانت قد أؤقدت في عتمة هذا العالم " العربي " من ليل طال ليله . لم يسقط الثلج ولو لمرة واحدة في عدن ، بينما سقطت آلاف قذائف المدفعية فوق رؤوس الأطفال والنساء والمدنيين العزل.
في المقر الرئاسي ، للرئيس السابق " علي ناصر محمد " القريب من الشاطئ الذهبي ، مع الزميلة الصحافية العزيزة " حميدة نعنع " أتمنى لها الصحة والعافية وطول العمر ، كنا معاً نستمع الى حديث الرئيس السابق علي ناصر محمد على كأس من الشاي بالحليب ، حول الخلافات الداخلية للحزب الإشتراكي اليمني . في الغرفة المجاورة كان سكرتيره الراحل " حسين " يتابع الحوار من خلال باب الصالة المفتوح على مصراعية . توقف علي ناصر عن الحديث قائلاً : هذا شريط " كاسيت " ستعرفون حتماً أصحاب هذا الصوت " ؟
أدار الشريط ، كان المتحدث الأول أحد قادة التنظيمات الفلسطينية اليسارية ممن رحلوا عن هذه الحياة ، قال موجهاً كلامة للرئيس علي ناصر . أيها الرفيق ، عليكم العمل على حل مشاكلكم الداخلية بروح رفاقية ، ولا داعي للإنجرار وراء حرب طاحنة قد تنهي هذه التجربة ، وشخصياً على إستعداد للتوسط مع الطرف الأخر من الحزب لإنهاء الخلاف ووأده ، إمنحهم مزيد من الأراضي لزراعة القات ودعنا ننهي هذه الإشكالية " . كان هذا نص حديث المسؤل الفلسطيني الأول.
المسؤل الفلسطيني الثاني ، كان أيضاً من خانة " اليسار " ما زال على قيد الحياة ، قال " يارفيق إن معلوماتنا أن جماعة الرفيق علي عنتر – وهو زير الدفاع في اليمن الديمقراطية – يحضرون لإنقلاب دموي ضدكم ، لذا عليكم التحرك السريع للقضاء على هذه المحاولة " ؟؟!
ثم إستبدل الرئيس الشريط ، بشريط أخر قائلاً : هذا تسجيل لنفس الأشخاص مع " وزير الدفاع الرفيق علي عنتر" الصوت الأول كرر ما قاله سابقاً دون الحديث عن موضوع القات ، مبدياً حرصة على وحدة البلاد . الثاني كرر أقواله لكن هذه المرة أن " جماعة علي ناصر ربما يخططون لشئ ما عليكم بالحذر ..؟؟ "
تطلع نحوي الرئيس ناصر قائلاً : يا رفيق " سيمون " هل عرفت أصحاب هذه الأصوات ؟.. لم أجب لكني أؤمأت برأسي .. ثم تابع هل لك أن تقدم لي تفسيراً عن معنى الإختلاف في حديث الرفاق ..؟! لم أكن أملك تفسيراً ، بيد أن صاحب الصوت الثاني ، كان على علاقة وثيقة مع المركز " موسكو " ؟؟!
صمت ثقيل لف المكان ، أجواء غير عادية وحالة إحتقان داخلي قد تنفجر في أية لحظة . ينتاب المرء إحساس بأن كتلة هواء ساخنة محملة دون رطوبة عدن ، برائحة الموت والبارود قادمة نحو هذا البلد ، الذي كان يحاول السير بقدم عرجاء فوق حقول ألغام . في صنعاء عاصمة الشمال ، الخط التلفوني الساخن ، لم يتوقف لمعرفة ميزان القوى بين الطرفين ..أصيب " علي عبد الله " الرئيس الحالي لليمن بالآرق ، من الذي سينتصر في معركة " كسر عظم " عنيفة .. تمهيداً لدخول " الحلفاء " من قبائل جرى حشدها وتعبئتها معنوياً على قاعدة كل ما ملكت أيمانكن فهي " غزوة " على غرار الغزوات السابقة في تاريخنا الدامي والمخزي معاً . قوات " العمالقة " اليمنية الشمالية زحفت الى الحدود ، وقبائل عطشى للدم ، تنتظر إشارة ضوئية للعبور نحو الرصيف الأخر .
في مدينة " عدن " كنا نفاجئ كل يوم بوجود " كونتينر " مغلق جديد على ناصية شارع ما . سألت صديقي الراحل " محمد صبري كتمتو " وكان ممثلاً لأحد التنظيمات الفلسطينية ، ما هذه الصناديق ..؟ أجاب إنها أسلحة وذخائر .. لا أعلم لأي طرف منهم .. لكن هناك حراسة على هذه الصناديق الحديدية . قرب الفندق الذي أقمت به لأيام " كريسنت هوتيل " جرى وضع عدة صناديق حديدية ..؟
سألته مرة أخرى وهو العارف بدقائق الأمور بحكم صلاته القوية ، صديقي " أبو فراس " ما تقديرك لموقف الإتحاد السوفياتي وهم يرون أن هذه التجربة على وشك الأنهيار ..؟ أجاب : داخل الجيش اليمني ، هناك تذمر من سلوك الضباط السوفييت المتعجرف مع الضباط اليمنيين . وحتى على صعيد الشارع العام هم أسوء سائح ، أما السفارات الأجنبية فدائمة الشكوى لوزارة الخارجية أن مراكز بيع الأسواق الحرة أصبحت حكراً على الخبراء السوفييت الذين ينقلون مافيها الى بلادهم . كان الخبير السوفياتي يتعامل مع المواطن اليمني كحشرة مقرفة . في الوقت الذي كان يتقاضى فيه أضعاف مرتبة وبالعملة الصعبة التي يجري تحويلها في السوق السوداء وعلى نفقة وزارة الدفاع اليمنية . أما الأيديولوجيا فكانت الغائب الأكبر لدى هؤلاء الخبراء . قلت لكنك لم تجيب على السؤال ..؟
تنهد " أبو فراس " مطلقاً .. آهً . .. طويلة كانها من عمق تاريخ اليمن الغابر ، زمن سبأ ، وأحفاد البابلين الذين أسسوا الحضارة المعنية هناك ، أو من أحفاد شقيق " صلاح الدين الأيوبي " سيف الإسلام طفكتين، قائلاً : بصراحة .. موسكو ليست راضية عن سياسة " علي ناصر" الإنفتاحية مع جيرانه العرب .. كما أنه حاول في الفترة الأخيره " الحد " من نفوذهم وطلباتهم في توسيع النفوذ العسكري السوفياتي في البلاد " . هناك مراهنة منهم على عودة " عبد الفتاح إسماعيل " الذي عاش لفترة طويلة في موسكو ، لتغيير القيادة نحو إتجاه أكثر تشدداً من الناحية الأيديولوجية والسياسية . وزير الدفاع " علي عنتر كان من انصار " عبد الفتاح إسماعيل " لكن دون أيديولوجية .. لا يمكن أن تفهم كيف تتفق المصالح في هكذا معادلة . على الطرف الأخر " علي سالم البيض " كان أقل تشدداً من عبد الفتاح إسماعيل ، رغم أنه كان على خلاف من الرئيس علي ناصر. من كان مع من ..؟ ومن كان على خلاف مع الأخر ..؟ تصاب بالصداع وأنت تبحث عن خيوط متشابكة كأنها كلمات متقاطعة غير قابلة للحل .
في العام 1986 كانت عدن ، اليمن ، وليست جنته على أرضه تتحول تدريجياً الى جحيم . التوتر ، الحذر والخوف على ملامح الناس . أسماك القرش إقتربت من الساحل بإنتظار وليمتها من أجساد البشر . وكأنها كانت ترصد ما يدور في الخفاء . الغربان إستدعت ما لديها من غربان الهند وجنوب شرق أسيا لوليمة بشرية.
فجأة إنفجرت براكين الغضب ... رحل الرئيس على ناصر الى عاصمة عربية أخرى ، قتل وزير الدفاع علي عنتر داخل دبابته فقد تحول من وزير دفاع الى مقاتل ، قتل أيضاً عبد الفتاح إسماعيل ، قتل أيضاً صالح مصلح ، وأيضاً علي شايع أحمد وزير الداخلية . وقتل " حسين " سكرتير علي ناصر ، والعم " عبده " العجوز الذي كان يتولى تحضير الشاي . ومعهم الآلاف من البشر معظمهم أبرياء ضحية حقد أيديولوجي وقبائلي وخلاف على المصالح المحلية ومصالح راعية التحرر الوطني العالمية " موسكو " . سيطرت جماعة " علي سالم البيض " في ظل غياب عبد الفتاح إسماعيل وعلي عنتر .. ورحيل علي ناصر .
في نهاية العام ، جرى لقاء أخر مع الرئيس السابق " علي ناصر محمد " في عاصمة أخرى ، طالباً تدخل " القيادة اليونانية " للإفراج عن المعتقلين الأبرياء في عدن ، وعلاج الجرحى ، وقضايا أخرى .. تم تشكيل وفد من وزير الصحة السابق ورفيق أخر ، وبمشاركتي في الوفد ، وجرى لقاء مع رئيس الوزراء اليوناني الراحل " أندرياس باباندريو في أثينا " . الذي بذل كل جهده مع عواصم دولية وعربية أخرى ، ومع الراحل " ياسر عرفات " لإنقاذ أرواح المعتقلين في سجون السلطة الجديدة .
بيد أن ما حصل لاحقاً كان هو المشهد الأسوء ، عندما تدخلت قوات الشمال مع قوات القبائل تحت شعار" دمر وإنهب " وجرت عملية غزوة بكل معنى الكلمة ، في 22 أيار / مايو من العام 1990 لم تبقي ولم تذر. كانت نوع من عملية تصفية لكل ما يمت للحياة بصلة ، وأدت هذه العملية الى " إعلان الوحدة بين شطري اليمن " لاحقاً في يوليو 1994 . ربما هي وحدة قسرية .. لكن لكل منهم وجهة نظرة . الأن " عدن " مرة أخرى على قمة فوهة البركان .. لا أحد يعلم موعد إنفجاره .
الرئيس علي ناصر محمد ، كان يمثل التيار الأكثر عقلانية في القيادة اليمنية ، وهو من أصحاب وجهة نظر الإنفتاح على العالم " العربي " وتحسين العلاقات مع البلدان المجاورة بالأخص اليمن الشمالي والسعودية ومصر وسلطنه عمان في ذاك الحين . الى جانب الإنفتاح في العلاقات مع القارة الأوربية سياسياً وإقتصادياً . ووضع حد للمشاكل مع سلطنة " عمان " عبر إقناع الرفاق في " الجبهة الشعبية لتحريرعُمان " المتمركزة في الجبل الأخضر في ظفار ، إجراء مفاوضات مع حكومة مسقط ، والمشاركة في السلطة عبر الإنتخابات . لأن فكرة الحسم العسكري بعيدة التحقيق في ظل مشاركة القوات الأردنية والبريطانية في حماية النظام العماني ، لاسيما بعد تلقي " الجبهة لضربة عسكرية قاسية نفذتها " الوحدات الخاصة الأردنية مع القوات الخاصة البريطانية " في جبال ظفار. حتى كادت أن تسقط المحافظة الخامسة اليمنية التي لجأ اليها رجال الجبهة الشعبية لتحرير عمان كقاعدة خلفية لعملياتهم المسلحة . ولاحقاً ، أعلنت الجبهة المذكورة تخليها عن سلاحها واللجوء الى العمل السياسي. وإنتهت تجربتها " الجيفارية " في الكفاح المسلح .
على الصعيد الإقتصادي كان من أنصار، فكرة الإنفتاح وإنعاش الوضع الداخلي الإقتصادي ، وتنشيط القطاع السياحي عبر إستغلال الشريط الساحلي الطويل ، وإستغلال الثروة السمكية الهائلة للتصدير ، وتطوير وإستثمار ما يوفرة خليج عدن من حماية طبيعية للسفن البحرية خلال فصل الأمطار .
الأهم من ذلك كله ، منع زراعة " نبته القات " المخدرة أو إستعمالها اليومي ، وأصدر قراراً بالسماح بتعاطيها فقط يومي الخميس والجمعة . في محاولة للقضاء على هذه الظاهرة المتفشية بصورة تدريجية . لكن هذا لم يكن يرضي الرفيق الجنرال علي عنتر وزير الدفاع ، فقد كان صاحب مزارع " القات " الضالعي واليافعي معاً .
في العلاقة مع الرفاق " السوفييت " تمثلت وجهة نظرة بضرورة تقليص الإعتماد على المساعدات الروسية المدفوعة الثمن ، وتحقيق نوع من التوازن في السياسة الخارجية مع كافة الأطراف . لكن هذا لم يكن يرضي أصحاب الحرب الباردة . لأن قضية توسيع رقعة القتال ضد " سلطنة عمان " كانت إحدى نقاط الخلاف بين موسكو والرئيس الأسبق علي ناصر . من وجهة نظر الرفاق " السوفييت " أسقاط نظام سلطنة عمان ، في حينها يعني تحكم " موسكو في مضيق " هرمز " وهو ما يعني التحكم بشريان النفط الحيوي للعالم الأمبريالي . في معركة الحرب الباردة بواسطة الأخرين . في الفترة الأخيرة من وجوده على رأس السلطة أبلغ الرفاق " السوفييت " ضرورة تقليص الوجود العسكري السوفياتي . وهذا يعني عودة أسطولهم البحري الرابض في ميناء عدن الى المياه الباردة مرة أخرى .
تلاقت مصالح " موسكو " مع مصالح التيارات المختلفة فيما بينها داخل الحزب الإشتراكي الموحد إسماً . هذه وحدة المصالح دون أية إعتبارات لمصالح السكان ، بلا ايديولوجية وبلا رتوش . فكانت الفاجعة ، ورغم ذلك لو سمحت الظروف " لأحدهم " بفتح فمه ، دون أي حساب لأية إعتبارات قائمة الأن ، لكفرت الشعوب برب التحرر من نظريات أيديولوجية وديانات دار حرب وسلام ؟! . هل كان الإتحاد السوفياتي الدولة التي تسعى الى قيادة التحرر الوطني للشعوب المظلومة ، والفقيرة والمضطهدة .. أي تحرر وطني هذا ؟! الإنسان هو أهم ما في هذا الوجود . نحن لا نتعامل مع ستالين الحديدي أو خرتشوف حفار القبور ولا مع بريجنيف الكفاياري ، نتعامل مع دولة طرحت نفسها على صعيد عالمي كقوة توازن دولي . بيد أن هذا التوازن الدولي سواء أكانت واشنطن أم موسكو لا يمر عبر التضحية بشعوب العالم تحت يافطة الأيديولوجيا ، والمصالح المشتركة ..؟



#سيمون_خوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يستيقظ أولاً ...يصبح بطلاً قومياً ..؟!
- سقوط أخر سلالة - الملكة بلقيس - / هيلاسيلاسي .. أسد أفريقيا
- إنه .. عصر الزهايمر الفكري ..؟!
- - كارلا بروني - ليست عاهرة / منظمات ترميم الصمت هي العاهرة ؟ ...
- تأملات ..قيثارة ..وبيانو .. وعود
- الصيف .. صديق الفقراء والعشاق / والمهاجرين والمتعبين ..
- ملائكة - الحوار المتمدن - تغني للفرح ... ولنكهة الحناء .
- ملاءات بيضاء ...وقمرُ أحمر ..؟
- أسطورة خلق أخرى/ في عشرة أيام ..!؟
- ماذا يريد الإنسان من الحياة ..؟
- أبو مين ..حضرتك ..؟!
- لماذا يعشق البحر النساء ..؟
- كتالونيا
- مطلوب دولة حضارية .. تستقبل / اللاجئين الفلسطينيين من لبنان ...
- الطبيعة الا أخلاقية / لإسطورة الخلق الميثولوجية ..؟
- إنه.. زمن التثاؤب..؟
- العالم العربي .. وظاهرة إزدواجية السلطة مع الأصولية
- من إسطورة نوح الى المسيح المنتظر / الى سوبرمان العصر القادم ...
- بلدان للبيع .. أو للإيجار ..؟
- التكنولوجيا.. آلهة العالم الجديد / من مبدع لها الى عبد لها


المزيد.....




- روسيا تعلن احتجاز نائب وزير الدفاع تيمور ايفانوف وتكشف السبب ...
- مظهر أبو عبيدة وما قاله عن ضربة إيران لإسرائيل بآخر فيديو يث ...
- -نوفوستي-: عميلة الأمن الأوكراني زارت بريطانيا قبيل تفجير سي ...
- إصابة 9 أوكرانيين بينهم 4 أطفال في قصف روسي على مدينة أوديسا ...
- ما تفاصيل خطة بريطانيا لترحيل طالبي لجوء إلى رواندا؟
- هدية أردنية -رفيعة- لأمير الكويت
- واشنطن تفرض عقوبات جديدة على أفراد وكيانات مرتبطة بالحرس الث ...
- شقيقة الزعيم الكوري الشمالي تنتقد التدريبات المشتركة بين كور ...
- الصين تدعو الولايات المتحدة إلى وقف تسليح تايوان
- هل يؤثر الفيتو الأميركي على مساعي إسبانيا للاعتراف بفلسطين؟ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سيمون خوري - صراع - القات - والأيديولوجية / في اليمن - الديمقراطية - ؟!