أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد فلحي - لا تستغربوا من ازدواجية الحاكمين والمعارضين: كلهم في أحضان(العدو)!!















المزيد.....

لا تستغربوا من ازدواجية الحاكمين والمعارضين: كلهم في أحضان(العدو)!!


محمد فلحي

الحوار المتمدن-العدد: 3141 - 2010 / 10 / 1 - 12:12
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    



ليس سراً، أن أميركا صنعت وتصنع الكثير من الحكام والملوك في مناطق عديدة من العالم،خلال القرن الأخير،وأطاحت الكثير منهم أيضاً،عندما تغيرت الولاءات والظروف والمواقف والأدوار، وقد تزايدت ظاهرة التحكم والتدخل الأميركي في شؤون الدول الأخرى، في ظل(الفرعنة) والهيمنة والانفراد العالمي،حتى أن الرئيس الأميركي يكاد يقول لتابعيه وعملائه،وبالأخص من بين الحكام العرب، مثلما قال فرعون سابقاً(أنا ربكم الأعلى فاعبدونِ)!
وقد كشفت أزمة تشكيل الحكومة العراقية، بعد مرور نحو سبعة شهور من إجراء الانتخابات البرلمانية،أن حكام العراق الحاليين ليس أفضل من السابقين في تقديم فروض الطاعة والولاء لواشنطن،لكن العجيب أن الحاكمين والمعارضين،على حد سواء، يتقلبون في أحضان الحبيب الأميركي ليلاً ويشتمونه نهاراً، ويعشقونه سرّاً، ويلعنونه جهارا!
وقد قرأت أخيراً مقالة بقلم الفنان العراقي فيصل الياسري بعنوان(الهروب إلى العدو) منشورة يوم 1/10/2010 في موقع(كتابات) وتوقفت باهتمام عند ظاهرة تناقض سلوك الكثيرين، بين القول والفعل، وبين الظاهر والباطن، وعندما يتحدث أو يكتب فنان مبدع مثل الياسري، لابد للمرء أن يقرأ أو ينصت بإمعان، فهذا الرجل ينتمي إلى فئة المواهب الحقيقية والعقول الكبيرة التي لم تنل حقها من الاهتمام والتكريم في وطن، كان وما يزال، يخسر دماء وأرواح أبنائه الخيرين، بطريقة عبثية،ويفقد خيرة مثقفيه وعلمائه في خضم الانشغال بالصراع على مواقع السلطة والتنافس على المناصب والأموال المهدورة!
يبدو أن ظروف العراق الصعبة جعلت الناس تعاني من هذا الانفصام، الذي يصنفه بعض علماء النفس بأنه نوع من المرض الجماعي، وقد عبّر الياسري عن فكرته البسيطة بطريقة درامية،وهو المعروف بحرفيته العالية ومهارته في صناعة السينما والتلفزيون،فاختصر المعنى الواسع في لقطة أو حكاية قصيرة عن تلك العائلة العراقية التي كانت تشتم العدو المحتل في حين كانت أمنيتها(السرّية) أن تهاجر وتعيش في بلاد ذلك (المحتل القبيح)، وقد تحققت تلك الأمنية أخيراً!
وقد ذكرتني هذه المقالة الجميلة بمواقف وصور عجيبة من هذا النوع المتناقض الذي لا يكاد يوجد إلا في المجتمع العربي، وبخاصة العراقي، مع الأسف، ولو كان الأمر مقتصراً على الناس البسطاء لأصبح في الإمكان تبريره،أو قبوله إلى حد ما، ولكن التناقض يتحكم في سلوك النخب الفكرية والسياسية والدينية، وفي ذلك خطورة شديدة على كيان المجتمع ومصير الوطن ومستقبله.
ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك السجال السياسي المدمر،بين الحاكمين المنتخبين الحاليين ومعارضيهم الرافضين للعملية السياسية برمتها، بحجة مقاومة الاحتلال،وكل منهم، إي الداخلين في العملية السياسية والخارجين عليها، يزعمون أن هدفهم مصلحة البلاد والعباد، والأعجب من ذلك أن حكام اليوم كانوا بالأمس في مواقع المعارضة، وأن أغلب معارضي اليوم كانوا في مواقع السلطة السابقة، وهذا ما يثبت أن الدنيا تدور بسرعة عجيبة،وستظل تدور، ولا بد يوما أن تتغير المواقع والمواقف، وأن المنطق والعقل يفرض على جميع الشرفاء والمخلصين الجلوس على طاولة واحدة والعمل ضمن فريق واحد لإنقاذ الوطن اليائس والناس البائسين من هذا المصير المحزن، وحفظ دماء الأبرياء، التي تسيل منذ عقود،في صراع دموي على السلطة ومنافعها ومفاسدها،لا احد يعرف بدايته أو نهايته!
قبل أيام شاهدت حديثاً لأحد (الشيوخ المجاهدين المعارضين)، وهو يتبجح من على شاشة قناة (الجزيرة) عن رفضه ومقاومته للاحتلال ورموزه كافة، ولكن المذيع لم يسأله أبداً عن رأيه في وجود القوات الأمريكية التي غزت العراق المتجحفلة على مقربة من مقر تلك القناة في قاعدة السيلية المعروفة، والأسطول السادس الأمريكي المرابط في موانيء الخليج،والقواعد الأمريكية والسفارات الإسرائيلية الموجودة في بعض الدول العربية التي يتنقل ذلك الشيخ بين فنادقها الفخمة، ويصرف بسخاء من أموال مخابراتها،ثم يزعم المقاومة والرفض..!!
وعندما سأل المذيع ذلك الشيخ عن برنامج جماعته المقاومين بعد(التحرير) وما خطتهم لقيادة البلد المنكوب،وكيفية الخروج من هذا النفق المرعب، صمت وتلجلج،ثم ردد أن( لكل حادث حديث)، فانتظروا حديث الشيخ القادم لعل فيه الحل وفصل الخطاب.. انتظروه بعد الفاصل، وسيعود..!
وموقف هذا الشيخ المتناقض الذي يكشف عن حالة الفصام العقلي والازدواجية السلوكية لا بد أن يثير السخرية والاشمئزاز عند الكثيرين، وقد تندر أحد الظرفاء بالقول أن هذا (الشيخ العراقي) يشبه ذلك (الشيخ المصري) الذي يتصدر شاشة الجزيرة أسبوعيا في برنامجه الديني، منذ سنوات، ولكنه لم يخصص حلقة واحدة عن (عقوق الوالدين)، وهو من الذنوب الكبائر في الإسلام،ولم يتحدث عن حرمة التعاون العسكري مع جيوش (الكفار)،أو تحريم التفرج على أجساد المجندات العاريات في شواطيء الخليج،القريبة من شرفة بيته العامر، والسبب في هذا الصمت المريب معروف لكل مواطن قطري وعربي لبيب!
وهذان الشيخان لا يختلفان في ازدواجيتهما عن شيوخ كثيرين آخرين، يقيمون بصفة لاجئين هاربين من ظلم حكوماتهم المسلمة، في بلدان أوربا أو أميركا،ويخطبون في مساجدها،دون رقابة، ويصفون دولها وحكوماتها بالكافرة لأنها ضد الحرية وتمنع النقاب، ويهددون بتدميرها، وقد شاهدت، عبر التلفزيون، أحدهم يزعق في ساحة حديقة( الهايد بارك) في لندن، وسط حشود من المتفرجين،ويقول أن الذي قتل الأميرة ديانا هو نفسه الذي فجر محطات المترو في بريطانيا ودمر برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، وهو بوش الابن..!
وهناك شيوخ يعانون من المرض نفسه، يمكن تسميتهم بشيوخ الفضائيات الدينية،وهم يتحدثون باسم الإسلام، ولكنهم في الحقيقة ضد الإسلام والمسلمين، والعياذ بالله منهم ومن خطابهم الديني الطائفي،المدفوع الأجر من جهات معادية معروفة، فلا بد أن يشعر المرء بالقرف من ألفاظهم وشتائمهم القذرة،التي يطلقونها ليس ضد(الكفار) بل ضد مسلمين مثلهم، يخالفونهم في الرأي أو المذهب فقط، ولو كانت هناك حرية وقوانين حقيقية في دولهم لتمت محاكمتهم وتجريمهم باعتبارهم محرضين على القتل والكراهية والحقد، ويزرعون بذور التفرقة والفتنة بين الناس، ويريدون إعادة المجتمعات إلى ما قبل القرون الوسطى!!
وثمة مثال آخر من داخل العراق،حيث نشاهد ونسمع يومياً عبر الفضائيات،تصريحات السياسيين الفائزين في الانتخابات الأخيرة والعاجزين منذ نحو سبعة شهور عن تشكيل حكومة وطنية موحدة،فالجميع يتسابقون في التعبير عن إخلاصهم للوطن وحبهم للشعب الذي أجلسهم على كراسي السلطة،ويتفاخرون في رفض التدخل الأجنبي في شؤون الوطن، وفي تشكيل حكومته المقبلة، في حين نجدهم، من جانب آخر، رايحين جايين، صاعدين نازلين، بين العواصم العربية والأجنبية، يتوسلون ويتسولون عند أبواب حكام تلك الدول،من أجل دعمهم في سوق المزايدات والرشوات والصفقات من أجل الوصول إلى السلطة، وهم يعرفون أن كثير من أولئك الحكام لا يريد الخير والاستقرار للعراق،إن لم يكونوا متورطين فعلاً في سفك دماء العراقيين عبر تصدير الانتحاريين والانتحاريات والناسفات واللاصقات والكاتمات.. تعددت الأسباب والموت المجاني في العراق واحد، لكن (العدو) ما يزال مجهولاً!
ولعل من مظاهر الازدواجية التي لاحظتها خلال زيارتي الأخيرة إلى بغداد،هي ظاهرة التطرف(الديني) في مواجهة التعقل(العلماني) والصراع بينهما حتى الموت أو القتل،ومن العجيب أن هذه الظاهرة التي تشكل التربة الخصبة للعنف، منتشرة بين جيل الشباب وطلبة الجامعات، وليس بين الكهول والعجائز القريبين من الدين عادة،فالمجتمع العراقي، (ولا أقول السلطة الحاكمة)، كان معروفاً منذ بدايات القرن العشرين بعلمانيته الهادئة وتسامحه المذهبي والديني والقومي،وقد كان المسلمون والمسيحيون واليهود يعيشون،في هذا البلد منذ قرون،دون مشاكل، وفي بداية تأسيس الدولة العراقية الحديثة،ظهرت الطبقة الوسطى من الأفندية المثقفين العلمانيين،من كل القوميات والأديان والمذاهب،وأغلبهم من المتأثرين بنمط الحياة العصرية والمقلدين للسلوك الغربي، وبخاصة الطبقة الارستقراطية الانجليزية، حتى أن الشاعر محمد مهدي الجواهري نزع عمامته النجفية في العشرينيات، ولبس الطاقية العراقية، وكتب قصائد جريئة في الحب والغزل والخمر والحياة، وانتقد بعنف رجال الدين المزيفين والسياسيين الفاسدين،وفي الوقت نفسه كان الشاعر والفيلسوف جميل الزهاوي يدعو إلى تحرير المرأة وسفورها ومشاركتها في التعليم والعمل، في حين كتب زميله الشاعر معروف الرصافي أكثر القصائد جرأة في مهاجمة النظام الملكي ورموزه،وقام، خلال إقامته في مدينة الفلوجة،في الأربعينيات، بتأليف كتاب خطير بعنوان(الشخصية المحمدية أو حل اللغز المقدس) استطاع من خلاله تشريح الكثير من المسلمات الدينية الجاهزة وتحليلها ونقدها،ولو كان الرصافي حيّاً يرزق في العراق اليوم لاستحق على ذلك الكتاب الموت نسفاً أو رجماً، بأيدي المتدينين المتطرفين الجدد!
ومثلما يقال أن الناس على دين ملوكهم، فقد وجدت في بغداد أن بعض زملائي السابقين من الأساتذة الجامعيين أو الإعلاميين المعروفين، قد نزعوا الملابس الحزبية والعسكرية السابقة، وأطلقوا لحاهم على صدورهم،فالأطول لحية والأقصر شارباً وسروالاً اليوم هو الأكثر ورعاً وتقوى،في نظر السلطة، مثلما كان الأطول شارباً هو الأكثر ولاءاً في زمن الشوارب الرفاقية، وقد استبدلوا المسدسات بالمحابس والمسابح، حيث سمعتهم يتهجدون بأسماء الله الحسنى، ويرددون باحترام ووقار أسماء السيد والشيخ والمولى، ومن بين أولئك المتدينين الجدد، كان أحد طلبتي،في قسم الإعلام، في التسعينيات، معروفاً بارتباطاته المخابراتية، فوجدته قد أصبح نائباً في البرلمان السابق،ضمن إحدى القوائم الدينية، وعندما كشفته هيئة المساءلة والعدالة(الاجتثاثية)، نزع لحيته، وترك المسبحة، وتحول إلى قائمة أخرى تَدّعي العلمانية في الدورة البرلمانية الجديدة،وفاز في عضوية البرلمان للمرة الثانية،وتلك من عجائب الديمقراطية العراقية، ولا تستغربوا فالأرض تدور كل أربع وعشرين ساعة!



#محمد_فلحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بوتين: ليس المتطرفون فقط وراء الهجمات الإرهابية في العالم بل ...
- ما هي القضايا القانونية التي يواجهها ترامب؟
- شاهد: طلاب في تورينو يطالبون بوقف التعاون بين الجامعات الإيط ...
- مصر - قطع التيار الكهربي بين تبرير الحكومة وغضب الشعب
- بينها ليوبارد وبرادلي.. معرض في موسكو لغنائم الجيش الروسي ( ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف مواقع وقاذفات صواريخ لـ-حزب الله- في ج ...
- ضابط روسي يؤكد زيادة وتيرة استخدام أوكرانيا للذخائر الكيميائ ...
- خبير عسكري يؤكد استخدام القوات الأوكرانية طائرات ورقية في مق ...
- -إحدى مدن حضارتنا العريقة-.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التوا ...
- صلاح السعدني عُمدة الدراما المصرية.. وترند الجنازات


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - محمد فلحي - لا تستغربوا من ازدواجية الحاكمين والمعارضين: كلهم في أحضان(العدو)!!