أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - سأعيش أكثر من جلادي














المزيد.....

سأعيش أكثر من جلادي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3140 - 2010 / 9 / 30 - 10:14
المحور: حقوق الانسان
    


نحن معشر الكتاب نختلفُ جدا في حياتنا عن معشر الذئاب أو الكلاب أو الفئران , أو حتى الناس العاديين لأننا أولا نعيش من أجل غيرنا كشمعة تحترق لتنير للآخرين الطريق , لذلك لا ننعم بما ينعم به الإنسان العادي ولا نستطيع أن نستمتع بحياتنا كما يستمتع أي إنسان عادي فكل تصرفاتنا محسوبة علينا وكل يوم من عمرنا ننفقه في التفكير وإرهاق العقل والروح والبدن .

لا أحد سيعيش اسمه أكثر من اسمي.

ولا أعتقد بأن هنالك من سيبلغ طوله طولي.

لا الوزراء سيعيشون قدرما سأعيش أنا , ولا حتى النسور.

ولا ضباط المخابرات.

ولا حتى القطط التي تملك سبعة أرواح أو ثمانية أو تسعة.

وسأتربع على عرش التنين .

وسيعيش اسمي أكثر من أسماء السماسرة والقوادين والعرصات والسرسرية, وسيذكر اسمي مع كل وجبة إفطار مدرسية , وسيعيش معي كل أفراد عائلتي حتى الذين لم يكتبوا حرفا واحدا وسيعيش معي كل الذين كتبت عنهم وسيعيش مع اسمي في ذاكرة الوطن والزمن كل من ألقى عليّ التحية والسلام.

ولكن لن يعيش معي جلادي.

ولن يعيش معي سجاني.

ولن تعيش في ذاكرة الكتب المدرسية إلا الأقلام الحرة.


وسيبلغ طولي أضعاف أضعاف خيالي, وسيبلغ حجمي بالمتر المكعب ما يبلغ حجم ناطحة سحاب أمريكية, وسأعيش أكثر من النبي (نوح).


سأعيش أكثر من جلادي, وسأعيش أكثر من سجاني , وسأعيش أكثر من كل الذين حاولوا قتلي أو إيذائي, أو خنقي أو إيداعي مستشفى للأمراض العقلية, سأعيش أكثر من كل هؤلاء, أما سجاني أو جلادي فسيعيشون على فروة رأسي مثل القملة, وسيعيشون في ذاكرة الزمن مثل الجرذان ومثل الفئران ومثل الطحالب مستلقون ومتطفلون على كتب التاريخ تطفلاً ,ومهما ارتفعت مناصبهم فستسبهم الأجيال القادمة وسينعتون بأقذع الأوصاف وأنا سيقال عني : المناضل والشريف والمكافح والنظيف.

سأعيش أكثر من الذئب أنا وصيصاني, الذئب الذي ينهش ويأكلُ من لحمي كل يوم على مائدة المؤامرات ضد الثقافة والحرية والمساواة.

سأعيش أكثر من جلادي..

وسيذكرُ اسمي على مر الأزمان وعلى مر التاريخ ولن يذكر التاريخ أسماء الوزراء كما سأذكرُ أنا , فإن ذكرَ أحدٌ اسم الأردن فسيتبادرُ إلى ذهنه : البحر الميت والعقبة والبتراء وجدارا وجهاد العلاونه.

لا تستغربوا يا أصدقائي, أنا مثلا إذا أذكرُ سوريا أقول في نفسي : سوريا تعني دمشق حماة النواعير, نهر العاصي نزار قباني, وإن جاء على لساني لفظ مصر فإنني أقول: مصر أم كلثوم عبد الحليم حافظ عبد الوهاب العقاد سلامه موسى طه حسين ,دريني خشبه, اسماعيل مظهر.

إننا نتذكر كل هذه الأسماء ونهبط بذاكرتنا عندها كما تهبط الطائرات على مدرجات المدن والعواصم.

عاشوا هؤلاء رغم أنوف السلطات ورغم أنوف الحاقدين ولا أحد اليوم يذكر اسم من كان يمنع سلامه موسى من نشر أفكاره ولا أحد يذكر اسم الجلاد الذي كان يجلد بكل هؤلاء , هؤلاء أعمارهم مثل أعماري إننا معشر الكتاب نعيش أكثر من الذين يضطهدوننا ويسجنوننا , وتزداد أعمارنا امتدادا على قدر ما نتعرض له من ظلم ومن قهر ومن إرهاب ومن إحباط.

نعم, سأعيش أكثر من جلادي , ستذكرني الأجيال القادمة وسيلمعُ اسمي في الكتب المدرسية وسيتمنى بعض طلاب المدارس أن يعيشوا حياتهم كما عشتها أنا اليوم , وسيبحث كل أديبٍ يريدُ النجاح عن جلاد يجلد ظهره لكي يعيش في الكتب المدرسية اسمه, وستتمنى بعض النساء الرومانسيات لو أدركنني في حياتي ليرتمين في أحضاني تعويضا لي عن عقد النقص والكبت والقهر والتحدي والتعب والإرهاق, سيعيش أيضا اسمي في المقررات الجامعية وسيحملُ الطلاب مقالاتي ليقرؤوها بين أروقة الجامعات وسيختلف الطلاب على معنى اسمي وعلى تحليل شخصيتي وسيسبون بعضهم البعض وسيتهمونني بالعمالة الأجنبية وسيقولون (كان عميلا ثقافيا) وسيرد البعض بأنني كنت أشرفُ من الشرف , وسيقولون: عاش وهو لا يملك إلا قوت يومه لذلك كان ناجحا في حياته ولو كان جهاد العلاونه غنيا أو برجوازيا لَما وجد وقت فراغ يكتب فيه ويقرأ لأنه سيكون حتما مشغولا في مصالحه التجارية, لذلك كان فقره سر نجاحه, ومنهم من سيقول : كان عبقريا ومنهم من سيقول كان يهرف بما لا يعرف ومنهم من سيقول أفقدته (نانا) صوابه وجعلته يهذي عن المرأة, ومنهم من سيقول كان نجما لامعا لم يفهمه أحد وكان سابقا لعصره, وسيقف أستاذ جامعي بروفيسور ليقول: كان علامة بارزة وفارقة بين نظام الاستبداد وبين انطلاق الحريات العامة , ولا بد أنه عاصر أو تعايش مع نظام سياسي يحترم حرية الرأي والتعبير لذلك نجده في كل مقالاته يكتب بلا خوف أو قلق, وسيحقد الكثير من الناس على شخصيتي وسيحبني الكثير وسأنال سخط البعض ورضى البعض الآخر وسأعيش أكثر من جلادي.

أنا سأعيش أكثر من جلادي لأنني لا أبالي بأحد ولا أسأل عن أحد ومهما حدث لا يهمني إلا تدوين أفكاري ومشاهداتي وأرائي, سأعيش أكثر من جلادي لأنني صادق وأمين على مصلحة الفرد والجماعة , وسأعيش أكثر من جلادي لأنني أحترم الناس والأديان والمعتقدات الفكرية والعقائدية الدينية وأقوم بكتابة رأيي بكل إخلاص ولا أخشى في الحق لومة لائم, سأعيش أكثر من جلادي لأن دموعي دائما تشهد على أنني مظلوم وسأعيش أكثر من جلادي لأنني دائما الضحية.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فوائد الشاي الأخضر
- من هو الأفضل؟
- لعبة الرجل
- زيادة براغي
- أسوأ أنواع الاستعمار
- الكلمات الحبشية في الآيات القرآنية
- دين الملك
- بشاره الخوري
- بالون لميس
- الفرق إكبير
- كثر الشد برخي
- مساعدة الضعفاء
- الهبيله
- فن الكذب
- متعة الكذب
- إضاعة الوقت
- هل أنت صاحب خبره؟
- سيئ جدا
- الحاضر الغائب
- الحب بالطرق الملتوية


المزيد.....




- الأمم المتحدة تدعو القوات الإسرائيلية للتوقف عن المشاركة في ...
- التحالف الوطني للعمل الأهلي يطلق قافلة تحوي 2400 طن مساعدات ...
- منظمة حقوقية: إسرائيل تعتقل أكثر من 3 آلاف فلسطيني من غزة من ...
- مفوضية اللاجئين: ندعم حق النازحين السوريين بالعودة بحرية لوط ...
- المنتدى العراقي لحقوق الإنسان يجدد إدانة جرائم الأنفال وكل ت ...
- النصيرات.. ثالث أكبر مخيمات اللاجئين في فلسطين
- بي بي سي ترصد محاولات آلاف النازحين العودة إلى منازلهم شمالي ...
- -تجريم المثلية-.. هل يسير العراق على خطى أوغندا؟
- شربوا -التنر- بدل المياه.. هكذا يتعامل الاحتلال مع المعتقلين ...
- عام من الاقتتال.. كيف قاد جنرالان متناحران السودان إلى حافة ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - سأعيش أكثر من جلادي