أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - الحلقة العاشرة من سيرة المحموم( الهذيان الرابع)















المزيد.....

الحلقة العاشرة من سيرة المحموم( الهذيان الرابع)


عبد الفتاح المطلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3137 - 2010 / 9 / 27 - 21:30
المحور: الادب والفن
    


الحلقة العاشرة
من سيرة المحموم (الهذيان الرابع )

هذه الحمى التي وضعتني بين تروس آلتها الساحقة، ثم احتوتني لتلازمني كالظل حتى في الظل.. هي شيء يصعب وصفه.. رغم انه لا جدوى من هذا الكلام لكننا لابد ان نتحدث عنها حديث العاجزين ، فهي لا تعرف ما يعنينا ولا يعنيها ، ما نعرف ولكنها تعرف تماماً ما يعنيها وغير مهتمة بالمرة بمعرفتنا بما يعنيها.. لانها رفعتنا من كرسي اللاعب فوق رقعة الشطرنج لتضعنا بيدقاً في وسط الرقعة وشاءت ان تلعب وحدها بمعرفتها هي وحدها.. ان قضية المعرفة شائكة ولا تمكن أحدااً منها غير الرب الذي يعرف كل شيء، اما الشيطان فقد ظن انه يعرف ، لكنه ورط نفسه بمستنقع الخطيئة النتن.. رغم انه مصنوع من النار التي عملت دائما على تطهير كل خطيئة ودنس، اما آدم فقد كان لا يعرف ولكنه ظن على الاغلب ان رأي حواء التي كانت مخدوعة على مر التاريخ يمكن مجاراته ظناً من انه لا يشكل خطراً فادحاً محدقاً بهما ولو ظن للحظة انه مقبل على ارتكاب حماقة حين وافقها على رأيها حتى لو لم ترضيه تلك الليلة المريعة التي انتصر فيها الشيطان.. يراودني شعور بان حياتي مع الحمى كلها هذيان.. فلا تعيروا بالاً لما أهذيه.. فهي حمى قوية تجعل الطب نفسه يهذي لصالحها.. في معظم الاحوال السؤال الذي يلح علي هو انها كيف حشرت نفسها بهمومي ومشاكلي مع قلبي المنفطر وجسدي النحيل ، الا ترى الى جنبي الايسر.. الا يوحي لك شكله بانني مركول بحذاء عتيق في قدم حمال من حمالي الشورجة ، وقد انبعج الى الداخل قليلاً.. وعلى الرغم من مفارقتها لجسدي أحياناً كثيرة لكنها تبقي شعرة الرجل الحليم بيني وبينها في مثل هذه الاحوال.. تلازمني وتديم بآلاتها الدائبة الحركة اتصال تلك الشعرة ، حيرتني هذه الشعرة كيف كان الرجل يبقيها في كل الظروف العصيبة متصلة لا تنقطع.. مِمَ صنعت هذه الشعرة كل ظني انها صنعت من معنى مخاتل مدهونة بفكرة زلقة كالصابون ، أترى انه معنى ماثلا يكون مجسداً ولو لم تمسسه يد ولو لم يكن ذلك المعنى كذلك لانقطعت منذ المشكلة الاولى، وما اكثر مشاكل هذا الرجل، كان جاداً في صناعة تلك المشاكل لاختبار تلك الشعرة يصنع المشكلة ويحصل الشد والجذب ولن تنقطع الشعرة يراهن على ذلك ويكسب رهانه دائماً لأن فكرة خيالية مسبقة كان يحضرها في عقله قبل تصميم المشكلة واطلاقها.. اعتقدت دائماً ان تلك الفكرة هي ذلك الصابون الزلق واغلب ظني انه لم يكسر صحناً خزفياً في مطبخه طوال حياته ولكننا نفترض انه كسر صحناً في احدى المرات عندما كان يغازل احدى محضياته الجميلات ، ان الشعرة لم تسلم ا بطريقة واحدة.. وهي اعتراف الرجل بذنبه ببساطة وطأطأة رأسه امام الجميلة واعترافه بارتكابه خطأ هو ملزم باصلاحه وتعويضها بسخاء.. عند ذلك سيمتص غضبها.. ويحوله الى رضا.. كان الرجل يمسك بالاناء جيداً لكنه اخطأ بسبب فتنة جاريته بان صب الزيت على الاناء بدل ان يصبه على النار.. فانزلق الاناء ووقع على بلاط المطبخ فأحدث دوياً سمعته كل جارية في القصر كذلك سمع صراخ الجارية بوجهه من دون مبرر.. وانهالت عليه باللوم والتقريع ليس طبعاً بسبب الاناء لكنها ارادت ان يعلم الجميع انه لم يضربها بذلك الاناء وانها ما زالت هي الاولى.. وحين استوعب الرجل الحليم الفكرة قبل الموضوع برمته وابتسم لها فكانت الشعرة سليمة الذي اجبر الرجل على ذلك هي انها كانت اثيرة لديه وهذه ليلتها.. التي انتظرها طويلاٍ، كان رجلاً ملتزماً بجدول حريمة.. وان لكل واحدة اجندتها الجنسية.. وصادف ان اجندته اتفقت مع اجندتها لذلك كان لابد للشعرة ان لا تنقطع، لقد أورد السيوطي ما يشبه ذلك في تاريخه المطبوع طبعة رديئة وتجارية يحتمل ان يكون الناشر قد كان لا يعير بالاً للدقة.. وان كنتم تشكون بأني ابالغ بعض الشيء فانني اتراجع عن الموضوع بذريعة الهذيان.. لكنني توصلت الى ان الرجل كان يلقي بمشاعره خلف ظهره ويبتلع غضبه ولو كان صديداً ، يغمض ذهنه مما يجعله يشعر بتعب بسيط المشكلة ان الشعرة جاء ذكرها عرضي لا يستحق كل هذا الهذيان ولا أهمية كبيرة لها لكنها حشرت نفسها بيني وبين الحمى ولا ذنب لي بذلك موجهاً كلامي لمن يريد لومي حول الموضوع.. هذه الحمى العنيدة والمتقوية بالسخونة، لقد كادت ان تؤدي بحياتي اول مرة والآن تراودني عن جسدي الهزيل.. مستغلة عشقي لتلك الطبيبة المتدربة هل اعيش مع حمى مصاحبة لي كظلي ام اتخلى عن جسدي الذي لا أملك غيره متغافلاً عن كل الاعتبارات المادية التي يلتزم بها الآخرون ولان العالم الآخر بكل تلك الافكار القوية والبراقة الدقيقة الناعمة حد نعومة النعيم.. بانهاره من العسل واللبن والخمر ، باشجاره ذات القطوف الدانية وقصوره التي لا مثيل لها.. والحور العين والطيور التي تطير في سماء الجنة برؤوس طفولية جميلة .. كما رأيت ذلك مرسوماً على جدران الفاتيكان في مجلة تعنى بالجمال.. ونظرت اليها برغبة وعمق بولدانها المخلدون ونعيمها الذي لا ينقطع بمناخها اللطيف المعتدل حيث لا صيف مقرف ولا شتاء مصقع.. كل شيء في مستوى من اللطف الموحد.. والروعة الشاملة، الكاملة،.. كل تلك الامور وآلاف غيرها لا ادركها، وايضاً بكل افكار الجانب الآخر الحادة والحارة حرارة جهنم بجحيمها الذي لا يطاق وألسنة نارها الملتوية العملاقة وزبانيتها الغلاظ الشداد واطباقها السبعة وشجرة الزقوم المثمرة برؤوس شيطانية صغيرة على قدر لقمة والدخان والسموم والحميم والغسلين والجلود المشوبة الى الابد والصراخ والعويل واستغاثات المعذبين والاساليب العبقرية لعذاب لا يتصوره العقل وآلاف الامور السيئة التي تقصر عنها معرفتي، وبالرغم من كل تلك الاوصاف على كفتي التناقض مازالت الكفة الراجحة هي بقاء جسدي لي.. ذلك اكثر واقعية من افكار الاضاحي والسمو الى فوق عبر التضحية بالجسد.. لذلك فلينفطر قلبي وليذهب قلبي الى الجحيم، ولهذا الحد فأنني أتراجع عن كلمة شرف لم اقطعها بعد على نفسي ولم اتعهد بها امام حمى مراوغة ذات اتجاهات غائبة محجوبة عن المنظور، لابد ان لها غرضاً بجسدي، انني اختار جسدي ، فأنا لست اول من يتراجع، ان امماً بكاملها تتراجع.. وكأنها خلقت لتعيش متراجعة.. حكايات كثيرة تؤكد ذلك فقد قالوا ان ملكاً له بنت جميلة وحيدة ويحبها كثيراً مرضت هذه البنت ، فاعطى الملك كلمة شرف ملوكية بان من يشفيها يزوجه بها ويكون وريثه في العرش.. كان ذلك امام الشعب كله الذي كان في تلك الاوقات لا أهمية له ألم تلاحظوا ذلك ان الجميع يتحدث عن الملوك ولا يتحدث عن الشعوب منذ آلاف السنين والى الآن.. طوال سنتين لم يستطع احد اكتشاف علة البنت التي كانت هي تعرفها غير انها كانت تخجل من ان تصرح بها.. حزن الملك اذ رأى ان ابنته تذوي وتذوب وحزن الشعب، فوصل الحزن الى فلاح شاب بائس يائس لا يملك ثمن بذور ارضه ، لكنه كان فتياً وسيماً وجريئاً.. لمعت في ذهنه فكرة فاصطحب يأسه ومضى الى القصر.. قائلا في نفسه، هي ميتة .. ميتة.. لا ادري ماذا كان يقصد قال ربما كان ظني صادقاً ان قلبي الذي لم يكذب قط يقول لي ذلك كذلك قال خرير الماء.. وحفيف اوراق الشجر والعصافير التي تمر به صباحاً..
قال للملك: انا استطيع ان اشفي ابنتك من علتها على ان تفي بوعدك وتأمر لي بحمام ملكي وبدله ملوكية بشريطين من ذهب وقنينة عطر فرنسية فاخرة.. وتخصص لي جناحاً انا والاميرة قصياً بعيداً عن الضجيج على ان تجعل حرساً على الباب بمنع دخول اياً كان حتى انت مهما سمع من صراخ وعويل وعراك.. لان شيطان الاميرة ليس سهلاً.. كان الملك المسكين يائساً وكان الفلاح المتنمر متفائلا.. ولما خلا الفلاح الشاب مع الاميرة اغلق الباب خلفه ووضع عموداً خلف الباب.. ثم بدون أي مقدمات خلع ملابسه واندس في فراش الاميرة، ضمها ضمة قوية ماصاً شفتيها.. بقوة.. لاصقاً بطنه الصلب على خصرها الطري وكانت قبلة لذيذة ودون ان يعطها أي فرصة لأمتلاك الصورة ، ادخل آلته الماهرة الى حيث موضع العلة فشفاها واطفأ نار العفريت وارتعتشت الاميرة كأنها ارض عطشى لم يسقط عليها القطر.. فاذا بالمطر ينهمر.. فتلقفت الغيث بفرح غامر جعلت الزهور جميعها حتى التي في غير مواسمها تتفتح جميعاً.. بروحها الملتاعة.. فطلبت الاميرة اعادة العلاج لمرات عدة حتى الصباح، طلبت الاميرة في اليوم الثاني خواناً مليئاً بما لذا وطاب ليكون مائدة فريدة ذلك لكي يعرف الجميع ان العلة ذهبت ولكي تقوي المعالج ليتمكن من اعادة العلاج لليلة اخرى..
ولما علم الملك بالموضوع فرح لشفاء الاميرة ولكنه طرد الطبيب فوراً.. فانتحرت الاميرة ولم يسطع الملك ان يفي بكلمة شرف امام شعبه غير المهم، هذا ملك لا يملك الالتزام بشرف كلمة فكيف بي انا.. قلت للحمى لا استطيع ان اتخلى عن جسدي وليذهب قلبي الى الجحيم.. لم اعد في حيرة من امري.. وقد فاجأتني الحمى ، اذ قالت انها ايضاً تمنت ذلك.. لا اعرف لماذا.. انها متقلبة المزاج.. قالت ان لها مصالح في جسدي..
لم اكن اسألها فأنا لا أثق بها.. ان بقاء جسدي معي هو الحقية وعلي ان اتعلم كيف اتدبر اموري بقلبي المنفطر.. هكذا سوي الامر بيني وبينها.. يبدو ان تغيراً طرأ على مسلك الافكار في أي رأس حتى في رؤوس الحمى العديدة، كيف تعترضون على ان تكون لها رؤوس عديدة، لم يكن لها يوماً شكلاً.. هي رؤوس واذرع وارجل آلات وتروس ونار ودخان وحرائق وهي ايضا خارج القدرة على ان تكون.. كيف لي ان أوضح ما لا وضوح له ، ابتعدت عني قليلاً توحي بان بقاءها ملازمة لي كظلي لسيت نهاية العالم.. ونبهتني الى ان قلبي منفطر ومتشضي حتى انني اذا هرولت خوفاً او فرحاً يسمع له خشخشة كصوت الحصى في المجرفة..



#عبد_الفتاح_المطلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صديقي الأبلق
- الحلقة التاسعة من سيرة المحموم (9)
- صندوق البريد رقم 66
- الحلقة الثامنة من سيرة المحموم في زمن الحمى (8 )
- إندحار القطيع
- الحلقة السادسة من سيرة المحموم في زمن الحمى ( 6 )
- الحشد- قصة قصيرة
- الحلقة السابعة من سيرة المحموم في زمن الحمى(7)
- عندما أكلني الذئب
- الحلقة الخامسة من سيرة المحموم
- علبة أمي الفارغة- قصة قصيرة
- الحلقة الرابعة(4) من سيرة المحموم في زمن الحمى
- الحلقة الثالثة من السيرة الذاتية لمحموم في زمن الحمى(3) ((ال ...
- السيرة الذاتية لمحموم في زمن الحمى- الحلقة الثانية
- السيرة الذاتية لمحموم في زمن الحمى
- العنقاء بغداد -قصيدة
- قرار السيد الوزير -قصة قصيرة
- مرثية-لبغداد
- ذات الوشاح
- السر-قصة قصيرة


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الفتاح المطلبي - الحلقة العاشرة من سيرة المحموم( الهذيان الرابع)