أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - جهاد علاونه - أسوأ أنواع الاستعمار















المزيد.....

أسوأ أنواع الاستعمار


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3134 - 2010 / 9 / 24 - 10:55
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


روى ابن جِني:
عليَّ فيما ابتغي ابغيش

بيضاء ترضيني ولا ترضيش

وتطيب ودَّ بني ابيش

إذا دنوتُ جعلتُ تنئيش

وإن نأيتُ جعلت تدنيش

وإن تكلمت حثت في فيش

حتى تنقي كنقيق الديش.
منذ 1400سنة واللغة العربية لغة أصيلة محافظة على أصالتها ضد كل أشكال المعاصرة والتطوير, من خلال الاعتزاز بالأصالة وبالقيم الموروثة, والأمة التي تحافظ على قيمها الأخلاقية تكون على الأغلب محافظة على أصالتها اللغوية والتخلف هنا مزدوج وضروري جداً, فالذي يحافظ على لغته لا بد أنها ما زال يحفظ المعايير الأخلاقية أو المفردات أللغوية التي تدل على الأخلاق وعلى السلوكيات ومن هذه الناحية ننظرُ إلى المجتمعات من خلال تقدمها أللغوي فالأمة المتقدمة لغويا لا بد وأنها أيضا متقدمة أخلاقياً , والأمة المتأخرة لغويا هي أمة متأخرة في أخلاقها وعاداتها وتقاليدها وكان بنو تميم يقرئون من القرآن:( وهزي إليش بجذع النخل تساقط إليش رطباً جنياً) أي (وهزي إليك بجذع النخل تساقطُ إليك رطبا جنيا.
والاستعمار الذي يصادر الثقافة البلدية ليضع محلها ثقافته المستوردة يكون من أقذع أنواع الاستعمار وهذا ما حصل حين استعمرتنا القبائل العربية من تميم وقيس وهذيل الذين ما زالت آثارهم الاستعمارية في حارتنا منتشرة في المفردات أللغوية وأنا وأهل حارتنا يستبدلون الكاف شيناً في كل الكلام فما زلنا على عادات بني تميم الذين استعمرونا بفضل المد الإسلامي ولربما أن بني تميم أيام الفتوحات الإسلامية قد اتخذوا من بلادنا مستوطنات عسكرية تحولت إلى تجمعات مدنية لأفراد الجنود المشاركين في الخدمة العسكرية في الجيوش الإسلامية ,فمثلا نقول كما يقول بني تميم: بدش؟ بدل : بدك؟ أو بتثبيت الكاف قبل الشين :بدكش, لتصبح بعد ذلك جيما كما سنلاحظ بعد قليل و :بعدش؟ طبعا للمؤنث, وأهل المدن أو سكان المدينة يعيبون علينا هذا اللفظ ويستثقلونه على أللسان لذلك يتهموننا بأننا (حوارنه) دفشين في الكلام لأننا نستبدل أيضا الشين بحرف الشين القاسي وليس أللين فتصبح الشين (ج) هكذا: عندج؟ بدج؟ شفتج ..حبيتج, سلامتج, بيجامتج, لونج, وكلها في الأصل شين هكذا: بيجامتك..شفتك, بدك؟ ...حبيتك...سلامتك.
وهذه لغة وليست لهجة انتقلت إلينا من خلال الاستعمار الإسلامي لمنطقة بيت المقدس وما جاوره وكان بنو تميم يقرئون القرآن ويبدلون حرف الكاف منه بحرف الشين, ولكن لو قرأتُ أنا القرآن وأبدلت حرف الكاف بحرف الشين لقام الشيوخ وضربوني أو وبخوني أو بهدلوني ولإتهمني الناس بالجنون أو بالكفر ولقالوا هذه لهجة الحوارنه كيف تقرأ يا مجنون القرآن بلهجتك العامية, علما أنها لغة وليست لهجة بل ولغة أصيلة هذه أللغة التي أتحدثُ عنها هي لغة (الكشكشة) أي إبدال الكاف شينا, ومن ثم استخدام حرف الشين القاسي من خلال التشديد عليه ليصبح شينا مرخمة أو (ج..H) أي أننا في النهاية نلفظ الكاف وكأنها حرف ال Hباللغة الإنجليزية.
وسمعتُ مرة شيخا يتحدثُ عن هذه الظاهرة بقوله: أن الإنجليز هم أول من علمنا على استعمال الHبدل حرف الشين أو الكاف, لأنهم يريدون هدم الاسلام عليهم لعنة ألله.
وقرأت في ذخائر الأدب بيتا للشعر يقول:

عيناش عيناها وجيدش جيدها

ولكن عظم الساق منش رقيق
أي:

عيناك عيناها وجيدك جيدها

ولكن عظم الساق منك رقيقُ.
ويقال بأن أعرابية نادت جارية: تعالي مولاتش تناديش.
وهذا أحالني إلى اكتشاف السر الغامض وراء ألفاظنا المحلية فهذه الألفاظ ليست محلية في شيء بل هي لغة المستعمر الاسلامي الأجنبي ألذي استعمر بلاد السريانيين وسكن في أراضينا وتأثرنا بلهجته ولغته
وكان موقع قبيلة تميم الأصلي التي تبدلُ الكاف شيناً هي التي تشغل اليوم: البحرين وهي (هامة مضر) وتعد من العدنانيين, وكذلك تشغل دولة الكويت والإمارات العربية المتحدة وجزء من العراق سكنوه أيام الفُرس وهاجروا أولئك إلى بلاد الشام ولم يرجعوا عنها بتاتا واستقروا في بلاد الشام وفي مدن مصر , فلا عجب أيضاً أن نجد هذه أللغة في القبائل المصرية أو بعض المدن المصرية الذين يقولون عن (الكلب) (الشلب) أوكما يلفظه بعض العراقيين حيث يثبتون الجيم بمحل الشين كقولهم عن الكلب (الجلب) كما يلفظون لفظ (الشلبي ) ب (الجلبي) .
وهذا نوع من التمازج أللغوي بين الأقوام العربية نتيجة الترحال للبحث عن الغذاء ومواقع المياه, وكان الغالبية من تميم يثبتون الكاف ويجعلون بعدها (الشين) مثال ذلك (عليكش) ومنكش.
والخطورة في الموضوع هو تعودنا على رفض الآخر ورفض لغته فأهل العلم اليوم يرفضون هذه الإبدال والقراءات وتركوا أسلافهم لغتنا أو أللغة العربية لغة ميتة لا تقبل الآخر, والذي لا يقبل لغة الآخر يكون بنفس الوقت رافضا لعقيدة الآخر ولحريته الفكرية , وهذا الرفض من أللغة إلى العقيدة وحرية الكتابة والاعتقاد.
والكشكشة ليست وحدها بل هناك (العنعنة) كأن يلفظوا بدل النون الساكنة محل العين ك(أعطى) يقولون (أنطى) ولغة الإستنطاء إذا جاء بعد العين طاء يقلبون العين نونا.

حين دخل الإسلام إلى مصر , كان قادة المسلمين قد سكنوا المواقع الخصبة من السهول المصرية , وكان هؤلاء القادة من العرب الأقحاف , من قريش ومن طيء ومن القبائل اليمنية ومن مُضر ومن خثعم ومن تميم وغيرهما الكثير الكثير ...إلخ .

فهؤلاء الأقوام كانت أراضيهم غير خصبة وعبارة عن صحراء قاحلة وحين دخلوا مصر ورأوا ما رأوا من نعيم البلاد وسحر المكان قرروا أن يسكنوا في المواقع المصرية الخصبة مثل : بني سويف ..والدقهلية ..وبعض مدن الصعيد ..وسكنوا أيضاً بَحري في المدن البحرية وسكنوا قِبلي في المدن القبلية.

وما زالت اللهجة المصرية العامية شاهد عيان على توغل القبائل العربية في المدن المصرية وما زالت بعض المدن لهجتها شبيهة بتلك اللهجات العربية المتعددة.
فهذه اللهجات ليست مصرية أي أنها ليست فرعونية ولا قبطية , وإنما هي لهجات العرب الأقحاف الذين استعمروا مصر وفتحوها عسكرياً وثقافياً , وقد تأثرت تلك الأقوام بتلك اللهجات ونطقوا بها واليوم يستطيع المصري أن يكتشف عرقه المغشوش غير المصري الكح , فالمصريون الذين يدعون أنهم أقحاف لربما أنهم ليسوا أقحاف والشاهد على ذلك لهجاتهم العامية والتي سأورد منها عدة أمثلة .

مسئول.: مسعول.
إجعر: إجأر.
إسعل: اسأل.
عنت: أنت.
وهذه اللهجة سارية المفعول في الصحارى المصرية , وبدو الأردن المحاذين للعقبة سيناء من بدو الحويطات ومعان والكرك الأقحاف.
إمبارح: إلبارح.
أمهواء: الهواء.

إمعلم: المعلم.
وتعود هذه اللهجة أصلاً للقبائل (حُمير) وهذه اللهجة ما زالت عندنا وأنا كاتب هذه السطور أتحدثُ بها في شمال الأردن ووسطه , ما عدى بدو الجنوب الذين نادرا ما يتكلمونها.

وكذلك تبدل الكاف شيناً في اليمن والبحرين كما ذكرنا , فيقولون شذب بدل قولهم كذب :
وكذلك أهل شرويدة والزنكلون في محافظة الشرقية لغتهم شاهدة على أسوأ أنواع الاستعمار :
شذب: كذب.

شلب: كلب .
شيف؟: كيف؟
وهذه أيضاً مستخدمة في بلاد الشام وخصوصاً في سهول حوران والتي ينتمي إليها كاتب هذه السطور حيث يتحدث أهلي قاطبة هذه اللهجة مع زيادة أخرى وهي أن الشين انقلبت مع مرور الزمن إلى حرف ج ويلفظ بالجيم المرخمة يعني كما يضعون تحت الجيم ثلاث نقاط وليس نقطة واحدة .

النات: الناس.

التلج: الثلج.

التعلب: الثعلب.

ومن المعروف أن السين والثاء متقاربتان وتجري عليهما عوامل الإبدال, وهذه لهجة يتحدثها معظم سكان مصر وهي بالأصل ليست قرشية بل يمنية كُح.

ومن المعروف علمياً أن المغلوب يقلد المنتصر أو يحاول تقليده حتى بالأخطاء والعثرات, ولمّا كانت القبائل العربية منتصرة, أخذت القبائل المصرية بتقليدهم, وكلٌ حسب المنطقة التي سكنوا بها, حتى طغت بنهاية الأمر اللهجات العربية المتعددة على القبطية والفرعونية.

وكذلك أهل الدقهلية وديروط يقولون :
بكانك: مكانك.
التمن: اتبن .
وكذلك تأثر بهذه اللهجة أهل الغربية .

ومن المعروف أن قبيلة طيء هي القبيلة التي تبدل التاء هاء نخو قولهم :
البناه: البنات, وقرى شربين وبقاس وكفر الشيخ يقولون يابه: يابنت.

وقبيلة طيء يقلبون الألف المقصورة إلى ألف ممدودة بسبب إشباعهم للفتح الظاهر على آخر كل كلمة مثل:
رضى: رِضا.
وهذا النوع من الإعلال اللغوي شائع الاستعمال في الدقهلية .

وبعض المهتمين في اللغة العامية والنحو يخطئون في قولهم من أن قريشاً يقولون :
فأساً و رأساً , بالهمزة وهذا اعتقاد خاطئ لأن قريش أصلاً لا يهمزون في اللغة إطلاقاً , ولكن من المحتمل أنهم تأثروا بعد ذلك بالقبائل العربية التي أرادوا أن يأسلموها فأنتسب الناس لدينهم وأخذوا هم من لغة الأقوام الأخرى , وهذه أصلاً من لهجة تميم , وقد عاب يوماً العرب ُ على آخر الشعراء العرب الذين يستشهد بشعرهم وهو قريشي فقيل له :
إن قريشاً لا تهمز , فقال تالله لآتين بقصيدة كلها همزة, فقال :

إن سليمى والله يكلأها

قد ضنت بأمر ما كان يرزأها .

وقد سقتُ الشاهد هنا للتدليل على صحة كلامي .

والشاهد على الاستعمار الإسلامي هو لهجة أهل دمياط والمنصورة أو بعض أهل المنصورة حسب استطلاعاتي من خلال المصريين الذين يقيمون في الأردن , نعم أغلب هؤلاء يضيفون حرف الشين التميمي لضمير المخاطب فيقولون :
ما شافكش.
ما سافرتش؟
ما طلعتش .
وهذه اللغة أو اللهجة أتحدث بها أنا كاتب هذه السطور فيقولون عندنا في شمال الأردن :
ما رحتش :

ما طلعتش
ما جبتش.
ما شفتش:
ما عرفتش.
وأغلبها بعد ما النفي .
وهذه من لهجة مضر وربيعة وتميم.
طبعاً أمي ونساء الحارة وكذلك المصريات لم يتخرجن في الأزهر أو في أعتى الجامعات ولم يتعلمن لغة الإعلال حتى لديهن هذه القدرة على التحدث بلغة مضر وربيعة , ولكن هذا شاهد على عمق الاستعمار البدوي أو قوة التداخل الثقافي , فنحن هنا لسنا بحاجة إلى أحافير إنثربولوجية , ولكننا بحاجة للأحافير اللغوية التي إن دلت على شيء فإنما تدل على أسماء القبائل العربية التي سكنت واستعمرت المحافظات المصرية والشامية والتي تظهر من خلال لغة ولهجة كل واحدة منها .

وكذلك في مسألة إبدال أداة التعريف بحرف الميم فأنا كاتب هذه السطور أتحدث بها مثل :
إمبارح .

وإن قبيلة الأزد يقفون بالسكون التام على أواخر الكلمات وهو شائع في كافة اللهجات العامية في مصر والأردن وسوريا والخليج العربي .

ونحن في شمال الأردن نقول مثلأ:
طلعت عالسيارة , وطلعت عالشجرة , وهنا حذف حرف اللام من على , وهي في الأصل لهجة بلحرث



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكلمات الحبشية في الآيات القرآنية
- دين الملك
- بشاره الخوري
- بالون لميس
- الفرق إكبير
- كثر الشد برخي
- مساعدة الضعفاء
- الهبيله
- فن الكذب
- متعة الكذب
- إضاعة الوقت
- هل أنت صاحب خبره؟
- سيئ جدا
- الحاضر الغائب
- الحب بالطرق الملتوية
- فساد المظهر
- عائلات يهوديه مسلمه
- الحاجة ليست أم الاختراع
- أنت في حياتي
- ثلاثة أضعاف حجمك


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - جهاد علاونه - أسوأ أنواع الاستعمار