عيد اللومانيتيه، إنتصار للديمقراطية وللتضامن ما بين الشعوب

رابحة مجيد الناشئ

الحوار المتمدن-العدد: 3133 - 2010 / 9 / 23 - 16:57
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

عيد اللومانيتيه، إنتصار للديمقراطية وللتضامن ما بين الشعوب

في ضاحية من ضواحي ﭘاريس) لوبورجه ) وفي خلال عطلة الأسبوع الثاني من أيلول لهذا العام،
أحزاب سياسية وجمعيات ومنظمات مجتمع مدني فرنسية ودولية، وزوار من كل قارات العالم كانوا على موعد ليعيشوا ثلاثة أيام من البهجة والتضامن والشعور بالأمان وليحتفلوا بالذكرى الثمانين لعيد جريدة اللومانيتيه الذي أصبح عيداً أمميّا ومهرجاناً تختلط فيه الشعوب والأعراق وتتعانق الحضارات
وتتعايش الأجيال وتتلاقح الأفكار....وقد عاش الاحتفال هذه السنة قرابة 600.000 زائر.
إن لهذا المهرجان السنوي أصوله وجذوره التاريخية :
ظهر أول عدد لهذهِ الجريدة يوم الاثنين المصادف 18 نيسان 1904 وهوعام تأسيس الجريدة واتفِق على أن تكون جريدة اشتراكية يومية، مؤسسها ومديرها جون جورس.Jean Jaurès وكان الهدف أن تكون
أولا أداة لتوحيد الحركة الاشتراكية الفرنسية، ومن ثم أداة للنضال الثوري ضد الرأسمالية .وقد كانت الجريدة تعمل وفق قاعدتين :
─البحث عن المعلومات الحقيقية وإعطائها للجمهور لكي يحكم بنفسه على أحداث العالم.
─والقاعدة الثانية هي الاستقلال المالي.
وفي خلال صيف 1914 اضطربت حياة هذه الجريدة بسبب حدثين مهمين، بداية الحرب العالمية من جهة، واغتيال مؤسسها ومديرها جون جورس في إحدى المقاهي في ( 31 )أيلول من تلك السنة…ويذكرنا هذا بما يحدث في بلدنا العراق من اغتيالات لأصحاب الكلمة الحرة الصادقة كما كان الحال في اغتيال كامل شياع فقيد الفكر الثقافي التقدمي.
وفي خلال الحرب العالمية وجدت الجريدة نفسها معرضة لثلاث ضغوطات:
─ ضغط الدولة ( الرقابة والمنع ).
─ ضغوط اقتصادية شديدة.
─ ضغط الحلفاء حيث كان الكثير من الاشتراكيين مع الحرب ويفرضون خطهم السياسي، وكان هذا
من أهم الأسباب التي أدت إلى التغيير والتباعد ما بين الشيوعيين والاشتراكيين. أما سنة ( 1920 ) فقد كانت انعطافة في حياة جريدة اللومانيتيه، حيث أصبحت جريدة الحزب الشيوعي الفرنسي والناطق الرسمي باسمه.
وفي سبيل التغلب على الصعوبات المالية، تأسست لجان للدفاع عن الجريدة من أجل جمع المال لسد احتياجاتها، لذلك قررت هذه اللجان إقامة مهرجان اللومانيتيه، وكان ذلك في سنة 1930، في ﭙارك ساكو و ﭭانزوتي ( .(Sacco et Vanzetti
هذا الاحتفال الأول استقبل 1000 زائر ولم يكن فيه غير خيمة ( فرنسية ) واحدة. إلا أن عدد الزائرين اجتاز أل 300.000 زائر في احتفال عام 1936.
حدث انقطاع لتقليد الاحتفال السنوي للومانيتيه في سنوات الاحتلال حيث أجبرت سلطات ﭭﻳشي الجريدة على العمل السري... وحينها لعبت الجريدة دوراً مهماً في المقاومة وفي النضال ضد النازية والفاشية. إلا أن الجريدة عادت للظهور أكثر قوة بعد التحرير في ( 21 ) آب 1944، حيث جمع احتفالها لسنة 1945 في غابة ﭭنسون بحدود مليون زائر. واستمرت الجريدة في التطور، فمنذ سنة 1948 بدأ الاحتفال يستقبل المشاركين من دول العالم، وأنشأت القرى، كالقرية العالمية لاستقبال هؤلاء المشاركين كرمز للأخوة والتضامن ما بين الشعوب. هذه الخيم كانت هذا العام بحدود ( 400 ) خيمة.
وفي كل عام يحتضن هذا المهرجان ندوات ومؤتمرات سياسية يصرخ المشاركون فيها بغضبهم وبمطالباتهم بعالم أفضل أكثر عدالة، وفي الغالب تنتهي هذِه الندوات والمؤتمرات بالنشيد الأممي الذي يُنشد بلغات متعددة.
في هذا العام وفي ندوةٍ للتضامن مع الشعوب أُقيمت في أكبر قاعات القرية العالمية، دُعيَّ الأستاذ سُلم علي، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي للتحدث عن الأوضاع في العراق وعن الآفاق المستقبلية لهذا البلد. وتحدث الأستاذ سلم عن الظروف الصعبة التي تعمل تحت وطئِها القوى الديمقراطية والتقدمية... داعياً إلى مواصلة النضال من أجل تحقيق البديل الديمقراطي: ‹‹ عراقاً ديمقراطياً، فدرالياً موحداً ››.
وفي قاعة أخرى من القرية العالمية عُقِدَ كونفرنس برعاية الكونفدرالية العامة للعمل ( C.G.T)
بعنوان ‹‹ من أجل المساواة بين المرأة والرجل في الأجر، والتقاعد ›› وكانت مُداخلتنا عن مكانة عمل المرأة في المجتمع، والدفاع عن المهاجرين وحقهم في العمل الذي يلائم اختصاصاتهم ووجوب احتساب أعمالهم خارج فرنسا لغرض التقاعد ( وهو ما لا يُحسب لهم الآن ).
وما عدا الفعاليات السياسية، يتضمن المهرجان العديد من الفعاليات الثقافية والفعاليات المسلية والحفلات الموسيقية لفنانين من فرنسا ومن العالم.
أما قرية الكتب فهي تحتضن الشعراء والأدباء والفنانين من كل دول العالم، لإظهار إبداعاتهم وعمل ندواتهم الأدبية و . الشعريةوكل سنة تحتفي هذه القرية بشاعر أو أديب أو فنان ... وقد كان الاحتفاء هذِه السنة بالشاعر الفرنسي أراﮔون، كما كان هناك معرض كبير ودراسات عن ﭘﻳكاسو.
خيمات عديدة تقدم المأكولات والمشروبات العالمية اللذيذة.
وخيمات أصدقاء جريدة اللومانيتيه تقيم هي الأخرى في داخلها ندوات ومناقشات سياسية واجتماعية وثقافية خاصة بأوطانها كما كان الحال في الخيمة العراقية ‹‹ طريق الشعب . ‹‹ فمن ضمن فعالياتها معرض للتصوير الفوتوغرافي للفنان عباس علي عباس القادم من ألمانيا، ومعارض أخرى لفنانين آخرين قادمين من دول أورﭘية. ومحاضرة للطبيب والكاتب العراقي كاظم المقدادي القادم من السويد بعنوان: التلوث الإشعاعي وتداعياته البيئية والصحية في العراق.
وأمام الخيمة تجلس الفنانة سليمة بزيها العراقي والقادمة من السويد لعرض ما أبدعته من حلى جميلة… الملابس العراقية الزاهية والأغاني الجميلة التي تصدح في داخل الخيمة، ورائحة الفلافل والكباب العراقي والشاي المهيّل تجبر المارين على التوقف ….
عرس أممي لا مكان فيه للتمييز بين الأجناس والأعراق والأديان والقوميات. مهرجان لا يعترف بالتمايز الطبقي والاجتماعي والثقافي، فالكل سواسية.
في بوابة المهرجان، وبابتسامة عذبة يقول لكَ أهلاً رفيق حتى وإن لم تكن...( هله خويه ….(
لا يستطيع من يعيش أجواء هذا المهرجان الأممي الجميل إلا أن يحلم بغدٍ أفضل...بل لا يستطيع إلا أن يسترسل في أحلامه وتتعمق لديه الثقة بالانتصار لحركة التاريخ والوصول إلى مجتمعٍ حرٍ مسالم خالٍ من العنف ومصادرة الحقوق... مجتمع تسوده الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية.

#رابحة_مجيد_الناشئ (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات