أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - هيفاء زعيتر - هل تهدد «الساركوزية» منظومة القيم الفرنسية؟















المزيد.....

هل تهدد «الساركوزية» منظومة القيم الفرنسية؟


هيفاء زعيتر

الحوار المتمدن-العدد: 3133 - 2010 / 9 / 23 - 08:24
المحور: بوابة التمدن
    



السفير
آلان تورين وسليم عبدالمجيد ومفكرون آخرون يسألون
«لا يقتصر دور المقاومة على التدخل في لحظة الانهيار، بل هي فعل استمرار ومواجهة كليين في وجه تفصيل قد يتراكم ليؤدي إلى حالة الانهيار، وعندما يحصل هذا الأخير نقاوم أيضاً». مفهوم المقاومة الذي يطرحه سليم عبد المجيد ، مسؤول برنامج الفلسفة في الكوليج انترناسيونال، في مقال له في صحيفة لوموند الفرنسية، بعيد كلياً عما يسلكه الفرنسيون اليوم إزاء ما يحصل في بلدهم من أزمات لا تنفك تتبلور لتتخذ أبعاداً رمزية حادة. تتجلى في أزمة ثقافية عميقة هي خير شاهد على بداية «ميتامورفوز» حضاري مخيف. ما يخشاه العالم والفرنسيون تحديداً هو فقدان فرنسا، بقيادة ساركوزي، لمنظومة قيمها الإنسانية الموروثة من ثورتها التي أضاءت العالم يوماً وما زالت. والأسئلة المطروحة في هذا المضمار غزيرة، من قبيل هل فرنسا في صدد تحول سياسي أم تحول ثقافي اجتماعي؟ هل تعيش أزمة حضارية تتداعى فيها القيم في السياسة والأخلاق والفكر والاقتصاد؟ هل تنحو مع ساركوزي أو «بوش الصغير»، كما يحلو للبعض تسميته، منحى محافظين جدد ومفكرين محافظين جدد؟
عندما تسقط القطرة
التي تفيض بها الكأس!
تتحدد ماهية الحضارات جميعاً بطبيعة المنجزات الحضارية التي أبدعتها، وبالنظرة الثقافية الشاملة التي تؤسسها بناء على قابليتها للاستجابة لأبناء الثقافات المغايرة. إلا أن فرنسا اليوم ـ بقيادة ساركوزي ـ يبدو أنها تنقلب على مبادئ ثورتها الحضارية والإنسانية وتعلن الثورة عليها. إذ لم يكن 6 أيار 2007 يوماً عادياً في التاريخ، فمن تابع ما كان يجري خلال الأشهر السابقة لهذا اليوم في حملات ساركوزي الانتخابية، كان يعلم أنه في هذا التاريخ بالذات، وعندما أعلن ساركوزي رئيساً، كانت فرنسا تتحضر لتلبس وجهها الجديد، المتنكر للملامح الديغولية التي رسمت التوجهات السياسية الفرنسية لسنوات طويلة.
«عشية انتخاب الرئيس في 6 أيار 2007، وجدنا أنفسنا نشكل مجموعة صغيرة من المدافعين/ المقاومين ضد ما يهدد الدولة. ثلاث سنوات مضت تلقينا فيها الضربات وصمدنا بعزم. غير أننا لم نتوصل لإيجاد الزخم المطلوب في لعبة تغيير القوى». يشهد سليم عبد المجيد على فترة ما بعد انتخاب ساركوزي، وهو واحد من هذه المجموعة التي كان يثير حنقها أثناء التظاهرات التي تنظمها، عندما كانت ترفع الصوت عالياً ليصل الى حدود الصراخ أحياناً ما تواجه به من ردود أقلها العبارة الشائعة التي كان يسارع الكثيرون لقولها: «بعض الهدوء رجاءً، لا نواجه نظاماً فاشياً هنا».
يقول سليم «نحن نعلم جيداً أن ساركوزي ليس بيتان ونظامه ليس نظاماً فاشياً. إلا أننا نعلم أننا على حق كلياً بالوقوف كمقاومين بوجه ما يفعله. فما ينتابنا من إحراج وغضب ليسا نتاج إحساسنا بأن ما قمنا به مبالغ فيه. إنما ينشأ من انعدام قدرتنا على أن نترجم لمن يحاورنا الصرخة الى مفهوم. وفي تحليل لهذا الغضب ولهذا الصمت يمكننا ان نستشف ماذا تعني كلمة مقاومة في فرنسا اليوم، وهذا ما قد يسمح لنا ان نمهد لوضع بعض الشروط التأسيسية لها».
يتابع سليم: «ليس الغرور ما يدفعنا إلى القول إننا على حق إنما ما نراه من بديهيات لا يمكن التغاضي عنها، وأنا أعجب كيف لا يرفع الباقون من أبناء الشعب أصواتهم». ثم يصوب سليم سؤاله على جوهر المشكلة، «كيف نحدد «المرفوض» من الأمور بأنه مرفوض؟ ما هي النبرة الصحيحة لذلك؟» ويستغرب «كيف يمكن أن يصبح المرفوض مجرد حدث عادي؟ وكيف نسمح له أن يتراكم؟ كم من تفاصيل صغيرة مرفوضة مرت ولم نعرها بالاً إلى أن تراكمت وأوصلتنا الى هذه الحالة»؟
لا بد ان نضع هذا الافتراض نصب أعيننا: «ما هو مرفوض آخذ في التراكم ليكون ترسبات قد لا ندركها في البداية، إلا عندما تتخطى الحدود المقبولة. كي نوقف عملية الترسب هذه، لا بد من فهم آلية حصولها. فكم من مرة في السنوات الأخيرة وجدنا أنفسنا فاغري الأفواه أمام «ساركوزي/ة» يشرح ما هي ضرورات السجن الاحتياطي، أو أهمية اختبار الحمض النووي للأطفال المهاجرين، وما إلى ذلك من أساليب دفاعية عن سياسات ساركوزي؟ وإذا كنا قد بقينا مقفلي الأفواه في مواقف شبيهة، فهذا ليس لأننا على خطأ، بل لأن الإجابة تحتاج إلى أدلة وإثباتات.. ولهذا نحن اليوم نقف في هذه النقطة الحمقاء إذ نفتقر إلى بناء قاعدة أدلة واعية لدينا».
وعن السبب الرئيسي لتراكم المرفوض في الدولة جواب واحد لدى سليم هو «الغباء». ويقدم مثلاً حول المحامية كريستين لاغارد، التي تم تنصيبها وزيرة للتجارة الخارجية بحكومة دومينيك دو فيلبان. والى فترة جد قريبة، كانت لا تزال تدافع عن الشركات المتعددة الجنسيات الأميركية، في مواجهة نظيرتها الأوروبية والفرنسية. ومواقف هذه المحامية تعكس تماماً صورة شخصية مناضلة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو إحدى مجموعات «ثينك تانك» (خلية تفكير) تعمل لصالح لوبي البترول بالولايات المتحدة. فالسيدة الوزيرة قد عملت على إصلاح قانون العمل، لأن هذا الأخير بحسبها «يشكل عائقاً كبيراً أمام التوظيف، وأمام الكثير من قرارات المؤسسات». ومن أجل فهم جيد لوجهة نظرها، فإنه لا يجب مقارنة تصريحاتها بتصريحات ما يعرف بفرنسا بحركة المؤسسات الفرنسية».
الحركات المقاومة بوجه «دين النفاق»
هذا هو النفاق في الدولة الذي يظهر في «طرح المشاكل بطريقة حذقة لإضفاء الشرعية على الحلول الكارثية المقترحة، مثل طرح موضوع العولمة الرأسمالية على أنه ظاهرة لا رجعة فيها، ضاربين عرض الحائط الحلول التي وضعتها فرنسا لإعادة تشكيل المسار. وهكذا يكون من غير المجدي الرد على الغباء والنفاق خطوة مقابل خطوة، لا مجال للنقاش هنا بل للقمع. وتحقيق الهدف لا يتم إلا من خلال إنتاج معنى ومفهوماً مستقلين، ومن خلال خلق خلفية وعمق جديدين يمكن للمعنى ان يولد فيهما وأن ينتشر مجدداً وأن يلقى قبولاً جماعياً: ليصبح مبدأ. لذلك، لا بد أن يكون للمقاومة معنى، وهذا يعني بالنسبة للمنظمات القائمة كالأحزاب والنقابات والجمعيات من السخف الاعتقاد بأنه يمكن وضع برنامج سياسي وفق ترتيب الموضوعات المختارة من قبل وسائل الإعلام، او وفق أي ترتيب آخر يستبعد العقل خلال بنائه».
يتحمس سليم في طرحه لعمل الحركات المقاومة، «هنا تحديداً حركاتنا المقاومة ستكون أكثر دراية بتنوعها. أفراد أو جماعات، عامة و مجهولة، علمية وفنية او ناشطة بشكل مباشر، على ضوء المصابيح، أو في شوارع المدن، في الشبكات والتعاونيات والجمعيات والنقابات والأحزاب وفي الكتب والمقالات والإضرابات والخطابات، الهادئة والصاخبة، لسبب واحد أو لكافة الأسباب مجتمعة من أقصى اليسار إلى الوسط وحتى إلى اليمين. كلنا يجمعنا رفض واحد ليس لشخص ساركوزي تحديداً، إنما لما يمثله (...)، هذا التحالف بين الرأسمالية والقومية وبين الديكتاتورية والخشونة». ويعقب سليم، «طالما يجمعنا رفض مشترك، ألا يمكننا الانتقال إلى وضع بيان مشترك؟ هذا ضروري لنقف بوجه هذه الكتلة، الإلحاح في المواجهة أساسي ولكنه غير كاف، لا بد من تشكيل وحدة ضغط وعمل».
«نحن على حافة الإفلاس»
لقد علت الأصوات الغربية قبل العربية منها حول ما تعيشه فرنسا في عهد ساركوزي من «فوضى» و«انحراف» و«انهيار أخلاق» وأبرزه وصف دومينيك دو فيليبان لما فعله ساركوزي بـ«العار الذي يلطخ رايتنا».
من هذه الأصوات صوت آلان تورين، عالم الاجتماع الفرنسي، الذي يتخوف من الصمت المطبق في الحياة السياسية الاقتصادية والاجتماعية» إزاء التغيرات الجذرية التي تشهدها البلاد وما يرافقها من توجه لدى الحكومة بخفض مستوى النقاش لأنها لا تملك الأجوبة.
يرد تورين في سؤال وجهته له صحيفة لوموند الفرنسية عما إذا كان ما يجري من تحركات في الشارع قادراً على زعزعة الحكومة الفرنسية فيقول «إن هذه المظاهرات «الأنتي ـ ساركوزية» تتحرك في الأفق نفسه الذي يتحرك فيه ساركوزي. الطرفان غريبان عن الكوارث الكبرى المحدقة بنا. فقاعات صغيرة تنطلق وسرعان ما تعود الحياة الى سياقها المعتاد بعيداً عن واقع ما يجري فعلياً. الظاهر أن الحياة العامة تمشي جنباً الى جنب الأعاصير العاتية التي تجتاح البلاد».
يضيف تورين «عندما وقعت الأزمة الاقتصادية لم يعرها أحد انتباهاً، فلطالما اعتبرنا أن الامور سرعان ما ستعود إلى نصابها. وهذا خطأ فإن دل هذا الامر على شيء فهو يدل على جهلنا للأمور واستخفافنا بها. فما يثيرني هو هذا الصمت الذي يزداد أكثر فأكثر مع مضي الوقت، نرى السفينة مهددة بالغرق بين اللحظة والأخرى ونحن لاهون على ظهرها نلعب الورق».
وعن تقييمه لأداء الحكومة الحالية لا يتردد توران في الحكم على الرئيس وعلى الحكومة بأنهم سيئو النية. لا يتحمل الغجر مسؤولية آلامنا، إلا أن الحكومة تلعب لعبة تحويل الأنظار».
ويتقدم تورين في تحليله السلبي قائلاً «لدي شعور جدي بأن الحكومة تتأرجح على منحدر خفيف سيودي بها إلى نهايتها. هل اليسار أحسن استعداداً؟ كلا، اليسار ليس أفضل حالاً، إلا ان لديه إيمان بضرورة البدء من الصفر».
كما يرى تورين أن الأزمة نخرت الجسم الاجتماعي بأكمله فـ«نحن على حافة الإفلاس. نجترّ أفكاراً وتحليلات تافهة. نعيش في زمن «الميني ـ سياسة» وحالنا كحال العائلات التي تتجنب مناقشة المواضيع التي تغضبها. الإعاقة الحاصلة في معسكري اليمين واليسار هي السبب وراء الموجة السائدة اليوم المتلخصة بكلمتين «رهاب الأجانب». لقد سقط علينا نيزك اسمه العولمة، والاقتصاد ما زال خارج السيطرة. فالأحزاب الكبرى والنقابات كلها ما عادت تزن شيئاً. إدارة الاقتصاد تبخرت. المنظومة الاجتماعية تهشمت إلى قطع صغيرة متناثرة. والسياسة أصبحت خليطاً من الكلمات و الصور والفراغ».
ما الحل إذاً؟ ما الذي سيحرك هذا الجسم الاجتماعي الثقافي السياسي المتبلد؟ ألم تعد الفضيحة الأخلاقية تكفي لأن تحرك شعب حقوق الإنسان؟ المؤكد أن فرنسا وصلت إلى عتبة المرفوض في السياسة والأخلاق والإنسان. الخوف كل الخوف لدى العديدين هو ان تدخل فرنسا الباب ولا يتغير شيء.



#هيفاء_زعيتر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- حَمّاد فوّاز الشّعراني / حَمّاد فوّاز الشّعراني
- خط زوال / رمضان بوشارب
- عينُ الاختلاف - نصوص شعرية / محمد الهلالي
- مذكرات فاروق الشرع - الرواية المفقودة / فاروق الشرع
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 9 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة ,, العدد 8 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 7 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة الالكترونية , العدد 6 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 5 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 4 / ريبر هبون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - هيفاء زعيتر - هل تهدد «الساركوزية» منظومة القيم الفرنسية؟