أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - هل يخسر مظفر النواب العراق أم يخسر العراق مظفر















المزيد.....

هل يخسر مظفر النواب العراق أم يخسر العراق مظفر


حامد كعيد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 3133 - 2010 / 9 / 23 - 01:03
المحور: الادب والفن
    




شاعر بحجم مظفر النواب ماذا يمكن أن نكتب عنه ؟ ، وماذا سنقول ؟ ، أن قرأته مناضلا قارع الدكتاتوريات العربية والعراقية بكل سطوتها وشراستها ، لكتب عن ذلك مؤلفات بحجم نضاله وتضحياته ، ولو أخذنا الحادثة الفريدة التي كان النواب أحد من خطط لها ونفذها وأعني الهروب من سجن – الحلة – الدكتاتورية عام 1966 م ، طليعة شيوعية واعية نفذت العملية ذاتها ، يقول النواب أن امرأة(1) قروية فاضلة وصل لباحة كوخها وسألها عن بقرة ضائعة له ، أدركت تلك المرأة أن هذا الرجل له قصة ، فليس من المعقول أن يكون القروي بهذا الشكل وأعني به مظفر ، قالت له أن الوقت ليل وأقترح عليك قضاء هذه الليلة معي ، وهي امرأة عجوز متوفى زوجها ولها ولد وحيد جندي بشمال العراق ، وجد مظفر أن ما طرحته هذه الفاضلة عين الصواب ، أخذت صحنا لها وذهبت لجارتها مربية الجاموس بقرية نبي الله أيوب ، والذي يقع مقامه على نهر الحلة المتفرع من نهر الفرات ، وطلبت منها شيئا من الحليب الطازج ، ومن امرأة أخرى قرصان من الخبز الطازج أيضا ، وقدمته عشاءا لضيفها المعروف لديها ، أنه سياسي هارب من سجن الحلة بعد أن وصل الخبر لكافة القرى بواسطة جلاوزة الأنظمة ، فجرا أيقظته مهيأة له عقالا عربيا و( دشداشة ) زواج أبنها ، وفتحت قاصتها ( الصرة ) المصنوعة من القماش وأخرجت المبلغ الذي ادخرته لزواج ولدها وهي ( نوط أبو العشرة ) ، وقالت لمظفر يا بني أسلك طريق النهر جنوبا وحينما يتصل النهر أو يقترب من الشارع العام ، فمعنى ذلك أنك تجاوزت السيطرة الجنوبية للحلة ، وعندها يمكنك ركوب السيارات والذهاب حيث تشاء ، هذه هي الفراسة التي قرأت بها تلك القروية حالة النواب ووضعه ، حدق النواب كثيرا بتلك الفاضلة وودعها وأنصرف حيث أشارت عليه ، وبحسه الأمني ركب بسيارات الديوانية ولكنه نزل منها حين وصوله ناحية القاسم ، حيث مرقد الإمام القاسم أبن الإمام موسى الكاظم عليهما السلام ، ومدينة القاسم تسمى من قبل الناس ب ( موسكو الصغرى ) ، وذهب مظفر الى أحد القرى المحيطة بناحية القاسم ، وأغلب تلك القرى آنذاك مقفلة تنظيميا للحزب الشيوعي العراقي ، ولم يذهب مظفر النواب لبيت صديقه الشيوعي جاسم الصكر لأن الأخير كان مطاردا ومتخفيا عن الأنظار بمدينة النجف ، ولحين إلقاء القبض عليه بوشاية أحد ممن رآه بالنجف (2) ، وكثيرا ما كان مظفر يدخل المدينة – القاسم – بزيه القروي يجلس بمرقد الإمام القاسم ، وهناك قال بأحدى روائعه ( يل شوفتك شباج للقاسم / ودخول السنه من ألكاك / يا في النبع وأطعم / عطش صبير لا فركاك ) ، من ناحية القاسم وبعد أن خفت وطأة متابعة الهاربين من سجن الحلة ، عاد مظفر لبغداد لوكر للشيوعيين بمدينة المنصور ، ومن ثم الذهاب الى الجنوب العراقي وبالتحديد لأهوار الناصرية ، وهناك قاد مظفر النواب تلك الملاحم البطولية التي خاضها مع رفاق له تحدثت عنها كثيرا رواية حيدر حيدر ( وليمة لأعشاب البحر ) ، ويصور النواب بإحدى روائعه ( نهران أهلنه ) العيش بالأهوار والعلاقات الحقيقية للفلاحين ، متخذا حالته مفتاحا للولوج للنفس العراقية المشردة دوما ، ( نكطة ماي ما ضاكت جرف لليوم / روحي الترفه يبن آدم / تجر جرفك عليمن انه سويتك جرف يفلان يبن آدم .... وغرك طارينه أبكثر ماي العروس ومات /و أبنج خنكته الغربة / وحجي الما ينلبس فوكه وحجي الشمات / بلجن بالسريع ألنه نصيب من العشك / وأنحط عذر للما صعدنه وفات / ينهران أهلنه / ولن محطتنه محطة من جذب / صاح القطار أبليل بيها وما وكف ) ، ولا علاقة بموضعتنا عن الانشقاق الشيوعي بين القيادة واللجنة وما آلت إليه .
ولو أخذنا مظفر النواب كمدرسة حداثوية للشعر الشعبي ، فيكفي أن نقول أنه الرائد الأول للمدرسة الحديثة ، سوية مع بدر شاكر السياب ، والقارئ للنواب بتمعن كبير يجد أن قصائده يمكن إحالتها للسياسة ، وللحب ، وللوضع الاجتماعي ، كل ذلك بنفس القصيدة ، بمعنى أن من يقرأها نقديا يمكنه أن يخرج بما ذهبت إليه ، ولأن النواب عاش الغربة الأزلية ، لذا تجد إحساس الغربة بأغلب قصائده ، ( رديلي الفرح رديت / معضد باب يبجيني / وأحن حنة حمامة بيت / ..... وألمح عمتي من أبعيد / وأتضمني أبعبايتها / وأحس بالبيت / عمه الشمس غابت وأنت ما رديت / - ويجيبها - عمه الشمس ماتت وانه ما رديت ) .
بعد السقوط مباشرة نظم الإتحاد العام للشعراء الشعبيين في العراق وفدا برئاسة الشاعر المختطف ( عباس الحميدي ) رئيس الأتحاد للقاء الرمز العراقي الكبير مظفر النواب ، أرسلته وزارة الثقافة العراقية فترة وزيرها مفيد الجزائري ، ومن حسن الصدف أن أكون ضمن ذلك الوفد ، أستمع لنا النواب طويلا وقرأنا بحضرته قصائدنا ، وشاركنا بتلك الليلة الرائعة الفنان فؤاد سالم ، وسعدون جابر في فندق الشام الكبير ، ولم نحصل من النواب موافقة بالعودة للعراق أو عدمها ، بل لم يتكلم بهذا الإتجاه ، وحين أثارت الصباح الغراء مسألة عودة النواب وطرحت على الرأي العام مسألة عودته ، وجمعت الآلاف من التواقيع مطالبة الحكومة بالتدخل رسميا لعودة النواب الكبير ، ولم نعلم لأي درجة وصل ذلك التدخل ، وعلمت من الأستاذ كامل الحلاوي(3) ، أن فخامة رئيس الجمهورية جلال الطلباني التقى بالنواب لنفس الغرض ، وأخبرني أيضا أن الأستاذ شيروان الوائلي وزير الأمن الوطني زار النواب موفدا من قبل دولة رئيس الوزراء نوري المالكي ، وزاره نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي لنفس الغرض أيضا ، وعرض الجميع المساعدة المالية له ولكن الإباء النوابي رفض تلك المعونات كما هو شأنه أبدا ، عام 2009 م زرت العاصمة السورية بدعوة من منظمة الحزب الشيوعي العراقي هناك لأحياء أمسية شعرية لهم ، فوجئت بدخول الرمز العراقي مظفر النواب لحضور الأمسية المقامة لي ، قلت لهم حينها من منا الأكثر سعادة بحضور النواب الكبير ، أنتم أم أنا الذي أقرأ بتواضع كبير قصائدي بحضور رمز عراقي قل نظيره ، سألت النواب حينها متى العودة للعراق سيدي ؟ ، أجابني بأنهم يقولون أن الأوضاع غير مستقرة للآن ، أن جل ما نخشاه أن يغادرنا المغادرة الأبدية رمز وطني وسياسي ، وقامة شعرية يصعب بل يندر تكرارها ، وإنسان أحب بلده العراق وقاتل من أجله ومن أجل حرية الجميع ، وهل سنرى العراقيات وهن ينثرن الحلوى على قامته المرفوعة عائدا من غربته كما يقول برائعته الأخيرة ، ( طشة أملبس تهلهل / والنهر صفنة بحر / والروح بيد الله سفينه / أشراعها روج وكمر / .... مشتاكه من أتلاثين غربه / أتحاجي دجله /أوصل البلام أبعكدنه / ألتمن النسوان / أيعكدن بيه النذور) ، متى سيكون ذلك أيها المظفر الرمز .
دعوة بين يدي الشرفاء لإنهاء معاناة عراقية كبيرة ، فلن يخسر النواب شيئا أن قضى غريبا ببلاد أجبر على البقاء بها طويلا ، وبالمقابل سيخسر العراق مثل هذه المدرسة النضالية العراقية الكبيرة ، والقامة الباسلة ، دعوة للأصلاء الشرفاء فقط .

..................................


1 : من مذكرات الراحل جعفر هجول
2 : حديث للشخصية الوطنية العراقية جاسم الصكر
3 : كامل الحلاوي أبو أنصار يسكن سوريا صديق للنواب



#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هموم وحلم جذاب
- مراسيل الكلب*
- إضاءة الشاعر فالح حسون الدراجي ومتابعة جادة
- ( أشلون باجه وينذكر تاريخها) وللقصائد قصصها أيضاً
- سلام الله
- يمه يا يمه
- حبيت الوطن
- رسائل متأخرة لبوش الإبن
- عامر مضيف الحزب
- الشهيد أحمد عيد
- البرلمان العراقي ومجالس المحافظات و الدور التشريعي
- (عرب وين طنبوره وين)
- هل تسرق الثورات ؟
- رفض بيع وشره
- مشاهدات حيه
- فَرفحتلك
- لهوسات العراقية وقصصهاالقسم2
- وللهوسات قصصها (1-2)
- عبد الكريم قاسم ، ذاكرة لا تنساه / 2
- عبد الكريم قاسم ، ذاكرة لا تنساه / 1


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - هل يخسر مظفر النواب العراق أم يخسر العراق مظفر