أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضياء الشكرجي - تعلم عدم الاستحياء أول درس في السياسة في زماننا















المزيد.....

تعلم عدم الاستحياء أول درس في السياسة في زماننا


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 3132 - 2010 / 9 / 22 - 21:57
المحور: كتابات ساخرة
    


كنت أتمنى لو قامت مؤسسة بتدوين جميع تصريحات قادة وقياديي وأعضاء الكتل البرلمانية منذ السابع من آذار 2010، فسنجد العجب العجاب، من تناقض، وعدم حياء، ومراوحة، واجترار لنفس الكلمات.
حصل ولظروف خاصة أن أنقطع عدة مرات لفترة غير قصيرة عن متابعة تفاصيل الأخبار والبرامج السياسية واللقاءات فيما يتعلق بالساحة السياسية العراقية. ولكن في كل مرة بعد انقطاع يقصر أو يطول، عندما أشاهد حوارا سياسيا، أو أستمع إلى تصريح من هذا أو ذاك السياسي، فيما يتعلق الأمر بتشكيل الحكومة، أجد أن نفس الكلام ونفس المبررات ونفس الوعود التي سمعتها قبل شهر، بل تلك التي سمعتها قبل ثلاثة أو أربعة أشهر أو أكثر، تتكرر هي نفسها.
بعد ستة أشهر يخرج علينا ممثلوا ما يسمى بالتحالف الوطني، ليتكلموا عن آليات جديدة يريدون توّاًً التفكير بوضعها لاختيار مرشح رئيس الوزراء.
يتكلمون عن تحالف وطني، وعن كونه الكتلة البرلمانية الأكبر، ومن البداية وعبر كل المراحل ثبت عجزهم عن الاتفاق على مرشح واحد لرئاسة الوزراء، ومع هذا يقولون التحالف قائم. بل يعلن هذا الطرف أو ذاك من طرفي التحالف عن توقف الحوارات كليا، لكن عندما يقال العراقية هي الكتلة الأكبر، فلتحاول إذن تشكيل الحكومة وفق استحقاقها الانتخابي، يعودون ليدّعوا أن التحالف الوطني هو الكتلة الأكبر وهو صاحب الاستحقاق الدستوري، ولو بالتفاف شرعي على الدستور، رغم وصول طرفي هذا التحالف إلى طريق مسدود.
يقولون انتهينا من الاصطفاف الطائفي، وهم ما زالوا غارقين في مشروعهم الطائفي، وكأنما هناك جينات طائفية لا يملكون التخلص منها، لأنها أمر جبري بالخلقة وبالولادة، كما يولد إنسان بعاهة خلقية أو خلل عقلي بالولادة، فلا يصح أن يلام أو يعاب عليه لهذا السبب، فهكذا هم السياسيون الطائفيون من الشيعة والسنة، ونفس الشيء يقال عن قَدَر السياسيين الأكراد، وبعض السياسيين العرب في ألاّ يستطيعوا أن يكونوا إلا قوميين، أو لنقل قومويين.
الظاهر من أجل أن يكون الشخص سياسيا عراقيا، ما عليه إلا أن يتعلم الآتي:
- أن يتعلم ألا يتعلم.
- أن يتعلم أن لا يستحيي، ولعل هذا يمثل أهم الدروس.
- أن يتعلم أن يعيد في كل يوم ولأشهر عديدة نفس كلامه، ويتظاهر وكأنه يقول في كل مرة شيئا جديدا لم يسمعه أحد من قبل.
- أن يتعلم ألا يصدق.
- أن يتعلم أن يصدّق نفسه فيما لا يصدق فيه.
- أن يتعلم أن يقول بكامل القناعة المتظاهَرة منه بما لا قناعة له فيه.
- أن يتعلم أن يكون غارقا في الطائفية ويدين الطائفية في تصريحاته.
- أن يتعلم كيف يكون بالدرجة الأولى شيعيا، أو سنيا، أو كرديا، وينسى تماما أنه عراقي، إلا وقت الظهور على وسائل الإعلام.
- أن يتعلم كيف يناقض نفسه، ولا يقرّ بالتناقض رغم وضوحه جليا، لا غبار، ولا ضباب، ولا غبش عليه.
- أن يتعلم أن يسمي نفسه (دكتور)، وهو لم يحصل على أي شهادة دكتوراه، بل بعضهم لا يملك لا ماجستير ولا حتى بكالوريوس.
ثم من أجل أن يكون الشخص سياسيا عراقيا، عليه أن يفهم ما له قيمة، وما ليس له قيمة عند السياسي، فيفهم:
- أن القيمة في مقدار ما يظهر على الفضائيات.
- القيمة فيما يجمع من مال حلال وحرام، مشروع وغير مشروع، فيستزيد ويستزيد، ولا يكتفي ولا يشبع.
- القيمة أن يقضي أكثر وقته سائحا خارج العراق.
- القيمة أن يتمتع وجميع أفراد أسرته بـ(كشخة) الجواز الديبلوماسي.
- القيمة للطائفة قبل الوطن.
- القيمة للحزب قبل الشعب.
وفي نفس الوقت يفهم أن أشياء لا قيمة لها:
- الزمن لا قيمة له، فلا يهم أن تتشكل الحكومة مثلا بعد سنة أو أكثر من إجراء الانتخابات، ولا يهم أن يتوفر الكهرباء للمواطن بعد عقد أو عقدين.
- المواطن لا قيمة.
- حياة المواطن لا قيمة لها، فلا فرق عنده كم يحصد الموت الأرعن يوميا من أرواح المواطنين.
- الصدق لا قيمة له، ومن يعتقد أن للصدق قيمة في السياسة فليس بسياسي.
- الحياء لا قيمة له، فلا مكان للحياء عند السياسيين العراقيين، أما من يستحيي فما عليه إلا أن يعتزل السياسة.
وعلى ذكر الحياء وتكرار ذكره في مقالتي هذه، لكونه أبرز ملامح السياسيين اليوم، فإن السياسي كما أرتنا تجربة السنوات السبع العجاف لا يستحيي في الحالات الآتية:
- لا يستحيي إذا افتضح أمره في سرقة المال العام.
- لا يستحيي عندما يكذب ويفتضح كذبه.
- لا يستحيي أن يقول اليوم شيئا، وينقضه غدا.
- لا يستحيي أن يعيد نفس كلامه الممل 365 يوما في السنة.
- لا يستحيي أن يعد الشعب بشتى الوعود، ويخلف الوعد.
- لا يستحيي أن يوزع المناصب والامتيازات على أفراد أسرته.
- لا يستحيي أن يُمسَك على الحدود أو في مطار من مطارات العالم، أو تُمسَك زوجته، أو يُمسَك ولده، وفي حقيبته الملايين أو عشرات الملايين من الدولارات، أو في أقل الأحوال مئات الآلاف.
- لا يستحيي إذا فلتت منه كلمة أو جملة تفضح سريرته وحقيقة توجهاته، عندما تفلت منه جملة غاية في الطائفية، وهو ينظر ليل نهار ضد الطائفية، أو تفلت منه جملة تنم عن نَفِسٍ ديكتاتوري، وهو يعزف يوميا أجمل سيمفونيات الديمقراطية.
أصبح كلام السياسيين، لاسيما كلام وتصريحات ممثلي ائتلاف دولة القانون والائتلاف الوطني العراقي، من الأمور المُضحِكة، المُمِلّة، الغريبة، المُقرِفة، المُبهَمة، المتكرِّرة، المُجترّة.
السياسيون الشيعة هم شيعويون إسلامويون بالدرجة الأولى. السياسيون السنة هم سنويون أو عروبويون بالدرجة الأولى. السياسيون الكرد هم كردويون كردستانويون بالدرجة الأولى.
أما مفردات كـ(الديمقراطية)، (الدولة المدنية)، (الوطن)، (المواطن)، (المواطَنة)، (الأمن)، (الرفاه)، فهي للاستهلاك السياسي والإعلامي.
وهنا أستعير من آية (عرض الأمانة) الصياغة على النحو الذي يلي سرد نص الآية أولا، وهو:
«إِنّا عَرَضنَا الأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالأَرضِ والجِبالِ، فَأَبَينَ أَن يَحمِلنَها وَأَشفَقنَ مِنها، وَحَمَلَهَا الإِنسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلومًا جَهولاً».
فأقول:
«إنا عرضنا أمانة العراق على السماوات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها، وحملها السياسي العراقي، إنه كان إما ظلوما وإما جهولا وإما ظلوما وجهولا».
فـ(الجهول) هو الذي يعاني من أزمة معرفية وثقافية، فيفتقر إلى الثقافة الديمقراطية والثقافة الوطنية وثقافة العصر والكفاءة. و(الظلوم) هو الذي يعاني من أزمة قيمية، فيفتقد كل قيمة من صدق ونزاهة وأمانة. فكم لدينا في الوسط السياسي من هؤلاء ومن هؤلاء، وكم لدينا ممن يجمع بين فقدانه للقيم وفقدانه للكفاءة والثقافة والمعارف. من هنا ابتُلِيَ العراقيون بساسة وقادة أميين وسيئين، أي حسب المصطلح القرآني جهولين وظلومين، أو حسب المصطلح العامي (مو خوش أوادم) و(ميفتهمون)، أو لنقل يعانون من أزمة ثقافة وأزمة قيم.
أقول هذا مع شديد اعتذاري من السياسيين الذين يمثلون الحالات الاستثنائية المفردة والنادرة جدا جدا، فلهم كل الاحترام والمودة.
في الختام أقول ممارسا النقد الذاتي على أسلوبي في مقالتي هذه، إنه ينبغي لي كسياسي أن ألتزم بدرجة أكبر، عندما أكتب، بلغة رصينة ومتوازنة وموضوعية، لكن الذي يحدث يجعل الإنسان يخرج عن طوره وطبعه مضطرا مجبرا، لا حول له ولا قوة له دون الخروج عن طوره.



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثالث المرشحين وكوميدراما السياسة العراقية
- توضيح حول حديث ديني لي يرجع إلى 2005
- ثلاث وقفات مع المالكي في حواره الخاص
- محمد حسين فضل الله
- مع مقولة «المرأة ناقصة عقل وحظ ودين»
- مع تعليقات القراء المحترمين 2/2
- مع تعليقات القراء المحترمين
- مقولات فيها نظر
- العلمانية والدين
- فلسفتي في الحرية والمسؤولية
- فلسفتي في الوطنية والإنسانية
- ماذا يعني توحيد (دولة القانون) و(الوطني)؟
- وجهة نظر عراقية في الفيدرالية 2/2
- وجهة نظر عراقية في الفيدرالية 1/2
- شكر للقوى الشيعية والسنية لإنهائها الطائفية السياسية
- مع الأستاذ الحراك والحوار حول المشروع الوطني الديمقراطي
- الخطاب السياسي المغاير ما بين الدبلوماسية المفرطة والهجوم ال ...
- العلمانية والديمقراطية والليبرالية بين الإسلام والإسلامسم 2/
- لماذا نقدي المتواصل لتسييس الدين والمذهب والمرجعية
- الملحدون الإلهيون والمرتدون المتدينون


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضياء الشكرجي - تعلم عدم الاستحياء أول درس في السياسة في زماننا