أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ابراهيم ازروال - أصول الرقابة في الفضاء الثقافي الإسلاميّ 4















المزيد.....



أصول الرقابة في الفضاء الثقافي الإسلاميّ 4


ابراهيم ازروال

الحوار المتمدن-العدد: 3130 - 2010 / 9 / 20 - 08:38
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


-2-النهي عن الاستقصاء :
تقدّم قصّة لقاء موسى بالخضر، نموذجا لإستراتيجية الخطاب القرآنيّ في صياغة الرمز الدينيّ، وإغناء المعاني الحافّة بالمعنى المعياريّ. فالإخراج الحكائيّ للمفكّر فيه إسلاميّا، كفيل بترسيخ المعيارية العقدية، ورسم حدود المتاح والمسموح به. فالسؤال لا يقدّم في هذا المقام إلا مقرونا، بالقلق والضّيق والعتاب، لأنّ السؤال مقرون بإيقاع اللاتوازن في خطابات عقدية تقدّم نفسها،عادة، بمثابة النموذج المطلق للتناسق الدلاليّ والتماسك الرؤيويّ والتوازن النفسيّ والتسامي الأخلاقيّ.
(قام موسى عليه السلام خطيبا في بني إسرائيل فسئل: أيّ الناس أعلم؟ فقال: أنا أعلم. قال: فعتب الله عليه إذ لم يردّ العلم إليه. فأوحى الله إليه أنّ عبدا من عبادي بمجمع البحرين هو أعلم منك. قال موسى: أي ربّ !كيف لي به؟ فقيل له: احمل حوتا في مكتل. فحيث تفقد الحوت فهو ثمّ …)
(-مسلم بن الحجاج – صحيح مسلم – اعتنى به: محمد بن عيادي بن عبد الحليم – مكتبة الصفا –الطبعة الأولى – 2004- الجزء الثاني –كتاب الفضائل – باب من فضائل الخضر عليه السلام – ص. 540)
إنّ للسّؤال قدرة كبيرة على خلخلة المواقع القدسية وإظهار المسكوت عنه في الخطاب النبويّ نفسه؛ فالخطاب النبويّ لا يتسامى في معيار الجماعة المؤمنة إلا ليفضي إلى نوع من النزوع إلى التألّه. فالخطاب النبويّ من كثرة تماهيه مع الخطاب الإلهيّ، يسعى إلى الحلول محلّه، أو إلى اجتياف جزء من الخطاب النقيض له أي خطاب فرعون المتألّه. فالسؤال يكشف خبيئة الخطاب الموسويّ، ويزعزع التراتبيات في بنية التصوّر التوحيدي نفسه.
وعليه، فإنّ السّؤال ينقل النسبية إلى الخطاب النبويّ، ويعيد إرساء التعددية تلافيا لكلّ تألّه بشريّ مصدره الاعتقاد بالاستئثار الكلّيّ بالمعرفة. فقد أظهر السؤال، نسبية العلم الموسويّ، وسهولة الانتقال من مواقع الفرادة المعرفية المطلقة إلى مواقع التتلمذ الروحيّ على من يمتلك بعضا من أسرار الظاهر والباطن أي الخضر.
(…قال (أي الخضر): إنّك على علم من علم الله علّمكه الله لا أعلمه. وأنا على علم من علم الله علّمنيه لا تعلمه قال له موسى عليه السلام: هل أتبعك على أن تعلّمني ممّا علمت رشدا؟ قال : إنك لن تستطيع معي صبرا. وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا. قال: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا. قال له الخضر: فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا. قال نعم ….)
(-مسلم بن الحجاج – صحيح مسلم – اعتنى به : محمد بن عيادي بن عبد الحليم – مكتبة الصفا –الطبعة الأولى – 2004- الجزء الثاني –كتاب الفضائل – باب من فضائل الخضر عليه السلام – ص. 540)
فقد انتقل موسى من مبدإ " أنا أعلم " إلى مبدإ " ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا " ؛ فموسى المتألّه، المتفرّد بالعلم والمعرفة، يخضع لمسارّة روحية ومعرفية ليكتشف جزئية معرفته، وحدود ملكاته الروحية والمعرفية، وارتهان مكانته بالإرادة والمعرفية الإلهيتين. فالواقع أنّ الخطاب الحكائيّ يتقصّد هنا تمرين موسى على النسبية أي على الإنسانية بعد أن سعى إلى الخلط بين الناسوت واللاهوت بادّعائه كلّية العلم. وعليه، فالتمرين الروحيّ يقتضي الصبر والخضوع وعدم السؤال. وحين يكتفي موسى بمراعاة ظاهر الوقائع، ويعجز عن تدبّر المآل النهائيّ لأفعال الخضر الثلاثة ( نزع لوح السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار)، يبرهن على عدم تمكّنه من تأويل الظواهر واستقصاء مدلولاتها البعيدة. فمالك التأويل، يطالب بالصبر وعدم السؤال، والمكتفي بالظاهر يحتجّ على أفعال منكرة في شريعته دون النفاذ إلى الدلالة البعيدة للفعل.
( …فبينما هما يمشيان على الساحل إذا غلام يلعب مع الغلمان. فأخذ الخضر برأسه. فاقتلعه بيده، فقتله. فقال موسى: أقتلت نفسا زكية بغير نفس؟ لقد جئت شيئا نكرا. قال: ألم أقل لك إنّك لن تستطيع معي صبرا؟ قال : وهذه أشدّ من الأولى. قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني. قد بلغت منّي عذرا …)
(-مسلم بن الحجاج – صحيح مسلم – اعتنى به : محمد بن عيادي بن عبد الحليم – مكتبة الصفا –الطبعة الأولى – 2004- الجزء الثاني –كتاب الفضائل – باب من فضائل الخضر عليه السلام – ص. 541) .
فالسؤال يقدَّم في هذا السياق، كفعل متسرّع فاقد للتروّي، ومفعم بالجزع من السلوك الظاهريّ ومن مخالفته لمقتضى المعقول الدينيّ فيما تقتضي الحكمة الصبر والتأنّي والتسليم بصوابية الفعل المنجز مهما بدا مخلاّ بموجبات الشرائع والنواميس. فسؤال موسى والحال هذه، ينطوي على مفارقة جوهرية. فهو يقبل التسليم بعدم اكتمال علمه، ويقبل تقاسم العلم مع الخضر وإتباعه للتتلمذ على يده، إلا أنّه سرعان ما يخرق الميثاق الرابط بينهما، ويزن الأفعال استنادا إلى مقتضيات الظاهر فقط. فهو يقبل التفوّق اللدنّيّ لمعرفة الخضر، ثمّ يحتجّ على تلك المعرفة وهي تفعل عمليا في ثلاث حالات. وكأنّه يقبل المصدر الإلهيّ لمعرفة الخضر من جهة، ويرفض مآلها العمليّ من جهة ثانية. وهذا ما يستدعي تدخّل الخضر، لتقديم باطن الأفعال وتأويلها تأويلا لا يدركه إلا من حظي بالاصطفاء الإلهيّ.
فالسؤال نابع من عدم إدراك السيرورة الكلّية للحدث أو الواقعة أو الموقف؛ فهو يحصر فاعلية العقل في اللحظيّ وفي الحدثيّ العابر أي في السببية المحدودة بحدود الارتباط البديهيّ بين العلل والمعلولات؛ أمّا المنظور الدينيّ الناهض على منظور إيمانيّ، متجاوز لأطر السببية الايجابية أو الحدثية أو الوضعية فإنه يقرأ الحدث في سياقه الرمزيّ الكلّيّ، أي في موقعه ضمن المجاز الإيمانيّ الأكبر. واستنادا إلى هذا، فإنّ الإقدام على السؤال هو الطريق الملكيّ إلى التنكّب عن الجادّة الإيمانية وعن الارتكان إلى استدلالات عاجزة ـ من منظور إسلاميّ ـ عن سبر كنه الكينونة ومآل الكائن. وليس غريبا والحال هذه، أن يركن الموحّدون إلى التسليم والتصديق والى إلغاء العقل جزئيا أو كليا وإلى إنكار جدارة الإنسان المعرفية والنظرية كلّيا. يقول ابن خلدون شبه الوضعانيّ ـفي تصوّر العروي ـ ما يلي:
( واعلم أنّ الشارع وصف لنا هذا الإيمان، الذي في المرتبة الأولى، الذي هو تصديق؛ وعيّن أمورا مخصوصة، كلّفـنا التصديق بها بقلوبنا، واعتقادها في أنفسنا مع الإقرار بها بألسنتنا؛ وهي العقائد التي تقرّرت في الدين. قال صلى الله عليه وسلم، حين سئل عن الإيمان فقال: " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر: خيره وشره ". )
( - عبد الرحمان ابن خلدون – المقدّمة – تحقيق : درويش الجويدي – المكتبة العصرية – صيدا – بيروت – 2002- ص. 433) .
3-سؤال نوح الإشكالي:
لا يطرح السؤال من منظور إسلاميّ إلا ليخلق مسافة بين المتحاورين وليستدعي تفعيل الآلية الحجاجية القادرة على إزالة التوتّر ومحو الفجوة وترسيخ إطلاقية الإرادة الإلهية بالقياس إلى الإرادة البشرية. فالسؤال ينطلق من وضعية ابستيمية محايثة مهما كان السائل متشبّعا بالروحانيات وعارفا بمسارات التاريخ الأنبيائيّ، ويكتفي بحدود الإدراك البشريّ. فكأنّه يؤنسن ما لا يقبل الأنسة، أي يؤنسن المشيئة الإلهية. فحين يطرح السؤال يمتلئ الخطاب بشحنة حجاجية مضاعفة وبحدّة تدليلية يراد منهما تبئير الإرادة الإلهية المطلقة.
( ونادى نوح ربّه فقال ربّ إنّ ابني من أهلي وإنّ وعدك الحقّ وأنت أحكم الحاكمين. قال يا نوح إنه ليس من اهلك إنّه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين. قال ربّ إنّي أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين.) ( هود- 45- 47)
فسؤال نوح ـ الاستعلاميّ حسب ابن كثيرـ ينطوي على احتجاج ضمنيّ على الإرادة الإلهية إذ يلمّح إلى غرق ابنه رغم اندراجه ضمن أهله الموعودين بالتنجية. فخطاب نوح يتحرّك دلاليا، بمفعول رغبته الأبوية اللامشروطة في نجاة ابنه أوّلا، واعتقاده ثانيا بصلاحية الوضع الانتمائيّ والاعتباريّ للابن الكافر ثانيا. والحال أنّ الخطاب المضادّ لخطابه، يعتمد استراتيجية تفنيد تصوّره، للوعد الإلهي وللوضع الانتمائيّ والاعتباريّ للابن العاقّ، وتؤكّد على أولوية الانتماء العقديّ / الفكرانيّ، قياسا إلى الانتماء البيولوجيّ أو السلاليّ. فنوح المستعلم ظاهرا، يبدو في وضع غير المدرك لحقيقة الوعد الإلهيّ، ولدلالة الاستثناء(..وأهلك إلا من سبق عليه القول ..) (هود 40). والاستعلام في موضوع المشيئة والأمر الإلهيين ينطوي على التباس في فهم الوضع الاعتباريّ للوسيط النبويّ. فلا جدال في ارتباط السؤال ـ في هذا السياق ـ بوضعية اشتباه وحيرة في موقف الوسيط النبويّ الموزّع بين مقتضى البنوّة ومقتضى النبوّة. وقد وقف الزمخشري على هذه الإشكالية في قوله:
( …قلت :إنّ الله عزّ وعلا قدّم له الوعد بإنجاء أهله مع استثناء من سبق عليه القول منهم، فكان عليه أن يعتقد أنّ في جملة أهله من هو مستوجب للعذاب لكونه غير صالح، وأنّهم كلهم ليسوا بناجين، وأن لا تخالجه شبهة حين شارف ولده الغرق في أنه من المستثنين لا من المستثنى منهم، فعوتب على أن اشتبه عليه ما يجب أن لا يشتبه.)
(-الزمخشري – تفسير الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل- رتبه وضبطه وصححه: محمد عبد السلام شاهين – منشورات: محمد علي بيضون – بيروت – صيدا – بيروت – الطبعة الأولى – 1995- المجلد الثاني – ص. 385) .
لا جدال إذن في انطواء سؤال نوح على نَوَسَانٍ وتحيُّرٍ بين إطلاقية الإرادة الإلهية واستثنائية الوعد عكس ما تذهب إليه التفسيرات الدفاعية السنية. فالإرادة الإلهية مطلقة والوعد اصطفائيّ. فسؤال نوح يعنى في العمق إلغاء الاستثناء ليصير الوعد شاملا ومطلقا مثل الإرادة نفسها، وسؤال من هذا الطراز يلغي المسافة القدسية، القائمة بين الألوهية والنبوة، وينقل النبوّة من موقع الوساطة والتقريب الروحيّ إلى موقع تعديل مدى المشيئة وتوسيع نطاق الوعد الإلهيّ.
ولمّا كان المعتقد الإيمانيّ قائما على إنكار الاستشكال بإطلاق، فإنّه يدني السؤال من الجهل والخسران خصوصا بعد انكشاف المخفيّ بشهادة الهوامش السنّية ( الكشّاف).
(وأمّا قوله "إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين" فالمراد منه النهي عن وقوع السؤال في المستقبل بعد أن أعلمه الله باطن أمره، وأنّه إن وقع في المستقبل في السؤال كان من الجاهلين.)
(-الزمخشري – تفسير الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل- رتبه وضبطه وصححه : محمد عبد السلام شاهين – منشورات : محمد علي بيضون – بيروت – صيدا – بيروت – الطبعة الأولى – 1995- المجلد الثاني – هامش الصفحة . 385) .
. فما على الوسيط الروحيّ إلا أن يلتزم بحدود الخطاب النبويّ وأن ينأى عن التفكير في الينبغيات الميتافيزيقية.
وبناء على هذه القراءة، فإنّ إلحاح المفسّرين على مناقشة حقيقة انتساب الابن المغرق إلى نوح ودلالة خيانة زوجه ومغازي السؤال والجهل يبعد عن استكناه الحمولة الاستشكالية لذلك السؤال واللامفكر فيه في تاريخ الأنبيائية الإسلاميّة.
إنّ للسؤال مآلات مربكة للفكرية الدينية؛ فالنبيّ المصطفى ليس معصوما من فتنة السؤال ومن غلبة الوجدان الأبويّ على الاستذهان النبويّ ومن التحيّر بين المشيئة المطلقة والتكليف الرساليّ محدود النجاعة الإقناعية، بدليل عدم تمكّن نوح من تنجية ابنه وزوجه ووقوع الطوفان. وبدلا من التوغّل في العمق الإشكاليّ للنصّ القرآنيّ والبحث في المؤدّى المضمر للسؤال النوحيّ، أكثرت جمهرة المفسّرين الكلاسيكيين من البحث في حقيقة نسب ابن نوح ونفي الخيانة الجنسية عن زوجه، في حركة تفسيرية غير منقطعة عن إشكالية الإفك وعن دلالاتها الخطابية والتدليلية في السياق السنّيّ خصوصا.
وللتدليل على ما سبق نورد قول ابن الجوزي.
( قوله تعالى"إنّي أعظك أن تكون من الجاهلين" فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنّ تكون من الجاهلين في سؤالك من ليس من حزبك. والثاني: من الجاهلين بوعدي، لأنّي وعدت بإنجاء المؤمنين. والثالث: من الجاهلين بنسبك، لأنه ليس من أهلك.)
(-ابن الجوزي – زاد المسير في علم التفسير – دار ابن حزم / المكتب الإسلاميّ – بيروت – لبنان -2002-ص . 657.)
والسؤال المطروح ليس استعلاميا كما اعتقد ابن كثير، ولا صادرا عن جهل نوح بالمستثنى كما اعتقد ابن المنير الإسكندري؛ فالاستعلام والجهل يبطلان بالأخبار وتحديد التأويل الصحيح والمقصد المرجوّ، أما الخطأ الجوهريّ فلا يمحى بدلالة النصوص الحديثية.
( …عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون: لو استشفعنا إلى ربّنا فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلّمك أسماء كلّ شيء فاشفع لنا عند ربّك حتى يريحنا من مكاننا هذا فيقول: لست هناكم ويذكر ذنبه فيستحي ائتوا نوحا فإنه أوّل رسول بعثه الله إلى أهل الأرض فيأتونه فيقول: لست هناكم ويذكر سؤاله ربّه ما ليس به علم فيستحي : فيقول ائتوا خليل الرحمن ….")
( -محمد بن اسماعيل البخاري – صحيح البخاري – اعتنى به : محمود بن الجميل – مكتبة الصفا- الطبعة الأولى-2003- الجزء الثاني – كتاب تفسير القرآن – باب قول الله : ( وعلّم آدم الأسماء كلها ) – ص. 384)
فمفعول السؤال، لا يمسّ تواريخ الغابرين فقط بل المستقبل الماورائي للمؤمنين. فالسؤال الاستشكاليّ يستدعي الاتّهام بالجهل ماضيا والاستحياء مستقبلا.
4-النهي عن التطلع:
لم تقتصر الموانع عن النصوص التأسيسية بل امتدّت بمفعول الدينامية الاتباعية للعقل الدينيّ لتشمل كلّ مكونات الأرثوذوكسية الإسلاميّة. والحقيقة أنّ العقل الإسلاميّ تشبّث برؤية سكونية للحقيقة وبمنظور ارتكاسيّ للزمان، ورفض كلّيا تاريخية الأنساق الدينية وقدرة العقل على طرق المسالك غير المطروقة وعلى تعقّل ما يخرج عن حدود العقلانية الإيمانية السائدة عند جميع الموحّدين آنذاك. وقد قادت الجدالاتُ العقديةُ الأرثوذوكسيةَ الإسلاميّةَ إلى تسييج الحقيقة الإسلاميّة، ودخلت حلبة المحاورات البي-عقدية والبي-فرقية من باب الجهاد والنصرة والذبّ عن المعتقد أو الفرقة الناجية. وبدلا من قراءة تاريخ المؤمنين الأوائل ووضع فهومهم للنصوص التأسيسية في سياقها الفكريّ والمعرفيّ والسوسيو-تاريخيّ، انبرت الأرثوذكسية، إلى تقديس فهومهم وإلى أمثلة مسلكهم المعرفيّ المعتمد على النقل أوّلا وأخيرا.
فالتاريخ يتحوّل إلى الميتا- تاريخ، وخطاب السلف يستحيل إلى ميتا- خطاب لا يقبل المراجعة النقدية أو التمحيص العقليّ؛ فالعقل الدينيّ لا يقابل الاستشكال الصادر إمّا عن المناظر الداخليّ ( القدرية والمعتزلة والجهمية …الخ ) أو عن المناظر الخارجيّ ( اليهودية والمسيحية والمانوية …الخ )، إلا بتعميق السكونية الفكرية وتوسيع مدى المفكّر فيه المكوّن من استعادات تعبّدية ومرويات تقديسة وتضييق سعة اللامفكر فيه المحمّل بريح الشكّ والنقد والتمحيص وعواصف الاستدلال العقليّ.
(أخبرنا محمد بن عبد الباقي، نا حمد بن أحمد قال: نا أحمد بن عبد الله الحافظ، أنبأنا محمد بن أحمد بن الحسن أنبأنا بشر بن موسى، نا معاوية بن عمرو، نا أبو إسحاق الفزاري، قال : قال الأوزاعي: اصبر نفسك على السنّة؛ وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكفّ عما كفّوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنّه يسعك ما وسعهم.)
( - ابن الجوزي – تلبيس إبليس – تحقيق : محمد عبد القادر الفاضلي – المكتبة العصرية – صيدا – بيروت – 2006- ص.12-13)
فقد ارتضت الأرثوذكسية الإسلاميّة الاحتماء بالأفق الفكريّ لمنتجي صياغات فكرانية ومثالات منهجية ورؤى أخلاقية كثيرا ما تُجرَّدُ عن إطارها النظريّ وعن محدّداتها التاريخية، وتحوّل في سياق البحث عن المرجعية المعيارية وعن السند للتيارات الفكرية المتنازعة حول النصوص والأشخاص التأسيسيين والمخيال الجمعيّ. فالمسلم ملزم بالوقوف عند الظلال العقدية للسلف المؤمثل واستبعاد كل استقصاء ذاتيّ للكليات الشرعية وكلّ استملاك روحيّ أو أخلاقيّ للسجلّ الشرعيّ.
فسلطة السلف تأتي لتدعم سلطة النصّ القرآنيّ والحديثيّ والسلطة المعيارية للسيرة المحمدية. فختم النبوّة وإكمال الدين وإتمام النعمة كلّها تعني من منظور إسلاميّ استحالةََ طرح السؤال اللاهوتيّ المفتوح والانحصارَ في السؤال الاستعلاميّ الخاصّ بأداء التكاليف والاجتهاد في الفروع. فإعلان ختم النبوّة لا يعني سوى انتهاء السؤال الروحيّ، والاستقصاء الكينوني المتحرّر من الملابسات العقدية ومن التخوم النظرية للكتابيات أو للروحيات عموما، وحتمية القبول بفحوى المعتقد الصحيح. لا يبقى للإنسان إذن إلا الاجتهاد والقياس الفقهيّ والتدليل على المسلّمات بالمسلّمات في دورٍ يعتبره الخطاب الرمزيّ دلالة السلامة المنهجية لا الفساد المنهجيّ.
وليس غريبا أن يلتمس المسلم عزاءه الميتافيزيقيّ في العبادات وفي الفقهيات، وأن يعجز الصوفية عن إزالة الطابع الفقهيّ عن الإسلام رغم جرأتهم الهرطوقية كما في الشطحات ( أبو يزيد البسطامي والحلاج وابن عربي …الخ ) وفي تناولهم لعلاقة الولاية بالنبوة والحقيقة بالشريعة مثلا.
فمتى غاب الاستشكال وهيمن النصّ وتكرّست الفقهية كمنهج مطلق، وتحوّلت "الفقهترايا " إلى مؤسّسة المؤسسات تتحكّم في النظام السياسيّ وفي المخيال الاجتماعيّ وفي اللاشعور السياسيّ والثقافيّ وفي المؤسّسات الثقافية والفكرية، يستحيل أن يرى النور بحث جدّيّ وجذريّ، في إشكاليات العقل الدينيّ والفكرية التوحيدية.
فقد اختارت الأرثوذكسية الإسلاميّة الناشئة في الأوان الأمويّ الردّ على الزلزال النظريّ، الناتج عن اصطدام المثال بصلابة الواقع (الفتنة الكبرى)، بالتشديد على اليقينيات ومحاربة كلّ بحث عن أصول المفارقة. فقتل معبد الجهني وغيلان الدمشقي والجعد بن درهم وجهم بن صفوان يعكس رفض المؤسّسة اللاهوتية لاستقصاء حيثيات المفارقة وفتح أبواب الاستشكال أمام العقل، خصوصا بعد تخييب آفاق انتظار الفاعلين الاجتماعين، إثر تواتر الاختلاجات السياسية والفكرية. وبدلا من فهم دلالة الفعل النقديّ ـ نسبياـ لغيلان الدمشقيّ، يحيل العقل السنّيّ المشاغبة الغيلانية على ملاك الكرامة شبه الصوفية، علما أنّ القصد الغيلانيّ كان يبحث عن رتق الفتق اللاهوتيّ المتزايد في زمان انكشفت فيه حدود المنظومة المرجعية.
( ومنه[ما] روى عمرو بن مهاجر قال: بلغ عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – أن غيلان القدريّ يقول في القدر، فبعث إليه فحجبه أياما، ثم أدخله عليه فقال يا غيلان !ما هذا الذي بلغني عنك؟ قال عمرو بن مهاجر: فأشرت إليه ألا يقول شيئا. قال فقال: نعم يا أمير المؤمنين إنّ الله عز وجل يقول: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا. إنّا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا. إنّا هديناه السبيل إمّا شاكرا و إمّا كفورا) [الإنسان : 1-3] قال عمر : اقرأ إلى آخر السورة : ( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله، إنّ الله كان عليما حكيما. يدخل من يشاء في رحمته، والظالمين أعدّ لهم عذابا أليما ) [الإنسان : 30،31 ] ثم قال: ما تقول يا غيلان؟ قال أقول: قد كنت أعمى فبصّرتني، وأصمّ فأسمعتني، وضالّا فهديتني. فقال عمر: اللهم إن كان عبدك غيلان صادقا وإلا فاصلبه! قال فأمسك عن الكلام في القدر فولاّه عمر بن عبد العزيز دار الضرب بدمشق: فلمّا مات عمر بن عيد العزيز وأفضت الخلافة إلى هشام تكلّم في القدر، فبعث إليه هشام فقطع يده، فمرّ به رجل والذباب على يده، فقال : يا غيلان! هذا قضاء وقدر .قال : كذبت لعمر الله ما هذا قضاء ولا قدر. فبعث إليه هشام فصلبه.)
(- أبو إسحاق الشاطبي – الاعتصام – تحقيق : هاني الحاج – المكتبة التوفيقية –– ص.68-69)
يسعى العقل السنّيّ عبر هذه الواقعة إلى محاصرة العقل النقديّ المستشكل للوضع الدليلي للنصوص، والساعي إلى رفع قلق العبارة العدلية عن النسق المعياريّ. فالعقل القدريّ، أراد أن ينبّه إلى حتمية عقلنة التعامل مع النصوص التأسيسية ومع الانقلابات السياسية غير المفصولة عن تأويل جبريّ للخطاب القرآنيّ وللمشيئة الإلهية. فالعقل السنّيّ ـ التسليميّ بحكم انشداه إلى الروح الإيمانيةـ يريد تعليق مفعول الزمانية والتاريخية وان يتغنّى بمأساة غيلان. ولا جدال أنّ مأساة غيلان الدمشقي هي في الواقع مأساة فكرية أو روحية أرادت حصر التاريخ في قوالبها الاعتقادية والأخلاقية والإنسان في بعد عباديّ وطقوسية تسليمية، قبل أن تكون مأساة فرقة كلامية( القدرية) أو مفكّر قدريّ يجمع بين النظر العقليّ والعمل السياسيّ مثل غيلان القدريّ.
وقد ذهب التمحّل بالبعض إلى تضييع الدلالات بتوسيع التأويل إلى أقصى مدى، حفاظا على وضع دلاليّ ملتبس. فقد انتهى خصوم القدرية أحيانا، إلى سفسطة محروسة بقوّة الكهنوت.
( وسئل( يقصد عبيد الله بن الحسن العنبري) يوما عن أهل القدر وأهل الإجبار، قال: كلٌّ مصيبٌ، هؤلاء قوم عظّموا الله، وهؤلاء قوم نزّهوا الله. قال: وكذلك القول في الأسماء، فكل من سمّى الزاني مؤمنا فقد أصاب، ومن سمّاه كافرا فقد أصاب، ومن قال: هو فاسق وليس بمؤمن ولا كافر فقد أصاب، ومن قال: هو كافر وليس بمشرك فقد أصاب؛ لأنّ القرآن يدلّ على كلّ هذه المعاني. قال: وكذلك السنن المختلفة، كالقول بالقرعة وخلافه، والقول بالسعاية وخلافه، وقتل المؤمن بالكافر، ولا يقتل مؤمن بكافر، وبأيّ ذلك أخذ الفقيه فهو مصيب. قال: لو قال قائل: إنّ القاتل في النّار كان مصيبا. ولو قال: في الجنّة كان مصيبا، ولو وقف وأرجأ أمره كان مصيبا، إذا كان إنما يريد بقوله: أنّ الله تعبده بذلك وليس عليه علم الغيب.)
(- أبو إسحاق الشاطبي – الاعتصام – تحقيق : هاني الحاج – المكتبة التوفيقية –– ص. 151)
فبدلا من الانعتاق من المسالك الفكرية المطروقة ومن اللهج التعبّديّ بالمرويّات والمنقولات التراثية ومن قراءة النصوص التأسيسية للمنظومة المرجعية الإسلاميّة في ضوء الزمانية والتاريخية والعقلانية، اختار العقل الإسلاميّ التحصّنَ وراء الحكايات والسرود والكنايات. فالزمان الإسلاميّ تراكميّ يُكثر من التخييل على هامش الحكاية وأطرافها ويوغِل في تكثير المجازات والكنايات على حواشي النصوص والحوادث والأشخاص، ويحوّل حدثا شبه تاريخيّ إلى أسطورة بلا ضفاف. فبدلا من أن تكون صلادة الحوادث مهمازا للاستشكال والخروج من الخدر التاريخيّ ومن اللافاعلية الفكرية، قَبِل العقل الإسلاميّ تعميق الأسطرة وتحويل السلف من فاعلين تاريخيين واجتماعيين إلى أشخاص عابرين للتاريخ. وكلّ من تجرّأ على البحث خارج المرويات والمنقولات قوبل بالازدراء أو بالاجتثاث في غمرة التحالف المقدّس بين " الأشعريتاريا " والعسكريتاريا.
( قال الخطيب: وكان القادر من الستر والديانة والسيادة وإدامة التهجّد بالليل وكثرة البرّ والصدقات وحسن الطريقة على صفة اشتهرت عنه، وعرف بها كلّ أحد، مع حسن المذهب وصحّة الاعتقاد، تفقّه على العلامة أبي بشر الهروي الشافعي، وقد صنّف كتابا في الأصول ذكر فيه فضائل الصحابة، على ترتيب مذهب أصحاب الحديث، وأورد في كتابه فضائل عمر بن عبد العزيز، وإكفار المعتزلة والقائلين بخلق القرآن، وكان ذلك الكتاب يقرأ في كلّ جمعة في حلقة أصحاب الحديث بجامع المهدي، وبحضرة الناس، ترجمه ابن الصلاح في طبقات الشافعية.)
(- جلال الدين السيوطي – تاريخ الخلفاء – تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم – المكتبة العصرية – بيروت –صيدا- لبنان – الطبعة الأولى -2005- ص. 358).
5-في ذمّ الإنسان:
تنطوي التوحيديات على نظرة ارتيابية من العقل؛ فالإنسان المتعقّل من منظورها هو المكتفي بالعقل الإجرائي الدوراني غير المتطلّع إلى العقل النظريّ أو الاستدلاليّ، الميّال إلى بناء الأدلّة بناء متماسكا، والى إعادة النظر في الأصول المرسّخة وفي العادات التداولية أو المنهجية المتواترة.
إنّ الروحية التوحيدية السامية، تطالب الإنسان باعتناق حدسها المؤسّس، وتجريد عقله من قدرته النظرية أو من تطلّعه الاستدلاليّ أو البرهانيّ أو الارتيابيّ. فالإنسان لا يصير إنسانا إلا بانتظامه القلبيّ في تاريخ أنبيائيّ مرسوم بقدرية لاهوتية صارمة وفي منظورية قيامية مرسومة بمخيّلة اسكاتولوجية تتفنّن في تخيّل الظلال الفردوسية والجحيمية للعالم الماورائي. لا تتأسّس الروحية السامية، إلا برفض العقل اليونانيّ، ومناهجه في تدبّر الكونيات والإنسانيات والمعرفيات. فالتوحيديات الثلاث لا تركن إلى الاستقصائية اليونانية إلا حين تصطدم بالالتباسات الداخلية لخطابها المعرفيّ أو الأخلاقيّ، أو بالمُناظرِ الرافض لتأويلاتها للتاريخ الأنبيائيّ المشترك على نحو مفارق نسمّيه بالنسخيّ بكلّ ما ينطوي عليه النسخ من تثبيتٍ ومحوٍ وإحقاقٍ وإبطالٍ في ذات الآن.
فالتوحيد الإسلاميّ المتجذّر في القيعان الفكرية للفكرية السامية، يؤكّد بما لا يدع مجالا للمناقشة، قصور العقل البشريّ وتعويله الحتميّ على الإمداد الغيبيّ في تناول القضايا الميتافزيقية والمعرفية والاجتماعية. فالإنسان قاصر جوهريا، وقصوره انطولوجيّ أي غير قابل للاستدراك إلا عبر الوحي. فقصور الإنسان ليس معرفيا أو ابستيميا من المنظور التوحيديّ بل هو ماهويّ. فلئن رنت الثقافات التعديدية أو العقلانية إلى استدراك النواقص المعرفية للإنسان، بالبحث عن أقوم المسالك لتشذيب المنهج وتهذيب النظرية وبناء المعيار المعرفيّ أو الأخلاقيّ السليم، فإنّ التوحيديات تستبعد أيّ استكمال للمعرفة النظرية أو الايطيقية خارج مستنداتها النصية. ولا غرابة في أن يفضي التشكيك في الكفاءة المعرفية للعقل البشريّ إلى التشكيك في أهلية الإنسان على نحو جذريّ وشامل.
كما لا يتوانى العقل الدينيّ عن استثمار توتّرات تاريخه العقديّ والسياسيّ(الصراع بين السنّة والخوارج مثلا) استثمارا تشغيبيا ضدّ العقل. وهكذا، يتحوّل موقف احتجاجيّ مشروط بتاريخه، إلى رأي مطلق في المنهجية وفي شرعية استعمال العقل.
( اعتبر حديث ذي الخويصرة التميمي، إذ قال: اعدل يا محمّد فإنّك لم تعدل، حتى قال عليه الصلاة والسلام: "إن لم أعدل فمن يعدل؟ " فعاد اللعين وقال: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله تعالى، وذلك خروج صريح على النبيّ عليه الصلاة والسلام ولو صار من اعترض على الإمام الحقّ خارجا، فمن اعترض على الرسول أحقّ بأن يكون خارجا أو ليس ذلك قولا بتحسين العقل وتقبيحه وحكما بالهوى في مقابلة النصّ، واستكبارا على الأمر بقياس العقل؟ حتى قال عليه الصلاة والسلام: "سيخرج من ضئضئ هذا الرجل قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة …".)
(- الشهرستاني – الملل والنحل – تحقيق – محمد عبد القادر الفاضلي – المكتبة العصرية –صيدا – بيروت – 2007- المقدمات .ص 16)
لا مناص إذن من الزاوية الدينية، من تسفيل العقل لتبرير سلوك سياسيّ متعيّن سوسيولولوجيا وتاريخيا. فالأمر سابق ومهيمن على العقل، في كلّ الحالات؛ وكلّ اعتماد غير مشروط عقديا على العقل، هو تشبُّهٌ بالشيطان.
بداية لزمان جديد
هذه بعض مؤسسات الرقابة في الفضاء الثقافيّ الإسلاميّ، وهي مؤسّسات متجذّرة في الذاتية الإسلاميّة بفعل اقتران الفكرية السّلفية بالمؤسّسة السياسية، وغياب البدائل العقلانية، منذ اندحار" العقلانية " الاعتزالية وأفول الفكرية "الإنسية" منذ عصر المتوكّل. وعليه، فلا بدّ من الخروج من المقاربة التقنية أو القانونية لإشكالية الرقابة، والخوض في مؤسّساتها الفكرية والنفسية. وكلّ معالجة لا تنصرف إلى البحث في جينيالوجيا الرقابة الإسلاميّة، والى تفكيك اللوغوسفير العربية – الإسلاميّة، لن تحقّق المبتغى مهما بدت حداثية في الظاهر.
وأولى الخطوات في هذا الدرب، تبدأ بتفعيل المطلب السبينوزي:
( وعلى ذلك فإنّ الحقّ الوحيد الذي تخلّى عنه الفرد هو حقّه في أن يسلك كما يشاء وليس حقّه في التفكير والحكم. وعلى ذلك فإنّ كلّ ما يسلك ضدّ مشيئة السلطة العليا يلحق بها الضرر، ولكنّ المرء يستطيع أن يفكّر وأن يصدر حكمه، ومن ثمّ يستطيع الكلام أيضا، بحرية تامّة، بشرط ألا يتعدّى حدود الكلام أو الدعوة، وأن يعتمد في ذلك على العقل وحده، لا على الخداع أو الغضب أو الحقد، ودون أن يكون في نيته تغيير أي شيء في الدولة بمحض إرادته.)
( - سبينوزا – رسالة في اللاهوت والسياسة – ترجمة وتقديم : حسن حنفي- مراجعة : فؤاد زكريا – مكتبة الانجلو المصرية – القاهرة – مصر - الطبعة الثالثة –ص. 446) .



#ابراهيم_ازروال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصول الرقابة في الفضاء الثقافي الإسلاميّ 3
- أصول المراقبة في الفضاء الثقافي الإسلامي 2
- أصول الرقابة في الفضاء الثقافي الإسلاميّ 1
- في نقد فصام الفكرية الإصلاحية -نموذج نضال الصالح 4
- في نقد فصام الفكرية الإصلاحية -نموذج نضال الصالح 3
- في نقد فصام الفكرية الإصلاحية -نموذج نضال الصالح 2
- في نقد فصام الفكرية الإصلاحية -نموذج نضال الصالح 1
- نقد التصوف في كتاب - وصف إفريقيا - للحسن الوزان 2
- نقد التصوف في كتاب - وصف إفريقيا - للحسن الوزان 1
- القوس والفراشة : سياحة في خرائب حداثة المجاورة 2
- القوس والفراشة : سياحة في خرائب حداثة المجاورة 1
- العلمانية الرخوة واستقالة العقل النقدي 2
- العلمانية الرخوة واستقالة العقل النقدي 1
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 6
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 5
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 4
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 3
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية 2
- الاعتراب في واقع انسداده-نقد تصور الجابري للأمازيغية
- تمثل الفضاء الثقافي الأمازيغي في - وصف إفريقيا -للحسن الوزان ...


المزيد.....




- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..مقتدى الصدر يشيد بالانفتا ...
- الكشف عن بعض أسرار ألمع انفجار كوني على الإطلاق
- مصر.. الحكومة تبحث قرارا جديدا بعد وفاة فتاة تدخل السيسي لإن ...
- الأردن يستدعي السفير الإيراني بعد تصريح -الهدف التالي-
- شاهد: إعادة تشغيل مخبز في شمال غزة لأول مرة منذ بداية الحرب ...
- شولتس في الصين لبحث -تحقيق سلام عادل- في أوكرانيا
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (1).. القدرات العسكرية لإسرائيل ...
- -امتنعوا عن الرجوع!-.. الطائرات الإسرائيلية تحذر سكان وسط غ ...
- الـFBI يفتح تحقيقا جنائيا في انهيار جسر -فرانسيس سكوت كي- في ...
- هل تؤثر المواجهة الإيرانية الإسرائيلية على الطيران العالمي؟ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ابراهيم ازروال - أصول الرقابة في الفضاء الثقافي الإسلاميّ 4