أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - فَلْيُسْعِد النُّطْقُ .. إِنْ لَمْ يُسْعِدِ الحَالُ!














المزيد.....

فَلْيُسْعِد النُّطْقُ .. إِنْ لَمْ يُسْعِدِ الحَالُ!


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 946 - 2004 / 9 / 4 - 12:18
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


فى غمرة انشغاله بنفى أن يكون تواتر (التظاهرات) الرافضة للأوضاع فى دارفور أمام مبنى سفارة السودان فى واشنطن هو السبب فى قرار إغلاقها مطلع الأسبوع الأخير من أغسطس المنصرم ، صرَّح وزير الخارجية السودانى ، لا فض فوه ، بأن "التظاهرات لا تغيِّر ولا تبدِّل وقد تعوَّدنا عليها!" (الأضواء ، 26/8/04).
لو ان السيِّد الوزير استهدف بتصريحه هذا أن يرُدَّ على تحرُّك داخلى بحت لما لفت الانتباه ، دع أن يثير الدهشة ، اللهم إلا إذا كان يريد أن يثبت أن السياسة الخارجية هى امتداد للسياسة الداخلية .. بذات المناهج والأساليب! ذلك أن الرأى العام السودانى قد (تعوَّد) بالفعل أن تتجاهله الحكومة مهما علت صيحاته ، وأن تصُمَّ آذانها عن احتجاجاته فى أيَّة صورة جاءت!
أما والحكومة تشكو من أن (النظام العالمى) قد (تكالب) على (قصعتها) فى دارفور ، الأمر الذى يَستلزم ، بالعقل ، أن تسعى لإقناع (الشعوب) بأنها مظلومة ، ويستوجب ، بالمنطق ، أن تستعين بالحكمة التى تفترض ضرورة أن (يُسْعِد النطق إن لم يُسْعِد الحال) ، ثم يجئ ، مع ذلك كله ، تصريح السيِّد الوزير هازئاً (بالتظاهرات) ، مِمَّا يعنى الاستخفاف (بالشعوب) ، لا (بالحكام) ، فليس من المحتمل ، والأمر كذلك ، أن يختلف اثنان ، بأىِّ معيار دبلوماسى أو سياسى ، على كونه لم يُصِب أدنى قدر من التوفيق.
وبالفعل فإن أسوأ ما فى هذا التصريح أنه لا يخاطب ، فى حقيقته ، إدارة بوش ، بل المجتمع المدنى الأمريكى ، ومن خلاله شعوب العالم قاطبة ، أولئك الذين ما تنفك تهزُّ وجدانهم وتصدم ضمائرهم ، صباح مساء ، أنباء القتل والحرق والاغتصاب فى دارفور ، تمضغها الصحف ووكالات الأنباء وتثفلها على مدار الساعة ، علاوة على مشاهد الراكضين والراكضات فى الفضائيات باتجاهات البرارى كلها ، كأسراب نعام أغبش مذعور يهرب جوعان ظمآن من مصائر يراها هؤلاء الناس بالعين ، وينكرونها بالفطرة ، ولكنهم لا يملكون إزائها سوى الاحتجاج ، كما فى التقليد المتبع ، لدى سفارة البلد المعنى فى دولتهم.
وكما فى التقليد المتبع أيضاً فقد درج أعضاء هذه البعثات الدبلوماسية على استقبال مثل هذه (التظاهرات) بهدوء ثلجىٍّ ، والاستماع لتعبيراتها الغاضبة بالصبر الواجب ، سواء كانت مكتوبة أم شفاهية ، مع الوعد المؤكد برفعها لحكوماتهم ، صرف النظر عن كونهم متيقنين من أنها ، فى المحصلة النهائية ، "لن تغيِّر أو تبدِّل"! وما أكثر ما شهدنا مثل هذا السلوك من سفارات غربية فى الخرطوم ، سعياً لإعطاء انطباع قوى ، حتى وإن كان كاذباً ، بأن حكوماتها تحترم رأى الشعب المضيف ، وذلك يوم كان النظام يُيسِّر (للتظاهرات) المؤيِّدة له أن تشق طريقها إلى بوَّابات هذه السفارات!
الشاهد أنه ، وإن يكن من غير المستبعد ، بحسب الحال ، أن يلجأ جهاز الدبلوماسية فى أىِّ بلد إلى لغة الجفاء الماسخة لدى مخاطبته (لحكومة) بلد آخر ، إلا أنه ليس من المفهوم أو المهضوم ، فى كل الأحوال ، أن يستخدم هذا الجهاز مثل هذه اللغة لدى مخاطبته (للناس) العاديين فى ذلك البلد ، دع أن يفعل هذا رئيس الجهاز شخصياً بقوله لأولئك (الناس) الذين يعبِّرون عمَّا يعدُّونه تضامناً نبيلاً منهم مع مواطنيه هو بالذات فى ما يتعرضون له من مآسى: "إن كلَّ ما تقولونه لا قيمة له .. فهو يدخل من هنا ويخرج من هنا" ، مشيراً بطرف سبابته إلى كلتى أذنيه على التوالى!
وما يزيد الأمر غرابة أن السيِّد الوزير قد عَمَد ، صراحة ، للكيل ، فى مناسبة أخرى ، بمكيال آخر ، عندما "طالب المجتمع المدنى السودانى بالقيام بدوره تجاه الأسرى الفلسطينيين فى السجون الاسرائيلية!" (الصحافة ، 26/8/04). فما تراها القوة التى يتصور السيِّد الوزير أن تستخدمها جماهير عزلاء لا تملك صواريخ ترجم بها إسرائيل ، وإن رغِبَت ، أو قوات (كوماندوز) تحرر بها هؤلاء الأسرى ، وإن تمنت؟! وما تراه ، إذن ، الدور الذى يتصور أن يقوم به المجتمع المدنى ، فى هذه الحالة ، سوى الاعلان الصارخ عن تضامنه القوى مع هؤلاء الأسرى ، وإطلاق تعبيراته الاحتجاجية بشتى الأشكال ، ومن بينها ، بالطبع ، (التظاهرات) الغاضبة على أسلوب معاملتهم فى السجون الإسرائيلية؟! أفلو فعلوا ، وردَّ عليهم وزير خارجية إسرائيل بأن "ما يقولون لا قيمة له" ، أتراه سوف يغضب وزير خارجية السودان ، ناهيك عن أن يجد منطقاً يرفض به هذا الرد؟! أم أن سيادته يعتقد ، حقاً ، أن بمستطاعه أكل كعكته والاحتفاظ بها فى نفس الوقت؟!
ولعل مِمَّا يفاقم من حالة الاستغراب ، على نحو خاص ، أن السيِّد الوزير لم يكن محتاجاً أصلاً لأن يقول ما قال! فقد وردت عبارته محل هذا النقد فى سياق تبريره لإغلاق سفارته فى واشنطن ، حيث كان حديثه منصباً على الصعوبات التى واجهتها هذه السفارة جراء قرار البنك الأمريكى الذى تتعامل عن طريقه بقفل حسابها لديه ، الأمر الذى جعلها تخفق فى سداد مستحقات العاملين وفواتير خدمات الكهرباء والهاتف .. الخ ، علاوة على تخوفها من المساءلة عن مصادر أموالها وأوجه صرفها (الأضواء ، 26/8/04).
فما الذى اضطر السيِّد الوزير للانزلاق مِمَّا هو فيه إلى الزراية بالمواطنين الأمريكيين الذين درجوا على التعبير عن احتجاجهم على الأوضاع فى دارفور أمام مبنى السفارة ، والسخرية منهم ، وتبخيس مواقفهم ، علماً بأن فيهم بعض صناع الرأى فى ذلك البلد من كتاب وأدباء وسينمائيين وصحفيين وغيرهم؟!
أخشى أن تكون الاجابة هى أن سيادته ، والذى يُعتبَر من أعقل عقلاء النخبة الحاكمة ، قد (أحسَّ) بالاستفزاز مِمَّا تردِّده بعض أجهزة الاعلام العالمية التى ترجع السبب الحقيقى فى قرار الاغلاق إلى تلك (التظاهرات) ، وليس إلى أىِّ شئ آخر (الرأى العام ، 26/8/04) ، لأن ذلك ، إن كان كذلك ، فسوف يكون ، لعمرى ، هو عين العذر الأقبح من الذنب!



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آلامُ المَسِيْحِ السُّودَانِي
- زُغْبُ الحَوَاصِلْ!
- لَقَد أَسْمَعْتَ لَوْ نَادَيْتَ حَيَّا!
- جُنَيْهُ -السُّودانِ الجَّدِيدْ-: الدَّوْلَةُ المُوَحَّدَةُ ...
- فِى طَوْرِ النَّقَاهَةْ!
- ولا يزالون مختلفين!
- ولو بعد دهر!
- شَريعَلْمَانيَّةُ الدَّوْلَةْ!
- -الشَّرَاكَةُ-: لَعْنَةُ مُفَاوَضَاتِ السَّلامِ السُّودانيَّ ...
- حَقْلُ الأَلغَامْ!
- القَوْسُ المُوَشَّى
- مَتاعِبُ التُّرَابِى
- إتفاق الميرغنى ـ طه حول تكريس إقتصاد السوق الحر ورفع يد الدو ...
- إيقاف (الصحافة) أجهض مبدأ قوميتها وأضر بقضية السلام
- أَيَصِيرُ الشَّعِيرُ قَمْحاً؟
- أَرْنَبٌ .. وقُمْرِيَّتانْ؟!
- العُلَمَاءُ وسِجَالُ التَّكْفير
- الإطَاحِيَّة !
- مزاجُ الجماهير!
- عَاصِمَةُ مَنْ؟!


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - فَلْيُسْعِد النُّطْقُ .. إِنْ لَمْ يُسْعِدِ الحَالُ!