أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال الصالح - مشكلة الغجر في أوروبا














المزيد.....

مشكلة الغجر في أوروبا


نضال الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 3128 - 2010 / 9 / 18 - 20:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد أن صدر قرار الحكومة الفرنسية بهدم عشش الغجر العشوائية في فرنسا وترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية مثل رومانيا وبلغاريا، قامت الدنيا ولم تقعد وانتفض بعض السياسيين، مستغلين الحدث لمكاسب سياسية، بإتهام فرنسا وسركوزي بالعنصرية وبالإعتداء على الحقوق الإنسانية للغجر.

لآ أحد يعرف على وجه التحديد من أين ومتى جاء الغجر إلى أوروبا. هناك شبه إجماع من المؤرخين أنهم جاؤا قبل أكثر من ثماني مئة عام من الهند ومنذ ذلك التاريخ وإلى يومنا هذا لم يستطع الغجر التأقلم والذوبان في المجتمعات الغربية وظلوا محافظين على تقاليدهم وعاداتهم الأصلية خارج مجتمع التمدن. في الحقيقة أن الغجر يشكلون في أوروبا معضلة معقدة لم تستطع أي حكومة لحد الآن حلها حلا جذريا، وذلك بسبب طبيعة هذه المجموعة الغير قابلة للتأقلم مع الحضارة المدنية إلى جانب عدم وجود الجرأة لدى السياسيين بإتخاذ القرارات الجذرية خوفا من الإتهام بالعنصرية. ولقد قامت الحكومات الأوروبية بإجاراءات متعددة من أجل تمدين هذه المجموعة، وبإستثناء بعض الأفراد الذين تحرروا من قيد التقاليد الغجرية القديمة ودخلوا الجامعات وتخرجوا منها حاملين إختصاصات مختلفة وبرزوا في المجتمع حسب إختصاصهم أو كموسيقيين يعزفون الموسيقى الغجرية، فإن الغالبية العظمى منهم لم تستطع التأقلم وبقيت خارجة عن محيط المدنية والتقدم.

لقد حاولت الدولة الإشتراكية تحضيرهم بخلق الأجواء المدنية لهم فمنحتهم وظائف ومراكز عمل وبنت لهم بيوتا حضارية أسكنتهم فيها، إلا أنهم حولوا هذه البيوت إلى مزابل وبيوت قمامة وقاموا بقلع الأبواب وحرقها في وسط البيوت ودمروها حتى باتت كأنها من مخلفات الحرب في الصومال. لقد قدم النظام الإشتراكي للغجر كل التسهيلات الممكنة ولكنه لم يستطع أن يحول هذه المجموعة إلى مجموعة مدنية متأقلمة مع الحضارة والتمدن الأوروبي. لقد كان من الصعوبة بمكان دفع الأطفال الغجر إلى الذهاب للمدارس وكان أصعب أن تعلمهم النظافة والتمدن التي لم يعرفوها في بيوتهم وعند أهلهم.

بعد سقوط النظام الإشتراكي والتحول إلى النظام الرأسمالي وما لحقه من خصخصة المصانع والمنشئات والعمارات، إزداد وضع الغجر تأزما وانتشرت بين صفوفهم الموبقات مثل المخدرات والكحول وأرتفعت نسبة الإجرام بأنواعة من سرقة وقتل إرتفاعا كبيرا حتى أخذوا يشكلون خطرا على جيرانهم المتمدنين. لقد إستغلوا إلى أقصى حد حساسية تهمة العنصرية والمساس بالحقوق الإنسانية وأخذوا في الإعتداء على المحلات العامة والمزارع والغابات. لقد قطعوا كميات كبيرة من الأشجار في الغابات العامة والخاصة وسرقوا حتى سكك حديد القطارات وأسلاك النحاس من المحطات الكهربائية. ولم يستطع الناس الدفاع عن ممتلكاتهم لأن الغجر يقومون بهجومهم كمجموعات يشارك فيها الأطفال الصغار وأي محاولة لإستعمال القوة ضدهم سيعاقب عليها القانون وستثير الإعلام الغربي الذي يستعد دائما لرفع شعار العنصرية. إن أي إجراء ضدهم يسبب برفع أصواتهم بإتهام الحكومة والقائمين عليها بالعنصرية، ويقومون وخاصة بعد دخول الدول الأروبية في الإتحاد الأوروبي، بالرحيل الجماعي إلى دولة أوروبية أخرى ويطلبون اللجوء السياسي وتقوم الدولة المضيفة بإسكانهم وإطعامهم والصرف عليهم إلى أن يصدر الحكم بترحيلهم لعدم وجود إقامة أو عمل لديهم، فيعودون إلى بلدهم وتعود حليمة إلى عادتها القديمة. لقد أصدرت الدولة قرارات مختلفة من أجل تصليح الوضع مثل عدم دفع المعونات إلآ إلى العائلات التي ترسل أولادها إلى المدرسة وتقوم على تربية أطفالها بشكل حضاري، ولكن هذه القرارات سببت بخروج الغجر إلى الشوارع وتحطيم المحلات التجارية وسرقة محتوياتها أمام أعين الشرطة التي تخاف التدخل أمام كمرات التلفزيون التي ستظهر شاشاتها في اليوم التالي العنف والعنصرية ضد الغجر.
عندما زار مفوض الإتحاد الأوروبي التجمعات الغجرية العشوائية في سلوفاكيا ورأى بأم عينيه الأطفال الذين يشربون ماء المجاري والأمهات الثملات اللواتي لا يعرفن أبنائهن ولا أزواجهن، أعلن أن الحل الوحيد هو أخذ أطفالهم منذ الصغر وتربيتهم في مدارس داخلية بعيدا عن التجمعات الغجرية. أصاب السياسيين الأوروبيين الهستيريا عندما سمعوا تصريحات ممثلهم التي وصفوها بالا إنسانية وبالعنصرية وأقالوا ممثلهم من منصبه. إن أي حل عقلاني بعيد المدى يواجه من قبل بعض السياسيين الساعين إلى مكاسب سياسية، بالحمى الهستيرية ورفع شعارات العنصرية ضد الغجر.

لقد حدث قبل أسبوع أن قام رجل سلوفاكي بقتل عائلة كاملة من الغجر بما فيها النساء وطفل، ولقد أحث الحدث في الأوساط السلوفاكية دهشة ورعبا. ولكن بعد البحث عن خلفيات هذا الحدث ظهر أن العائلة الغجرية "الضحية" قد أرعبت، طوال عامين، سكان العمارة المكونة من ثلاثين بيتا ولقد قدم سكان العمارة عريضة ضد هذه العائلة التي حولت طرقات العمارة إلى مزبلة وكانت تتاجر بالمخدرات وتبيعها إلى طلاب المدارس، ولكن الدولة لم تعمل شيئا واكتفت بإنذار العائلة الغجرية. ولقد ألغى صاحب العمارة عقد الإيجار مع هذه العائلة ولكنه لم يستطع إخراجها من البيت وبقيت فيه عامان كاملان من دون دفع الإيجار أو دفع مقابل الخدمات من كهرباء وماء وغيره. ويظهر أن القاتل، وهو جندي سابق، لم يعد يتحمل فقام بقتل العائلة بكاملها. ولقد كانت هذه الحادثة وشبيهتها في دول أخرى علامة إنذار لعلها تدفع السياسيين الأوروبيين لحل القضية الغجرية حلا جذريا. يجب أن يكون الحل أوروبيا فلن تستطيع دولة منعزلة أن تقوم بحل هذه المشكلة منفردة. الجميع في أوروبا يؤمنون بالحريات والحقوق الفردية ويرفضون العنصرية ولكن القضية الغجرية تحتاج إلى قرار موحد مدروس من جميع الدول الأوروبية وإلا فإن الحادثة التي ذهب ضحيتها عائلة غجرية كاملة يمكن أن تتكرر في أماكن مختلفة من أوروبا وسيقوم كل بالدفاع عن حريته ونفسه وأملاكه بيده وعندها ستكون العاقبة وخيمة.



#نضال_الصالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرع الله أم شرع البشر؟
- كرسي السلطة كالضوء يجذب الحشرات فإن أطفئ هجرته
- مدينتي نابلس وأم سائد
- الإعجاز العلمي في القرآن وعجز العقل المسلم
- هل من الممكن عصرنة الدين ؟
- موسى والعقيدة الموسوية، حقيقة أم خرافة
- قسوة البرد ونار القهر
- تشرذم اليسار نصر لليمين، سلوفاكيا مثلا
- لقطات من زيارة خاطفة
- قتلوه ولم يمشوا في جنازته
- حب من الماضي
- عالم المجانين
- مستشفى الأمراض العقلية وعالم المجانين
- العم حسنين: الحكمة والقمامة
- عبدالرحيم عمر: الشاعر، الصديق والإنسان
- البحث عن الذات
- قصتي مع جابر بن حيان
- كيف تتكون الهالة حول الجسم وما علاقتها بصحته
- اليهود الخزر
- وحدة المخابرات العربية


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نضال الصالح - مشكلة الغجر في أوروبا