أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - الطاهر باكري - قضية الصحراء وإشكالية الزمن















المزيد.....

قضية الصحراء وإشكالية الزمن


الطاهر باكري

الحوار المتمدن-العدد: 3128 - 2010 / 9 / 18 - 09:06
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


جاء في رسالة – وُصفت بالسرية ونشرتها جريدة "إلباييس" الاسبانية– بعث بها الممثل الأممي المكلف بملف الصحراء" كريستوفر روس" إلى خمس دول عظمى تسمى ب " مجموعة الدول الخمس أصدقاء الصحراء" أن طرفي النزاع في ملف الصحراء- المغرب والبوليساريو- لا يعيران كثير الاهتمام لعامل الزمن ولطول عمر القضية ،إضافة إلى دولة من الدول المجاورة دون أن يذكر اسمها .

إن ما جاء في رسالة "روس" ليس ملاحظة بسيطة وفقط ؛بل هو إشكال كبير مرتبط أساسا باللامبالاة بعمر قضية قارب الأربعين، وطال أكثر من اللازم، وخصوصا إذا كانت اللامبالاة صادرة من المعنيين المباشرين بالقضية ؛ فالأمر قد يبدو للوهلة الأولى محيرا وغامضا؛بيْد أن انكشاف خيوطه وانجلاء حقيقة اللامبالاة هاته لا يمكن أن يكون بعيدا عن ربط عمر النزاع الطويل بالمستفدين من هذا الطول ،وهو ما يفرض في المقابل كشف المتضررين الذين يفترض فيهم أن يكونوا أول متحرك وساع لحل هذا النزاع ،أكثر مما يمكن أن تتحرك وتسعى الأطراف المعنية مباشرة لحله.

إن الملاحظة التي جاءت بها هذه الرسالة بخصوص عامل الزمن، ليست من فراغ؛ بل هي تستند أساسا إلى ما لاحظه "روس" من ارتياح الطرفين أثناء المفاوضات؛ إذ إن كلا منهما متشبث بمقترحه؛فالمغرب يصر على مقترح "الحكم الذاتي" كحل نهائي للنزاع، والبوليساريو تصر على خيار "الاستفتاء" كشكل من أشكال تقرير المصير، وهو ما ينم عن ارتياح الطرفين ،واستغلالهم للوقت كل الوقت ،إذ أضحت المفاوضات هدفا في حد ذاتها، ولم يعد حل النزاع هو الغاية والهدف ؛ فما هي مبررات هكذا ارتياح ؟
طبيعي أن لا يكون المغرب مباليا كثيرا بعمر ملف الصحراء لأسباب واضحة وجلية ؛فالمغرب يؤمن بمقولة :"المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها"؛إذ إن الصحراء اليوم تسري عليها مواد الدستور الساري المفعول على أرض المغرب ككل، وترفع فوقها الأعلام المغربية ،وقبائل الصحراء تجدد البيعة والولاء في أعياد العرش للسلطان المغربي ،إضافة إلى أن خطب الجمعة تدعو لهذا الأخير بالنصر والتمكين في كل مدن الصحراء ، زد على هذا كون العملة المتداولة والمتعامل بها في الصحراء هي : الدرهم المغربي ، ولئن كانت بعض التحركات ذات البعد الانفصالي تظهر من حين لآخر في مدن الصحراء، إلا أنها لا تفسد لارتياح المغرب شيء؛ إذ إن المغرب يسيطر عليها عن طريق مقاربة أمنية تضمن السيطرة على الصحراء إلى أبعد الحدود ، إضافة إلى أن الحزام الأمني بالصحراء يبعث في نفس المغرب والمغاربة ارتياحا كبيرا، خصوصا إذا ما تطورت الأحداث في اتجاه ما هو عسكري . كما أن المغرب يراهن على طول عمر هذا الملف قصد خلق شرخ من داخل صفوف البوليساريو ؛وذلك بتزايد وثيرة العودة إلى المغرب، وإضعاف الإيمان بتقرير المصير لدى صحراويي تيندوف.

و طبيعي أيضا أن لا تعير جبهة البوليساريو كثير الاهتمام لعمر القضية ولطوله؛ إذ إن قيادة الجبهة لا يضرها في شيء أن يزداد عمر هذه القضية أكثر فأكثر ،إذ إن غالبيتهم تتوفر على جنسيات أجنبية ويشغلون مناصب في الخارج ؛كسفراء أو مكلفين بمهام،ويتوفرون على حسابات بنكية خارج الجزائر .كما أن هذه القيادة ذاتها تستفيد كثيرا من حالة اللاحرب واللاسلم التي تعيشها المنطقة حاليا ،خصوصا وأنها تستفيد من إعانات كبيرة يلف الكثير من الغموض طريقة التصرف فيها،وكلها عوامل خلقت ما يمكن أن يسمى ب "أمراء تيندوف"،الذين يتمنون أن تطول قضية الصحراء بالقدر الذي يتمنون به أن تطول أعمارهم ؛فكل سنة زائدة من عمر القضية تعني زيادة مالية في حساباتهم البنكية.

أما الدولة الجارة التي لمح "روس" إلى كونها لا تبالي بعمر قضية الصحراء ؛فلن تكون سوى الجزائر؛فهاته الأخيرة لا تكثرت لعمر النزاع بقدر ما تولي أهمية لتحقيق أطماعها التوسعية في المنطقة ،تماشيا مع عقدة التوسع الموروثة من شعائرعقيدة الهيمنة العثمانية، إضافة إلى أن طول القضية واستمرار المفاوضات يمنحانها الفرصة لتحقيق العديد من التوازنات في المنطقة ،وكسب المزيد من الوقت لإرساء دعائم الهيمنة وبلورة آليات جديدة ومتطورة لقيادة منطقة المغرب العربي في العديد من المجالات(سياسيا ،دينيا،اقتصاديا،...)؛فكون صحراويي تيندوف يعدون أمميا لاجيئين فوق أراضيها يمنحها ورقة ضغط ويجعلها معنية بالنزاع أكثر من الدول الأخرى المجاورة ؛فالجزائر لكي تحقق أطماعها خصوصا ما تعلق منها بالبحث عن منفذ إلى المحيط الأطلسي، ستبدو دائما مرتاحة وغير متسرعة لإيجاد حل سريع ؛فالارتياح بالنسبة إليها أساسي لتحقيق مساعيها ونيل مبتاغاها ؛خصوصا وأن النزاع ليس على أي جزء من أراضيها.

هذا من جانب من لايهمهم أن يطول عمر ملف الصحراء ،أما الجانب الآخر والذي يهم المتضررين من طول عمر القضية؛ فسنتناول فيه أساسا حالة صحراويي تيندوف المسمون ب"سكان المخيمات" ،إضافة إلى دولة موريتانيا باعتبارها أكبر جارة متضررة من هكذا نزاع.

تبقى الظروف الصعبة لسكان المخيمات من أكبر مخلفات هذا النزاع الطويل ؛ف35 حولا من النزاع تعني لهؤلاء القابعبن في مخيمات تيندوف 35 حولا من المعاناة، ترسم معالمها الصعبة انعدام ظروف الحياة والتهجير والتزويج القسري وتكثير النسل واختلاط الأنساب ... وفق ما تمليهه شروط النزاع، إضافة إلى سن آليات للضغط على هؤلاء السكان مخافة التفكير في العودة إلى المغرب مع تراجع وضعف الايمان بشعارات الانفصال وتقرير المصير، خصوصا وأن مقولة "إن الوطن غفور رحيم" لم تستنفذ وظيفتها بعد.

بعد وقف إطلاق النار بالصحراء، لم يجد المقاتلون في صفوف البوليساريو ما يمكن أن يشغلهم أو يذر عليهم دخلا ،خصوصا وأن ظروق العيش صعبة بتيندوف ،وهو ما دفع بالكثيرين منهم لامتهان التهريب خصوصا داخل الأراضي الموريتانية ؛فموريتانيا اكتوت كثيرا بطول هذا النزاع ؛إذ أضحت مسرحا لعمليات التهريب التي يقودها عناصر من البوليساريو ،وكذا جملة من الأحداث الارهابية التي استهدفت العديد من السياح الأجانب فوق الأراضي الموريتانية ،وذلك بقيادة أفراد من البوليساريو،ولعل أبرز هذه الأحداث اختطاف المسمى "عمر الصحراوي" الحامل لشهادة ميلاد "الجمهورية الصحراوية" لسياح إسبان لفائدة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي- تم إعدام أحدهم- وبالتالي توتر العلاقات الموريتانية الاسبانية .كما تورط العديد من الموريتانين في النزاع بشكل مباشر لما أقدموا على تنظيم مؤتمر اكجيجمات الموازي لمؤتمر البوليساريو بقيادة "حمادة ولد الدرويش"؛ حيث عاد أزيد من 250 موريتانيا بدعوى أنهم من القبائل الصحراوية ،وهوما أساء للعلاقات الموريتانية المغربية ،وجعل البوليساريو تتوعد موريتانيا والموريتانيين بما لا تحمد عقباه في حالة ما تكررت مثل تلك الأحداث ،وبذلك تكون موريتانيا من أكبر المتضررين من هذا النزاع الطويل ،خصوصا على المستويين الأمني والسياسي.

أما بخصوص ليبيا وتونس ،فيمكن القول على أنهما تعيران الاهتمام لمسألة الزمن في هذه القضية ،خصوصا مع انعدام وحدة المغرب العربي وغياب التعاون الاقتصادي والسياسي بين الدول الخمس المغاربية ، وهو ما يجعلهما متضررتين من التشنجات التي تصاحب طول الملف ؛فالوحدة المغاربية رهينة أساسا بحل هذا الملف المعقد.

لن يستقيم الحديث عن عامل الزمن في قضية الصحراء دون أن نشير إلى إخواننا المسمون بصحراويي المغرب ،والذين استفادوا وما زالو يستفيدون من العمر الطويل للقضية ؛فمنهم أثرياء النزاع الذين اغتنوا كثيرا ويزدادون غنى كلما استمر النزاع ،حسب ما تقضي به سياسة تدبير الدولة لملف الصحراء ؛فقد كثر الانتهازيون المسترزقون من القضية وكثر المستفيدون من بطاقات الإنعاش والمتلاعبون فيها –حالة الكونونيل بديع بلوط –والمهربون ...؛فاستمرار النزاع يوفر للأعيان والنخبة الصحراوية والقبائل مناخا ملائما لمساومة الدولة لضمان مزيد من الامتيازات وضمان استمرار اقتصاد الريع بالصحراء.

في ظل ارتياح طرفي النزاع – المتفاوضون- في ملف الصحراء ،ولا مبالاتهم بعامل الزمن ،يبقى الحل بعيد المنال؛ لأن الارتياح واللامبالاة سوف ينتج عنهما مفاوضات تلو المفاوضات، دون أن تتمخض عنها أي نتائج تذكر ،وفي انتظار الحل الذي سيأتي وقد لا يأتي ؛سيبقى الخاسر الأكبر هم :القابعون في مستنقعات تيندوف.



#الطاهر_باكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أجل نقاش هادئ وصريح حول قضية الصحراء
- حرف -تيفيناغ- وجذوره التاريخية
- فصل المقال في مابين -ءايور الأمازيغي- و- أيور العرب- من انفص ...
- ضد الإنتهازية دفاعا عن الأمازيغية
- البوليزاريوا والإستيلاب الفكري للشباب
- مخيمات صحراوية أم معتقلات جزائرية؟
- النكتة السياسية بالمغرب
- صراعات الفصائل الطلابية المغربية، تعكس أن لكل أزمة سياسية صد ...
- الصورة الثقافية و الدعوة التسامحية، مدخل لدراسة الإرهاب


المزيد.....




- بسبب متلازمة -نادرة-.. تبرئة رجل من تهمة -القيادة تحت تأثير ...
- تعويض لاعبات جمباز أمريكيات ضحايا اعتداء جنسي بقيمة 139 مليو ...
- 11 مرة خلال سنة واحدة.. فرنسا تعتذر عن كثرة استخدامها لـ-الف ...
- لازاريني يتوجه إلى روسيا للاجتماع مع ممثلي مجموعة -بريكس-
- -كجنون البقر-.. مخاوف من انتشار -زومبي الغزلان- إلى البشر
- هل تسبب اللقاحات أمراض المناعة الذاتية؟
- عقار رخيص وشائع الاستخدام قد يحمل سر مكافحة الشيخوخة
- أردوغان: نتنياهو هو هتلر العصر الحديث
- أنطونوف: واشنطن لم تعد تخفي هدفها الحقيقي من وراء فرض القيود ...
- عبد اللهيان: العقوبات ضدنا خطوة متسرعة


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - الطاهر باكري - قضية الصحراء وإشكالية الزمن