أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عيبان محمد السامعي - الشباب والحالة الراهنة















المزيد.....

الشباب والحالة الراهنة


عيبان محمد السامعي

الحوار المتمدن-العدد: 3128 - 2010 / 9 / 18 - 02:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قبل الخوض في غمار الموضوع يجدر بي أن أسجل نقطة أزعم أنها مفصلية لما يمكن أن يترتب في الذهن حال الانتهاء من هذه القراءة مفادها : أنني لا أنكر تحيٌّزي لفئة الشباب , ليس لأني فرد من أفراد هذه الفئة فحسب , ولكن لما للمناقشات التي تناولت هذه القضية التي شابتها الكثير من التجنّي وإطلاق الأحكام الجاهزة وتحميل الشباب ما لا يحتملوه , وهذه المناقشات بقدر ما هي تنحو ذلك المنحى غير الموضوعي , بقدر ما تكشف حقيقة الذهنية المستحكِمة لدى مدبّجي هذه التناولات , كما لا أخفي عن استيائي الشديد جرّاء الاستفزاز المتكرر الذي نواجهه ــ نحن معشر الشباب ــ من قِبل المجتمع , و الذي غالباً ما يقوم بعملية تصنيفية عائمة لفئة الشباب , وحشر كل المنتمين إليها في خانة التفسٌّخ والانحلال وما إليها من تصنيفات وتوصيفات مجحفة . وإذا ما ابتدأنا مناقشة هذه القضية التي ستظل محل جدل بين من يريدون فرض الوصاية الكاملة على الفئة التجديدية والحيوية وبين المغلوبين على أمرهم , أستطيع القول بأن نشوء ظاهرة ما يسمى "صراع الأجيال" والمقصود بها هنا الصراع الدائر بين جيل الكبار وبين الجيل الشاب كان نتيجة للتغيٌّرات المهمة التي حصلت عقب المرحلة الكولونيالية وبالأخص فترة الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم , والتي في الحقيقة أفرزت واقعاً مختلفاً عما سبقه , إذ بدأت تتبلور في الوعي الشبابي ضرورة التعبير عن المكنونات المخبوءة وطرح قضاياهم وهمومهم , وهنا لا ننسى أن العامل الرئيس في إحداث هذا التحوّل هو ما كان عليه الوضع الذي يمر به العالم العربي آنذاك من استعمار متحكّم , وجهل مطبق , والشعور الباطني بضرورة إحداث تغيير , فرأينا كيف أن الحركات الشبابية والطلابية اجتاحت العالم العربي , وكانت الصوت المدوي في وجه الواقع البائس الذي عايشته , وكيف أنها كانت طلائع التحرر والانعتاق من ربقة الاستعمار الغاشم , وللتدليل فقط فإن أغلب الثورات العربية أنجزت على أيدي الشباب , وضع بالطبع يُحسب للشباب وأتمنى شخصياً أن يتكرر مثل ذاك الزمن الجميل .
وبالعودة لمسألة "صراع الأجيال" , وهنا قد يحتج أحدٌ ما بالقول : ولماذا نفترض ــ بشكل مسبق ــ بأن الأمر هو صراع , ولماذا هذه النظرة الصدامية , ألا يمكن أن نقول بأن الأمر لا يعدو سوء تفاهم في وجهات النظر, وهذا احتجاج وجيه , لكنه يتجاهل تلك المعطيات التي استجدت على الواقع هذا من جهة , ومن جهة أخرى فإنه عند تناول القضايا ذات الطابع الاجتماعي لابد من التوصيف الدقيق والجريء في ذات الوقت لهذه القضايا بعيداً عن الكلام الدبلوماسي والعبارات المنمقة كخطوة أساسية ومحورية للمعالجة .
إن ظاهرة "صراع الأجيال" يعود سببها الرئيس أن جيل الكبار , وهذا الجيل يتسم بفقده لعناصر الحيوية والتجديد , يقيّم سلوكيات وتصرفات الشباب بمعايير تقليدية اعتاد عليها أثناء شبابه الذي ولى , ولا يعير الاهتمام للتغيرات التي طرأت , وهو هنا يرتكب خطأً فادحاً , ويزيد إمعاناً في هذا الخطأ حينما يصوّر الشباب بالفئة الضالة , المضِلّة , المنحرفة , النزقة وغيرها من الأوصاف التي صارت مُستهلَكة ومتقادمة . لابد للكبار وكخطوة إجرائية أولية أن يتواضعوا قليلاً وأن يصغوا لما يطرحه الشباب , ذلك أن الشباب بطبيعته المتحفزة يمتلك روحاً ناقدة , وينظر للأفكار والأطروحات التي يقدمها الكبار ــ وهنا يعتبرها جيل الكبار بأنها مسلّمات ــ ينظر إليها بأنها اجتهادات وآراء قد تصيب وقد تخيب , يقبل بعضها ويرد بعضها الآخر وهذا حق طبيعي ومشروع في إطار التفاعل الإيجابي بين أفراد المجتمع , على أن هناك أسباباً أكثر تفصيلية منها : تصادم الخيارات والطموحات بين الشباب وبين ما يؤمله آباؤهم منهم , فالظاهر أن الآباء حينما يوجّهون نصائح وإرشادات لأبنائهم الشباب , فإنهم يوجّهونها بالكيفية التي كانوا يوجهونها إليهم وهم صغاراً , وهذا يولّد لدى الشاب إحساساً بالدونية , علاوة على ما يؤدي هذا الأسلوب العتيق من تعطيل طاقات الشباب وحرمانهم من الخبرة التي يمكنهم أن يكتسبوها جرّاء المفاعلة المباشرة مع المجتمع , هذه الخبرة لا يمكن الاستهانة من قدرها إذ تسهم بشكل كبير في تكوين شخصية الشاب.
" إن الآباء يرون في أبنائهم فرصة لتحقيق مشروعاتهم , وطموحاتهم التي فشلوا في تحقيقها , بل يعتبرون ما يمكن أن ينجزوه أبناؤهم مقياساً لنجاحهم أو فشلهم في الحياة , وغير بعيد فإن الأسرة في عالمنا العربي تطالب الشاب بأن يهتم فقط بتحصيله العلمي والمادي وبأن عليه أن ينجب أولاداً دون أن تعير اهتماماً لتطلعات الشاب ورغبته في تحقيق الهوية الذاتية ".

وكم سيكون من المجدي في خضم هذه التناولة التعرض لمسألة أخرى ذات صلة بالسؤال الشبابي ألا وهي علاقة الشباب بالشأن العام , إذ تذهب الدراسات الاجتماعية في توصيف هذه العلاقة إلى "السلبية" , وهو ـ في تقديري ـ توصيف غير دقيق , فالتوصيف الحقيقي لهذا الأمر يجب أن يتجه إلى "اللامبالاة". فالسلبية ـ عند د. حسن حنفي ـ قد تكون إرادة أو موقفاً واعياً رافضاً لكل ما يدور في الواقع من أفعال ارتجالية , وقد تكون احتجاجاً هادئاً عن طريق رفض المشاركة في سلوك زائف . في حين أن اللامبالاة نفي لجوهر الإنسان وإلغاءً لوجوده لأن الشرط الوجودي للإنسان لا يكون إلا بما يحمله من رسالة غايتها النهائية خدمة المجتمع .
ولعل "أيديولوجية العصر" المسماة بالليبرالية قد ساهمت بشكل فاعل في تعميم هذا النمط من التعامل لدى كافة شرائح المجتمع , ورب قائل يعترض على هذا الاستنتاج بالقول : إن الليبرالية هي من يعود إليها الفضل في رسم قواعد وآليات ممكنة وواقعية أخذت على عاتقها توسيع الشراكة المجتمعية عبر الدعوة إلى الحرية بأشكالها المتعددة , ولعل هذا الاعتراض لا يخرج عن الإطار العام الذي يحكم الذهنية الجمعية وهو إطار يعاني من التعمية بشقيها الفكرية والسياسية , والتي تنظر إلى الأمور بنظرة قشورية سطحية تستشكل معها القدرة على الدخول في العمق . فغاية الليبرالية باعتراف " فوكوياما " الذي يعد من أكبر منظريها هي إشاعة روح الاستلاب وتحطيم إمكانات الفعل الذاتي لدى أي شعب ومن ثم إنتاج مجتمع راضخ متخبط لا يلوي على شيء ولا يستطيع فعل أي شيء كل ذلك في سبيل تعبيد الطريق أمام تعويم النموذج الامبريالي وتصويره وكأنه الخلطة السحرية التي ستحل كل معضلاتنا القائمة وهو ما توجه فوكوياما بكتابه الذائع الصيت "نهاية التاريخ" .
وفيما يتصل بالمشاركة السياسية للشباب , فالظاهر أن غالبية الشباب ينفرون من السياسة و يسخرون من الالتزام السياسي و هي حالة عامة يعيشها المجتمع بكل طبقاته ولهذه الظاهرة أسبابها الموضوعية , فالشيخوخة التي تعاني منها الأحزاب العربية حيث تجد أن من يمسكون بالقرار الحزبي هم في الغالب الأعم قيادات عتيقة تجاوزها الزمن , كما أن الأبوية السياسية صفة مشتركة بين مختلف الأحزاب بشتى توجهاتها ومشاربها حيث تتعامل هذه الأحزاب مع الشباب المنتمين إليها كأرقام فقط وكأداة تنفيذية لا غير إذ أن مهامهم الأساسية تنحصر في القيام بوظائف محددة سلفاً دون إشراكهم في صناعة القرار الحزبي . كما أن النظرة الخاطئة لمفهوم السياسة والتي تعتبر السياسة في أحسن الأحوال عمل لا جدوى منه وهي نظرة نابعة عن ثقافة تقليدية يعززها واقع التردي الذي يضرب بأطنابه مجتمعات العالم الثالث, بخلاف المجتمعات المتحضرة التي تعتبر النشاط السياسي بما هو إدارة للشأن العام من أرقى المجالات حيث يحظى المشتغلون فيه بتقدير واحترام كبيرين . كل هذه الأسباب وغيرها أدت بالشباب إلى العزوف عن العمل السياسي لصالح الاهتمام بقضايا ثانوية تحتل درجات دنيا في سلم الأولويات المفترضة.
ختاماً ورغم الواقع المتلبد فإن الأمل ما زال قائماً في شباب طليعي يضطلع بدوره التاريخي في أن يعيد للفعل الجمعي ثقته بنفسه ويثبت حقيقة الاقتدار الذاتي وإمكانية الانطلاق. إنني في هذا المقام أدعو إلى شباب عضوي تتصل مفاعيله وتفاعلاته بالمجتمع وبالبسطاء من الناس وعلى ذلكم الشباب أن يسترشدوا صيغة جديدة ليؤسسوا من خلالها لحالة اجتماعية سياسية تكسر حالة البيات الشتوي هذه .



#عيبان_محمد_السامعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عيبان محمد السامعي - الشباب والحالة الراهنة