أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيلي امين علي - المشروع الامريكي لا يخدم بناء دولة عراقية دستورية















المزيد.....

المشروع الامريكي لا يخدم بناء دولة عراقية دستورية


تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 3126 - 2010 / 9 / 16 - 16:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لست من الذين يشككون بكل خطوة امريكية في العراق ، لكن المؤكد ان امريكا دولة عظمى او هي اعظم دولة ، وان مصالحها متشابكة على امتداد خطوط العرض والطول وما فوقها وما تحتها ، وان هذه المصالح تحتم عليها وضع تاكتيكات واستراتيجيات لا يفهم امر الكثير منها امهر خبراء السياسة والاقتصاد ، وقد تمر اعوام وعقود قبل ان تحل بعض رموز السياسة الامريكية والتي كانت تبدو عقدا او الغاز ، ومن المؤكد ايضا ان الفرق المتعددة التي ترسم خرائط سياسة امريكا على المدى البعيد والابعد لا تضع في اعتباراتها القيم العاطفية والاخلاقية التي تسود مجتمعاتنا الشرقية بوجه عام ، بل تولي مسألة الابقاء على قوة الدولة الامريكية وتقويتها بقوات اضافية الاولوية على اية مسألة اخرى .
موضوعنا لا يتطلب التطرق الى تحليل السياسة الامريكية في العراق ، انما لا بد لنا كعراقيين ان نراجع هذه السياسة وتاثيراتها على بلدنا خلال الاعوام التي تلت الاحتلال وحتى الاعلان الرسمي عن انسحاب القوات الامريكية من العراق .
بالنسبة لنا نحن ابناء العراق ، افهمتنا امريكا ، ان النظام السابق يمتلك اسلحة الدمار الشامل ، وانه نظام غير موثوق به ومتهور ولذا فانه يشكل تهديدا على الامن والسلم العالميين مما يوجب التدخل الدولي حسب منطوق ميثاق الامم المتحدة ، وافهمتنا ايضا ان رحيل هذا النظام يعقبه صياغة شرق اوسط جديد ، على الاقل ، بناء عراق جديد بنظام ديمقراطي متحرر ومنسجم مع المجتمع الدولي ومتفاعل معه واعادة علاقاته الاقليمية على اساس المصالح المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية . وصفق الكثير منا لامريكا ، ليس بسبب قناعتنا بالشطر الاول من الاسباب التي تدعو الى رحيل النظام السابق بسبب تهديده الامن والسلم العالمي ، انما لان النظام كان دكتاتوريا ومعاديا للشعب العراقي وبوليسيا قمعيا ، ولم تكن القوى السياسية العراقية قادرة على التصدي له بمفردها .
الشطر الثاني اعجبنا كثيرا ، كانت الديمقراطية هدفا للشعب العراقي ، التقى على ما ظهر مع الهدف الامريكي المعلن في بناء عراق حر وديمقراطي يراعي المساواة بين المواطنين ويحترم حرياتهم وحقوقهم ، ويعود العراق الى موقعه الاقليمي والدولي ولا يبقى الشعب العراقي يدفع ثمن جرائم واخطاء نظام فرض نفسه عنوة عليه ، في الحقيقة نظر البعض منا الى امريكا كمحرراو كطير ابابيل ظهر في اللحظة المناسبة لنصرتنا وانقاذنا واعادة حريتنا المسلوبة وكرامتنا المفقودة وانسانيتنا الضائعة في ظل نظام افترق عن الشعب وجعله اسيرا وسجينا وفاقدا للثقة بالنفس .
فما الذي حصل على ارض الواقع ؟
اندفعت القوات الامريكية وحلفاءها داخل العراق بسرعة البرق ، وسقطت بغداد وتم ازاحة النظام بيسر ، وبسقوط النظام اشعرتنا امريكا بسعادة حقيقية لانها حررتنا من كابوس رهيب ، وقلنا انها الخطوة الاولى .
لم يكن هدفنا يقتصر على القضاء على نظام صدام والبعث وحسب ،توقعنا ان تبدء الخطوات اللاحقة ، ان تساعدنا امريكا في استعادة حرياتنا واقامة دولة ترتكز على مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق المواطن والانسان ، وبناء وتطوير المشاريع الخدمية والمحافظة على ثرواتنا ووضعها في خدمة الشعب والترفيه عنه تعويضا عن الاعوام العجاف التي مرت عليه . لكن يوما بعد يوم ظهر ان اهدافنا لا تطابق المشاريع الامريكية ، وبدا ان الولايات المتحدة قد حققت هدفها باسقاط النظام ، او انها تحقق اهدافها الاخرى بهدوء ودون ان نعلم عنها شيئا ، وان احلامنا بالمساعدة الامريكية في احقاق الديمقراطية ، هي حقا احلام .
في السنة الاولى من حكم ( بريمر ) انتشرت انباء الفساد بمبالغ تصل الى مليارات الدولارات ، ثم اصبح الفساد في العراق ظاهرة شاملة وعامة ، وانخرط مسؤولون امريكيون مثل ( جي غارنر و خليل زاد ) في وضع شركات استثمار النفط ، وانتشر في البلاد ميليشيات الاحزاب الدينية والمذهبية وهي تصول وتجول للقضاء على اية معلم للديمقراطية وتحرم الكل من ابسط حقوقه وحرياته وفرض الوصاية عليه تطبيقا لقاعدة ( الامر بالخير والنهي عن المعروف ) ، واصبحت المراة قابعة في المنزل تخشى الخروج ، وتم الشروع في حملات لقتل وتشريد الاقليات الدينية كما اندلعت حرب مذهبية غير معلنة . من جانب اخر عقدت الاطراف السياسية العراقية العزم على ان تنال كل منها حصتها من الكعكة وان تكون الحصة كبيرة قدر ما امكن . وازداد التدخل في الشأن العراقي الداخلي وبحثت كل دولة اقليمية عن نفوذ واسع لها في العراق ربما حتى وصاية مفروضة ، واذا استثنينا تركيا التي منعت القوات الامريكية من المرور باراضيها لاحتلال العراق ، فان كل الدول الاقليمية لم تمانع جديا قوى الارهاب للوصول الى العراق لقتل العراقيين وتدمير وطنهم ، وظل الشعب العراقي يدفع تعويضات غير مبررة الى الكويت بل ظل العراق حتى اليوم يهدد السلم العالمي في مفهوم مجلس الامن الدولي ! ومحكوما بالبند السابع .
في نظرنا نحن شعب العراق ، لم تحقق امريكا اي من اهدافنا الاخرى في العراق ، اهداف روج لها الامريكان عند وبداية الاحتلال ، لم تؤسس لحكومة ديمقراطية ، لم توفر الحريات الشخصية والعامة ، لم تنشأ قاعدة لاحترام حقوق الانسان ، لم تبعد التهديد على الصحافة الحرة ، لم تعمل على محاربة الفساد ، لم يستفيد البلد من كفاءاته ، لم تحقق قفزة او تطورا في الحقل الاقتصادي ، لم توفر الخدمات الضرورية ، لم تنشأ قاعدة صناعية او زراعية ، لم تحقق مشروعا انتاجيا استراتيجيا ، لم تقض على الارهاب ، لم تحل اية مسألة عالقة بين حكومة اقليم كردستان والحكومة المركزية ، لم توقف الاطماع في الاراضي العراقية ،لم تحل مشاكل الحدود بين العراق وجيرانه والى اخره . ما عملته امريكا حقا هو تبديل نظام علماني دكتاتوري قمعي بنظام تشكل الاحزاب الدينية المتزمتة والمتطرفة احيانا اغلبية مقاعد مجلس النواب ، نظام تعمل الاحزاب الدينية ومن الداخل عل تآكل حكومته وانحلالها ، ليس لانها غير مؤهلة انما لانها لا تقبل وصاية بعض المعممين المتغطرسين ، وهنا لا اطعن في السادة ، علماء الدين ، الذين لا يروق لهم استغلال الدين لمكاسب سياسية ، انما اقصد دعاة السياسة الذين يختفون وراء العمائم .
اليوم ، تريد امريكا وهي تستعد للمغادرة ، او هروبا من المشاكل التي خلقتها للشعب العراقي ، ان تقضي على معلم اخر من معالم الديمقراطية وهي احترام نصوص الدستور الذي وافق عليه الشعب . لست معنيا في هذا المقال ،ان كان الدستور يلائم اوضاع ومصالح الشعب العراقي ام لا ، هذه مسالة اخرى ، ولكن الدستور العراقي قائم حتى اللحظة ويجب ان يطبق ويحترم وان يجري مراعاته ، ان الاخلال به يؤسس لقواعد عرفية بامكانية التملص منه وخرقه متى شاءت القوى السياسية ودون مراعاة رأي الشعب او الراي العام .
يتضمن المشروع الامريكي الاخير لتشكيل الحكومة الجديدة فيما يتضمن ، توزيع السلطات وانشاء هيئات غير دستورية ومنحها صلاحيات لم يوافق عليها الشعب ، وبالتالي تأسيس مراكز قوى متناقضة تحول دون حسم المسائل المصيرية او اتخاذ قرارات حاسمة فيما يخص مستقبل العراق ، سيما وان امريكا تود توزيع الصلاحيات طائفيا وعرقيا ومذهبيا . وتود ايضا ان لا يكون هناك مرجع حقيقي للاحتكام اليه عند الاختلافات ، وربما تود ان تبقى سفارتها مرجعا للساسة العراقيين بدل نصوص الدستور ، سيما وان بعض الساسة لا زالوا يعتقدون ان بامكان امريكا ان تفعل ما تريد ومن غير ثمن .
اعود واقول ان خرق الدستور سابقة خطيرة وامر خطير، يفقد معها الدستور احترامه ، وهو طعن في ارادة الشعب الذي صوت عليه وعده ميثاقا بينه وبين السلطات الحاكمة.
لقد رسم الدستور طريق انشاء الحكومة واختيار رئيس الجمهورية ولا حل الا بالعودة الى نصوص الدستور لاجتياز الازمة الحالية ، والدستور يقضي بان يلتئم مجلس النواب وان يجري انتخاب رئاسته في الجلسة الاولى ، وعلى مجلس النواب اختيار رئيس الجمهورية خلال شهر ، ورئيس الجمهورية يكلف رئيس الكتلة الاكبر بتشكيل الحكومة ، وهذه اجراءات سلسة ودستورية .
اما ان يبقى البرلمان مشلولا وان يكون رهين املاءات القوى السياسية ، فان الحالة تتعقد ولا خروج منها الا بانتخابات جديدة يسحب فيها الشعب ثقته عن القوى السياسية التي تتلاعب بمصيره ولا تقيم وزنا لارادته . ونحب لامريكا ان تعلمنا احترام الدستور لا خرقه ، كما هو الاصول في الدول الديمقراطية ، اللهم ربما لا تحب امريكا ان نتعلم اصول الديمقراطية .




#تيلي_امين_علي (هاشتاغ)       Tely_Ameen_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حركة الشيخ عبيدالله النهري في الوثائق البريطانية - الحلقة ال ...
- حركة الشيخ عبيدالله النهري في الوثائق البريطانية - الحلقة ال ...
- حركة الشيخ عبيدالله النهري في الوثائق البريطانية - الحلقة ال ...
- حركة الشيخ عبيدالله النهري في الوثائق البريطانية- الحلقة الس ...
- حركة الشيخ عبيدالله النهري في الوثائق الربريطانية- الحلقة ال ...
- حركة الشيخ عبيدالله النهري في الوثائق البريطانية- الحلقة الخ ...
- ما علاقة مام جلال بقانعي فرد
- حركة الشيخ عبيدالله النهري في الوثائق البريطانية - الحلقة ال ...
- حركة الشيخ عبيدالله النهري في الوثلئق البريطانية - الحلقة ال ...
- حركة الشيخ عبيد الله النهري في الوثاءق البريطانية _ الحلقة ا ...
- حركة الشيخ عبيد الله النهري في الوثائق البريطانية
- مع اي من خصومه يتحالف الكردستاني
- عندما تتجاهلون الدستور تضيع الحكومة
- لماذا لاتختارون كمال مظهر رئيسا للجمهورية
- رئاسة الطالباني ليست الهم كله
- التعامل مع اسرائيل يلحق الضرر بالكرد عموما
- اسرائيل دولة فوق القانون حقا
- حافظ القاضي يلتحق بركب الخالدين
- الوطن جريح دعه يتعافى يا رجل
- عسى ان تأتي مفوضية حقوق الانسان مستقلة


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيلي امين علي - المشروع الامريكي لا يخدم بناء دولة عراقية دستورية