أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - دلالات فشل المفاوضات الجارية















المزيد.....

دلالات فشل المفاوضات الجارية


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 3126 - 2010 / 9 / 16 - 16:45
المحور: القضية الفلسطينية
    


تمضي المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وحكومة نتنياهو اليمينية في سرية تامة؛ وقد تعجل البعض باتهام السلطة وقيادتها بالتورط في التفريط . البعض منهم يتمنى أن يخون المفاوض كي يثبت مبرر الخصومة؛ وبعض آخر لا يدرك وجود درجات بين المغامرة والخيانة. حقا وضع المفاوض الفلسطيني نفسه والقضية في مهب أعاصير جارفة؛ ولكن ما زال المفاوض الفلسطيني يعلن تمسكه بالثوابت ويرفض علانية مطالب نتنياهو بمواصلة الاستيطان ويهودية الدولة. غير أن التصريحات الصادرة عن "الوسيط" الأميركي تستخدم مفردات توجه بقصد إحداث تحولات في وجدان الطرف المقابل وقولبة الإدراك في مفاهيم كي تغدو بدهية . اللغة ليست محايدة بالطبع، وبالاستبطان تغدو مفاهيمها بدهيات. وفي هذا الصدد تلعب كلمات وزيرة الخارجية والمبعوث الأمريكي دورا تفاوضيا؛ وإلا فما القصد من تكرار العداء المتبادل دون ذكر الاحتلال وجرائمه كسبب مباشر وأساسي؟! كما أن قول الموفد الأميركي الخاص جورج ميتشل بأن حل الدولتين يعني إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية ينطوي على مغالطة أساسية. إذ كيف يمكن في مقاييس الديمقراطية الأميركية اعتبار دولة تقوم على الدين، والانتماء القومي وتميز بين مواطنيها على هذا الأساس دولة ديمقراطية؟
ثم هناك سياسة الغموض التي ينتهجها نتنياهو من موضوع التسوية السياسية مع الفلسطينيين منذ وصوله الى السلطة، ومنذ خطابه الشهير في جامعة بار إيلان حين اعترف بحل الدولتين مع ترسيخ القناعة لدى الجمهور الإسرائيلي، بأن ذلك لا يتعارض مع بقاء المستوطنات بالضفة. وكيف ينسجم مفهوم يهودية الدولة ومواصلة الاستيطان بين التجمعات الفلسطينية إلا بشرط التهجير والترانسفير؟

ومن جانب آخر يعزف وزير خارجية إسرائيل ، صاحب النزعة العنصرية والاقتلاعية ، مزاميره : يحذر من التفاؤل بنتيجة المفاوضات ، وفق استعراضات تركز الضغوط على المفاوض الإسرائيلي كي لا يقدم أي تنازلات عن نهج اليمين الإسرائيلي، ويجزم باستحالة تحقيق السلام خلال عقد او عقدين ! وما زال الحد الأقصى لعروض اليمين الإسرائيلي لا تستجيب للحد الأدني من الحقوق الوطنية والإنسانية للشعب الفلسطيني. وما يتحقق من اختراق في المفاوضات طبقا لتوازن القوى الراهن لن يتم إلا على حساب ثوابت الموقف الفلسطيني. اما التطمينات المقدمة من جانب الأميركيين بصدد حدوث اختراقات بالمفاوضات قد توظف في المستقبل لإحداث صدمة خيبة أمل تدفع الجمهور الإسرائيلي نحو المزيد من التطرف العنصري. ولإسرائيل في هذا السياق سابقة .

فقد انتهت محادثات كامب ديفيد بحملة شرسة ضد الطرف الفلسطيني برئاسة ياسر عرفات وانطلقت على أشدها الدعاية الصهيونية المستعدية على الفلسطينيين ؛ ويخشى أن تتكرر نفس الدعاية المشروخة : لا يرغب الفلسطينيون في السلام ، ولا وجود لطرف مفاوض فلسطيني ؛ وكأن التفاوض يعني رفع الراية البيضاء. زعم إيهود باراك أنه قدم تنازلات سخية ، قدّرها بنفسه وبالنسبة لأطماع إسرائيل التوسعية . كان باراك قد اعد سلفا طاقم الدعاية ؛ كما وضع الجيش على أهبة الاستعداد لممارسة العنف المفرط ، على احتمال فشل المفاوضات. بينما لم تعدّ السلطة للفشل رغم أنها أجبرت على الدخول فيها. وانطلقت الدعاية المضادة مع الماكنة العسكرية تعملان حال الانتهاء من المؤتمر . كتب عاموس عوز ، الكاتب الذي يدعي اليسارية ، في صحيفة نيويورك تايمز يقول : "اجلس في صالة بيتي وأشاهد على التلفزيون ياسر عرفات يستقبل في غزة استقبال الأبطال لأنه رفض السلام مع إسرائيل". وقام شمعون بيريز بجولة في دول جنوب شرقي آسيا وعلى لسانه تتردد مقولة " رفض الفلسطينيون السلام مع إسرائيل". وأدان اوري أفنيري ، رجل السلام الإسرائيلي، تلك الدعايات ؛ إذ كتب عن المناسبة محملا إيهود باراك المسئولية الفادحة لترويج الدعاية بأن الفلسطينيين لا يرغبون في السلام ولا وجود لمفاوض فلسطيني . فقد انزاح الجمهور الإسرائيلي نحو المزيد من التعصب وتفككت جماعة السلام ( غوش شالوم) داخل إسرائيل.

كان ذلك وغيره الكثير شارة البدء لحملة مسلحة دموية استهلها باراك وواصلها شارون ضد الانتفاضة الثانية التي بدأت إرهاصاتها بعد اتضاح عقم مفاوضات دامت سبع سنوات عجاف، تضاعف خلالها عدد مراكز الاستيطان وأعداد المستوطنين بالضفة الغربية. من خلال " العنف غير المبرر " و "الإفراط في العنف " ، حسب توصيفات ردود الفعل الدولية ومن جانب الأمم المتحدة في ذلك الحين ، استطاع باراك ومن بعده شارون استدراج النشاط الاحتجاجي الفلسطيني إلى المواجهة المسلحة ، ومن ثم إغراق مناطق السلطة الفلسطينية والحركة الوطنية بالدم والنار ( الأمر الذي لم يتهيأ أثناء الانتفاضة الأولى).
هل سيتكرر السيناريو ، ولو بخطوطه الأساس ؟ حقا فالمقدمات تعزز الاحتمال.
بقبول الطرف الفلسطيني دخول المفاوضات مجردا من قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية هيأ الشرط الأساس لكي يدعي نتنياهو من جديد تقديم تنازلات سخية وحتى مؤلمة، والجانب الفلسطيني لا يرغب في السلام !! نتنياهو رجل دعاية وملم جيدا بأساليب دعاية الميديا الأميركية ، حيث تتخذ القرارات المصيرية بحق الدول والشعوب ، وحيث يوجد مركز " المجتمع الدولي"، الذي يحتكر تقرير مصائر الدول والشعوب. وفي الولايات المتحدة طفق نتنياهو يكرر على مسامع الميديا الأميركية والدولية المعولمة أنه سيتوصل إلى السلام لو تفاوض مع باراك اوباما . "لقد قلت بأن اتفاقا خلال سنة ممكن إذا كانت إرادة سياسية واستعداد من قبل الطرف الآخر". من يقرأ هذه الأقوال يتوهم أن اليمين الإسرائيلي متحرق إلى السلام . وقد تنطلي على الكثيرين أن صياغة الفكرة على هذا النحو وسيلة مخادعة تهيئ من الآن تحميل الطرف الفلسطيني مسؤولية فشل المفاوضات الذي يخطط له نتنياهو واليمين الإسرائيلي المدعوم باليمين الأميركي. تقول دعاية الميديا المعولمة أن الطرف الفلسطيني يعقّد عملية السلام وليس الاحتلال والاستيطان المتواصلين والحصار المفروض على غزة وسرقة المياه والدعوة لفناء الشعب الفلسطيني. إن مفاوضات تقوم على قاعدة تكافؤ المنافع لابد وأن تنطلق من اعتبارات ضمان الأمن للطرفين المتفاوضين؛ غير أن نتنياهو استهل المفاوضات بطرح قضية الأمن الإسرائيلي المقطوع كلية عن أمن الشعب الفلسطيني وحقوقه الإنسانية بموجب القانون الدولي الإنساني، بل وعلى حسابها. يركز نتنياهو على أمن إسرائيل مالكة الترسانة النووية والجيش الرابع من حيث القدرة العسكرية ، والممتلك لأحدث منجزات التكنولوجيا والمدعوم مباشرة من قبل التجمع الصناعي العسكري في الولايات المتحدة !! إسرائيل ذات القدرات والامكانات تزعم الحاجة إلى الأمن ؛ ويحرم من الأمن الشعب الفلسطيني الذي تعرض للمجازر الجماعية والمهدد بالتصفية المادية والثقافية. ركز نتنياهو على أهمية الترتيبات الأمنية لإسرائيل في كل اتفاق مستقبلي ومستثمرا على الطريقة الاستغلالية للرأسمال عمليات مسلحة قامت بهدف الإشعار بوجود طرف فلسطيني آخر ينبغي إشراكه بالمفاوضات. كما واصل الحديث عن أن وقف الاستيطان يعتبر "قضية ثانوية، يؤدي الى تأخير الاتفاق الكامل".

هذا الإرباك المخطط له يعتبر إحدى النتائج التي أسفر عنها التخلي عن الشرعية الدولية ، خاصة اتفاقية جنيف بشأن المناطق تحت الاحتلال، و قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين وقرار المحكمة الدولية بشأن الجدار العنصري ، والذي أغفل تماما من قبل السلطة الفلسطينية. ليس ممكنا التوصل إلى سلام ثابت بدون الاستناد إلى قرارات الشرعية الدولية ، وهذا ما يجب أن تدركه شعوب العالم وقواها الحية التي تنهض لإحكام المقاطعة حول إسرائيل بسبب الحصار على غزة وبسبب تهويد القدس والتوسع الاستيطاني واقتراف جرائم الحرب والاعتداء على سفن في عرض البحار. لدى الطرف الفلسطيني ما يوظفه لتوليد مزيد من الضغوط على إسرائيل ومن يساندها في نهجها العدواني . ولا شك أن نتنياهو أخذ المواقف المنتقدة لنهجه بنظر الاعتبار حين أصر على الدخول في مفاوضات مباشرة مع الجانب الفلسطيني.
وهذا ما قصرت السلطة الفلسطينية عن توظيفه حاليا وفي وقت مضى.
وثمة سابقة أخرى في المفاوضات العقيمة السابقة يخشى أن تتكرر في نهاية المفاوضات الجارية. فقد دأبت الحكومات الإسرائيلية على مصادرة الأراضي والتوسع الاستيطاني تحت صمت مطبق من جانب السلطة الفلسطينية . وفي الوقت الراهن يتذرع نتنياهو وأركان نظامه بذلك الصمت كي يواصلوا من جديد نهب الأرض وتوسيع المستوطنات. لم يخف كل من نتنياهو وشارون وباراك معارضتهم لاتفاق اوسلو. مرارا صرح إيهود باراك أنه يرى في إقامة كيان غير إسرائيل غربي نهر الأردن بداية النهاية لدولة إسرائيل ؛ ومرارا كرر شارون نوايا إلغاء اتفاقية أوسلو. وشن نتنياهو هجمات ضارية ضد رابين ، لمجرد اعترافه بكيان فلسطيني ، وحرض على تصفيته؛ ولما اغتيل رابين وجهت أصابع الاتهام إلى نتنياهو ، وسارع حليفاه شارون وباراك لانتشاله من الوهدة التي سقط بها ، وطويت صفحة اغتيال رابين؛ وواصل كل من شارون و نتنياهو التهديد باجتياح مناطق السلطة الفلسطينية . كان من واجب السلطة آنذاك أن تتنبه إلى مغزى الاغتيال وتستخلص عدم تهيؤ إسرائيل للسلام والإقرار بوجود الشعب الفلسطيني وبحقه في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة . وبدل أن تشهّر السلطة الفلسطينية بنهج الزحف الاستيطاني وبإصرار النخب المتنفذة في إسرائيل على وأد فكرة الكيان الفلسطيني، فقد صمتت وكأن شيئا لا يدبر جهرا، إلى أن بادر الجانب الإسرائيلي بتلفيق تهمة الإرهاب للسلطة وقائدها ياسر عرفات وليتخذ بعد ذلك إجراءاته القمعية والتصفوية في ظروف سياسة وثقافة الحرب على الإرهاب التي قادها اليمين المحافظ في إدارة بوش . والآن تواصل السلطة الفلسطينية الصمت بدواعي التفاوض ولا تخرس ألسنة حكام إسرائيل. فهل تتكرر المحنة وتستثمر إسرائيل حادثة ما ؟



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نحول الأفكار إلى قوة تغيير
- الأمن الوطني مفهوم مركب من عناصر اقتصادية وسياسية وثقافية
- اليسار الفلسطيني وصراع الديكة
- دانيال بايبس بروفيسور مزور وعنصي
- الفهلوة السنية في تشويه الإسلام والماركسية
- إصرار على بديل تآكل الحقوق الفلسطينية
- الزهد داخل صومعة العقلانية الإنسانية
- معالم الفكر الثوري وتبعاته
- أوباما ينحني للريح والريح يمينية
- العلة المستنزفة للطاقات الكفاحية الفلسطينية
- لمن تقرع أجراس الليبراليين الجدد؟
- الدين بين ليبرالية الدكتور حجي والليبراليين الجد
- قرصنة بحرية وبرية
- رغبات مهشمة
- صمت التواطؤ
- هذا التوحش الرأسمالي
- جموح نتنياهو .. الغايات ووسائل كبح الجماح
- الترهيب بالإسلام: المنابع وإمكانيات تجفيفها
- قضية المرأة إحدى قضايا الديمقراطية في مسيرة التقدم الاجتماعي
- نتنياهو يريدها صراعا دينيا مسلحا فالحذر الحذر


المزيد.....




- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - دلالات فشل المفاوضات الجارية