أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بيان صالح - معاناة صامتة، معاناة غير مرئية! 1















المزيد.....

معاناة صامتة، معاناة غير مرئية! 1


بيان صالح
(Bayan Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 6568 - 2020 / 5 / 19 - 21:48
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


حالة رقم 1

جاءني هاتف من المكتب * يبلغني بأن امرأة تنتظرني للتحدث معي، أنهيت عملي في الخارج وعدت إلى المكتب على عجل. عندما دخلته شاهدت شابة شاحبة الوجه هزيلة الجسد تحاول أن تخفي نفسها كأنها ترغب أن لا يراها احد، محاولة منها إخفاء هيئتها الرزية.
كان فيها الم عميق، وحزن في العينين واضح، تجاهد أن لا تسكب دمعها.
سألتها كيف وجدت طريقها إلي؟، فأجابت بان طبيبة العائلة هي التي أرشدتها إليّ.
ما إن أنهت إجابتها حتى انسكب دمعها غزيرا بحيث لم تكفي المناديل التي معها لتجفيفها.
سألتها ماذا أستطيع مساعدتها؟ وما هي قصتها؟
فبدأت تقص علي حكايتها منذ البداية.
كانت شابة من إحدى دول شرق أسيا، تعرفت قبل اثنتا عشرة سنة على رجل دانمركي يكبرها بخمس عشرة سنة، اتفقا على الزواج رغم معارضة أسرتها. كانت ترغب في الهروب من بلدها الى دولة أوربية، بحثا عن حياة أفضل، تركت أسرتها وانقطعت علاقتها بهم. لكن حلمها بالحياة الأفضل سرعان ما تبخر، وسرعان ما اكتشفت الفرق بين الواقع الجديد وبين تصوراتها المسبقة.
في البلد الأوربي الجديد بدأت مشوار حياتها الصعب، المعاناة من الغربة والوحدة حد العزلة داخل جدران منزل جميل، مؤثث بكل الأجهزة، لكنه تحول إلى سجنها الدائم. كان بيتا ينقصه الحب والعطف والحنان والدفء الروحي.
لم تتصور أن يعاملها رجل غربي هذه المعاملة القاسية والرجعية وان يحشرها بين أربعة جدران. كانت قد بنت تصورها المسبق عن الرجل الغربي بأنه متحضر يحترم المرأة كإنسانة مساوية له، ويحترم حقوقها بناء على ما كانت تسمعه عن المكتسبات الكبيرة التي حصلت عليها المرأة الغربية، وخاصة في الدنمرك.

كان زوجها الدنمركي يحلم بفتاة صغيرة، ذات بشرة داكنة، وشعر اسود طويل. فتاة مطيعة تخدم الزوج دون اعتراض، تنتظر عودته إلى البيت مساءً، طعامه جاهز، والمنزل نظيف ومرتب.
زوجة لا تشترط مشاركته في الأعمال المنزلية، ليس لها علاقات اجتماعية، عالمها بيتها وزوجها وأطفالها، لا تشبه بشيء المرأة الدنمركية المتحررة الواعية لحقوقها، غير المطيعة لأوامر الرجل، بل زوجة يطمئن إلى أنها ستبقى معه، قابعة في منزلها إلى الأبد، ممنونة فضله عليها.
ثم أنجبا ولداً، هو الآن في سن المرهقة.
لكنها بعد فترة من إقامتها في الدنمرك لم تعد تحتمل البقاء بين جدران البيت.فخرجت عن رغبة الزوج، وخرجت من المنزل وبدأت بتعلم اللغة، ثم عملت في احد المحال التجارية، ليس بهدف الحصول على المال وحسب، بل من اجل الخروج من زنزانتها وقيود بيتها وزوجها. وزاد وعيها بمعاناتها، فزاد إصرارها على التعلم لتحسين وضعها والحصول على عمل أفضل، وكان لها ذلك بنيلها شهادة من إحدى المدارس التجارية.

سألتها ما هي المشكلة الآن، إذن؟.
لكن ما أن سألتها حتى عادت دموعها للانهمار بغزارة مرة أخرى.
قالت أريد أن انفصل عن زوجي، لكني لا اعرف كثيرا عن قوانين الانفصال، وتحديدا ما تعلق منها بحقي الاحتفاظ بابني. وأخشى أن زوجي، المقتدر ماليا، يستطيع محاربتي بسهولة.

سألتها: ولكن لماذا تفكرين في الانفصال طالما انك تعملين وتخرجين من المنزل وصار لك علاقات ومعارف؟
وما أن أنهيت سؤال حتى عادت مرة أخرى إلى البكاء والبوح.
قالت لي: إن زوجي لم يقربني منذ أربعة سنين، وانه عصبي المزاج داخل البيت، ملول، لا يحترمني، وان ابنه صار يخافه ويتجنبه خاصة عندما يخرج عصبيته.

وأضافت: اعرف بأنه يعاشر نساء أخريات، فعندما يعود مساءً إلى البيت أشم روائح العطور النسائية، وارى علامات المداعبة على وجهه وجسده.
وتابعت باكية: قبل فترة رغبت في ترتيب حفل ببيتي احتفاءً بتخرجي من احد المعاهد، لكنه عارض ذلك بشدة، وقاومت اعتراضه، و رتبت أمور الحفلة كلها وحدي، وقمت بدعوة مجموعة من أصدقاء و صديقات المدرسة. غير أن زوجي حول الحفلة إلى جحيم، ولم يطق رؤيتي سعيدة وقوية، وشرب حتى الثمالة وفقد السيطرة على نفسه وقام بضرب وطرد احد أصدقائي من المنزل.
زوجي الدانمركي، الذي كان يلبي حاجاته الجسدية و العاطفية خارج إطار الزوجية، لم يحتمل رؤيتي أحادث رجلا آخرا كصديق.

قصتها أشعرتني بغضب شديد من تصرف هذا الرجل الغربي، من كيفية تعامله مع زوجته الشابة الأجنبية. يمارس الجنس مع أخريات، ويهجرها أربعة سنين، ومع ذلك يرفض الانفصال ليحافظ على بيته بالطريقة التي تناسبه وتؤمن مصالحه فقط.
فكرت وأنا اسمع معاناتها، و أحاول تهدئتها، ومساندتها والوقوف إلى جانبها في هذا البلد الغريب، بأنها ليست الوحيدة، فالرجل هو الرجل سواء كان شرقيا أم غريبا، مسلما ام مسيحيا، والفرق هو درجة قوة ووعي المرأة ورفضها العنف الممارس عليها.
هذا لا يعني طبعا إنني مؤمنة بان سبب اضطهاد المرأة فقط هو الرجل، كما تقول توجهات معظم الحركة النسوية الغربية "الفمنستية"، التي ترى أن الرجل هو مصدر اضطهاد المرأة، و ليس النظام الطبقي والأيدلوجية الذكرية السائدة في المجتمع.
هناك قسم من الرجال الغربيين يتزوجون من فتيات صغيرات من الدول الأسيوية و الإفريقية الفقيرة لعدم قدرتهم على تحمل تحرر المرأة الغربية.
على إي حال، بعد أكثر من اربع جلسات معها لارشادها و مساعدتها على ترتيب أمور الانفصال ومعرفة حقوقها المتعلقة بابنها.
عادت من جديد إلى المكتب أمراه أخرى غير تلك التي التقيتها قبل شهرين، عادت مليئة بالثقة و البسمة على شفتاها، و شعرها الأسود الطويل مسرحا. وقد لاحظ بقية زملائي في العمل التغيير الكبير الذي طرأ عليها.
سألتها كيف حالها ؟
فقالت بانها جيدة جدا و أنها ابتعدت عن زوجها مدة شهرين بهدف الانفصال، ولكنه عاد إليها نادما، طالبا فرصة ثانية للعيش معا، واعترف بجميع أخطائه، واعتذر عن الانتهاكات التي مارسها ضدها، ووعدها أن يحترمها و يعاملها كإنسانة لها حقوقها ولا يهين أنوثتها مرة اخرى .
بعد اكثر من ستة اشهر شاهدتها صدفة في الطريق، وسألتها كيف حالها، فقالت إنها حسنة، وان زوجها تغيير كثيرا.
فقلت لها : عزيزتي زوجك لم يتغير، بل أنت التي تغيرتِ، و لم تعودي ترضي بحياة الذل، و الإهانة، و على ضوء تصرفك وموقفك الرافض لتصرفاته السيئة تغيير في معاملته معك وتغير تجاه نفسه.
إن كسر الصمت، والوقوف ضد الظلم والعنف هو الطريق التخلص من حياة العبودية و التبعية.
على المراة معرفة قيمتها كإنسانة واحترام جسدها وعواطفها وشخصيتها، وعدم الرضوخ لتصرفات الرجل غير الإنسانية.
عليها ان تعي حقوقها، والانخراط في العمل الاقتصادي والاجتماعي، و عدم البقاء مقيدة داخل جدران البيت، متقوقعة على مشاكلها وكأنها تخصها وحدها فقط كأمر شخصي، بل يجب أن تحولها إلى أمرا عاما، و أن تلجا إلى طلب المساعدة من الجهات الخاصة.



#بيان_صالح (هاشتاغ)       Bayan_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورشة عمل/بناء الخط الساخن لحماية المرأة في كردستان العراق
- ما العمل لمواجهة ظاهرة تعدد الزوجات المهينة في كردستان العرا ...
- بعض الملاحظات حول حق المرأة في التصرف بجسدها وعواطفها
- حوار حول حق المرأة في التصرف بجسدها و عواطفها.
- مهزلة أسبوع مناهضة العنف ضد المرأة وإقرار قانون تعدد الزوجات ...
- العنف ضد المرأة ، و مكافحته، مسؤولية من ؟
- الدكتورة وفاء سلطان و الانحياز إلى اليمين الأمريكي- الإسرائي ...
- نضال المرأة من اجل المساواة وضرورة العمل المشترك بين القوى ا ...
- تظاهرات و احتجاجات واسعة ضد اعادة الحجاب في تركيا! تحت شعار- ...
- تضامن عالمي انساني مع المرأة السعودية وادانة انتهاك حقوقها - ...
- نستنكر بشدة احكام المحكمة السعودية بحق فتاة القطيف
- ما زال الطريق طويلا أمام المرأة للمساواة حتى في البلدان الغر ...
- هل الضجة المثارة حول حجاب المرأة المسلمة في الدنمرك دفاع عن ...
- إدانة رجم وقتل دعاء ومواجهة جرائم – الشرف ! - مسؤولية الجميع
- إدانة قرار عدم منح جواز السفر للمراة العراقية بدون موافقة ول ...
- لنقبر فتاوى فقهاء الظلام في انتهاك و تحقير المرأة
- تعقيبات على أراء الدكتورة وفاء سلطان
- أوضاع المرأة اللاجئة و المهاجرة في ظل سياسات الدولة الدانمار ...
- لنجعل الحوار المتمدن منبرا اعلاميا لكل التيارات اليسارية و ا ...
- مأساة البشرية و أحداث 11 سبتمبر


المزيد.....




- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - بيان صالح - معاناة صامتة، معاناة غير مرئية! 1