أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عماد البابلي - سوسن














المزيد.....

سوسن


عماد البابلي

الحوار المتمدن-العدد: 3124 - 2010 / 9 / 14 - 18:18
المحور: سيرة ذاتية
    


حيث يتنزه الطاووس
أقدام لطيفة على ممرات قديمة
يستعرض الآن أمام آلهة الحديقة الغير مكترثة
الشاعر الانكليزي " ييتس "

كانت سيدة البحر الذي لا يملك مرفأ له ، والأمومة التي تعلن نفسها قبل حفلة البكارة ، والأفق الذي يعانق الشمس والقمر معا ، والنيران التي ترقص سكرى مع الماء ، العبث حين يكتب دستورا للوجود ، كانت الأحد عشر كوكبا التي تجمعت في جرم واحد .. كان أسمها ( سوسن ) في عينها تلك السيدة البيضاء البشرة التي عرفتها من خمسة عشر عام ، يتحدب زمان حول نفسه كطفل مشرد يرتجف من البرد في مملكة الذاكرة ، كان حبا يحمل حبل المشنقة بيديه لأنه كان من طرف واحد !! وجه ( سوسن ) يشبه بيكاسوس الذي فجر في أعماقي كتابة الشعر ، كان بالأحرى غرفة ولادة لأجنحتي التي اكتملت فيما بعد ، وجه ( سوسن ) متشح من نفس الكحل الذي وضعته شهرزاد لعينيها في زمن ضائع من تاريخ هذه الأمة الملوثة بالحب والبكتريا !! وجهها مرتبك من شفتاها اللواتي ومضن للأبد في عتمة الفقر الذي أحرقني وأنا حي بتهمة الأحلام وتمني اللون مثلما أحرق " سليم بركات " من قبلي بنفس التهمة ، وجهها كان جريمة قتل قام بها البنفسج ضد منافسه التاريخي الأزرق ، تلك الجريمة اللونية المريعة طالما تحدث عنها الأنبياء والســحرة في سالف الزمان !! .. كانت لي بمثابة عزاء لزمن يحتمي في جثة ميتة بحثا عن دفء كاذب وبطانية مرقعة تحاول عبثا صد موجات الصقيع !! كانت فصل دائم لتساقط الثلج الأزرق اللون ، علمتني ( سوسن ) أن الموت لا يأتي على شكل دفعة واحدة ، بل يأتي على شكل حلقات وهالات سريالية تعلن من الفوضى والظلمة حراس هذا الجسد الملعون في رحم الزمن المعاد تدويره عشرات المرات في العقل المجوف ، الزمن المعاد الذي يتساوى فيه الحياة والموت !! علمتني صاحبة الوجه المشع الأبيض كيف يكون الحنين لذاك الطوطم الساكن في الأعماق ، الطوطم الصمد المشتت بكل تجلياته القدسية وغير القدسية !!
كانت تهرب مني (( عبر الدروب الضائعة نحو محطات القدر الشبيهة بمعالم الصحراء التي تظهر تارة وتمّحي، تحت سماء نجومها تومض وتنطفئ هي الأخرى عبر تبدلات البصيرة وزوغان البصر فوق رمال التيه .. )) شموس الغجر ، حيدر حيدر
كانت ( سوسن ) محفلا سريا للتكفير والتوبة عن خطيئة لم ترتكب بعد ، محفلا رائعا للانهيارات الكونية والاستبداد والارتداد والفساد الذي جعل من الروح والجسد أعداءً حتى يوم الحق المعلن في ساعة شديدة القيظ !! .. كان حبي لها أسطورة تقاتل الوقع لإثبات مالا يثبت !! أسطورة كما عبر عنها ( شتراوس ) تكوين فوضوي ونسق مغلق .. ( سوسن ) الفوضى المغلقة التي جعلت الحب عندي يهاجر نحو صحراء تنعتق من العالم المحيط بها إلى عالم من صنع طفل مصاب بالتوحد !! كانت نشيدا لنبي فقد النطق بشكل كامل من نوبة صرع غير مفهومة .. كانت لها القدرة على التحكم بالمطر ، المطر الذي يخلق أحساسا ويخلق قصيدة ، المطر الذي يرسم من تنورتها الضيقة لوحة ( جيوكندا ) جديدة تختلف عن تلك التي رسمها الطفل الغير شرعي للسيد " ser Piero da Vinci " .. ليالي بغداد كانت تحترف الاختصار والاختزال في يديها اللواتي خرجت بيضاء بمعجزة أولى بعد عصر طويل من انقراض المعجزات .. شوارع دمشق القديمة أصيبت بذهول جسدي بطيء حين سافرت لها ( سوسن ) لها ، شوارع دمشق التي رواها لي نزار ، روتها لي لكن بطعم أخر أكثر سكرا من خراب هذا الجسد النائم في قنينة ويسكي رخيصة !! ذهبت دون عودة حين تخرجنا من الكلية التقنية الطبية ، تلك الكلية التي غالبا ما بدت لي عصفورا رومانسي جائع ، يثمل بالبرد حتى يموت شهيدا في الشتاء ، الكلية التقنية علمتنا بأن من يموت من البرد يموت شهيدا وتلبسه الملائكة ثوبا أخضر دائم ، وكان أخر درسا لنا في هذه الكلية بأن الرياح تأتي من اللامكان مثل وجه ( سوسن ) الذي هرب نحوي حيث اللامكان ..
أين ذهبت ( سوسن ) ؟؟
هل تقيم في داخلي ؟؟
أو ..
( أين هي ؟
أين هي ؟
من كانت بالقلب‏
تستبد وتتلذذ‏
هل ذهبت خلف الموج‏
لتبني زمناً لم أعد منه ؟ )
الشاعرة لينا شدود
كانت ( لينا ) تحمل الإجابة عن سؤالي الوحيد ، حياة الإنسان متاهة والنفس فصول ، الإبحار خلف الأزمنة وخلف الظواهر ، كنت ملعونا على حد تعبير الشاعر " رامبو " .. " لينا شدود " اتهمت حبي باللعنة !!!! فكانت اللعنة الجميلة التي تشابه كثيرا لعنة عزازيل حين بصق على جنة الرب الزائفة واختار الحرية .. رحلت عني وأحرقت كل مراكب العودة ، رحلت وألقت من الطائرة كل أوراقها الأصلية لتبحث عن بحيرة صناعية تؤرق البجع الذي يسكنها ، رحلت لوطن أخر لا افهمه ، وطن يقيم تحت الأرض .. وأغلقت الباب حتى أنام طويلا




#عماد_البابلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعتقدات الدينية للسيد أينشتاين
- روح الله .. مقاربة بارا سيكولوجية واجتماعية
- الفكر في زمن الكوليرا .. أخر كتابات السيدة هاجر
- عراق مابعد عام 2003 .. الكعكة الفاسدة !!!
- حينما حاولت ثقافة ال ( ...... ) نقد نظرية دارون
- دفاع عن الإلحاد .. !!!
- حفلة موت على طريقة ( حاحا وتفاحة ) في مدينة الكوت
- مسرد ميثولوجي متواضع مهدى لزمن مبعثر
- أبن الراوندي .. شيء واشياء أخرى !!!
- دليل متواضع لسلامة الدماغ العربي غذائيا
- مالذي يحدث في مسرحية TRIFLES لسوزان غلاسبل
- أنقسام الله وإعادة تشكيله !!!
- كافكا .. اللحضات الأخيرة لنسر
- أثنولوجيا قطع الرؤوس عند العرب .. الطقس والجذور
- متى يكون العربي ليس عربيا !!
- نحو لاهوت مخنث !!
- الكانزفيلد في البارا سيكولوجيا .. وعن الكانزفيلد العربي الأس ...
- جدلية الحب .. حسب قاموس بريجيت باردو !!!!
- حين شرحت الشيوعية لجدتي ... لماذا أنا شيوعي ؟؟؟
- عزرا ئيل بقبعته المكسيكية في مدينة الحلة سائحا !!!


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عماد البابلي - سوسن