أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز الحافظ - روح تتنورس بهاءا














المزيد.....

روح تتنورس بهاءا


عزيز الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 3123 - 2010 / 9 / 13 - 19:54
المحور: الادب والفن
    



كانت الجدران الكونكريتة تغلف كل ما يلي كتفها الذي يحوز على دقة حجميته و تكوره البهي ، على نظرات أعبق وأسمى وأبهى وألسع وأوسع من حجم كتلة الخراسانات المجاورة المستديرة التي تحيطها بهندسيةمتناثرة الابعاد! فغموق شعرها الغجري المجنون المسافر تطايرا.. أشد حلكة من منظر صمت الكونكريت السجني... القاتم
تقف كل يوم عند طرف قمة ذاك المثلث الشارعي الشاعري بطلعتها الأخاذة...
كل يوم أراها تقف في نفس المكان تتبوأ قمة مثلث لاقاعدة له بسبب إلتوائية الشارع المفترق وأفعوانيته ولكن بشموخها السطوعي وتموجيتها تثير سخط المثلث نفسه !مع سكون جسدها المكتنز واضطراب الناظرين يوميا كانت تنتصر حتى بسكونها الجارف إغراءا..على وحشة المكان المنفردة العزف فيه بلامنازع.
تمرّ عليها باصات المهمومين و ركابها يوميا يشرأبون بأعناقهم لزاويتها الخاصة ومنتجعها الوقتي وعمودها الدائم في صحيفتنا اليومية العينية المجانية المطالعة والتحديق.

كل يوم بزي كعادة الموظفات لاتتفنن بأزيائها خارج الموضية التداولية ولا بهدوئها الوقوفي اليومي فقد كان أسطع منه شموخها والتفاتتها لمقدم باصها الذي لم نراه أبدا لنعرف وجهتتها يوما ما.. لم يكن يجاورها الاخضرة الحديقة التي على جسدها تقف ولم يكن يحاورها الاهسيسنا اليومي وتحسراتنا المكظومة التي يوميا لاتحتاج للتجديد والتنهيد بل نسوّقها مجانيا في نفس الزمن ونفس المكان وعلى نفس تلك الكتلة اللحمية البهية النقاء الزاهية الملامح و الشاهقةالسطوع و الباسقة الطلوع.
تألفها الشبكيات حتى والاعناق خجلى من الالتفات أمام نظرات صامتة حانقة لموظفاتنا في الباص ترتسم محياها في وجوههن حتى بعد مغادرة موقع متحفنا الشهير يوميا.
يوما ما كان الزحام شديد ومن غير المألوف لم نتبين في العيون الصامتة قبل الأفواه إلا التساؤل المكتوم والغموض المكبوت .. لقد تأخرنا على زمن رؤيتها... فلم نعد نفكر في زمن وصولنا مقرات العمل الرتيب ولكن صفارات البوليس أعطتنا انطباعا جديدا إننا اليوم لن نراها... ترجل الشرطة لينظموا حركة السيارات المضطرب وينسل من بعضها ركاب يهرعون ويسارعون لمنطقة مثلث الرغبة المعروف دون ان نعرف السبب.. زاد قلقنا.... بُعد المسافة يطويها الحياء من الترجل والانتظار صار كزمن القيامة.. توقف السير تماما لنزول أكثر الركاب والسواقين من السيارات حولنا أنتفض البعض منا وفتح باب الباص مترجلا ؟ لنسأل ما أ لأمر؟ كانت مُبررة ومبرورة تلك إقدامته الشجاعة لكسر حصار التساؤل المُحتضن صمتنا المريب
ومدعاة لنا للتسلل بالأثر بعده رويدا ثم ككرة ثلج متدحرجة, تسللنا نحن رجال الباص مسرعين للتجمع الغريب، الأرض تُطوى تحت لهفتنا، الناس متحلقة حول شيء ما مغطى في حديقة بهجتنا تحجبه أجساد المتطفلين والفضوليين فلم نعد نسمع حواراتهم .. هل معقول ان تكون هي ضجيعة أرضها ؟ محال علينا التصديق بل التفكير؟ نسأل من؟ الشرطة وهم يمنعون بلاجدوى الناس من التجمع والفضول؟ المبهورون؟ المتسائلون؟ اما نحن فعرفنا الحقيقة والجثة مغطاة ببدائية، من حذاء لها كان نسغه الجلدي ملفوفا على ساقيها بطريقة التسلق النباتي! لقد حفظنا دروسها اليومية على ظهر الغيب! إنها هي وعلى نفس موقع تعذيبنا اليومي ولكنها اليوم مضطجعة لاشامخة القامة الهيفاء! لقد طار نورسنا للأبد انه جثة هامدة لم نعرف السبب هل صدمتها سيارة؟ هل أودت بحياتها عبوة؟ هل قُتلت؟ لامجيب عن هل !!! ولكننا لم نسأل الموت لان منجله الحصود الحقود قطع اليوم رقبة نورسنا دون أن نعي كيف! لادموع..فهي تأبى الاغرراق بغربة نورسنا.. لاتقمص حزائني نرتديه هي غريبة.. فقط بهرنا الانذهال الكتيم .. عدنا للباص مسرعين... تلهفت النساء للاستقصاء.. لم يجرؤ أحد على إخبارهن.. فقط كانت الائيماءات والحشرجة تُجيب تساؤلهن الشامت؟!
من يجرؤ على إخبارهن ان الممتطية زهو خضار الأرض اليومي ونضارة العشب الندي هي نفسها قامة شموخنا اللدود؟ مضرجة بدمها ولكن جميعهن عرفن الجواب فقد ارتسم على محيانا اللجيني التفاوتي! فمنهن تبسمن بمكر ومنهن تنهد وعاد الصمت يغزو المقل والوجوه.. فتحت سيارة الإسعاف الطريق لنا حملوا الجثة المسعفين بداخلها بسرعة رحيق الورود المعفّر بشذاها الغائب الابدي ونحن نشيع الأبصار بسيارة الإسعاف التي تطايرت صفاراتها في كل صوب مبعثرة توافقنا وسكوننا ومن بعيد أرسلت الأحزان أجوبتها لنا في شراع سفينة ترتدي آزياء دموع كتومة فقد كان نورس روحها يتمايل جذلا مع صمتنا المطبق كيف سيكون اليوم دوامنا وصاعقة رحيلها ورعد مغادرتها وبرق فراقها الأبدي لازال يدق أجراسه بطنين ليس له رقم ديسبل؟



#عزيز_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سفارتنا في الدنمارك لاترحم غربة الميت العراقي فكيف لوكان شيو ...
- المنع السعودي يُلجم أفواه مُطلقي الفتاوي الكيفية
- الفضيحة التربوية في وزارة التربية العراقية
- لإشقاؤنا الكويتيون أطفئوا الغلّ قبل الديون
- هل تصدق ؟ السرطان في الفلوجة أعلى نسبة منه في هيروشيما!
- عراقية حكما دوليا في بطولة العالم لرفع الأثقال للمعاقين
- شذرة وشذى من نبوغ الطبيبات العراقيات
- 60% من أطفال بابل يتعرضون للعنف المنزلي
- شيخ سعودي يشكك بوصول الإنسان للقمر!
- القارورة التي كانت تدافع عن حقوقها العائلية
- الشيخان الوهابيان العبيكان والفوزان يتباريان
- إبعاد 2000 مدرس سعودي خارج المدارس لنشرهم الفكر المتطرف بين ...
- فاقدو البصر العراقيين لم يفقدوا بعد بصيرتهم لتنسوهم!
- الإخطبوط بول ومنصب رئيس وزراء العراق
- إضاءة طبية عراقية تمس ماء شرب العراقيين
- ثلاث محطات طبية تستحق التوقف والتبصر والتمعن
- إبتسامة طبية للقطار في الناصرية
- معلمات الديوانية يرعبهن طريق -الموت-مع المثنى
- أي آزياء للحزن نرتدي اليوم وأي مركب نستقل؟
- دية قتل المسلم البريء لدى الجماعات المسلحة في العراق هي صيام ...


المزيد.....




- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز الحافظ - روح تتنورس بهاءا