أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - مزرعة الديكتاتورية ذات المسوؤلية غير المحدودة














المزيد.....

مزرعة الديكتاتورية ذات المسوؤلية غير المحدودة


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 3123 - 2010 / 9 / 13 - 11:40
المحور: كتابات ساخرة
    


ذات يوم سألت الضابط العسكري السوداني سوار الذهب وكان ذلك في تسعينات القرن الماضي" لماذا هذا العدد غير المعقول للاحزاب في السودان ؟" فقال مازحا: لان كل سوداني يريد ان يكون حزبا لوحده.. حزب قائم بحاله لاينازعه في ملكيته احد.
كان الرجل صادقا ومسطرته هذه ليست لقياس تعدد الاحزاب في السودان فقط وانما امتدت الى الساحة العربية كلها.
كان هذا الرجل الشريف احد المساهمين في تنحية جعفر نميري عن الحكم وتولى رئاسة الحكومة المؤقتة والتي قال بعد تشكيلها مباشرة انه يحكم البلاد بشكل مؤقت ويسلم السلطة للرئيس المنتخب. وكان الرجل عند وعده، واصبح بذلك من العسكريين النادرين في العالم العربي الذي سجل له التاريخ هذه النقطة المضيئة.
لم يكن شيعيا ولا سنيا ولا شيخيا ولا حتى من اتباع عبد القادر الكيلاني، كان رجلا همه الوحيد حب السودان وكان شفيعه في محاولة تخليص السودان من الحروب والتشرذم والتمزق.ولم يجد هذا الحب منفذا له بعد ان هبت رياح الاسلمة والتجارة بقيم واخلاق وقناعات الناس من مختلف الطوائف والمشارب.
حين هبت هذه الرياح كانت حبلى بمطر غريب سقط على ارض عطشانة وانبت زرعا غثا ولكنه ظل ينمو حتى كتابة هذه السطور.
ابتدأ الامر ببذرة، شقت الارض الندية وظهر رأسها الملون مطلا على هذه الدنيا متلفتا يسرة ويمينا ليفحص المكان من حوله، وهكذا هو الوليد الجديد الذي يأتي الى الحياة وهو صفحة ناصعة البياض غير ملوثة،تمر عليه السنين ويشتد عوده وفي ركن ما من ركن البيت يجلس ذات يوم ليجري مسحا لماضيه الفتي ويجد ان صرته التي يحملها بعصى على كتفه ملآى بكلمة "لا" وحين يتفحص هذا المخزون يجد ان هذه الكلمة قد انشطرت الى انواع وتكاثرت مثل الفطر السام داخل صرته، فهناك لا الناهية ولا الجازمة ولا المعربة ولا الاعجمية ولا الساكنة وقليل من اللاءات لامحل لها من الاعراب- لانها داخل قوسين – وحين يحصي كلمة "نعم" يجد انها فقيرة في عددها وحجمها فانواعها لا تتعدى"نعم" المؤيدة واخرى للترهيب وثالثة للسباحة في المجهول ورابعة وخامسة وسادسة لاتملك الا ساقا واحدة ترتكز عليها.
ويحار الصبي في امره، كيف له ان يعمل مخه وهذه اللاءات تطل عليه كما تطل صغار الثعابين بروؤسها بعد الولادة. وفي زحمة الحيرة هذه لايستطيع ان يقف على رجليه الا بمساعدة من يقول له نعم او لا، وبما ان صرته حبلى باللاءات فقط فلايجد الا كبير القوم يستنجد به صاغرا.
وتمتلىء صرته مرة اخرى باوراق كتب وقرطاسية لاحصر لها، فهي انواع وانواع استطاع بعد جهد جهيد ان يفرزها حسب موضوعها وتاريخها وحروفها الابجدية. فهاهو يقضي بعض يومه في قراءة كتب تحث في معظمها على التشبث بالاخلاق الفاضلة وعدم معاشرة اهل السوء ممن يسمعونه كلاما لايجد مرادفا لها في صرة كتبه ومنها ايضا كتب تحث على استصغار الاخرين مهما علا شأنهم بين الناس وتستهل جميعها بمقدمة واحدة تقول" ايها القارىء العزيز ، يجب ان تعلم ان اعدائك يتوزعون على قسمين ،قسم له لسان سليط ويخالفك في الرأي رغم قولك البين الذي لاتعلوه غمامة، وعليك ان تحارب هؤلاء بكل ما أوتيت من عزيمة مستعملا كل مالديك من اسلحة القذف والمعايرة دون ان تهاب في قولك لومة لائم لانك اخترت طريق الايمان ومن لم يقف معك فهو من الكافرين. والقسم الاخر من يظهر حلاوة اللسان وهو يبطن غير مايظهر ويكون ذو وجهين، وجه بشوش يظهره حال قدومك اليه ووجه قبيح يظهره حالما يجد فرصة لذلك، واعلم انه مثل الحية الصفراء تستكين في موقعها انتظارا للدغك فلاتدعه يفعل ذلك ، الحذر ثم الحذر.
وينطلق الصبي الى الحياة متسلحا بهذه المكارم فلا يرى غير عينيه تبصران ما يريد واذنيه تسمعان مايهوى والويل كل الويل لو سمعت او رأت هاتين الحاستين مالا يحب، حينها ستنزل الطامة الكبرى وتلوح تباشير يوم القيامة وتعصف الرياح وينزل الحالوب وتفيض الارض ويموت الزرع والضرع.
وفي غفلة من الزمن يجد هذا الصبي نفسه وقد اعتلى كرسي الحكم في بلاده وبدلا من ان يقسم بكتاب الله العلي القدير ان يتسع صدره لكل الناس بمختلف مشاربهم وفروعهم يقسم بصرته الملآى بكتبه وكلماتها التي رضع منها،وينحني له القوم ساجدينا.
فاذا ذهب لاداء فريضة الحج يوما فعلى الناس كلهم ان يؤدوا هذه الفريضة والا فالويل لهم فهو الحاكم بامره وعقابهم اسهل من غمضة عين ، واذا وسوس له الشيطان ان يذوق بعض المحرمات فعلى القوم ايضا ان يذوقوا مثله حتى ولو كان هذا المذاق مميتا لبعضهم ، كيف لا وهو الذي يعتلي كرسي الحكم ولا راد لأمره.
ولابأس حين يرى بعض من القوم ينفضّون عنه فلديه من الاتباع مايشفي الغليل حيث يسمعونه احلى الكلام وابهى ماجاء في القواميس من الدعاء حتى ليدخل في نفسه انه ليس فقط خليفة الله في الارض وانما هو الآمر الناهي في رقاب وعقول القوم فيبطش بهذا ويسجن ذاك ويأمر مريديه بحفر الارض وباطنها لتكون مقابر جماعية للذين قالوا ولو همسا كلمة"لا" بعيدا عن مريديه.
ولا بأس ايضا من ان يرفع شعار انما الاعمال بالنيات فهو الذي يحدد نية هذا العبد او ذاك حتى ولو وقف امام القوم يعلن نيته الصادقة فقد اصدر اوامره لفدائييه بالدخول الى قلوب هؤلاء القوم لينتزعوا ما يدور في تلافيفها.
ويمشي الحاكم بامره الخيلاء في باحات قصره رافعا رأسه الكريمة باباء ما بعده آباء فقد دانت له الدنيا وروؤس القوم الكافرين الذين ارادوا النيل منه قد قطفت ورميت في المزابل.
وفي غفلة اخرى من هذا الزمن الاغبر يأتي صبي آخر بعد ان يشيخ الصبي الاول او تسرق صرته فيعتلي كرسي الحكم مزود بصرة اكبر وحزام ناسف يلقيه على كل المتمردين حتى ولو كانوا من رهط الصبي الاول فهو يريد بناء رهط جديد مستعينا بالخياطين ليفصلوا للقوم عقولا هي طبق الاصل من عقله وحذارى من الخياط الذي يسهو فمآله مكانا طريا في مقبرة جماعية تضم رفات الاقدمين واللاحقين.
وبين هذا وذاك اعود واستنجد بسوار الذهب داعيا المولى القدير ان يطيل عمره ويدلني على عنوانه الجديد لاقول له: كيف تجرأت وفعلت ذلك ياسوار الذهب ؟ فانك فعلا اسم على مسمى فليحفظك الله من اصحاب الصرر.



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برقية تهنئة بعيد الفطر المبارك للسيستاني
- الفرق بين القردة والسعادين عند اهل الكفر ورجال الدين
- عركة لابو موزة بالسماء السابعة
- اعدائي السبعة تبا لكم
- طويلة العمر ليلى (2)
- المفلسون اخوان الشياطون
- ياأهل قريش ها اني اعلن اسلامي بين ايديكم
- كيف يكبر الصوص في بيت اللصوص
- سعودية اسرائيلية في قمة عربية
- حجا والحمار وأنا
- اية مقاومة..اية ديمقراطية..اية تظاهرات؟؟
- انا عراقي والسيستاني عراقي!!
- ما أندل دلوني يابابا ، درب المحطة منين
- المخابرات نوعان كما قال عبد المجيد الفرحان
- السهو والخطأ مرجوع للطرفين
- ارجوكم انحنوا معي الى الموقر عمرو موسى
- حزب شيوعي لصاحبه عبد الحميد الباججي
- اسباب انحسار الماء في نظر السادة العلماء
- الله يلعنكم ايها العلمانيين
- الايدز داء شرعي في النجف الاشرف


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - مزرعة الديكتاتورية ذات المسوؤلية غير المحدودة