|
جل ما أخشاه أن يكون العكس
نور الدين بدران
الحوار المتمدن-العدد: 945 - 2004 / 9 / 3 - 07:17
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
حتى الحرب الأهلية في لبنان التي اندلعت أواسط سبعينيات القرن المنصرم ، لم تتمكن وبرغم كل النفط الذي سكب فيها ، من احراق الأرضية الديمقراطية والتي مهما قيل فيها ، كانت حالة استثنائية ، في منطقتنا عموما ، أما في سوريا فهي من قصص "أليس في بلاد العجائب " وبغض النظر عن المصالح او مختلف الأسباب والدوافع ، كانت الساحة اللبنانية، تحتدم حوارا ونقاشا ، بأحزابها وطوائفها ومؤسساتها السياسية والثقافية حول أبسط القضايا ، أما الاستحقاق الرئاسي فكان يرفع مستوى الحراك الديمقراطي الى الذروة ولا يعود هناك مجال لأية مهادنة أو مساومة ، وكان بالفعل للرئاسة الأولى ، مكانتها وهيبتها ، واحترامها . ثم بدأت تفقد مكانتها شيئا فشيئا ، وخصوصا منذ مؤتمر الطائف ، حتى وصلت اليوم ، الى حالتها المزرية ، التي فاجأت الجميع ، حتى أولئك الذين يتابعون بدقة سيرورة انحطاطها . لم تكن هذه السيرورة مقتصرة على الرئاسة الاولى ، ولا على بقية الرئاسات والمؤسسات السياسية اللبنانية الأخرى وانما على الديمقراطية اللبنانية برمتها وتاليا على الثقافة اللبنانية بشكل بنيوي . واليوم نحن امام مفارقة فضائحية بكل معنى الكلمة ، فقد شطب الشعب اللبناني بسحر ساحر ، ومعه معظم قواه السياسية ومرجعياته الدينية ، وهذه سابقة ، بمعنين متناقضين ، فلأول مرة تلتقي كل اوغالبية تلك القوى في شبه اجماع على رفض امرما [ التمديد لاميل لحود ] ، ولدوافع مختلفة ، وفي الوقت نفسه ، لأول مرة يضرب عرض الحائط ، بهذا الرفض . الرفض للرئيس لحود ، جاء بعد تجربة ليست سعيدة ، الا من حيث الوعود التي قطعها الجنرال الذي طالما قال انه لايريد شيئا لنفسه ، بينما في عهده فرطت المؤسسات اكثر ، وتعاظم الفساد أكثر واكثر ، واصبح اللعب بالقوانين والدستور ، على المكشوف ، وحتى درجة الاحتقار والابتذال ، من القريب والبعيد ، وفاحت الروائح العائلية الكريهة ، والمحاصصات ، و المحسوبيات وتمت التعديات الصريحة على المواطنين ولقمتهم وحرياتهم، واهينت واغلقت وسائل اعلامية، كما جرّم وعلى اساس طائفي ، وغير طائفي ، ابرياء او مذنبون صغار ، وبرّىء أو خفف عن عملاء ومجرمين كبار ، ولا مجال هنا لتعداد "مآثر " العهد فالصحف اللبنانية تفيض بها ، حتى ان الرئيس نفسه ، اعترف بكثير منها ، ولكنه أكد أنه مشارك فقط في المسؤولية ، ولم يجانب الصواب ، فهو يرأس دولة محسوبيات للداخل والخارج ، وهو مسؤول جزئيا عن ذلك الفساد ، وهذا الواقع المرير للشعب اللبناني هو الأساس في رفضه للتمديد لفخامته . لكن " فوق الموتة عسة القبر" ، فوق المعاناة المادية ، يأ تي اليوم الإذلال والاحتقار ، بفرض فخامته مع ما يقتضي الأمر من تعديل في الدستور ، سبقه جلسة كاريكاتورية لمجلس الوزراء ، "الذي دبّر بليل " وهو " صاغر" قرار التمديد ، حسب تعبير البطريرك صفير . وإذا كان في الأمس ، بعض اللبنانيين يتحدث عن انتقاص السيادة ، وارتهان السلطة اللبنانية للقيادة السورية ، فإنهم باتوا اليوم ، يتحدثون عن انعدامها ، بل حتى "حلفاء" النظام السوري ، أو بعضهم على الأقل ، بعد قرارالتمديد ، الذي فاجأ معظمهم ، لايعرفون وبشيء من الذهول ماذا يقولون ، وحتى أولئك ، الذين طالما أظهروا في كتاباتهم ، وصحفهم [ الأستاذ طلال سلمان مثلا في السفير ] تصريحات القادة السوريين ، عن لبننة الاستحقاق الرئاسي وحرية اللبنانيين فيه ، يتساءلون اليوم : "لابد أن لسوريا أسبابها ..ولكن هل أميل لحود صديقها الوحيد ؟" إن الخلخلة في صفوف الحلفاء ، باستثناء الملكيين أكثر من الملك ، كعاصم قانصوه مثلا ، وانحدارا نحو بعض النواب الذين باتوا يعرفون بالثرثارين ، توحي بأن القيادة السورية ، فاجأتهم هم أيضا ، كما فاجأتنا نحن كرعية . ومن موقعنا كمواطنين سوريين ، وحتى قبل أيام ، كنا مازلنا مصدقين تصريحات قادتنا ، بأن الرئيس اللبناني العتيد ، سيكون من يختاره الشعب اللبناني الشقيق ، وصحيح أن العالم في حركة مستمرة ، لكننا وحتى الآن لم نسمع شيئا عن المستجدات ، التي تضعنا واللبنانيين في مواجهة مجلس الأمن الدولي ، كرمى لعيون السيد إميل لحود رئيسا ممددا ....له. يقال هناك عواصف وتحديات ستواجهها المنطقة ، وموجهة بشكل خاص ضد سوريا ، وإذا كان ذلك صحيحا ، والتمديد لإميل لحود سيردها على أعقابها ، فإلى الجحيم السيادة اللبنانية والديمقراطية ، والدستور والقانون ، وحقوق الإنسان والحيوان ، بل و كل من يعارض أو يحتج أو يتحفظ أو حتى يناقش هذا الأمر ، ولكن جل ما أخشاه أن يكون العكس ، ونذر ذلك تلوح في سماء الديبلوماسية الفرنسية /أصدقائنا / ومن معهم من الأوربيين ، ويجري التداول في ذلك مع الأميركان . أما المضحك المبكي ، فإن بعض اللبنانيين وبعض السوريين / والحال من بعضه / يندّدون بأي حديث محلي أو دولي بهذا الشأن ، ويعتبرونه تدخلا بالشأن اللبناني الداخلي ، هذا الشأن البتول الذي لم يمسسه أحد.
#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محطمة قلبي
-
حفقات في جبلة
-
الوراء الوحيد
-
ماذا لو انتصرت؟
-
تنين الأنواء
-
الدكتور مقاومة والمستر.....!!
-
الهاوية
-
جاهلة في الضوء
-
الماضوية الحاكمة
-
ماركس في جبة الغزالي
-
قرب البحر
-
البضاعة والعلبة
-
أنا سوري يا نّيالي!
-
شفقة الأيام الخالية
-
زوابع
-
وجه آخر لثقافة الموت
المزيد.....
-
السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا
...
-
بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
-
إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
-
هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
-
باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع
...
-
قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس
...
-
Lava تدخل عالم الساعات الذكية
-
-ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية
...
-
قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|