أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - العشق الضروكي في العراق















المزيد.....

العشق الضروكي في العراق


سرمد السرمدي

الحوار المتمدن-العدد: 3123 - 2010 / 9 / 12 - 12:21
المحور: الادب والفن
    


لو كنت عراقيا فبالطبع سيكون احد جيرانك عاشقا للضروك وناشطا ضركيا على غير العادة, لدرجة انه, انهم, يصعد للسطح الذي يعتبر منجما ضركيا ثمينا , ليستنشق هذه الرائحة بل ويكنس بيديه الكريمتين ارضية قفص طيوره ليجمع كومة ضروك ويضمن انتشارا جويا وارضيا من خلال رميه للضروك عند اقرب عمود للكهرباء, فهنا في العراق نحب ان تكون زبالتنا في النور دوما وهذا اتجاها وطنيا نحو الزبالة ولعلمكم فأن اخر عامل نظافة شاهدته في النور كان في برنامج افتح يا سمسم ابوابك جاء الزبال وافتح واستقبل احبابك ,بالمناسبة هل بقي سمسم واحد لم يفتح لهم بعد في الوطن العرووبي ؟!... نعلالا .

هي جمع ضرك, وتقرأ بالتشديد على الكاف, اما حينما تلفظ فهي كلمة لها عدة استخدامات عراقية شوارعية , عادة نسمعها عن احد الشباب تصدر كمداعبة ومزحة لرفيق له بأبو الضروك, ولكنها بالأصل تعني فضلات الطيور, أي ما يصدر عنها , غائط, براز, اسهال, وكما هو معروف ان الطيور لا تحتاج لأماكن خاصة لأفراغ محتوياتها والتخلص منها بطريقة انسانية , هذا سابقا !, فقد تكون على الأرض او في عنان السماء لتنتج لنا هذا الفضل من الفضلات بدون سابق انذار, ومن الجيد ان الطيور لا تنتمي لأحزاب , والا لكان السرب المحلق اتفق على ان يضرك على الشعب جماعيا ليأتي ويقول انها اشارة خير وبركة لكل من تذمر وقد يتهم المتمرد على الضروك بعدم الأيمان بمبادىء حزب الضروك ويحكم عليه بأن يتضرك عليه حتى الموت, اما بعد.. والمهم.. وقل ما شئت من العبارات التي تلغي ما قبلها , ولا اعلم لما يقال بعد كل استهلال اما بعد .. ماذا عما قبل ؟!... أيباااه .

بعد ان يقوم الجار الغير عزيز, ذاك القذر الذي رماني بجانبه القدر, بفتح قفص طيوره الممتد بطول السطح وعرضه, يهب لهذه المخلوقات الغير ضارة حريتها الضارة, المنقوصة, فهو يفتح بابا القفص ليجبرها على الطيران, من ناحية ليتفرغ لتنظيف القفص ومن ناحية اهم ليشعر بقوة السلطة في لحظة فتح باب السجن , والحرية التي يهبها منقوصة لأنه يعلم جيدا ان الطيور ستعود لذات القفص بعد ان جعل من ذاكرتها حبلى بصور المكان والزمان بالتدريب اليومي منذ لحظة شراءها , فهو يوفر لها كل شيء فقط ليشعر بأنه يملكها , وان هذه الطيور مهما ابتعدت بفعل تهويشاته بالعصا ستبقى تدور ذات السطح , الوطن الغير مختار , وكل عراقي يحن للوطن لأن فيه فرصة لأن تكون ظالما ومظلوما , شعبا ودكتاتورا , بما فيهم انا الذي استمتع اشد استمتاع بلحظات دكتاتورية امارس فيها الأحكام المطلقة مستعينا بالقلم ومستعبدا للورقة, بل حتى عليك ايها القارىء الذي لا تملك ان تتوقف عن استعبادي لك عند القراءة الا قبل ان تكتمل لك فكرة في سطر في كلمة , لا تستطيع ان توقفني عن الكتابة بمجرد ان تتوقف عن القراءة, فما دمت قرأت فأنت دخلت القفص, وما دمت عدت فأنت لا تجد الا هذا القفص , كما طيور السطح التي اتكلم عن عبوديتها , او عني بتعبير ادق, فلست الا طير فتحت له الباب في 2003 ولا يزال يلف ويدور حول قفصه, الا انني لا اضررك, بل قلمي يفعل الآن.. مو بلة.

بدأت المعركة, فهنالك اصوات لا اسمعها الا في افلام الكاوبوي وهم يهجمون على الهنود الحمر, ولا اعلم ان كانوا شيوعيين لتسميتهم الحمر, وهل هذه هي عقدة الحرب الباردة , الا ان جيراني يحمل عصا طويلة معلقا عليها لباسه الداخلي احيانا او دشداشة من قماش البازا, وهو نوع معروف هنا حيث كانت الدولة تصنعه وتدعم تسعيرته ليصل لكل العراقيين , كأنها ترمي لتلبس الشعب زيا موحدا من القماش المقلم الألوان بالخطوط التي تقارن بملابس السجناء ايام افلام الأبيض والأسود , ويبدأ المطيرجي جيراني بالتلويح بهذه العصا التي تتوعد الطيور وهي تتمايل يمينا ويسارا تصنع زوابع وعواصف هنا وهناك من الأتربة والريح , فتحلق الطيور على شكل سرب مجبور ان يبقى يدور حول السطح منتظرا لحظة ان تكف العصا عن تهديده بأن لا يهبط والا سيضرب , ولابد من وجود موسيقى تصويرية طبيعية لهذا المشهد الصباحي , فتسمع المطيرجي يصرخ وهو يلوح بالعصااا, هسسسسسس ونسسسسس وعااااا, وكأن العصا وحدها لا تخيف طيوره لتبقى محلقة , وكأنه اعلان ساعة الحرب الصباحية , وتتداخل الأصوات مع رفرفة اجنحة الطيور لتعلن لكل نائم على السطح ان هنالك استعراضا جويا اخر , فشدوا لحافكم وبطانياتكم واحموا رؤوسكم من القصف الضروووكي القادم لا محالة, كعادة كل صباح عراقي غير باكر .

ويعلو الصفير من كل سطح يأوي قاعدة طيور ضركية, ويبدأ الصراع الجوي بين هذه الأسراب , والسطحي بين القادة المطيرجية, وتبدأ بالفعل حلقة جديدة من ستار اكاديمي الا ان السباق هنا حول من صاحب اعلى صفيررر ,وبدأت القنابل الضركية العنقودية بالهبوط , لتملأ اسطح المنازل, وتختم على الطابوق ختم جمهورية الريش المتحدة, ويأبى المطيرجي ان يسمح لطيوره بالعودة لقفصها , الا ان تاتي له ببعض الغنائم, وهي عبارة عن اندماج طيور اخرى معها بالصدفة من سرب مطيرجي اخر , وهنا التحدي بين الدول التي لا تجمعها طاولة حوار ولا لجان ترسيم حدود الجوار, والمطيرجي كلمة تعني مربي الطيور, او معذبها فلا فرق, وبعد نشر الضروك في ربوع الوطن , بعدالة لا يشكر عليها تهدأ العصا , وينخفض صوت الهنود الحمر تدريجيا , بعد ان غنى النشيد الوطني وهو يرى الغنائم , طيورا جديدة, عااا هسسس نسسس .. وبالتأكيد انا صاحي ملتحف في لحظات الأنتصار هذه , فكيف افوت على نفسي الألتحاق بركب التاريخ الوطني العراقي حتى لو كان صباحا ضركيا بأمتياز .. حياة سعيدة... بس لو تجي الكهرباء وتخلصني من السطح!

وهنا انعم بدقائق نوم اخرى , فوق السطح, متوقعا شجارا بين المطيرجية لا محالة , كما هي حال كل حرب جوية , غنائم وخسائر ومطالب تحقق السلام اخيرا , الا ان الشجار عادة يتأجل بينهم لما بعد الظهيرة, لحين ان يكتشف احدهم ان هنالك طيورا قد ضاعت منه فعلا , فيجمع المطيرجية المشاركين في استعراض الضروك اليومي , وتبدأ معركة هي اقرب منها لصورة الليمبي وهو يفتح سكينه قرن الغزال , ولكنه لم يستخدمها ابدا , وعلى غير العادة , تأتي مجموعتين بعد هذا النشيد الصباحي لمعركة الضروك, وتقابل احدهما الأخرى لترفع الستار عن اوبرا بكين للشتائم, وهنا امد رأسي من السطح واشعل سيكار الصبح ما قبل الفطور, لأشاهد شجارا اولى مراحله هي الشتائم عن بعد.. ثم الطابوق المتطاير , بين مجموعتين من المطيرجية يرتدون سروال سندباد تلك الشخصية الكارتونية ,وبعد افراغ ما في فراغهم من فراغ , يذهب كل منهم لحال سبيله دون أي تلاحم بالأيدي او الأرجل, فها هي الرجولة والحمية تنهض اخيرا من سباتها لتعلن للجميع انهم من وطن واحد واصحاب هدف سامي او رامي واحد وهو تضريك فلسفة الضرروك .

فلسفة الضرك وتطبيقاتها السطحية الحديث فيها يطول لكني اختم حاليا بهذه المعلومة, يأتي المساء واذا بالمجموعتين تتحد وتتراقص وتتنافس على جائزة انكر الأصوات التي تغني سعدي الحلي , وحالة السكر والمخدرات لا تحتاج تحليلا طبيا ليثبتها عليهم , وهذا يعني ان مشكلة الطيور الصباحية قد تم حلها على طاولة لبلبي وعرك عصرية فلة , وهذه يصعب ترجمتها اسأل أي عراقي ليشرح لك, فلست املك قاموسا تم طباعته في البار ... ليلة ليلة ليلة.. ليلة ويوووم ليلة ويوم .



#سرمد_السرمدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بالنسبة لهذا الصباح العراقي
- صباح الذبان يا عراق
- حول الأجناس الأدبية
- جماليات الفضاء في فن العمارة البغدادية
- بين الجليل والجميل في الفن
- قراءة درامية للنظريات الماركسية
- قراءة درامية من قبل التوسير للماركسية
- الجمال عند شارل لالو
- المسرح في اليابان
- التكامل التقني في العرض المسرحي
- التجريب في سينوغرافيا العرض المسرحي
- حول المسرح الطبيعي
- المخرج المسرحي الفرنسي أنتونان آرتو
- بسكاتور والمسرح السياسي
- مدخل للفرق بين العلم والفلسفة
- الجمال في فلسفة ابن عربي
- الأداء التمثيلي المسرحي عبر العصور
- التمرد في دراما الفن المسرحي
- غروتوفسكي المخرج المسرحي البولندي
- -هيبياس الأكبر- أهم المحاورات الأفلاطونية


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سرمد السرمدي - العشق الضروكي في العراق