أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نذير الماجد - عبثية أن تكون حيا














المزيد.....

عبثية أن تكون حيا


نذير الماجد

الحوار المتمدن-العدد: 3121 - 2010 / 9 / 10 - 23:55
المحور: الادب والفن
    


على طريقة الشمس التي تشرق لأنها لا تملك سوى أن تفعل ذلك، كذلك تنسرد الحكاية، فتبدأ من حيث تنتهي أو تنتهي من حيث تبدأ، أو لا تبدأ أبدا.

ربما كانت ولادة عابثة تقفز إلى حياة تنتهي بموت، الولادة الحياة الموت:ثلاث قفزات أو ثلاث درجات في سلم لا نهائي يوصلك إلى المكان أو اللامكان أو نقطة الصفر.

الشمس تشرق لكي تغرب، والفأر يُقتل وإلا فسيموت، و"هام" ينفي والديه إلى المكان نفسه، والزوجان العجوزان يرغبان في ممارسة الحب في صندوق قمامة، و"كلوف" الحكيم يحدق في الحائط،، ثم تنتشي السلطة في توسل الكلب الذي هو دمية بلا قدم، والمنولوج هو نفسه يتكرر ويعيد اللاذكرى أو النسيان المركب، تنسى وتنسى أنك تنسى.

فليس اليوم سوى اللاحق لذاك الأمس الملعون الذي مر: عبثية أو لعبة لا تنتهي حتى تبدأ أو لا تبدأ حتى تنتهي.إن المنولوج الذي يتكرر يكشف عن أن ثمة شيء يتبع مجراه، وعلى امتداد النص بل وفي كل أعمال بيكيت يتكرر في صيغة تكاد تكون واحدة،ووفقا لكولن ولسن لا يوجد تفاوت في أعمال بيكيت، قراءة عمل واحد تكفي لتأويل كل نصوصه، فليس ثمة تمرحل في أدبه وإنما هنالك فقط تزامن كما يعبر بول شاؤول:

هام: كلوف!ـ
كلوف: نعم
هام: ماذا يجري؟
كلوف: شيء يتبع مجراه
هام: كلوف!ـ
كلوف: (منزعجا)وماذا تريد أيضا؟
هام: ألا ترى أننا في صدد أن نعني شيئا؟
كلوف: نعني؟ نحن، نعني؟ (ضحكة قصيرة)ـ

إنها ثرثرة تنطوي على نظر وحكمة تكشف عراء الأشياء، أو هي الحكمة التي اكتملت حتى انكشف لها الغطاء فاستحالت إلى قهقهة هي ضحكة العدم.. ذاك مقام عظيم لا يرقاه إلا مهرج يعرف معنى الضجر أو اللامعنى أو اللامبالاة، وهو الأمر الذي توصل إليه بحذق كبير "فوكلن" الذي كان ذكيا بما يكفي لكي يعرف أن للخبالة قيمة معرفية لا تملكها الشكوكية نفسها، فوكلن ليس شكوكيا، لأن لدى الشكوكي لزال ثمة يقين يجعله غير قادر تماما على التبصر.

عرف بيكيت كيف يحيل اللغة إلى ثرثرة، والثرثرة التي تسكنها ضحكة العدم هي القادرة على الكشف، والمجنون هو المفكر والفيلسوف الذي من شأنه وحده أن يرسم للعالم كينونته التي هي سديم من غباء، والفكاهة –أو الخبالة- هي الشكل المعرفي الوحيد للولوج إلى هذا العالم أو المنزل الذي تفوح فيه رائحة الجثة.

في "نهاية اللعبة" كان على بيكت أن يكون عبثيا أكثر من جوجو في "انتظار جودو" التي كان لعبثيتها تخم الانتظار والرحيل، في لعبة جدلية يسكنها الضجر والفكاهة في ذات الوقت.

لعبة الانتظار هي انتظار محض، انتظار جودو الذي هو اللاشيء كما أن الانتظار هو اللازمن لكنه مع ذلك يلتصق برحيل. الرحيل والانتظار إن كان ثمة معنى فهو انتظار في العدم ورحيل إلى اللاشيء، وفي الانتظار ثمة إدراك بالزمن، ليس بمعنى الآن الذي لم يأت بعد أو الماضي الذي كان آنا، بل بمعنى المستقبل الذي هو البداية نفسها، وللانتظار خاصية انطولوجية للكينونة كما أن الموت يصبح امتيازا للكائن، والانكشاف والانحجاب يصبحان الشيء نفسه: كنه الأشياء والعالم، ولذلك فإن الرحيل هو الوجه الآخر للإنتظار، جوجو يريد أن يرحل وفلاديمير يعده بمزيد من الانتظار، لكن أحدهما يشبه الآخر إذ لا توجد ملامح محددة لشخوص بيكيت.

في مسرحية "في انتظار جودو" كان هناك معنى ما للزمن الذي يشكله الانتظار، لكن هنا في "لعبة النهاية" يبدو المعنى وقد تقلص حتى بدت اللغة مجرد أصوات والسلم والأيام والأشخاص وكل شيء آخر ليست أكثر من متوالية لرقم واحد هو الصفر، كل هذا في منزل صغير فيه قمامة أو برميل يمص العجوز فيه البسكيوت ونافذة تطل على الموت، ثم لا شيء..

أن تحيا هو أن تنتظر، تلك هي "لعبة النهاية" لبيكيت: ( ننتظر طيلة الحياة كي تصنع لك هذه اللحظات حياة).. أو كما يقول جوجو: نجد دائما شيئا ما يا ديدي، لنوحي لأنفسنا بأننا نعيش، ألا ترى؟



#نذير_الماجد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تبن لك بيتا
- البغدادي يلقي الضوء ويرحل
- سعودة الحداثة !
- المشروع التغييري والمسكوت عنه: الشيخ الصفار أنموذجا
- حين يكون -جان كالاس- سعوديا !
- التصوف كخطاب تنويري
- التشيع والشيرازي وفلسفة التاريخ *
- عندما يتحول التاريخ إلى دين -3-3-
- عندما يتحول التاريخ إلى دين (2-3)
- عندما يتحول التاريخ إلى دين (1-3)
- ماراثون القطيف وصديقي المتشائم
- تمرين على السياسة الشخبوطية !!
- من اللاهوت إلى علم الأديان: محاولة للفهم
- ما وراء كلمات العريفي
- السيستاني والعريفي والتقيؤ الطائفي
- بين المتدين الأصولي والشامان
- البطولة الزائفة
- أنفلونزا التبشير المذهبي
- ذهنية التحريم في العقل الشرعوي
- عيد وطني ينقصه وطن !!


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نذير الماجد - عبثية أن تكون حيا