أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - عباس ساجت الغزي - اطفال العراق وظاهرة العنف















المزيد.....

اطفال العراق وظاهرة العنف


عباس ساجت الغزي

الحوار المتمدن-العدد: 3121 - 2010 / 9 / 10 - 09:06
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


( أطفال العراق وظاهرة العنف )
عباس ساجت ألغزي
عــــاش العراق فترات عصيبة من الحروب والدمار والإرهاب كانت نتيجتها غياب الـوعي الثقافي وروح المواطنة في ظل قادة وساسة حكموا البلاد اخذوا على عاتقهم كتابة التاريخ العراقي بتلك الصورة المأساوية من الجهل والتخلف ...
إن غياب الوعي الثقافي وروح المواطنة نتج عنه مجتمع متفكك يفتقر إلى ابسط مقومات المجتمع السليم وأصبح الإنسان العراقـــي يعيث في الأرض فسادا دون الشعور بالمسؤولية وروح الوطنية .. والنتائج واضحة للعيان من خــــلال الوضع المزري الذي يعيشه البلد ألان والتداعيات الخطيرة التي تهدد المواطن وتدمر الأسرة وتنذر بانهيار ماتبقى من مقومـــــات المجتمع العراقي .
ولكم ظاهرة من الظواهر السلبية الكثيرة في بلد المفارقات ، وهي ظاهرة العنف لدى الأطفال وفيها تداخلات كثيرة منها العنف الأسري والعنف في المدارس ولكن هنا أتطرق إلـــى عنف الأطفال في المجتمع وما يسمى تكتيكيا ( حرب الشوارع ) وما له من مخاطر كثيرة ..
حين تدخل أي مدينة .. تقوم بزيارة المناطق السياحية والأثرية للتعرف بحضــارة وثقافة تلك المدينة ومن ثم تذهب لزيارة الأسواق للتعرف إلى طريقة التعامـــل والــتداول والبيع والشراء ونوع البضائع التي تباع لتكون صورة عن المجتمع في تلك المدينة ..
في مدننا العراقية المناطق السياحيــــة تفتقر إلى كل مقومات السياحـــة مناطق مهجورة غير صالحة للسكن ولا التجول فيها لغياب دور الحكومـــة ولانعدام الثقافة عند الناس في المناطق السياحية ، إما المناطق الأثرية فقد تحولت إلى ثكنات عسكرية ومناطق محظورة ..
وحين تدخل الأسواق ترى الناس افترشت الأرصفة ونزلت إلى الشارع العام لعرض البضاعة ومن المفارقات أن تجد محلات بيع الأحذية فاخرة ، معارض من الزجاج المزركش والعامـــل ينظف الزجاج كل ساعة خوفا من الأتربة إن تشوه المنظر ، بينما محلات بيع اللحوم والفاكهة والمواد الغذائية مكشوفة للأتربة والهواء الساخن وأشعة الشمس .. إما محلات بيع لعب الأطفـــال فالطامـــة كبرى فيها فقد تحولت إلى متاجر لبيـــــع للأسلحة الثقيلة والخفيفة والرمانات وحتى عبوات ناسفة وصواعق والعاب نارية شديدة الانفجــــــار وسيارات صغيرة بألوان وإشكـــــال سيارات الجيش . صحيح أنت تراها بلاستيكيـة وغير حقيقية ولكن بالنسبة للأطفال والمراهقين يرونها عالــم آخر فهي تشبع رغباتهم وتكون شغلهم الشاغل ويسيل لها لعابهم ويشرونها بأسعار خيالية ..
تصيبك حالة من التعجب والدهشة وتتساءل في قـرارة نفسك وأنت تنظر .. ممكن إن يشتري احد لاطفالة تلك الألعاب ؟؟؟؟
لكن ما أن تخرج من الأسواق إلى الإحياء السكنية حتى ترى الجواب أمام عينك .. أطفـــــال بمجموعات صغيرة وكبيرة منظمة في اغـلب الأحيان حين تمعن النظر فيهم تتعرف بسرعة لقائد المجموعة كونه متميز عنهم بنوع السلاح ويحمل بيده جهاز إرسال لاسلكي يؤمــن من ( 50 – 150 م) إما الأطفـــال الآخرين يحملون أسلحـــــــة مختلفـــة من مسدسات بإحجامها ورشاشات مختلفة الماركات وقاذفات صواريخ وصواعق بأصـــوات قوية ، والأسلحة كلــها محشوة بعتاد عبارة عن صجم بلاستيكي .
يجتمع الجميع في ساحة المنطقة يتداولون خطــة الهجوم ويوزع القائــــد الأدوار على إفـــراد ألمجموعه وطريقة التحرك والانسحاب إذا ما خسروا المعركة ..
تنتقل من مشهد الشارع إلى شارع مجاور في نفس المنطقة حتى ترى مجموعــة أخرى تحمل الأسلحة ومنتشرة على مفارق الشوارع الفرعية وهم يستترون بجدران البيوت جاهزون على أهبة الاستعداد لصد الهجوم أو شن غارة مباغتة ..
فجاءه تسمع الأصوات تتعالى بالصراخ .. هجوم .. هجوم ويلتقي الجمعان في معركة شرسة ترى الحقد واضح في نظرات البعض والرغبة في إيقــــاع اكبر أذى، واضحة في طريقة قتال البعض الأخر ، وأخر تنفذ ذخيرته فيستخدم الحجارة ليرمي بها على الآخـرين .. تنجلي الغبرة عن ارض المعركة وإذا طفل مصاب بعينه والأخر يصرخ من شدة الألم لتلقيه ضربة .. ويخرج صاحب البيت القريب من المعركة ، يصرخ بأعلى صوته ( الله اكبر ) والله ملينة نريد نرتاح .يثيرك الصوت كونه صـادر من شخص كبيرة في وسط معـــركة إبطالها صغــــار، تدير ببصرك لتراه .. رجــل كبير في السن نحيف الجسد أضعفه المرض والفقــر ومخلفات الحروب التي شارك فيها ،، تميل ببصرك قليـــلا لترى طفلـــة تقف بجانبه منثورة الشعر يعلوها الغبار وكأنها لم تستحم من أسابيع ترتدي ثوبا لاترى له لونا واحدا لتأثير أشعة الشمس فيه وتحمل بيدها بندقية بلاستيكية ثمنها ( 5000 ألاف دينار عراقي ) علما أن سعر ثوب جديد بمقاسها يكلف ( 3000 ألاف دينار ) فقط ولكنها وأهلها لاتمتلك ثقافة النظافة والجمال وتفضل ثقافــة العنف السائدة في المجتمع ...
تتألم وأنت تشاهد تلك الظواهــر فتقرر السير قدمــا وتعبر الشارع إلى الجهة المقابلة تـــرى مستشفى إمامــك يفتقر لجميع معاني اللفظ الجميـل الذي يحمله .. تقف لترى إبـــاء وأمهات يحملون أطفالهم هذا مصاب بطلق بلاستيكي في عينه ، وأخر شق رأسه نتيجة شدة خارجية من ذاك الذي نفذت ذخيرته فقرر استخدام الحجارة ، وأخــر حرقت يده بصاعق لعبـة نارية لم يتمكن من إشعالها بصورة صحيحة لشدة المعركة ، وأخر جرحـت رجلة وتحتاج إلى خمسة أقطاب خياطة نتيجة دخوله منطقة النفايات إثناء الهجــوم والانسحاب يثيرك صراخــه من شدة الألم تقترب منه وإذا هو قائد ألمجموعه التي بدأت الهجوم ، تنظر إلى أمه التي تحمـله ترتدي عباءة سوداء وفي بعض المناطق حمراء لتغير لون القماش من القدم و أشعة الشمس وممزقة من الحاشية الخلفية حتى ترى الثوب الذي ترتديه من الشق،، ووجهها ببشرة سمراء تلمع ليس من النظافة بل نتيجة الإفرازات الدهنية التي لم تمسسها رغوة الصابون لشدة الفقر وعدم وجود صابون بالوجبة ( مفردات البطاقة التموينية ) علما إن سعر ألصابونه ( 250 دينار عراقي ) فقط ، وسعر السلاح واللاسلكــي الذي اشترته لابنها ( 15000 ألف دينار عراقي ) وهنا المفارقات ..
تواصل السير بجانب جدار المستشفى حتى تصل إلى بناية مـــركز الشرطة ، تنظر إلى بنايـــة حصينة يحرسها رجــال شرطة مدججين بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة والستر الواقية مــن الرصاص وكأنهم فــي بنايـــة حدودية أو ساحــة قتــال وليس مــركز شرطة ينظم شؤون المواطنين في منطقة سكنية .. ترى مجموعة من الناس تقف في استعلامات المـركز منهم من يتبادل الاتهامـــات ومنهم مــن يكتفي بتبادل نظرات الــوعيد .. تدير بصرك نحـوا الناس فترى الرجل النحيف الذي كان يقف في باب داره ويصرخ ، ولكــــن هذه المرة يصرخ في مــركز الشرطة على رجل آخر هو أب لأحد الأطفال الجنود المهاجمين ..
تخرج من المنطقة إلى منطقة أخرى ولكنها تجارية هذه المرة فيها مكاتب تجارية كثيرة تدخل احـــد المكاتب الفخمة وعليه لافته كتــب عليها ( القمــة للاستيراد والتصديــر ) تدفــع البـــاب الزجاجي للواجهة فتشعر بوخز البرودة معطرة برائحة طيبة ، تدخل لترى إمامك مكتب فخــم من المكــاتب الرئاسية يجلس خلفه رجـــــل سمين صاحب رأس كبير يرتدي زى عـربي ناصع البياض ، يتكلم بجهاز الهاتف ، الكلام يخرج بصعوبة من انفـه لتضخم الغدة الدرقية في رقبته ..
تسلم وتجلس حتــى ينهي مكالمته وهو مستمر بالمكالمة ( نعم اشحن البضاعة بأسرع وقـــت ممكن لدينا طلبيه كبيرة يجب إن تسلم ..... ) ينهي المكالمة ويلتفت ، الله بالخير ، كـان عندي اتصـــال مهم مع مكتبنا الأخر في الصــين لغرض الإسراع بجلب طلبيه لعــب أطفـــال .. تبادر بالسؤال أي نوع من اللعب ؟؟ تأتــي الإجابــــة : متنوعة 90% منها أسلحة للأطفال عليها إقبال كبير وفيها إرباح كبيرة .. وهنا تقاطعــه ولكن مضارهـــا أكثر من فوائدها وهي ظاهرة سلبية وخطيرة على المجتمع وأطفالك وتنشأ جيل يعشق العنف وتدمير المجتمع ولن تجد لك مكان امن في ذالك المجتمع . إضافة إلى أنها هدر بالمال العام وبالتالي انهيار اقتصاد البلد ..
هنا يقاطعك ..والله نفعها كبير واقتصادنا منتعش ونحـن نجني الملايين من هذه التجارة وخير من الله .. تسأله : أنت لست وحدك في المجتمع هناك أناس تحــت خط الفقر ؟ والبلد بحــاجة إلى استثمـــار الأمـــوال وليس التبذير بهكذا تجـــارة خاسرة تذهب هباءا منثورا ؟؟ هنا تأتي الإجابة المعتادة في ثقافة العراقيين ( أني شعليه )...
تقرر حينها إن تلملم جراحاتك وتخرج بعيدا لتكتب عمـــا يجري وتتبع اضعف الإيمان قـــول رســـول الله صلــى الله علية واله وسلم " مــن رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع بلسانه وان لم يستطع بقلبه وذالك اضعف الإيمان "



#عباس_ساجت_الغزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- مسؤول أممي لبي بي سي: -المجاعة في غزة قد ترقى إلى جريمة حرب- ...
- الأونروا تدعو لرفع القيود عن وصول المساعدات إلى شمال غزة
- الأمم المتحدة: هناك مؤشرات وأدلة واضحة تثبت استخدام إسرائيل ...
- نادي الأسير: الاحتلال يستخدم أدوات تنكيلية بحق المعتقلين
- رفح.. RT ترصد أوضاع النازحين عقب الغارات
- ميدل إيست آي: يجب توثيق تعذيب الفلسطينيين من أجل محاسبة الاح ...
- بعد اتهامه بالتخلي عنهم.. أهالي الجنود الأسرى في قطاع غزة يل ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمركز الوطني لحقوق الإنسان حول اس ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة لمركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان ح ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان حول ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - عباس ساجت الغزي - اطفال العراق وظاهرة العنف