أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (الحلقة الأخيرة)















المزيد.....



إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (الحلقة الأخيرة)


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 3120 - 2010 / 9 / 9 - 22:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


رزنامة الأسبوع 3 أغسطس - 5 سبتمبر 2008

(35)
نختم، هذا الأسبوع، سلسلة حلقاتنا هذه التي سعينا من ورائها، وعبر تتبعنا لأهمِّ المحطات الفكريَّة والسِّياسيَّة في تاريخ الحزب الشِّيوعي (السوداني)، إلى تفنيد دعوى صحيفة (التيَّار) بأنه حزب شمولي النزعة، وكان، منتصف عام 1989م، يعدُّ للانقلاب على النظام الدِّيموقراطي، لولا أن الجَّبهة الإسلاميَّة سبقته إلى ذلك.
في السِّياق انتهينا، الأسبوع الماضي، إلى تبني الحزب لـ (الدِّيموقراطيَّة الليبراليَّة)، من خلال دورتي لجنته المركزيَّة في أغسطس 1977م وديسمبر 1978م، بالمفارقة لـ (الديموقراطيَّة) البديلة (الجديدة، الشعبيَّة، الموجَّهة .. الخ)، كما هي واردة في دفاتر الماركسيَّة اللينينيَّة، وفي خبرة النموذجين السوفيتي والصيني، ونماذج ما كان يُعرف، أيَّامها، بـ (الأنظمة التقدُّميَّة) في المنطقتين العربيَّة والأفريقيَّة، وذلك من فوق منهجيَّة فكريَّة لخَّص الأستاذ نقد مضمونها، لاحقاً، بقوله: ".. هذه تجربة خضناها (عمليَّاً) ولسنا مستعدين لنخضع فيها لنصائح نظريَّة .. الحزب لن يخاف إطلاقاً من طرح رأيه في أن الدِّيموقراطيِّة الليبراليَّة في السودان كانت وما زالت في مصلحة تطوُّر الحركة الجَّماهيريَّة، ومصادرتها كانت باستمرار لمصلحة التطوُّر الرَّأسمالي، والخراب الاقتصادي، ومصادرة الدِّيموقراطيَّة، وانتهاك السَّيادة الوطنيَّة .. (و) لن يوافق، ولن يسكت، ولن يهادن، فيما يتعلق بالحقوق الأساسيَّة، والحُرِّيَّات الدِّيموقراطيَّة للجَّماهير (حوار مع م/ "بيروت المساء"، أغسطس 1985م).
ومع أن هذا النظر (البراغماتي)، في هذه المسألة المحدَّدة، لا يلغي شيئاً من سداد التحليل الماركسي اللينيني العام لجوهر الليبراليَّة السِّياسيَّة كمنجز برجوازي يمثل المصدر الأيديولوجي لـ (شرعيَّة) سلطة الرَّأسماليَّة؛ ورغم أنه لا يمسُّ شعرة من صحَّة هذا التحليل لمضمون برلمانات الرَّأسماليَّة وانتخاباتها، كبرلمانات وانتخابات تتأسَّس باسم (الحُرِّيَّة) و(المساواة) و(الدِّيموقراطيَّة)، لكن من فوق سيطرة الطبقات المستغِلة (بكسر الغين) على جُلِّ الثروة وكلِّ السلطة؛ إلا أن هذا النظر البراغماتي نفسه هيَّأ للحزب معرفة قيِّمة بالدِّيموقراطيَّة الليبراليَّة التي ظلت، مقارنة بالشُّموليَّة، توفر، دائماً، مناخ العوامل الموضوعيَّة الأكثر مواءمة وترجيحاً لتطوُّر العمليَّات السِّياسيَّة السِّلميَّة في البلاد، ولتفجير طاقات الجَّماهير، ومبادراتها الذاتيَّة، بقدر ما ظلت توفر لكياناتها، وقواها، ومنظماتها المستقلة، وللحزب نفسه، أوسع فرص النموِّ والازدهار الطبيعيين في الهواء الطلق، في ساحات الحُرِّيَّات العامُّة والحقوق الأساسيَّة (البرجوازيَّة)، بعيداً عن (ثيرموستات) النشاط السِّرِّي، و(ديب فريزرات) القوانين المقيِّدة لهذه الحُرِّيَّات والحقوق. لهذا أضحى الدفاع عن هذه الحُرِّيَّات والحقوق، في مواجهة كلِّ محاولات إهدارها، واجباً مقدَّماً أمام الحزب والحركة الجَّماهيريَّة، مِمَّا جعل النضال من أجل (الدِّيموقراطيَّة الليبراليَّة) يستقرُّ كسمة ثابتة، وقانون أساسي، لتطوُّر الثورة السودانيَّة.
عرضنا، أيضاً، في نهاية الحلقة الماضية، إلى مسألة أخرى جديرة بالاعتبار، تتعلق بتأكيد لينين المستمر على أن الانتقال من الرَّأسماليَّة إلى الاشتراكيَّة "لا يمكن .. ألا يعطي غزارة هائلة وتنوُّعاً في الأشكال السِّياسيَّة" (الدَّولة والثورة، ص 35)، مشدِّداً على أن كلَّ الشُّعوب سائرة .. نحو الإشتراكيَّة، ولكن بطرق متباينة، بحيث تحمل كلٌّ منها خصائصها المميَّزة إلى هذا الشَّكل أو ذاك من الدِّيموقراطيَّة .. وليس ثمَّة ما هو أكثر .. مدعاة للسُّخرية .. من أن نتصوَّر المستقبل، تحت دعوى (الماديَّة التاريخيَّة)، بلون رمادي وحيد" (حول السُّخرية من الماركسيَّة وحول الاقتصاد الامبريالي، ص 123). مع ذلك فإن لينين نفسه هو مَن ظلَّ يشدِّد على (دكتاتوريَّة البروليتاريا) كجوهر وحيد لهذا الانتقال من الرَّأسماليَّة إلى الاشتراكيَّة (الدَّولة والثورة، ص 35). وبرغم كونه لم يستبعد أن تحمل "الثورات القادمة في بلدان الشرق .. تنوُّعاً أكثر مِمَّا حملته الثورة الرُّوسيَّة" (حول ثورتنا، ص 439)، إلا أن (سلطة السُّوفيتات)، كشكل تاريخىٍّ محدَّد لـ (دكتاتوريَّة البروليتاريا) يعكس خصائص الثورة في روسيا، ظلت تشكل النموذج الملموس لهذا (التنوُّع)، والأكثر حضوراً ضمن نتاج لينين الفكري، الأمر الذي جعل منها، ومن نماذج (الدِّيموقراطيَّات الشَّعبيَّة) بالتبعيَّة التاريخيَّة أيضاً، (قيمةً معياريَّة) لدى معظم الشِّيوعيين والثوريين في العالم ، لما يربو على ثلثي القرن.
غير أن الحزب أفلت، بحسب نقد، ومنذ صدور برنامج مؤتمره الثالث، غداة الاستقلال عام 1956م، "من التأويل (الشِّيوعي) السَّلفي .. عن أن دولة الدِّيموقراطيَّة الشَّعبيَّة في الصِّين وشرق أوربا تؤدي وظيفة (دكتاتوريَّة البروليتاريا) في ظروف تاريخيَّة خاصَّة" (ورقة "مبادئ موجهة .."). فهذا المصطلح لم يرد في وثائق الحزب، إطلاقاً، ولذا، ".. ما من مبرِّر نظري أو مسوِّغ سياسي يجيز أن يرد .. فى برنامج حزبنا في المستقبل" (المصدر نفسه).
مع ذلك كله، ليس من الصَّعب ملاحظة (الاسترشاد) بالمنهج الماركسي اللينيني نفسه في هذه التلخيصات والاستنتاجات، سواء من جهة تحاشي الانكفاء على (الرَّمادي) كلون وحيد للمستقبل، أو فيما يتعلق بإيلاء قضيَّة (التنوُّع) القدر اللائق من الاعتبار، أو حتى في ما يتصل، كما أشرنا، باعتماد البراغماتيَّة Pragmatism، أحياناً، لا كنظريَّة متكاملة في النشاط الثوري، ولا كضرب من (التجريبيَّة) أو (التأمُّليَّة)، وإنما، فقط، كأداة للمعرفة ليس من الحكمة إغفالها تحت "أيِّ شعارات أو نصائح نظريَّة"، على حدِّ تعبير نقد الذي أضاف قائلاً: ".. ليس هذا اكتشافاً نظريَّاً جديداً، وليس تطبيقاً خلاقاً للماركسيَّة، وليس ادعاءً بعبقريَّة، ولكنه قراءة للواقع السودانى باسترشاد ماركسي حسب قدراتنا .. إنه لا يخلو من جانب براغماتي .. البراغماتيَّة أداة من أدوات المعرفة، ليست خطأ كلها، فيها جوانب عمليَّة صحيحة، لكن إذا تحوَّلت إلى نظريَّة كاملة للمعرفة يصبح أمرها شيئاً آخر. هذه واحدة من الخصائص المهمَّة بالنسبة لنا. هذه قضيَّة أساسيَّة" (حوار مع م/النهج ـ ع/25، 1989م، ص 51).
وبرغم تواضع القول بأن "هذا .. ليس تطبيقاً خلاقاً للماركسيَّة"، إلا أنه يضىء، في الوقت نفسه، مداخل الحزب القديمة صوب المبدأ المنهجي الذي كان قد صاغه ف. إنجلز في كلمته الرائجة: "الشِّيوعية ليست مذهباً، بل مرشد للعمل، وهى لا تنطلق من المبادئ، بل من الحقائق، والشِّيوعيون لا يعتبرون مقدمة لهم هذه أو تلك من الفلسفات، بل مجمل مسيرة التاريخ السابق، وبالأخص نتائجه الفعليَّة الحديثة في البلدان المتمدِّنة" (الشِّيوعيون وكارل هينتسين، ص 281)؛ وقد أشار لينين إلى الأمر ذاته، في سياق تقريره حول مهمِّات الشِّيوعيين في بلدان الشَّرق، قائلاً: "هذه هي المهمَّات التي لن تجدوا لها حلولاً في أي كتاب من كتب الشِّيوعيَّة" (تقرير أمام المؤتمر الثاني لمنظمات الشَّرق الشِّيوعية لعموم روسيا ـ 22 نوفمبر 1919م، ص 328).
لقد ظلَّ هذا الفهم ملازماً باستمرار لتطوُّر العمليَّات الفكريَّة الجارية في الحزب منذ آماد بعيدة، خصوصاً على صعيد المنهج، وهو ما انتبه إليه عبد الله علي ابراهيم، حين أخذ على بعض تصريحات الشفيع خضر، حول تجديد الحزب، ما لمح فيها من خلل منهجي، برغم تشديد الأخير الصائب على خيار الدِّيموقراطيَّة، فكتب يقول: "أزعجني تفكيك الشَّفيع الآلي للماركسيَّة إلى جزء صالح وجزء طالح. والرأي عندى أن الحزب الشِّيوعى كان قد فرغ من هذا الفهم بنباهة أكبر حين دعا إلى ما أسماه بـ (التطبيق الخلاق) للماركسيَّة على ظروف السودان وشعبه" (الصحافي الدولي، 6/5/2001م).

(36)
وكان نقد قد عاد، بعد سنوات من حواره مع (النهج)، للتأكيد على أن هذا المبدأ المنهجي ".. يخضع للتحديث وروح العصر .. و.. تخضع (لهما) النظريَّة أيضاً، وإلا تحوَّلت إلى عقيدة جامدة. فالنظريَّة تبقى علميَّة ومرشداً بقدر تقيُّدها بأصول وقواعد ومناهج العلم، فتبادر لإخضاع استنتاجاتها للتجربة، كيما تتجاوز ذاتها، ولا تتعصَّب لخلاصة، أو نتيجة، دحضها محكُّ الممارسة، أو تجاوزها الواقع" (حوار مع حسين مروة حول النزعات الماديَّة في الفلسفة العربيَّة الإسلاميَّة، ص 43). ثم عاد، بعد سنوات أخرى، للتنبيه مجدَّداً، من خلال مساهمته في المناقشة العامَّة التي انتظمت الحزب، بهدف تجديد برنامجه، منذ بواكير تسعينات القرن المنصرم، إلى أن ".. البرامج العلميَّة تخضع لمحكِّ الممارسة والمشاهدة والتجربة، لا تعلو ولا تتسامى عليها فتنحدر إلى مسلمات جامدة" (ورقة "مبادئ موجهة" ..). بل لقد حرص نقد، قبل ذلك بسنوات، على إجلاء هذا الجَّانب المفصلي في فكر الحزب من خلال (الورقة الأولى) من سلسلة الأوراق الخمس التي دشَّن بها تلك المناقشة العامَّة، مؤكداً على أن الحزب، برغم تأثره نظريَّاً وعمليَّاً بالجمود السَّائد في الفكر الماركسي والحركة الشِّيوعية العالميَّة، ".. ظلَّ دوماً واعياً لضغط وإلحاح الاحتياج الموضوعي لنظريَّة الثورة السودانيَّة وبناء الحزب الثوري" (نقد؛ متغيِّرات العصر ..، ص 17)، كما شدَّد على أن صياغة هذه النظريَّة تتمُّ ".. من خلال تقييم حصيلة الممارسة واستجلاء المفاهيم ونسقها"، بما يستوجب ".. معالجة متأنية للكيفيَّة التي انبثق بها المفهوم المعيَّن خلال النشاط الفكري والعملي، كيف اكتسب طابعه الخاص وتمايز عن نظائره، وكيف تبلور المفهوم الصحيح في الصِّراع ضدَّ المفهوم الخاطئ، وكيف استقام المنهج السَّليم في مواجهة المنهج القاصر المعوج، فالمفاهيم لا تتبلور دفعة واحدة، أو بصورة فجائيَّة، أو من تأمُّل سلبي بعيد عن الممارسة الحيَّة في الواقع الحي. المفاهيم وليدة الممارسة النظريَّة المستندة مباشرة، أو بوسائط، إلى الممارسة الفاعلة في الواقع ـ مفاهيم جديدة تكتمل وتتقدَّم، ومفاهيم تتقادم وتندثر، وقد تكتسب مفاهيم قديمة محتوى جديداً" (المصدر نفسه). وأورد نقد، في هذا السياق، جملة من المنطلقات النظريَّة العامَّة التي صاغها الحزب عبر مسالك نضاله التاريخي، وأسهم فيها الشَّهيد عبد الخالق إسهاماً مستنيراً باتجاه الانعتاق من الجُّمود، من بينها "أن الماركسيَّة منهج وليست شعارات جامدة"، و"أن من المستحيل أن نرسم استراتيجيَّتنا اعتماداً على المنقول من الكتب، وتكييف الواقع بما يرضي تجارب الحركة الثوريَّة في هذا البلد أو ذاك"، وأيضاً تقرير الدستور المجاز في المؤتمر الرَّابع أن "الاشتراكيَّة علم .. ولأنها علم فهي مفتوحة لمساهمة الإنسان، وترفض الجُّمود الذي يحوِّلها إلى عقيدة لا تقبل المعرفة الجديدة .. (وأن) قيادة الحزب الماركسي للنظام الاشتراكي لا تعني وجوب نظام الحزب الواحد .. (وأن) الدَّور القيادي للطبقة العاملة لا يفرض فرضاً، بل يشترط اقتناع الطبقات والفئات الأخرى (تقرأ: الطبقات والفئات الكادحة ـ الكاتب)، من خلال تجاربها الذاتيَّة، بذلك الدَّور" (المصدر نفسه، ص 18).
ومع كلِّ ماتوفره هذه المنطلقات وغيرها من ذخائر نظريَّة، إلا أن أوراق الأستاذ نقد لا تنفكُّ تشدِّد على أن ".. الممارسة النظريَّة لا تعرف الكلمة الأخيرة، تقف عندها، وتنغلق على ذاتها ، فالزمان لا يعرف لحظة أخيرة، والتطوُّر لا يعرف مستوى أخيراً، والعقل لا يعرف فكرة أخيرة، والصِّراع لا يعرف معركة أخيرة .. لهذا لا بُدَّ من مواصلة الإسهام النظري بمستوى أشمل وأوسع وأعمق" (المصدر نفسه).

(37)
لقد سبق لنفس هذا الفهم النظري الجرئ للجانب العلمي مِن البراغماتيَّة، لا كنظرية متكاملة، بل كمجرَّد أداة للمعرفة، أن جرى استخدامه، والتنويه بسداده وجدواه، فى البرنامج (الدستور) المجاز فى المؤتمر الرابع للحزب عام 1967م، مِمَّا يؤكد على رسوخه، وكونه لم يكن طارئاً، عام 1977م ـ 1978م، على فكر الحزب. ففى سياق معالجته لقضية (السُّلطة السِّياسيَّة ـ جهاز الدولة ـ الدِّيموقراطيَّة)، باعتبارها القضيَّة المحوريَّة لثورة أكتوبر 1964م، شدَّد ذلك البرنامج على أن السُّلطة الوطنيَّة الدِّيموقراطيَّة ".. تقوم على الوعي والمعرفة السِّياسيَّة، ولا تدخل فيها اعتبارات أخرى لا صلة لها بالعمل السِّياسي المبني على البرامج العلميَّة، وعلى المشاهدة والتجربة" (دستور الحزب الشِّيوعي السوداني، 1967م). وفى مساهمته المار ذكرها (مبادىء موجهة) أورد نقد هذا المجتزأ، واصفاً إياه بأنه (سياج نظري) أحاط به برنامج 1967م (قضيَّته المحوريَّة)، ومشيراً، بصفة خاصَّة، إلى أن هذا السِّياج النظرى ".. يكتسب أهميَّة خاصَّة في الصِّراع ضدَّ الجُّمود في التعامل مع مفاهيم ومقولات السُّلطة السِّياسيَّة والدَّولة، إذ لا يقيِّدها بفلسفة بعينها، بل يخضعها للعلم ومنهج العلم، أي لا تدخل فيها اعتبارات لا علاقة لها بالعمل السِّياسي، والعمل السِّياسي نفسه ينبني على البرامج العلميَّة، وعلى المشاهدة والتجربة، بما يعني، ضمناً، أن البرامج العلميَّة تخضع لمحكِّ الممارسة والمشاهدة والتجربة .." الخ (مبادئ موجهة ..).
أمَّا إذا عدنا إلى عشيَّة انقلاب مايو 1969م، فسنلاحظ، مثلاً، أن اللجنة المركزيَّة كانت أقرَّت، آنذاك، بعض وجوه هذه المنهجيَّة التي تشكل جزءاً مهمِّاً من عظم ظهر الأداء الفكري والعملي للحزب، والتي عَمَدَ نقد، كما قد رأينا، إلى تركيزها، لاحقاً، وبعد أكثر من عقدين من الزمان، ضمن قيادته للمناقشة العامَّة. لقد أوردت اللجنة المركزيَّة في دورة مارس 1969م: أن ".. الماركسيَّة منهج وليست شعارات جامدة .. (و) من المستحيل أن نرسم استراتيجيتنا اعتماداً على المنقول من الكتب أو تكييف الواقع بما يرضى تجارب الحركة الثوريَّة فى هذا البلد أو ذاك" (الدورة الاستثنائية للجنة المركزيَّة، مارس 1969م، ص 12 ـ 14). ولعلَّ ذلك، بالتحديد، هو ما وقع سداده لعبد الله على ابراهيم فى باب فراغ الحزب من فهم (التطبيق الخلاق) للماركسيَّة، فى كلمته الجَّيِّدة المار ذكرها عن مقوِّمات توطين الحزب لهذا المبدأ في تربته الفكريَّة، فكتب يقول: ".. كان من أهمِّ أركان مبدأ التطبيق الخلاق هذا أن يتمتع الحزب، بادئ ذى بدء، باستقلال سياسي وفكري من وصاية ومؤثرات كائن من كان، وأن يكون مرجعه في اجتهاده الماركسي حقائق شعبه الاقتصاديَّة والتاريخيَّة والاجتماعيَّة والروحيَّة" (الصحافي الدولي، 6/5/2001م).

(38)
ولئن أمكن سَوْق هذه المعرفة الشِّيوعيَّة (السودانيَّة) ضمن الفضائل الكامنة في طلاقة التفكير، وكسر قشرة الجُّمود، واستقلاليَّة التعاطي مع خصوصيَّة الخبرة التي ظلَّ يطرحها الواقع (الأخضر) على طريق نضالات الشِّيوعيين (السودانيين)، مِمَّا وقع لحزبهم الذى "لم ينشأ .. فى السودان كفرع للتنظيم الدَّولى (الكومنتيرن) الذى جرى حله في بداية الحرب العالميَّة الثانية قبل تأسيس (الحركة السودانيَّة للتحرُّر الوطني) فى أغسطس 1946م" (نقد؛ متغيرات العصر ..، ص 19)؛ فثمَّة نماذج عديدة لخبرات أحزاب شيوعيَّة أخرى، جديرة، هى أيضاً، بالتأمُّل، واستخلاص العبر الماجدة، والدروس الكبيرة، المقدَّر لها، وحدها، يقيناً، أن تبقى حيَّة، بإزاء إيغال النموذج التاريخي التليد في التآكل والأفول! ومن ذلك، على سبيل المثال، أنه، وبرغم تعاظم أثر (الأمميَّة الثالثة) في نمذجة الأحزاب الشِّيوعيَّة الأوربيَّة على نسق (الهيكل البروليتاري) الموحَّد، وتنميط خطوطها الفكريَّة والتنظيميَّة كافة فى قالب (المركز البلشفي) الأب، وتحديد خياراتها، بالتالي، وبالضرورة، منذ مؤتمر الأمميَّة الخامس في 1924م، بالنسبة لنوع الدِّيموقراطيَّة الذى توخَّته، وطبيعة الطريق الذى انتهجته صوب الاشتراكيَّة، الأمر الذى قلل، برأى بعض المحللين، من حجم تأثيرها في الأحداث، وصرفها عن الاهتمام بالطبقة الوسطى التي أصبحت عُرضة، بسبب ذلك، للانجذاب الفاشي، بل ".. إن انتصار الفاشَّية في إيطالياً أولاً، وفي ألمانيا لاحقاً، كان نتيجة مباشرة وحتميَّة لذلك الاختيار الأعمى للأحزاب الشِّيوعيَّة ذاتها" (حميد بن عزيزة؛ "تحوُّلات التجربة الشِّيوعيَّة: من البلشفيَّة إلى الأوروشيوعيَّة"، م/عالم الفكر، ع/4، مجلد/30، أبريل ـ يونيو 2002م، ص 84)، إلا أن شيئاً من ذلك كله لم يحُل دون إصغاء هذه الأحزاب مليَّاً للمهام التى ظلت تطرحها، في أفقها، بإلحاح، دمدمة الحرب العالميَّة الثانية. فبالنسبة للحزب الشيوعى الألمانى، مثلاً، ".. لم يعُد الموقف من الحرب مطابقاً لطرح لينين تجاه الحرب الكونيَّة الأولى، فليست غاية الحزب تحويل الحرب إلى حرب أهليَّة، غايتها تحقيق الثورة الشِّيوعيَّة، وتحويل الحرب إلى (هزيمة ثوريَّة)، بل إن مهمَّة الحزب، الآن، هى البحث عن أفضل تماثل مع حركة التحرُّر من خطر النازيَّة" (نفسه، ص 85)؛ وهى، بلا شك، مهمَّة ذات طبيعة ديموقراطيَّة بالأساس. ووجد الحزبان الشِّيوعيان الفرنسي والإيطالي أن من أوجب واجباتهما، في إطار هذه المهمَّة الشَّاخصة في أفق حركتيهما، أنذاك، الانخراط الفوري، بلا أدنى تردُّد أيديولوجي، في صيغة العمل الجَّبهوي العريض، المناهض للنازيَّة وللفاشيَّة، والمدافع عن منظومة قيم ومبادئ الحُرِّيَّات والحقوق السِّياسيَّة المشمولة بالدِّيموقراطيَّة الليبراليَّة. ويكفي التذكير بأن النتائج الماديَّة والرَّمزيَّة لانتصار الجَّبهة الشَّعبيَّة في فرنسا، عام 1936م، أضفت على الحزب الشِّيوعى هناك طابعاً جماهيريَّاً لا مثيل له. وبعد مرور أقل من عام على تأسيس تلك الجَّبهة، جسَّدت تجربتها مشروعاً جديداً لهويَّة شيوعيَّة فرنسيَّة صارت، في ما بعد، رمزاً لـ (الهويَّات) الشِّيوعيَّة الغربيَّة الأخرى، وحفرت مفهوم (الأوروشيوعيَّة)* عميقاً فى الذاكرة الشِّيوعيَّة العالميَّة بأسرها (نفسه، ص 84).
من جهة أخرى، وفي إثر الصدمة المدوِّية التى أحدثها تقرير نيكيتا خروتشوف إلى المؤتمر العشرين للحزب الشِّيوعى السُّوفيتي، عام 1956م، إنصب شغل بلميرو تولياتى (1893 ـ 1964م)، قائد الحزب الشِّيوعى الإيطالي، على تحليل غير معهود لنتائج ذلك التقرير، حيث الرَّغبة فى الاستقلال ".. ما انفكت تتعاظم، لأن مجمل النسق الشِّيوعي أصبح متعدِّد المراكز، وفي داخل الحركة الشِّيوعيَّة ذاتها لا يمكننا الحديث عن قائد فريد، بل عن تقدُّم ينجز باتباع طرق مختلفة بوضوح" (ضمن المصدر، ص 87). ونبَّه تولياتى إلى أن "مهمَّة رسم الطريق الدِّيموقراطي للاشتراكيَّة تتطلب، إلى جانب الجُّهود العمليَّة، جهوداً أخرى في مجال البحث النظري" (ضمن: وحيد عبد المجيد؛ "مراجعة المفاهيم ضرورة للتجديد" ـ ضمن: عصام محمد حسن "تحرير"؛ تجديد الفكر السِّياسي فى إطار الدِّيموقراطيَّة وحقوق الإنسان ـ التيَّار الإسلامى والماركسي والقومي، ص 70). من حينها طرح (التفكير الجديد) ضرورة أن يسهم (التطوير السِّياسي) في (التطوير المعرفي)، فـ (المراجعة السِّياسيَّة) لا تكتمل إلا بـ (مراجعة معرفيَّة) موازية لها، ومرتبطة بها (نفسه). كما خطا تولياتي خطوة هائلة على طريق المزيد من تمثل الحزب الشِّيوعي الإيطالي لخصائص نسيجه القومي، وبخاصَّة عندما عاد ليذكِّر، فى وثيقة (وصيَّة الحزب) التى نشرت عقب وفاته، بضرورة ".. أن تتحقق وحدة الحركة الشِّيوعيَّة العالميَّة فى تنوُّع المواقف السِّياسيَّة الملموسة، المطابقة لوضع ولدرجة نموِّ كلِّ بلد" (ضمن: بن عزيزة؛ "تحوُّلات التجربة .."، ص 84).
وإذا لم يستطع أن يكون مقنعاً، بأى مستوى، التفسير القائل بأن انهيار النموذج الستاليني في البناء الاشتراكي، مطالع تسعينات القرن الماضي، ناتج عن عدم نضج البنية الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة فى روسيا، بلد (التجربة الأم)، مِمَّا رتب لعدم إمكان تلاؤم التطبيق مع المرجعيَّة النظريَّة للاشتراكيَّة كما كان يراها ماركس، لا كتماثل مع عناصر الفقر والتخلف، وإنما باعتبارها مآلاً حتميَّاً في التطوُّر الاجتماعي التاريخي، يتشكل، بالضَّرورة، من أقصى درجات الثراء والوفرة، وأعلى درجات النموِّ لقوى الانتاج الرَّأسمالي، الأمر الذى نعدُّه وجهاً آخر لتهافت القراءة الأيديولوجيَّة الموجَّهة؛ فإن ثمَّة وجهاً، مع ذلك، للاتفاق حول سداد رؤية المعطى الأساسي المتوفر بثبات، حتى الآن، والمتمثل في كون التسلط المطلق لمبدأ (المركزيَّة الدِّيموقراطيَّة)، في كلا مستويي البناء في الحزب وفي الدَّولة، هو المسئول عن إفساد العلاقة بين مركز الثورة ومحيطها، قوميَّاً وعالميَّاً. والمهمَّة الكبرى المطروحة، الآن، بإلحاح، أمام الأحزاب الشِّيوعيَّة كافة، هى ضرورة إنجاز تصوُّر متكامل، شديد الانسجام، لاشتراكيَّة ذات وجه إنساني يتسق مع التقاليد الدِّيموقراطيَّة للحركة العمَّاليَّة في كلِّ بلد، وينسحب على حياة الحزب نفسه الداخليَّة، مِمَّا يقتضى المواجهة الحازمة مع مبدأ (المركزيَّة الدِّيموقراطيَّة) المتصلب وغير الديموقراطي (المصدر نفسه). إن (موت النموذج) يطرح هذه المهمَّة، ليس أمام الأحزاب الشِّيوعيَّة الأوربيَّة فحسب، بل والأحزاب الشِّيوعيَّة فى البلدان النامية، أيضاً، ومن بينها الحزب الشِّيوعي السوداني، و".. تبقى ثورة أكتوبر الاشتراكيَّة، بكل زخمها ومؤثراتها، تجربة من تجارب ثورات الإنسانيَّة، وليست (الموديل)، النموذج، المسطرة، المثل الأعلى" (نقد؛ من حواره مع م/النهج ـ مصدر سابق).

(39)
تلك هى، إذن، القصَّة الكاملة لتطوُّر (الفكر الدِّيموقراطي) لدى الحزب الشِّيوعي (السوداني)، مبذولة لكلِّ من ألقى السَّمع وهو شهيد، وليس لصحيفة (التيَّار)، وحدها، إنْ كانت تروم (الإعلام)، حقاً وفعلاً، لا (البروباغاندا)! وهذه هي حقيقة المنهجيَّة المنفتحة التى عالج بها الشِّيوعيون (السودانيون)، عبر سنوات كفاحهم النظري والعملي الطويلة، مداخلهم إلى (الليبراليَّة السِّياسيَّة) القائمة على الحُرِّيَّات العامَّة والحقوق الأساسيَّة للجَّماهير، بصرف النظر عن أيَّة (دوغمائيَّة) يمكن أن تدفع باتجاه تعامل مغاير مع (النصوص) النظريَّة في هذا الشأن، وبغض الطرف عن الأثر الضاغط للنموذجين، السُّوفيتي والصِّيني، الماثلين، وقتها، فضلاً عن إغواء نماذج (الأنظمة التقدُّميَّة) في منطقة التحرُّر الوطني، آنذاك، وبرغم كلِّ خروقات القوى التقليديَّة لهذه الدِّيموقراطيَّة، تحت النفوذ المباشر للقطاع التقليدي على الاقتصاد والفكر والسِّياسة، الأمر الذى ليس نادراً ما عرَّض الحزب للمخاطر، ولسداد الفواتير، ودفع به، في فترات مختلفة من تاريخه، قبل 1977م ـ 1978م، لاتخاذ مواقف خاطئة لم يستنكف مِن نقدها، لاحقاً، وفي أكثر من مناسبة، وبأكبر قدر من الاستقامة والوضوح وعدم المكابرة. وكنموذج لذلك ننوِّه بالشهادة العفويَّة التي أدلى بها التجانى الطيب، سكرتير اللجنة المركزيَّة، ضمن (ندوة تقييم التجارب الدِّيموقراطيَّة في السودان) التي نظمها بالقاهرة (مركز الدِّراسات السودانيَّة) بالتعاون مع (مركز الدِّراسات السِّياسيَّة والاستراتيجيَّة بمؤسَّسة الأهرام)، خلال الفترة من 4 إلى 6 يوليو 1993م، ثمَّ صدرت عن المركز في كتاب بعنوان (الدِّيموقراطيَّة في السودان)، حيث أفاد التجاني قائلاً: "إذا كان إحنا ما أخطأنا خلال الأربعين سنة الماضية فما الذى أوصلنا إلى الحالة الموجودين فيها؟! .. نحنا وقعنا في أخطاء كبيرة و .. مؤثرة جداً على مسيرتنا و .. أثرت على مسيرة البلد"، ومن ثمَّ مضى يعدِّد أبرز أخطاء الحزب على هذا الصَّعيد، مِمَّا يمكن التماسه في المصدر المذكور (ص 451 ـ 453).
يخطئ، إذن، من يتصوَّر إمكانيَّة النظر للحزب الشِّيوعى (السوداني) ككائن أسطوري خارج الزمان والمكان المحدَّدين، بل خارج أشراط سيرورته التاريخيَّة نفسها، بينما الحقيقة أنه، كرابطة اختياريَّة بين مناضلين في سبيل أهداف ومبادئ محدَّدة، كائن حي، ينمو ويتطوَّر، بأشراط النموِّ والتطوُّر التي يخضع لها كلُّ كائن حي. وهو، بهذه الكيفيَّة، عُرضة لارتكاب الأخطاء، أحياناً، بقدر ما يحالفه الصَّواب، في أحيان أخرى. لكن يخطئ، أيضاً، وبذات القدر، من يجحد هذا الحزب ناتج كدحه الفكري والعملي، مثلما استسهلت فعل ذلك صحيفة (التيَّار)، على سبيل المثال، حين راحت تروِّج لفرية أنه كان يخطط، عام 1989م، لإحداث (انقلاب) على الدِّيموقراطيَّة الثالثة، مسقطة من حساب التاريخ الموضوعي، تماماً، محطة التغيُّر الكيفي التي كان الحزب بلغها قبل ذلك، كما قد رأينا، في 1977م ـ 1978م، من فوق جملة مراكمات كميَّة بذل لأجلها من التضحيات، عبر مسالك نضالاته اليوميَّة الشَّائكة، ما لا يمكن أن تنكره سوى عين السَّخط، وذلك حين قرَّر شطب (الانقلاب)، مرَّة وللأبد، من قائمة خياراته في العمل السِّياسي!
مع ذلك مِن حقِّ مَن شاء أن يرى أن معظم فكر الحزب خطأ، ومعظم سياساته خطأ، ومعظم أقواله خطأ، ومعظم أفعاله خطأ، ومِن حقِّ غيره أن يرى رأياً مغايراً. كلُّ هذا جائز، بشرط أن يتأسَّس الرأي، أيَّاً كان، على حقائق التاريخ المعرفيَّة عبر (الإعلام) و(التعليم)، لا على (الوقائع المخترَعة)، أو (الأساطير الفولكلوريَّة) المتداولة التي لا تغذي سوى (البروباغاندا)! فيتعيَّن، منطقيَّاً، على كلِّ مَن أراد أن يأخذ الشِّيوعيين (السودانيين)، بأيِّ عمل أو قول، أن يفعل ذلك على بيِّنة موضوعيَّة، لا على تصوُّرات رغائبيَّة، أو أوهام معزولة عن حقائق الواقع الفكري أو السِّياسي.
من جهة أخرى لا بُدَّ للحزب نفسه من تحمُّل تبعات خياره في الاتجاه لتحقيق الاشتراكيَّة بالطريق الدِّيموقراطي. وهى تبعات فكريَّة، بالأساس، تجعل الأولويَّة للعكوف على مراجعة إشكاليَّة (الفرد ـ المجتمع ـ الدَّولة)، حيث ما تزال تركة الستالينيَّة المثقلة تغوي باستسهال تغييب (الفرد) لصالح (الجَّماعة)، سواء في خاصَّة الدَّاخل الحزبي، أو في مستوى الأداء السِّياسي العام. وهي، للمفارقة، وبحسب كلمة حسن الطاهر زروق الباكرة، المار ذكرها، نفس الإشكاليَّة الأوَّليَّة التي بلورت منطلق مسيرة الشِّيوعيين السودانيين، منذ نهاية الحرب الثانية، حول مسألتين أساسيَّتين، "الموقف من الدين، والموقف من الحُرِّيَّات والحقوق الفرديَّة". فلئن كان من المستحيل تصوُّر مفهوم (الدِّيموقراطيَّة) بمنأى عن مفهوم (حقوق الإنسان)، أو مفهوم (حقوق الإنسان) في صدام مع مفهوم (الحُرِّيَّات الفرديَّة)، فإن من المستحيل كذلك تصوُّر المشروع الاشتراكي نفسه، سواء في مستوى المجتمع أو حياة الحزب الدَّاخليَّة، كنذير بـ (موت الفرد) لصالح (الجَّماعة)، كما فى بعض تأويلات (الماركسيَّة المبتذلة)!
(إنتهت)

* رغم قدم ظاهرة (الأوروشيوعيَّة)، فإن نشأتها حديثة، نسبيَّاً، في العلاقات البينيَّة للأحزاب الشِّيوعيَّة الأوربيَّة؛ ويعود تاريخ اجتماعاتها التأسيسيَّة إلى اجتماع بروكسل (يناير 1974م) الذي شهد تداول الخلافات علناً لأوَّل مرَّة، ومثله اجتماع برلين (1971م). لكن اجتماع مدريد (1977م)، بمشاركة الفرنسي والإيطالي والأسباني، هو المعتمد كتاريخ مرجعي.

***



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (6)
- إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (5)
- إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (4)
- إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (3)
- إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (2)
- إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (1)
- الأَمَازُونِيَّات!
- إِنْزِلاقَاتُ الصُّدُوع!
- عَوْلَمَةُ الشَّعْرِ الهِنْدِي!
- سَنَةُ مَوْتِ سَارَامَاغُو!
- رَطْلُ لَحْمٍ آخَر لِشَيْلُوك!
- الدَّوْحَة: أَبْوَجَةُ الذَّاكِرة!
- مَنْ تُرَى يُقنِعُ الدِّيك!
- مَوَاسيرُ الطُّفَيْليَّة!
- حكاية الجَّماعة ديل! (4 4) أَحْلافُ النَّظَائِرِ والنَّقَائ ...
- حكايةُ الجَّماعة .. ديل! (3) هَمُّ الشَّعْبي وهَمُّ الشَّعْب ...
- حكايةُ الجَّماعة .. ديل! (2) إرتِبَاكاتُ حَلْبِ التُّيوسْ!
- حكايةُ الجَّماعة .. ديل (1 2) الاِسْتِكْرَاد!
- مَنْ يَرقُصُ لا يُخفي لحْيَتَه!
- بَرَاقشُ .. الأَفريقيَّة!


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - إِعْلامٌ .. أَمْ برُوبَاغَانْدَا (الحلقة الأخيرة)