أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - مع القرآن.. ماذا سيحرق القس جونز














المزيد.....

مع القرآن.. ماذا سيحرق القس جونز


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3120 - 2010 / 9 / 9 - 19:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مع القرآن.. ماذا سيحرق القس جونز
جعفر المظفر
مع استمرار الحوار والتصريحات حول مشروع القس تيري جونز لحرق القرآن أمام كنيسته في فلوريدا ظهر واضحا إن نسبة قاربت التسعة وتسعين بالمائة من الأمريكيين هي ضد عملية الحرق, بهذا يبدو إن القس وحشده الذي لا يتجاوز الخمسين قد خسروا المعركة تماما قبل أن تبدأ, لقد أدلى مسئولين أمريكيين كبار يتقدمهم الرئيس أوباما برأي واضح ضد هذا الفعل المزمع تنفيذه, وإذا ما توقفنا أمام تصريحات وزيرة الخارجية كلينتون والجنرال بترايوس وعبرناها إلى المرشح اليهودي السابق لمنصب رئيس الجمهورية السيد ليبرمان والتصريحات التي أدلى بها الناطق الرسمي عن البيت الأبيض فسنحصل على إدانة واضحة لعمل ذلك القس المتعصب الذي أدانته أيضا وبقوة عموم الصحافة الأمريكية التي لم تترد عن إطلاق لقب سيد الألعاب البهلوانية عليه.
أما الكنيسة التي ينتمي إليها السيد جونز في مدينة كولون في ألمانيا, فلقد أدان الناطق باسمها السيد أندرو شوفر ما يزمع جونز القيام به, ونوهت على أن هذا الأخير كان قد غادر كولون مع زوجته الثانية سيلفيا في عام 2008 بعد أن أتهم أحد أبنائه الثلاثة بالتلاعب المالي, وفي قرية صغيرة في فلوريدا ابتنت له شركة أثاث تلك الكنيسة التي لا يتجاوز عدد مقاعد صالتها الأساسية أكثر من ثلاثين كرسي لكنها باتت الآن تحتل واجهات الإعلام على مختلف تشكيلاتها.
في حديثه مع المذيعة الشهيرة (روبن ) في قناة الأي بي سي يؤكد السيد ( بلومبيرغ) عمدة مدينة نيويورك اليهودي الديانة على حق المسلمين ببناء مركزهم الإسلامي بالقرب من موقع مركز التجارة العالمية وفق مبدأ حرية العبادة التي أقرها الدستور, والسد بلومبيرغ هنا واضح وصريح فالأمر لا يتعلق بحماية المسلمين بل بحماية الدستور وهو بالتالي لا علاقة له بالعاطفة من بعيد أو قريب, ومع تأكيده على حق المعارضين الدستوري للإعلان عن موقفهم المضاد لهذا المشروع, إلا أنه يؤكد على أن ذلك لا تلغي حق المسلمين الأمريكين ببناء ذلك المركز, فالدستور واضح وقد رتبت فقراته بحيث لا يتقدم المهم على الأهم ولا تتداخل الفقرات مع بعضها بشكل يخلق الإرباك وسوء الفهم.
بمحاولة على مستوى التخطيط لحرق القرآن يمكن لنا أن نعيد قراءة أمريكا, ذلك سيساعد الكثيرين على معرفة من أين يبدءوا وأين يتوقفوا, فلو إفترضنا إن شيئا على هذا المستوى ممكنا أن يحدث في البلاد الإسلامية لما إحتاج المسؤولون في تلك البلدان أكثر من إشارة لمنعه, لكن المقارنة هنا مستحيلة وحتى مضرة لأنها تؤدي إلى قراءات خاطئة وإلى آراء مضللة, وعلينا أن نناقش أمور أمريكا كأمريكا, فلكل بلد ظرفه وثقافته ومصالحه ودوره, ولأسباب تتعلق بنية المجتمع الأمريكي التي كانت نتيجة لتطورات مركبة فإن الوصول إلى أية نتيجة من خلال مقاربات ومقارنات مع مجتمعات أخرى هي عملية غير صحيحة بالمرة, لا بل وظالمة ومجحفة أيضا.
وعملية مثل حرق القرآن لا يمكن أن تدرس بناء على تساؤل كالتالي.. ألا يحدث ذلك في أحيان عدة مع كنائس مسيحية وبأشكال مختلفة في بلدان إسلامية متفرقة, فلماذا يعترض المسلمون على أمر يمكن أن يحدث في بلادهم.. ؟!, والحقيقة إن طريقة التساؤل ووجهتها هي خاطئة لأننا هنا لا نناقش الحالة على مستوى الإهانة التي يلحقها حرق القرآن بالمسلمين وإنما على مستوى ما يلحقه من إهانة بالمجتمع الأمريكي ذاته الذي لا يرتب قيمه على ضوء التعامل بالمثل مع المجتمعات الأخرى, فلو حدث ذلك, فإن أمريكا ستتحول إلى أية دولة غير أن تكون أمريكا.
إن هناك قيم حضارية سامية وفي مقدمتها احترام الأديان المختلفة هي التي تميز أمريكا والغرب عموما عن بقية الدول الأخرى, وليس التقدم على صعيد الآلة, وهذه القيم كانت قد توصلت لها تلك المجتمعات كحصيلة إيجابية لنضال مستمر, لذا فهي بالتالي تتمسك بها من واقع ما تعود به من فائدة على مجتمعاتها وليس على مجتمعات الآخرين.
إضافة إلى وضعها الداخلي وتركيبة مجتمعها وثقافتها التسامحية التي تشكل عماد الدولة الأمريكية فإن دورها العالمي وإنتشارها السياسي والعسكري والاقتصادي في العالم يفرض عليها أن تقدم نفسها بشكل مقنع وغير استفزازي. إن دولة مسلمة كالباكستان أو مصر تجد نفسها غير ملزمة كثيرا بتقديم نفسها إلى العالم بنفس الطريقة لأن دورها العالمي المحدود لا يعكس تأثيرات حادة كما هو مع أمريكا ولذلك فليس هناك عمق حقيقي لمعادلة التأثر والتاثير بين الدور الخارجي وبين ثقافة الدولة.
إن أمورا كهذه تحتم على المسلمين من جانب أن يفهموا ولو بشكل متواضع طريقة بناء السلوك والقرار الأمريكي فلا ينظروا إلى الأمور من خلال ثقافتهم الخاصة, إذ أن بإمكان شرطي بسيط أن يمنع عملا في القاهرة لا يمكن للرئيس الأمريكي أن يمنعه بالقرب من البيت البيض.
بثقافة تلك يمكن استيعاب كلام مثل ذلك الذي يقوله بلومبيرغ عن الحريات في أمريكا. ومثل ذلك فإن على رجال من أمثال السيد بلومبيرغ أن يفهموا كيف يفكر رجل الشارع في الباكستان وأفغانستان لكي لا يدعوهم إلى التعامل مع الأزمة على طريقته. إن فهم الطرفين لبعضهما البعض مسالة أساسية, واستيعاب الأمريكي لها على درجة من الحساسية تتناغم مع حساسية دور أمريكا العالمي ولذا فهو يتفوق على ما هي عليه في الجانب الآخر.
في مواجهة التداعيات المترتبة على حرق القرآن ستكون أمريكا ملزمة باتخاذ موقف ذا خصوصيات تكوينية بالغة الحساسية يعتمد على ثقافتها ودستورها وقيمها ومصالحها في الداخل والخارج وهي أمور من شأنها أن تجعل شرطيا باكستانيا أكثر قدرة على إصدار قرار حاسم من الرئيس الأمريكي ذاته.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحادي عشر من أيلول.. ليس الأمريكان وحدهم الضحايا
- العراق بين حل الأزمة وأزمة الحل
- الحرب العراقية الإيرانية.. هل كانت أمريكية
- كلنا عملاء لأمريكا.. فمن الوطني إذن ؟!
- من نسأل
- إسلام بدون مسلمين
- الأمريكي المسلم والمسلم الأمريكي
- الأستاذ جاك وجامع قرطبة
- الديمقراطية.. وصواريخ صدام على تل أبيب
- عن الحب والكراهية في السياسة ومقالات الدكتور عبدالخالق حسين
- طائرة إسمها الكويت
- صدام .. كم, مما كان فيك ما زال فينا
- العراق.. النجاح في الفشل
- من إنحرف عن ثورة تموز.. قاسم أم عارف ؟!
- من الذي بدأ القتال بعد الثامن والخمسين.. الشيوعيون أم البعثي ...
- سقوط النظام الملكي وعيوب نظرية الْ.. ( لَوْ ) لقراءة التاريخ ...
- عيوب في قراءة التاريخ....العيب الثاني
- 14 تموز والعهد الملكي.. عيوب في قراءة التاريخ
- المالكي وعلاوي... بين لغة الأرقام ولغة الأحكام
- عبدالكريم قاسم.. ليس بالنزاهة وحدها يحكم القائد ولكن بها يبد ...


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - مع القرآن.. ماذا سيحرق القس جونز