أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فؤاد الصلاحي - اليسار الجديد.. رؤية نقدية















المزيد.....


اليسار الجديد.. رؤية نقدية


فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)


الحوار المتمدن-العدد: 3118 - 2010 / 9 / 7 - 17:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


اليسار الجديد.. رؤية نقدية
(المنطقة العربية إجمالاً.. واليمن على وجه الخصوص)

أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء – اليمن
الحديث عن مفهوم اليسار الجديد هو في الأساس محاولة فكرية تبحث في موضوع هام جدا ليس فقط في الجانب السياسي بل من زاوية إجراء مقاربة فكرية بين السيسيولوجيا (علم الاجتماع)، وكيفية النظر إلى الواقع الاجتماعي السياسي وتأصيله وتحليله ابتداء من ضبط المفاهيم وتحليل الحركة الاجتماعية للقوى السياسية وفق رؤية جديدة وأتصور أن المثقف أو الأكاديمي عليه أن يسهم بالتأصيل النظري لمثل هذه القضايا ومن ثم التحليل الرصين الأكاديمي الهادئ للمتغيرات والتحولات التي ارتبطت بواقعنا العربي واليمني في إطار عشرين سنة من انهيار نظام الثنائية القطبية عام 1990 وما روج له في مراحل لاحقة من نهاية التاريخ ونهاية الايدولوجيا ونهاية اليسار بشكل عام.
لكن الأحداث التي حصلت والتي ارتبطت سياسياً واقتصادياً وتعاقبت لان التحولات الدراماتيكية التي ارتبطت عام 1990 في العالم كله من تحول في اقتصاد السوق والتغير في طبيعة الدولة وتبني الليبرالية كخيار سياسي واقتصادي في كل دول العالم وظهور ما يسمى بالموجة الثالثة من التحول الديمقراطي في العالم والصراع الكبير الذي اجتاحه والتي كتب في قيمها بنهاية التاريخ وبأن التطور العالي قد وصل إلى الليبرالية كأعلى ما يمكن أن تصل إليه الذهنية البشرية، حصل بعد عشرين سنة من هذا التطور كله، طبعاً التطور الذي حصل في إطار العولمة هناك ايجابيات كثيرة، أنا من الذين يقولون بأن للعولمة تطوراً ايجابياً كبيراً في المجال الاقتصادي والسياسي والثقافي ولكن هناك ظلم واقع على كثير من الشعوب والمجتمعات لأن التطورات الاقتصادية لم تلق بفوائدها على كل الأفراد والمجتمعات بشكل متساو. ومن ثم كان المبرر لظهور اليسار هو ما حدث في الواقع الاقتصادي والاجتماعي من ظلم و سياسات إفقار أملاها البنك والصندوق الدوليين والجهات المانحة. التي حاولت أن تقلص من دور وسلطات الدول الوطنية والمركزية في كل المجتمعات لصالح السياسات الاستثمارية الدولية. الأمر الذي ترتب عليه انهيار في الطبقة الوسطى وظهور كثير من المظالم الاجتماعية وهناك برزت حركات احتجاج اجتماعية كثيرة!
نحو يسار جديد
ظهر مصطلح اليسار الجديد بقوة وتم التأصيل الفكري له في أحداث 1968 في فرنسا أثناء حركة الطلاب التي بلورت النسق السياسي والفكري لليسار الجديد في أوروبا بشكل عام، وعلى أساسه قدم كثير من المثقفين من مدرسة سان سترجيكو وهبرماس، وهربرت ماركوز ومجموعة من المفكرين رؤاهم لمد يساري جديد يتجاوز المفاهيم التي تأسست في العشرينات والثلاثينيات من القرن العشرين، ويستوعب فئات اجتماعية جديدة التي نشأت مشاكلها في إطار التحولات الاقتصادية، نذكر هنا أن اليسار الجديد في أطروحاته لم يكن معادياً للأديان، بل على العكس ركز هربرت ماركوز في كتابه «الإنسان والبعد الواحد» على إغفال الرأسمالية لأهمية الأخلاق والأديان وفاعليته. على هذا الأساس نحن في المنطقة العربية جزء من هذا النظام العالمي، حصل تطور اقتصادي كبير، حصل تحول في الدولة وما اسميه انفتاح سياسي محدود ومقيد لا أستطيع القول إن ما يحدث في المنطقة العربية وفي اليمن هو تحول ديمقراطي لأن التحول الديمقراطي له مؤشرات أخرى من تداول السلطة وإعادة بناء النظام السياسي وهيكلته وفق توسيع التنفيذ، وبروز ومفهوم حقوق الإنسان وحقوق المواطنة هذا أمر غير قائم بالمنطقة وما هو قائم هو انفتاح سياسي محدود ومقيد استطاعت بموجبه النخب الحاكمة أن تدير مسار هذا التحول على هذا المسار بطريقة خلق توازن بينها وبين بعض القوى تتيح لها فرصة في التعبير السياسي والاجتماعي الأمر الذي خلق مساحة من الحريات في الصحافة والإعلام في إطار الموجة الثالثة في حركة العولمة التي ارتبطنا بها وكان الدفع الخارجي للمتغيرات أقوى من العوامل الداخلية. إذا هذا التأصيل الفكري هو مهم جداً لأنه واقعنا الاقتصادي الاجتماعي في اليمن والمنطقة العربية لا يمكن أن نستنسخ فيه مسار التطور .
الدور المفقود
يمكن القول إنه في الحالة العربية لا توجد برجوازية وطنية تقود التطور الاقتصادي في بلدها، و نفتقد – نحن العرب- إلى مشروع وطني مشروع قومي جديد، مشروع وطني على مستوى كل قطر أو على مستوى المنطقة بشكل عام، الأمر الذي همش من فاعلية القوى ذات الاهتمام بالمسألة الاجتماعية، والتحول الذي حصل مثلاً في اليمن أو في المنطقة العربية من التخطيط المركزي إلى اقتصاد السوق من اعتماد الدولة للخطط الخمسية الموجهة إلى تبنيها شراكة بينها وبين القطاع الخاص وبين الجهات المانحة، وحين طلب الصندوق والبنك الدولي من الدولة الانسحاب من المجال الاجتماعي والتعليم والصحة والضمان الاجتماعي، الأمر الذي اظهر كثيراً من المشكلات الاجتماعية حتى في تحليلات البنك الدولي نفسه، وهو يؤكد أن هناك مشكلات اجتماعية من جراء الوصفات الذي قدمها لكثير من الدول ومنها اليمن!
في هذا الواقع الذي يتسم بالتطور في المسار التقني والعلمي في الهندسة الوراثية، في موجة نحو التطور إلى الديمقراطية، التقارب بين الناس بواسطة شبكة الانترنت، ونتساءل لماذا تزداد أيضاً حالات الفقر والبطالة وحالة التهميش وحالة الإقصاء حتى داخل المجتمعات الأوروبية للفئات المهاجرة في الأجيال المتعاقبة في فرنسا وفي كل أوروبا وفي أميركا ومن ثم تعاظم هذا الأثر الإقصائي بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) في الولايات المتحدة.
أزمة النظام العربي
الأزمة في المنطقة العربية هي أزمة بنيوية تشمل الدولة والمجتمع، والنظام السياسي العربي هو الذي أنتج هذه الأزمة ولم يستطع إدارتها، ناهيك على التحكم بمساراتها وأصبحت الأزمة تنتقل من الاقتصاد إلى السياسة، من البنية المؤسسية إلى البنية الأهلية إلى ما قبل البنية الحداثية بعملية إحياء للهويات ما قبل الوطنية للقبلية العشائرية والطائفية كما حصل في كثير من دول المنطقة. هذا النظام لم يعد قادراً على إدارة النظام السياسي، ولا يستطيع أن يتواكب مع العولمة، العولمة تتطلب نظاماً ليبرالياً بأفق وطني منفتح، هذا النظام مأزوم، الأزمات تتراكم في واقع المجتمع، لم يستطع أن يشرك قوى أخرى ولكن تم تهميش كثير من القوى السياسية ومنها اليسار العربي الذي لاعتبارات كثيرة، إما لجمود العمل الحزبي وتراتيبته وضعف فاعليته في القاعدة الاجتماعية، تحول الكثير من الأحزاب اليسارية إلى ما يشبه الصالونات الثقافية وخاصة في مصر، حيث يوجد فيها جمعيات خيرية لها من القاعدة الاجتماعية اكبر مما لدى حزب التجمع اليساري رغم أصالة المثقفين والنشاط البارز للتجمع، لكن الهدف أن يكون هناك تيار سياسي حركي داخل المجتمع، هنا بيت القصيد، نقول إن التغيير في المنطقة ليس بالضرورة أن يتم من خلال الأحزاب القائمة، يتم من خلال حركات احتجاج، حركات الاحتجاج الاجتماعية المطلبية الفئوية النسوية الحقوقية المتعددة هذه ستشكل في مضمونها بالضرورة خطاً يسارياً، لأن قوى اليمين لا ترغب في مثل هذه الحركات الاحتجاجية الكاشفة والناقدة. اقصد قوى اليمين الديني أو قوى البرجوازية المتحالفة معها وهذه القوى هي أيضا مشاركة في هذا الفشل السياسي القائم ومن ثم هناك أساس موضوعي وأساس ذاتي لهذا الموضوع، هناك أساس موضوعي يتمثل في بروز مشكلات اجتماعية في المنطقة العربية وتزايد فئات المهمشين، تزايد الفقراء، تزايد العاطلين عن العمل توجه الدولة غير الاجتماعي في الداخل وغير الوطني في الخارج، انجرار الدول العربية نحو مشروع أميركي لا يحقق أدنى دعم للقضايا القومية والوطنية، وعلى المستوى الذاتي هذه الأحزاب أصبحت مأزومة ولم تتخلى عن مفهوم المركزية الديمقراطية الذي ساد في مرحلة الستينات والسبعينات. هذا المفهوم الخادع الذي ابرز كثيراً من المركزية وغياباً للديمقراطية، وكثيراً من تحكم النخب التقليدية والحرس القديم في التيارات والأحزاب. ومن الملاحظ أنحزب التجمع والأحزاب اليسارية في مصر وحتى في اليمن، وكثير من الشخصيات التي ظهرت في الستينات حتى اليوم هي كأعضاء في المكتب السياسي، مع أنه من المفترض أن هناك دورات انتخابات متكررة، إذا هناك أسباب ذاتية ترتبط بضعف البنية التنظيمية للأحزاب في المنطقة العربية، وعدم قدرتها على التواصل والانتشار، بل وتآكل قاعدتها الاجتماعية، لم تستطع هذه الأحزاب الاستفادة مما تسميه النخب الحاكمة. « تحول ديمقراطي»، واسميه «انفتاح سياسي محدود ومقيد»، لم تستطع هذه الأحزاب إعادة البناء الفكري اثر انهيار المنظومة الأيديولوجية السابقة، في غاية الأهمية، كان يقال بأن الأساس الطبقي لهذه الأحزاب هي الطبقة العاملة،ومن المعروف أنه لا توجد طبقة عاملة في اليمن، وفي كثير من دول المنطقة العربية هي ضعيفة جداً، حيث البنى المؤسسية لتخليق طبقة صناعية تنفصل عن بذورها الفلاحية والروابط ما قبل الوطنية غير قائمة، العامل عندنا في أي مصنع يحل قضاياه عبر الشيخ وليس عبر النقابة، فمسألة الوعي الطبقي لم تتبلور بعد ولم تتشكل في مدننا. في منطقتنا العربية ربما هناك فسحة من الحديث عن طبقة عاملة قيد التشكل واضحة في مجتمع مثل مصر، لكن من المستحيل القول و باطمئنان علمي، وفق مؤشرات أكاديمية أن هناك طبقة عاملة، هذه إحدى المؤشرات التي يجب أن تراعى، وبالتالي لا يمكن أن تكون هذه الطليعة هي التي تقود الحزب، الآن هناك الحركة التي تقود المجتمعات، وهي المجموعات المنضوية تحت مسميات المجتمع المدني، حركات حقوق الإنسان، الحركات النسوية، حركات أكاديمية، حركات احتجاجية متعددة، السلام الأخضر، هذه كلها تتشكل وتنضوي تحت نشاط رموز من اليسار في المنطقة العربية، ومعلوم أن الذي أسس حركة حقوق الإنسان في المنطقة العربية هم مجموعة من اليسار الجديد بالمفهوم الواسع، و هنا يطرح اليسار الجديد للتحالف كتكتل جبهوي جديد من المثقفين المرتبطين بالفكر الاشتراكي ورموز اليسار القومي واليسار الإسلامي، هذا التكتل الجديد يسمى «اليسار الجديد» يستطيع أن يخلق تكتلاً جبهوياً تحت عنوان تكتل قوى التحديث والديمقراطية أو تحت عنوان تكتل قوى اليسار الجديد، لهذا المفهوم الواسع نستطيع القول: اصطفاف اجتماعي يستطيع أن يشكل بداية لمشروع سياسي قادم على هذا الأساس». »
.. وأزمة الأحزاب
هناك كثير من الأمور التي يجب تجاوزها في بنية الأحزاب الكلاسيكية في المنطقة العربية، سواء بعدم جواز القول بالطبقة العاملة، كطبقة ثورية واحدة، هناك الآن المثقفون والمجتمع المدني، وأيضا بعدم القول بالنظرية الأحادية التي كانت سائدة عبر «المركزية الديمقراطية»، نحن نبني ديمقراطية تعددية ضمن أحزاب يمينيه وليبرالية، والكلام هنا عن الساحة العربية، ومن الغريب أننا في اليمن لم نشهد تياراً ليبرالياً، مع العلم أن هناك وجوداً لجماعات وأفراد ونماذج منذ الخمسينات، ولكن لم تتبلور بعد إلى شكل حزب كحزب الوفد في مصر، رغم أن حزب الوفد هو أضعف الأحزاب، وقد بدأ الآن يستعيد عافيته في إطار الانتخابات الأخيرة. في الواقع اليمني لدينا إشكالات عديدة ترتبط بالواقع الاقتصادي الاجتماعي وبواقع الحزب الاشتراكي و سأكثف حديثي عنه.
السياق الموضوعي الآخر هو الإطار العالمي، هل نشهد عودة إلى اليسار في الحديقة الجنوبية الأميركية (أميركا اللاتينية) يتجه لإفشال سياسات البنك والصندوق الدوليين؟، التي صممت خصيصاً لتشيلي وبوليفيا، والأرجنتين، والبرازيل، تم الانتفاض على هذه السياسات من حركات احتجاجية وليس من أحزاب، وهنا الإبداع الحقيقي لأميركا اللاتينية، حيث ظهر ما يسمى بـ «اللاهوت السياسي» (التحالف بين الكنيسة واليسار الماركسي) عبر حركات سياسية مدعومة بمصلحة الكنيسة، بوجود دولة وطنية. والسؤال هنا لماذا لم يظهر لاهوت سياسي في المنطقة العربية؟، حان الوقت أيضاً لكي تتخلص الأحزاب اليسارية من اللافتات الأيديولوجية السابقة، والتنظير لأساس جديد يوائم الواقع الذي نعيشه في الداخل وفي المتغيرات الدولية، على هذا الأساس عاد اليسار إلى أوروبا في ايطاليا مرة أخرى ووصل إلى السلطة أكثر من مرة عبر تجديد في الفكر وفي الايدولوجيا وفي التحالفات. هنالك خلل ما في بنية هذه الأحزاب وفي تعاملها مع القواعد الاجتماعية ومع السياق العام التي تعيش فيه، وعلى هذا الأساس نحن في الواقع اليمني أحوج ما نكون لرؤية جديدة للحزب الاشتراكي اليمني، مع انه قدم تجربة رائعة في الشطر الجنوبي وفيها كثير من العيوب، ولكن تبقى تجربة محل نقد ومحل إعجاب في آن واحد، ونقرأها في إطار ظروفها المحلية والإقليمية والدولية حتى عام 1990.
ولكن الحزب مر بعوامل ذاتية جعلته يتعرض لازمات من داخله في 1986، وفي علاقاته مع الحلفاء الآخرين في عام 1994، و لم يستطع أن يقدم حتى قراءة نقدية واحدة للسياق السياسي الذي يعمل داخله، ومن هي القوى التي يجب أن يتحالف معها، فانجر في إطار الوحدة لتحالفات غير مدروسة ولم يكن لديه رؤية واضحة، نعم إن الوحدة مطلب جماهيري ولكن على أي أساس تقام الوحدة ما لم يكن لديها بعد وطني، بعد ديمقراطي، بعد اجتماعي؟، التحول الذي أصاب اليمن منذ 1995، في السياسات الاقتصادية فور إقرار قانون الإصلاحات الاقتصادية وتخلي الدولة عن المسألة الاجتماعية وما رافق ذلك من الجرعات الاقتصادية، وما ترتب عليه من زيادة عدد الفقراء. وفي آخر تقرير للأمم المتحدة فإن عدد الذين يعيشون بدولارين في اليوم 60% من السكان ومنظمة أخرى تقول إن اليمنيين الذين يعيشون الفقر في الدخل والغذاء حوالي 75% من السكان. هناك ثروات نفطية وغازية وشعب فقير، إذاً ما الفائدة من الديمقراطية إذا كان الصنو المباشر لها هو الفقر؟
الديمقراطية كحاجة ملحة
يجب أن تكون للديمقراطية مساحة وفراغ ليعبر المواطنون عن حاجاتهم الاقتصادية من خلالها، إن الديمقراطية مطلب اقتصادي اجتماعي وليست ترفاً سياسياً، يجب أن يعبر الأفراد من العمال والفلاحين وكل أفراد المجتمع عن قضاياهم الاقتصادية الاجتماعية عن حقوقهم، وما لم تكن الديمقراطية مطلباً اقتصادياً واجتماعياً فإنها ستبقى ترفاً للنخبة الثرية، و ليست هذه هي الديمقراطية التي يجب أن تكون عنواناً لمشروع سياسي جديد في المنطقة وفي المجتمع اليمني، ثم فوق هذا ما هو موقف اليسار العربي واليسار في اليمن من الأزمة المرتبطة بالقضية الفلسطينية واتفاقيات السلام المزمع توقيعها حالياً والتي وقعت في السابق؟ هل هذه الأحزاب مع السلام بمفهومه الأميركي أم إنها مع المقاومة؟ وما الذي يجب أن تقدمه؟، يجب أن تضع حلولاً حقيقة، هل يجب أن نشكل خطاً يحمي المقاومة بالمفهوم الثقافي؟ أن تشكل الثقافة خط مقاومة للتطبيع وللارتباط بالمشاريع الأميركية؟، هل اليسار لديه دور؟، ثم فوق هذا كله، ولماذا في السابق كانت المسائل الدينية حكراً على فئات أخرى، استخدمت ضد اليسار نفسه؟، لماذا لا يستطيع اليسار أن ينتج رؤية وخطاباً دينياً تلائم تطور الواقع السياسي الاقتصادي الذي يعبر عنه ورؤيته الجديدة، والذي لا يتصادم بالضرورة مع مفهوم الدين؟، يجب أن يقدموا خطاباً دينياً هنا، لماذا يترك الدين لآخرين يقدمون خطاباً يحتكرون المساحات الرمزية للمقدس الديني ويكفرون الآخر من خلالها؟ ولماذا لا يستطيع أن يقدم إحدى النواقص الرئيسية التي غابت عن اليسار في المنطقة العربية؟. يجب أن لا تكون هذه المسألة متروكة للآخرين، يستطيع اليسار أن يقدم رؤيته كخطاب سياسي، خطاب ثقافي، خطاب فكري نحو إعطاء المسألة الدينية وإطارها الرمزي المقدس أبعاده الحقيقية، توظيف الدين في العملية التغييرية داخل المجتمع، وان يدعو إلى تغيير داخل المجتمع بمعزل عن المحفزات السيكولوجية والرمزية ، والدين أحدها، وبالتالي نستطيع من خلالها دعم قوى طبقية معينة من خلال هذه المحفزات الثقافية والمعرفية التي ترتبط بفهم المواطن في المجتمع، وعلى هذا الأساس إذا كان هناك مراجعة وتطور في العمل التنظيمي والحزبي في أميركا اللاتينية وفي أوروبا، الأولى بنا نحن في المنطقة العربية أن يكون لدينا نقد ذاتي لمسار حركة اليسار الفكرية والسياسية من جانب، وتحالفاتها والواقع السياسي الذي نعيشه رغبة منا في التأسيس للمستقبل.
دور اليسار الأساسي
المستقبل يجب أن لا يترك للصدفة وللقوى اليمينية. إذا انسحب اليسار من التأسيس لفعل سياسي وثقافي الآن سيكون مهمشاً وغائباً في المستقبل القريب والمتوسط. وعلى هذا الأساس أدعو أن يكون لليسار رؤيته المحددة، وحتى نصدق هذا اليسار التنظيمي الحزبي كمثقفين، يجب أن يبدأ بنقد ذاته من خلال قراءة لتجربته في السنوات السابقة، هذا النقد الموضوعي سيدفع به إلى وضع نقاط أساسية ينطلق منها إلى التأسيس للمستقبل، هذه التحالفات التي يقوم بها الحزب الاشتراكي اليمني الآن هي تحالفات طبيعية، وتحالفاته مع السلطة كانت في السابق طبيعية، ويجوز أن يكون للحزب علاقات مع أكثر من طرف. لماذا يضع نفسه في سلة واحدة ويهمل المسارات الأخرى كلها؟. قد يكون جزءا من اللقاء المشترك ولكنه لم يستفد شيئاً من هذا التكتل، إن اللقاء المشترك تجربة رائعة وجيدة أدت إلى حصول تقارب من اليمين ومن اليسار، قاد إلى نوع من التحول من الأيديولوجي إلى السياسي لدى حزب الإصلاح ولدى الأحزاب الأخرى، تقاربوا في إطار التكتيكات السياسية، لكن لم يتقاربوا حتى اللحظة في إطار الرؤية الإستراتيجية لبناء الدولة المدنية، والمطلوب من الحزب الاشتراكي وضع أجندة سياسية للحوار تبدأ بعنوان أول «نحو دولة مدنية في اليمن»، لماذا لا يصنع خطوط التقاء مع الإصلاح، مع المؤتمر، مع القوى القومية الأخرى، خطوط التقاء، ويظل جسم هذا الحزب في إطار حركة يسارية تجدد من ذاتها وتلتقي مع الحركات الاحتجاجية.
والذي حصل مع «الحراك» في المنطقة الجنوبية هو أن الحزب الاشتراكي تبع حركتها، ولم يكن مواكبا لها منذ البداية، ولم يكن لديه رؤية حول كيفية التعامل معها، سبقته في الحركة المطلبية النقابية أولا، ثم انتقلت للحركة المطلبية السياسية، ثم أصبح لها مطالب أعلى من ذلك بكثير، ثم لحقها في مراحل متأخرة عندما تعرض لضربات هنا وهناك، ووجد نفسه غير قادر على لملمة الوضع العام لتحديد رؤية ما لطبيعة المشكلات التي يعاني منها النظام السياسي، حتى وثيقة الإنقاذ التي قدمها الحوار الوطني لم تلامس الواقع الحقيقي وأزماته ولم تحدد لنا كيف أنتجت الأزمات ومن أنتجها ومن هم أصحاب المصلحة؟، ومن هي القوى الاجتماعية التي أُنتجت هذه الأزمات عبر تحالفات، في الداخل وفي الخارج؟، ولماذا لم يستمر الوضع على ما هو عليه بهذا الشكل؟ ولماذا لم يستطع النظام أن يدير حتى هذه الأزمات ويخرج منها رغم التقارب والدعم الأميركي والأوروبي؟ مع الإشارة الضرورية إلى أن الارتباط اليمني بالمشروع الأميركي لمحاربة الإرهاب، لم يرافقه دعم أميركي للقضايا الاقتصادية والإنمائية، فكل هم أميركا هو خلق استقرار وأمن في إطار يضمن حماية مصالحها هي، وليس إطار قضايا الوطن واحتياجاته.
نص مداخلة تقدم بها الدكتور الصلاحي في منتدى الجاوي الثقافي في اليمن (18 /8)



#فؤاد_الصلاحي (هاشتاغ)       Fuad__Alsalahi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - فؤاد الصلاحي - اليسار الجديد.. رؤية نقدية