أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عذري مازغ - المغرب وإشكالية اللغة















المزيد.....

المغرب وإشكالية اللغة


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3118 - 2010 / 9 / 7 - 04:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في أوربا بشكل عام، في إسبانيا خاصة، يستطيع زعيم سياسي محنك، شوفيني قومي إلى حد كبير من طينة راخوي ان يلقي خطابا جماهيريا بلغة كاستيانية موغلة بمفاهيم سيربانتيس القحة ويفهمها الشعب بتلقائية كبيرة، ويتساءل البعض منا لماذا تستطيع الجماهير فهم هذه الخطابات القوية بكلماتها الرنانة بينما نحن لا نستطيع فهم لغة قاداتنا عندما يلقونها إلا اعتمادا على الفئات التي حظيت بالتعليم الثانوي على الأقل على الرغم من أن الزعيم في وطننا يلقيها باللغة الرسمية، أي اللغة الوطنية المعترف بها دستوريا، والجواب البسيط في كل هذا أن راخوي يلقيها بلغة هي مهما كانت بلاغتها وفصاحتها، هي لغة الشارع، أي أن اللغة الإسبانية التي تدرس في المدارس هي في نفس الوقت لغة الشارع ولغة المحيط اللسني، هذا جانب ،وفي الجانب الآخر، ولوجود إثنيات متعددة في إسبانيا، يفتح المجال الديموقراطي لإسبانيا أن تتكلم القوميات والأقليات لغتها كما يجب، تدرس بالمدارس إسوة باللغة الوطنية،بينما عندنا اللغة الوطنية هي لغة الفقه، في الفقه لا حياء في الدين بينما في اللغة العامية (الدارجة كما يحلو للبعض أن يحتقر لغته) و التي يتكلمها الشعب ، وفي مواضيع تربوية تتعلق مثلا بالجنس لا يمكن الحديث عن الأعضاء التناسلية عند الذكر أو الأنثى إلا بلغة الكتاب، لأن نطقها بالدارجة عيب، هكذا ببساطة يشرحها الآباء، وهكذا تكرس الوضع عندنا منذ جلاء الفرنسيين، اللغة الجنسية كاللغة السياسية تمثل تابو لا يدخلة إلا المتمرسون، الحاصلون على درجة كبيرة في الدراسة، والحصيلة أن الزعيم السياسي عندنا، المتمرس، هو الزعيم الذي يتكلم لغة غير مفهومة لدى الجماهير وتستلزم التأويل، هكذا تتشكل كاريزما الزعماء عندنا، أن يتكلم ب”لغة العلم” التي لم تحصل عليها فئة عريضة من المجتمع، حتى يقال بشأنه أنه سياسي محنك، وأنه ألقى كلمة طويلة باللغة العالمة وبدون ورقة، فياله من عبقري!. والحصيلة الإجمالية هي أن يجمع الشعب كبيره وصغيره على هذه الخلاصة العبقرية: سياسي محنك يقول ما لا نعرفه، وكنتيجة لذلك، هو يعرف إذن أكثر منا، اما إذا تكلم بلغة أجنبية كالفرنسية أو الإنجليزية مثلا في برنامج لقناة أجنبية، فحدث ولا حرج.
هكذا تصنع الطبقة المثقفة، ممثلي السلطة الحاكمة، البرجوازية الوضيعة بتعبير فؤاد النمري (مع فارق بسيط هو أني أتكلم عن البرجوازية العربية بكل فئاتها)ـ قلت هكذا تصنع هذه الطبقة جمهورا من المهرولين التابعين لها، الباحثين عمن يمثلهم على عكس أوضاعهم ويعبر بها باللغة التي لايتقنونها، المنبهرين أمام هلامية الخطاب السياسي، العدمي بتعبير مهدي عامل، من حيث يستهويه النسق اللغوي دون ان يقول شيئا، هكذا يصنع السياسي قرآنه عندنا،وهنا يأتي دور المحللين ليتأولوا إعجازه.
إنها طبقة من الجبناء هذه التي تتربع على السلطة، طبقة تخيفها لغة الشعب، لأنها إذا تكلمت لغته ستنفضح هشاشة تدابيرها الجوفاء، وستبدو البلاغة اللغوية حيضا فكريا منحطا إلى مادون تدبير امرأة أمية لبيتها الصغير وهي تكافح العدم والفقر، أي أن هذه المرأة المعدمة هي أكثر كفاءة من خبير أو وزير في هرم السلطة، فهي تتقن صناعة الرحمة لأبنائها البؤساء، بينما الحكومة بكل طاقمها المدلل بروابط العنق، وعلى مدار سنوات منذ الإستقلال حتى الآن، هذه الطواقم، تعاقبت على صناعة مغرب منحط في كل شيء، لم يخلقوا إلا اليأس في حلة عجيبة: اليأس في قشيب اللغة العالمة تقدم ، باللغة العالمة وحدها حاربنا البطالة، قضينا على الأمية، قضينا على دور الصفيح، حاربنا التصحر والجفاف، سقينا المليون هكتار، وبنينا قرى نموذجية، صنعنا مغربا حداثية لا يوجد إلا في اللغة، فيالها من مفارقة!ـ
، في تصريح لها قالت رئيسة الفريق البرلماني لحزب الإستقلال، لطيفة بناني: “من ينسب التأخر إلى اللغة فهو عاجز، لأن اللغة هي وعاء للفكر؛ ففشل الأجيال مرتبط بأشياء أخرى. كما أن فشل التعليم لا يرتبط بالتعريب، لأن اللغة العربية مشهورة بتاريخها العلمي فيما يخص العلوم الدقيقة، فإذن هي لغة التقدم ، فكم هو رائع منها هذا الدرس، أن نأخذ اللغة ونملأها بالفكر وتنتهي المشكلة، ومن كان وعاؤه مثقوبا فليصلحه، فليتعلم اللغة العربية العالمة، أي تلك التي صنع بها العرب تقدمهم فهي مشهود لها بتقدمها، ولا خيار لنا إذن إلا السير أماما، لأن فشل التعريب عندنا لا علاقة له بالوعاء اللغوي، فات السيدة ان تقول بان اللغة العربية لم تعطينا في المغرب سوى علماء فقه محسوبين على الأصابع طيلة 14 قرن مع استثناء علامتين في التارخ وفي الفلسفة، اتفق كثيرا مع هذا الطرح لو اننا عمليا نتملك هذا الوعاء، لكن مادام علينا أن نأخذ وعاء مشهود له بتقدمه، لماذا لا نأخذ وعاء آخر أكثر تقدما كالوعاء الإنجليزي مثلا المشهود له حتى عربيا بتقدمه، علينا ، أليست الدارجة المغربية وعاء به تمشي الحياة اليومية في كامل المغرب، فشل التعريب لا علاقة له بالوعاء كما سلف، لكن له علاقة بمشكل آخر كما جاء في قول بناني، له علاقة بنوع الوعاء الذي اختير، أو الذي استبدل، لماذا ببساطة لا ننهي مشكلة الأمية بنقل المعرفة إلى الناس باللغة التي يفهمونها فطريا بدل التجرجر في فهم قواعد لغة الآخرين، هل نحن شعب من القردة لم يمتلكوا اللغة بعد أم ماذا؟ في ظاهرة طبيعية كغزو الجراد الذي يعرفه المغاربة ب “بيزو” ويعرفه الأمازيغيون ب “تامورغي” في غزو كهذا على المغاربة ان يفهموا الظاهرة، أولا عليهم أن يحصروا الظاهرة في مخيلتهم حتى نقول لهم بالوعاء العلمي اسمها الجراد وليس بيزو أو تامورغي، ثانيا عليهم أن ينتظروا تعريب المبيذ الفعال لها لننقله لهم، بعبارة هل علينا أن ننتظر في حل مشاكلنا حتى نتعلم العلم في وعاء آخر بدل أن ننقله مباشرة إلى وعائنا، أليس في ذلك ضياع قاتل للوقت، حيث مع زمن الصرعة لا محل فيه للمتخلفين، لماذا هذا التشبث الأعمى بلغة لا نتكلمها وهنا لا أستثني أية لغة، عربية كانت أو فرنسية أو انجليزية، إن جمالية اللغة أية لغة وفصاحتها وبلاغتها لا يفهمها إلا أصحاب تلك اللغة، ودليلنا في هذا الأمر هو الترجمة، ترجم أية قصيدة بارعة الوصف والبلاغة في اللغة الفرنسية وانقلها إلى لغة اجنبية لن تحصد إلا هراء، الإشكالية أساسا موروثة من فرنسا فالحزب الذي ساوم فرنسا في استقلال المغرب على حساب جماهير الشعب المغربي المتعدد الإثنيات، الحزب الذي اغتال غدرا مقاومين أفذاذ مثل عباس لمسعدي لا يمكن ان يكون في يوم ما حزبا وطنيا، وكلاء الإستعمار الفرنسي يتهمون الآن المدافعين عن لغة الوطن بأنهم مناصرين استعماريين، لكن الإشكالية أساسا ليست إشكالية اللغة العربية او الفرنسية فهما لغتان لا تتملكهما الجماهير، هي أساسا إشكالية بين لغة الجماهير الكادحة ولغة وكلاء المؤسسات الكولونيالية المتشعبة في الوطن، هي مشكلة استلاب الوعي الكادح حتى لا تنكشف له الحقيقة المرة التي هي أننا شعب تنخره الرأسمالية في لعبة استثمار غير متكافئة تستبيح كل شيء في الوطن، المشكلة هي في لجم الوعي الجماهيري من أن لا يكتسب ادوات المعرفة، ان لا يجرأ على نقد العلماء بين قوسين، أن يبقى رهين وصاية النخبة المنحطة أخلاقيا، أن نبقى على سنة الهرم اللهوتي: الله، الملائكة والاوباش . المشكلة هي مشكلة صراع طبقي بامتياز يتمظهر على مستوى اللغة بين لغة تتوخى أن تنعتق وتتحرر مما يجعلها لغة منحطة وبين لغة تلجم الفكر والوعي وتفرض عليه وصاية أبدية. في تصريح آخر لأحد وكلاء الدفاع عن العربية الفصحى السيد الشامي، وهوتصريح عنصري تفضحه اللغة فيه، نموذج يؤكد ماذهبت إليه إذ يقول: “ "الذين يتحدثون عن استبدال الفصحى باللهجة الدارجة هم ضعفاء في هذه البلاد، وهم صغار بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهذا كلام يرددونه منذ سنوات طويلة أقلية فرنكفونية درست في فرنسا وأخذت شهاداتها العلمية من جامعاتها، ثم جاؤوا إلى البلاد ودخلوا الإدارة وبدأوا ينادون بـ دسترة اللهجة الدارجة، لكن هؤلاء لا قيمة لهم لدى المغرب الرسمي والشعبي، فالمغاربة متمسكون بلغتهم العربية وبإسلامهم، ومساجدهم مليئة بالمصلين، وهي تتزايد يوما عن يوم"ـ وهو قول لا نفهم منه كيف يكون الحاصلون على درجة من العلم بالجامعات الفرنسية ضعفاء مع أنهم يحتلون مناصب إدارية هامة إلا بربطهم بالفئات الإجتماعية التي منها ينحدرون، لا ندري كيف يكونون ضعفاء بهذا المستوى العلمي؟ هل فقط لمطالبتهم باللغة الدارجة وليس الفرنسية، يقول هم ضعفاء وهم صغار، نعم هم كذلك لأنهم يطالبون بلغة الصغار المنحطين في الهرم الإجتماعي، أي الفئات الشعبية الواسعة من المجتمع لكنهم بالمقابل هم أكثر وطنية ممن يعلق أرواحنا إلى لغة غير مفهومة لدى أغلب الشعب، ولا ندري مادخل الصلاة والمساجد في الأمر إلا إذا اعتبرنا الصلاة والمساجد وعاءا لغويا آخر لإضفاء قدسية مطلقة على اللغة مرتبطا بالتصنيف الهرمي اللهوتي السابق الذكر، يحاول هؤلاء ان يسموا المشكلة بطابع هو صراع بين لغتين أجنبيتين، العربية والفرنسية، بينما في الحقيقة الصراع هو بين لغة محلية هي الأمازيغية والدارجة وبين لغة المعرفة التي هي لغة الطبقة المسيطرة، واللغة هذه هي اللغة الفرنسية واللغة العربية الفصحى، فالمعرفة العلمية هي باللغة الفرنسية بينما المعرفة الدينية هي باللغة العربية وبحصر المعرفة في هاتين اللغتين ارتفع فكر الطبقة المسيطرة إلى حظوة الفكر الراشد وانحصر فكر الطبقات التحتية سجين وصاية الفكر الراشد، لذلك لا نستغرب أن يلقي زعيم سياسي في المغرب خزعبلاته الحقيرة وغير المفهومة ويحظى بإعجاب قل نظيره، وما أن ينهي خطابه حتى ينهال الناس عليك بالأسئلة عما قاله الزعيم



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايا العبور
- العلاقات المغربية الإسبانية
- خواطر سياسية: كل الاحزاب المغربية أحزاب الملك
- تأملات رمضانية: الجنة قبر جميل حالم
- حكايا من المهجر: لاموخنيرا (2)
- رمضان من وجهة نظر مختلفة
- أبواب الجنة
- نداء الأرض
- رفاق الفرقة
- النيولبرالية المتوحشة3 : وضع الطبقة العاملة المحلية
- حكايا من المهجر: آلة الوتر
- النيوليبرالية المتوحشة (2)
- اشراقات أمازيغية
- النيولبرالية الجديدة: الزراعة المكثفة نموذجا، إلخيدو (ألميري ...
- إعلان عن احتجاج عمال مهاجرين بألميريا (إسبانيا)
- العمالة المهاجرة: ودور التنسيق النقابي
- مدخل لفهم نمط القطاع الخدماتي
- سلام لذاكرة المعتوهين
- هل حقا انتفت الطبقات
- الإجماع الوطني، أو ميتافيزقا الجلاد المغربي (دفاعا عن الجمعي ...


المزيد.....




- من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين ...
- ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد ...
- بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد ...
- -قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول ...
- إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في ...
- ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى ...
- وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج ...
- الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
- النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
- كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عذري مازغ - المغرب وإشكالية اللغة