أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جميل السلحوت - في موت عبد الحيّ حياة للآخرين














المزيد.....

في موت عبد الحيّ حياة للآخرين


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 3117 - 2010 / 9 / 6 - 13:42
المحور: حقوق الانسان
    


بدون مؤاخذة-

عبد الحيّ موسى اسماعيل السلحوت طفل رائع بريء، كثير النشاط ، دائم الحركة كنحلة تحلق في السماء، تدور باحثة عن زهرة، تمتص رحيقها، فتخرجه عسلا فيه شفاء للناس، ثم لا تلبث أن تعاود عملها بنشاط وكأنها تتعب لتنتج الغذاء والسعادة لغيرها، وعبد الحي المولود في 26-3-2007كان شخصية قيادية بين أقرانه الأطفال، يشاركهم اللعب بمن فيهم من هم في ضعف عمره أو أكثر، يضحك...يتساءل كثيرا... يريد معرفة كل شيئ، وكأنه يسابق الزمن، يريد أن يعرف كنه الحياة وألغازها دفعة واحدة، لا يمشي الا راكضا، ولا يسمح لأحد من الأطفال أن يسلبه فرحته، أو ألعابه، شرس في الدفاع عن نفسه، ويفرض شخصيته على أقرانه رضوا بذلك أم لا فالأمر عنده سيان، لكن النتيجة واحدة، لفتت انتباهي شخصيته وطريقة تصرفاته فهو قريبي وهو جاري في السكن، تقربت وتوددت إليه واعتبرته صديقي رغم أن عمري ضعف عمره ما يقارب العشرين مرة، فتقبل صداقتي فرحا حتى أنه أسقط التكليف بيني وبينه، فاعتبرني صاحبا بعد أن اسقط خطابه لي بكلمة"عمّي"، في البداية كان يعتبرني عمّه، ثم اعتبرني "صاحبه" وكنت سعيدا بطفولته البريئة عندما كنت اسأله عن صلة القربى بيني وبينه، فيجيب"صاحبي" فلله درّك أيها الصاحب الصغير الذي أدخلت السعادة الى قلبي فترة قصيرة.

وصاحبي عبد الحيّ الذي كان يفرح بمجالستي لم يكن متفرغا لهذه الصحبة، فهو يقسم أوقاته للعب مع أقرانه، ولتنفيذ طلبات الكبار بمن فيهم صاحبه الذي هو أنا، فما أن تطلب منه خدمة سريعة حتى ينفذها بسرعة فائقة، وتغمره الفرحة بثناء الكبار عليه، كنت أمازح صاحبي عبد الحيّ فأطلب منه بعضا من السكاكر، فيعطيني دون تردد، وعندما أعطيه بعض الشواقل ليشتري له من البقالة القريبة ما يريد، كان يتردد ويرفض قائلا بكبرياء أنه لا يريد، فأحتال عليه بقولي له اذهب واشتري لي ما تراه مناسبا، فينطلق بسرعة فائقة.

وصاحبي عبد الحيّ انطبقت عليه مقولة جارتنا العجوز"هذا الولد مش ابن عيشه...الولد الفالح ما بيعيش" صباح 26-8-2010يستيقظ مبكرا يخرج من بيته راكضا كعادته، يجلس على سور ارتفاعه ثلاثة أمتار، يسهو صاحبي ويسقط من على السور على رأسه...لم يصرخ...فقد دخل في غيبوبة، رأته شقيقته التي تكبره بعامين فعادت تصرخ لتخبر والدتها، نقلوه الى مستشفى هداسا عين كارم، اجرى الأطباء له عملية جراحية لايقاف نزيف على دماغه، لحقت بصاحبي الى المستشفى، لم أشاهده، ولم أحاول مشاهدته فأنا لا أقوى على رؤية طفل باكيا، فما بالكم أن أرى"صاحبي" يعاني سكرات الموت، بكيت صاحبي على انفراد وبصمت وأنا أبتهل لله أن يشفيه، فسبحان محيي العظام وهي رميم. لكن صلواتي وصلوات غيري لعبد الحيّ لم ترد قدر الله فجاء الخبر المفجع مساء2-9 وكأن صاحبي يستعجل الموت في الشهر الفضيل وعلى عتبات عيد الفطر، لترد الأمانة الى صاحبها، فسبحان الله الذي يعطي ويأخذ، ولتحلق روح عبد الحيّ في حواصل طيور خضر في جنة عرضها السماوات والأرض، وليكون شفيعا لوالديه يوم القيامة، وأسال الله أن يكون لي نصيب من شفاعة صاحبي، لم أشاهد صديقي إلا بشكل عابر وهو مسجى في الكفن، رأيته طائرا جميلا في كفنه ،كما العصفور في عشه، فاختنقت بدموعي وخرجت سريعا على غير هدى.

ولتكون خاتمة حياة عبد الحيّ مسكا، فقد تبرع والده ببعض أعضاء جسده الغض ليبعث الحياة لآخرين كتب لهم خالقهم الحياة بأعضاء عبد الحيّ، تبرع بها راضيا مرضيا لا يريد الا مرضاة ربه، تبرع بأعضاء فلذة كبده وهو يقول، اذا شاء الله أن يقضي ابني في هذا السن المبكر، فالحمد لله على قضائه وقدره، وليكن في موته حياة للآخرين بغض النظر عن جنسهم ودينهم، فنحن"نعشق الحياة ما استطعنا اليها سبيلا" فالانسان هو الانسان، ويوارى عبد الحيّ التراب، وتبقى أعضاء من جسده حية في أجساد آخرين...فنم نومتك الأبدية يا صاحبي، مع أنك فلقت أكبادا وأبكيت بواكيا، وانا لموتك يا عبد الحيّ لمحزونون...فنسأل الله الصبر لوالديه وأن يعوضهم خيرا منه.

6-9-2010

موقع الكاتب jamilsalhut.com



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سنحتفل بالعيد في مقر الصليب الأحمر
- صحافة مُسَخّرة
- اسقاط الحقوق الفلسطينية مسبقا شرط لنجاح المفاوضات
- بالوع العنصرية ينضح
- نتنياهو ملك العالم
- احراق الأقصى ذكرى وعدم عبرة
- أخلاقيات الجيش المحتل
- زيارة الأقصى والطريق الى جهنم
- مأمن الله في رحاب الله
- ندوة اليوم السابع المقدسية في عام ونصف بالأرقام
- سيرة الأمكنة تقولها لنا القدس
- رواية شرفة الهذيان في ندوة اليوم السابع
- اذهب انت وربك وقاتلا
- هدم البيوت العربية سياسة اسرائيلية متأصلة
- احياء ذكرى غسان كنفاني في ندوة اليوم السابع
- على أعواد المشانق
- شكرا للعرب والمسلمين
- مجموعة(الساقطة) القصصية في ندوة اليوم السابع
- مشروعنا الثقافي– دار النشر الوطنية(5-7)
- مشروعنا الثقافي الفلسطيني-الآثار والموروث الشعبي


المزيد.....




- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...
- يديعوت أحرونوت: حكومة إسرائيل رفضت صفقة لتبادل الأسرى مرتين ...
- اعتقال رجل في القنصلية الإيرانية في باريس بعد بلاغ عن وجود ق ...
- ميقاتي يدعو ماكرون لتبني إعلان مناطق آمنة في سوريا لتسهيل إع ...
- شركات الشحن العالمية تحث الأمم المتحدة على حماية السفن
- اعتقال رجل هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإيرانية بباريس
- طهران تدين الفيتو الأمريکي ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- عشية اتفاق جديد مع إيطاليا.. السلطات التونسية تفكك مخيما للم ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جميل السلحوت - في موت عبد الحيّ حياة للآخرين