أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - سلوى الشرفي - حين يقف المجتمع في وجه الحقوق الفردية














المزيد.....

حين يقف المجتمع في وجه الحقوق الفردية


سلوى الشرفي

الحوار المتمدن-العدد: 3116 - 2010 / 9 / 5 - 10:09
المحور: بوابة التمدن
    


من البديهي أن الديمقراطية لا تتوقف على حق الشعب في اختيار الحاكم، بحيث ينتهي حكم الشعب عند صناديق الاقتراع، لأن الديمقراطية هي قبل كل شيء ضمان حقوق الأفراد بفضل حق المجتمع في مراقبة السياسة الاجتماعية والاقتصادية للمجموعة الحاكمة. ففي انكلترا لا يوجد نص دستوري، ولا دستور أصلا، يضمن حريات المواطنين، وإنما الضامن الوحيد هو الشعب الواعي بحقوقه. لكن ما رأيكم حين يقف المجتمع نفسه حجرة عثرة أمام تكريس حقوق الإنسان؟
في كل مرّة تطرح قضية خاصة بانتهاك حقوق المرأة بسبب جنسها البيولوجي ترتفع أصوات، بعضها لأسباب إيديولوجية واضحة وبعضها ببلاهة المقلّد، للتنبيه بأن النضال من أجل حقوق المرأة لا يشكّل أولويّة، ما يعني أن حقوق المرأة لا تدخل ضمن الحقوق الأساسية مثل الحق في الحياة والصحّة وفي الأكل والشغل وفي المواطنة. والحقيقة أن بعض هذه الأصوات ترتفع كذلك في مواجهة المطالبة بالحريات الفردية للإنسان عامّة وبالاعتماد على الحجّة عينها. فتراهم يواجهون هذه المطالب «الأنانية» حسب رأيهم، بالمدلول الجماعي للحقوق، مثل حق الشعب في اختيار الحاكم أو الحق في تقرير المصير. وهو ما يعني أن المسألة لا تتعلق بالنظرة الدونية إلى المرأة بل بالاعتقاد في مشروع اجتماعي لا علاقة له بالفلسفة الديمقراطية الأصلية التي ينادي بها هؤلاء الذين يشهرون في وجه الحقوقيين سلاح الأولويات.
ما زالت توجد في منطقتنا بالخصوص، وأكثر من أي وقت مضى، إعاقات تواجه حقوق الإنسان الفردية، وكأن هذه الحقوق تمثل حالة استثنائية أو خارجة عن المنظومة الديمقراطية، في حين أن الوعي بأهمية الفرد هو الذي أسّس للتجربة الغربية في عصر الأنوار والذي بدأ بالاعتراف بالفرد كسيّد لنفسه وككيان مستقل عن الدولة وعن المؤسسة الدينية.
فالمتمعّن في أوضاع المرأة ومدى ارتباطها بالأولويات يكتشف دون عناء بأن النساء في مختلف أنحاء العالم لا تتمتعن فعلا بالحقوق الأساسية للإنسان. فالمرأة معرّضة للقتل باسم الشرف وللقتل رجما كعقاب للزنا في حين قلّما نسمع برجم رجل وكأن الفعلة ليست مشتركة بين الجنسين. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، تلك القوة الأعظم، تموت النساء الفقيرات خلال الولادة بسبب عدم قدرتهن على دفع تكاليف المتابعة الصحية للحوامل والولادة في المستشفيات. هذا في ما يتعلّق بالحق في الحياة والصحة.
و في ما يتعلّق بالحق في العمل، لا تتمتع النساء العاملات في أغلب الدول الغربية بأجر مساو لأجر الرجل. وفي أغلب أنحاء العالم قلّما تنجح المرأة في الوصول إلى المناصب العليا رغم كفاءتها.
و تقول الإحصاءات أن نسبة 70 في المائة من الفقراء في العالم هنّ نساء. ولا تتحصل النساء المطلقات اللواتي تحتضن أطفالهن، بحكم العرف والقانون، على نفقة الأطفال إلا بشق الأنفس مما يؤثر على ميزانية العائلة وينعكس سلبا على التغذية والصحّة.
أما بالنسبة لحقوق المواطنة فإن عددا كبيرا من النساء في العالم لا يحق لهن منح جنسيتهن لأطفالهن. ولنتصور لحظة كيف تكون ردّة الفعل لو منع الرجال من توريث جنسيتهم لأطفالهم. كما تحرم المرأة في بعض البلدان من الحق في الانتخاب وفي الترشح. والأرقام الرسمية دالة لوحدها على ضعف المشاركة السياسية للمرأة في العالم أجمع.
يجوز لنا الاستخلاص إذن ودون ليّ لعنق لغة أو لحقائق، بأن المرأة لا تتمتع بحقوق أساسية كثيرة وإن المطالبة بهذه الحقوق ومعارضة التمييزات ضدّها لا يعدّ ترفا، بل يجب أن يوضع في أعلى سلم الأولويات، وإلا فما هي الأولويات المقصودة من طرف المعارضين لحقوق المرأة ؟ هل الدفاع على حق سبعين في المائة من الفقراء، وهن نساء، يعدّ غير ذي أهمية ؟ وهل التنديد بالموت العبثي للحامل والنّافس لا يعد أولوية ؟ وهل فضح تزويج طفلة لا يتجاوز عمرها عشر سنوات يعد ترفا ؟ وهل المطالبة بأجر متساو يعتبر سابقا لأوانه ؟ لو قلنا أن الإنسان أسود البشرة لا يحق له التمتع بأجر كامل لقامت الدنيا ولن تقعد حتى ينال القائل العنصري جزاءه أمام القضاء. ولو منع المواطن المسلم بسبب ديانته من الانتخاب أو الترشح في بلد غير إسلامي لضجّ العالم بأصوات التنديد والاستنكار.
و الحقيقة انه يمكن للناس في الغرب التنديد بكل التمييزات ضدّ المرأة دون أن يتجرّأ احد على القول بأن الأمر لا يشكل أولويّة، لكن الأصوات ترتفع في الأغلب من المجتمعات المسلمة لكبت مطالب الحقوق الأساسية للمرأة، حتى أن المطالبة بها أصبح يتخذ ذريعة لتكفير أصحابها مثلما حصل مع النائبة الأردنية السابقة توجان الفيصل نهاية الثمانينات، لمجرّد رفضها أن تعيش المرأة في قنّ دجاج يترأسه ديك واحد ومطالبة الرجال بتصور أنفسهم لحظة واحدة في هذه الوضعية.
من أين ورثنا مثل هذا الترتيب اللامنطقي للأولويات حتى أصبحت المطالبة بالحقوق الفردية تعدّ جريمة ؟
لو عدنا إلى لحظة بروز حركات التحرير في منطقتنا لوجدنا أن مقولة الحرية كانت تقتصر على الحريات الجماعية مثل حق الشعوب في تقرير المصير أو الحق في التحرر من ربقة رأس المال. وقبلها لم تكن كلمة حرية موجودة أصلا في اللغة العربية وقد اقتصرت لغتنا على فعل حرّر أي عتق العبد. والكل يعلم أن بورقيبة نفسه دافع في ثلاثينات القرن الماضي على حجاب المرأة من منطلق سياسي، وهو ما فعلته نساء كثيرات خلال الثورة الإيرانية على الشاه المستبدّ حين نزلن إلى الشوارع ملفوفات في التشادور، ومنهن نساء من الحزب الشيوعي الإيراني، غير واعيات بثقل الرموز وبخطرها. أغلبهن الآن يندبن حظّهن ويعبّرن عن ندمهن وقلة وعيهن.
إن تبنّي سلم الأولويات على هذا النحو لأسباب سياسية بالنسبة للبعض وسياسوية بالنسبة للبعض الآخر، هو الأصل في تكريس المفهوم المقلوب للحقوق والحريات، ذلك المفهوم الذي لا يؤمن بأن الحقوق الفردية هي أساس الحقوق الجماعية وبأن حقوق المرأة هي ذاتها حقوق الإنسان، إلا إذا اعتبرنا طبعا بأن المرأة ليست إنسانا.

جريدة الصباح التونسية 4/9/2010



#سلوى_الشرفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أحدها ملطخ بدماء.. خيول عسكرية تعدو طليقة بدون فرسان في وسط ...
- -أمل جديد- لعلاج آثار التعرض للصدمات النفسية في الصغر
- شويغو يزور قاعدة فضائية ويعلن عزم موسكو إجراء 3 عمليات إطلاق ...
- الولايات المتحدة تدعو العراق إلى حماية القوات الأمريكية بعد ...
- ملك مصر السابق يعود لقصره في الإسكندرية!
- إعلام عبري: استقالة هاليفا قد تؤدي إلى استقالة رئيس الأركان ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة تبارك السرقة وتدو ...
- دعم عسكري أمريكي لأوكرانيا وإسرائيل.. تأجيج للحروب في العالم ...
- لم شمل 33 طفلا مع عائلاتهم في روسيا وأوكرانيا بوساطة قطرية
- الجيش الإسرائيلي ينشر مقطع فيديو يوثق غارات عنيفة على جنوب ل ...


المزيد.....

- حَمّاد فوّاز الشّعراني / حَمّاد فوّاز الشّعراني
- خط زوال / رمضان بوشارب
- عينُ الاختلاف - نصوص شعرية / محمد الهلالي
- مذكرات فاروق الشرع - الرواية المفقودة / فاروق الشرع
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 9 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة ,, العدد 8 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 7 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة الالكترونية , العدد 6 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة , العدد 5 / ريبر هبون
- صحيفة الحب وجود والوجود معرفة العدد 4 / ريبر هبون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - بوابة التمدن - سلوى الشرفي - حين يقف المجتمع في وجه الحقوق الفردية