أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - الفضائيات الدينية تجعل من الإسلام دينا رجعيا















المزيد.....

الفضائيات الدينية تجعل من الإسلام دينا رجعيا


نهرو عبد الصبور طنطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3114 - 2010 / 9 / 3 - 19:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يعتقد معظم الناس أن الوصف بالرجعية يعد مسبة أو إهانة لمن يتم وصفه بهذا الوصف، والحقيقة أن الرجعية مصطلح مشتق من الرجوع الذي ضد التقدم، ودائما ما يطلق هذا الوصف على شخص ما أو عدة أشخاص أو حتى على مجتمع بأكمله، فيقال شخص رجعي وأناس رجعيين ومجتمع رجعي، وكذلك يطلق هذا الوصف على فكرة ما أو على مجموعة من الأفكار التي يعتنقها شخص ما أو مجموعة من الأشخاص، فيقال فكر رجعي أو أفكار رجعية، وكذلك يطلق هذا الوصف على سلوك ما أو مجموعة من السلوكيات التي قد تصدر من شخص ما أو مجموعة من الأشخاص، فيقال: سلوك رجعي أو سلوكيات رجعية.

وأنا لا أعتبر أن وصف شخص ما أو فكر ما أو سلوك ما بهذا الوصف من باب المسبة أو الإهانة لا للشخص ولا للفكر ولا للسلوك بقدر ما هو توصيف حقيقي لواقع حقيقي يتصف به ذلك الشخص أو ذلك الفكر أو ذلك السلوك، هذا في حال ما إذا كان الواصف يقصد بوصفه هذا المعنى العلمي الحقيقي لهذا الوصف ولا يقصد من وصفه هذا الإهانة أو المسبة. وذلك لأن المفهوم العلمي الحقيقي لمصطلح (رجعي) و (رجعية) هو العمل على استرجاع الماضي ببعض تفاصيله أو آلياته أو واقعه أو ثقافته أو مظاهرة أو أفكاره أو معتقداته وامتثال هذا الماضي وإلباسه قسرا وفرضه على الحاضر.

وكذلك الوصف بالرجعية لا يعني على الإطلاق الإساءة إلى الماضي أو تشويهه أو ازدرائه، وكذلك لا يعني أن الماضي بآلياته وثقافته وأفكاره ومعتقداته وواقعه وتفاصيله كان سيئا كله أو سيئا في ذاته، إنما السوء حقيقة يكمن في محاولة التعامل مع الحاضر بآليات وثقافة وواقع وأفكار ووسائل الماضي، والسيئ كذلك هو محاولة فرض القيم والمعتقدات والأفكار الدينية أو غيرها بنفس آليات الماضي وواقعه ووسائله دون أدنى اعتبار لتغير وتبدل آليات الحاضر ووسائله وإمكانياته، وذلك كطالب المرحلة الثانوية الذي يريد أن يرتدي الزي المدرسي الذي كان يرتديه في المرحلة الابتدائية، فاعتراض المعترضين وانتقاد المنتقدين سيكون لطالب المرحلة الثانوية الذي يحاول أن يقوم بفعل ذلك وليس اعتراضا على الزي ذاته ولا انتقاصا منه كزي، لأن نقد محاولة ارتداء زي المرحلة الابتدائية لا يعني أن الزي كان سيئا في حينه ووقته ولا يعني أن زي المرحلة الابتدائية هو سيئ في ذاته وتكوينه وتفصيله وخامته، إنما السيئ والمثير للنقد والاعتراض هو محاولة ارتداء طالب المرحلة الثانوية ذلك الزي وهو في هذا السن وفي هذا الوقت.

فالإعلام الديني اليوم يقوم بنفس محاولة طالب المرحلة الثانوية حين يحاول أن يرتدي زي المرحلة الابتدائية، بمعنى أن الدين الإسلامي أو أي دين آخر هو مجموعة من القيم والمبادئ والثوابت والأحكام والمعتقدات المجردة أو ما يمكن أن نطلق عليه مجموعة نظريات أو مجموعة أفكار مجردة، قام الأنبياء والمرسلون وأتباعهم بتمثيل وتطبيق تلك القيم والمبادئ والأحكام وقاموا بفهم تلك المعتقدات وفق المقتضيات والثقافة والآليات والإمكانيات والوسائل المتاحة لديهم في تلك العصور، فالإعلام الديني اليوم يقوم باستدعاء واسترجاع ثقافة وآليات وإمكانات ووسائل ومفاهيم تلك العصور (عصور الأنبياء والمرسلين)، لتطبيق الدين وفهمه وفقا لما كان عليه التطبيق والفهم في الماضي في تجاهل تام وتعام تام عن القيمة الدينية الحقيقة المجردة في ذاتها، وهنا يحدث الصراع النفسي والفكري والثقافي بين اصطدام آليات ووسائل وثقافة ومفاهيم الماضي بآليات ووسائل وثقافة ومفاهيم الحاضر، ما يؤدي إلى ضياع القيم الدينية المجردة في حادث الاصطدام هذا وتذهب القيم الدينية ضحية له.

إن القيم والمعتقدات والأفكار المجردة دينية كانت أو غير دينية تصلح للتطبيق في كل زمان ومكان بآليات وواقع وثقافة حاضر الزمان والمكان، وذلك لأن تغيرات الواقع وتغيرات الزمان والمكان هي تغيرات حتمية وقعت بالفعل ولا يمكن تغييرها أو استبدالها لأنها تغيرات دائمة الاستمرار ولا يمكن وقفها أو السيطرة عليها، وبالتالي فليس أمامنا سوى التفكير في كيفية التعامل والتوائم مع الحاضر وخلق وسائل جديدة وآليات جديدة وإمكانات جديدة ومفاهيم جديدة من خامات الحاضر لصب القيم الدينية فيها وإلا فإننا نقوم بذبح القيم الدينية المجردة على مذبح الواقع، ومثالا على ذلك أقول: كانت ومازالت الغاية الدائمة والقيمة الأساسية من ارتداء الإنسان للملابس هي ستر العورة والزينة والاستمتاع بما للباس من زينة وبهجة، ولم تكن أبدا الغاية من ارتداء الثياب نوع الثياب أو لونه أو تفصيلته أو شكله أو كيفيته، ونقيس على هذا كل معتقدات الدين وأحكامه وتشريعاته.

فالإعلام الديني اليوم لأي دين لا يهتم كثيرا للقيم الدينية المجردة ولا للمعتقد الديني المجرد ولا للمبادئ الدينية كأفكار مجردة يجب صبها في مصبات الواقع وقولبتها في قوالب الواقع وفهمها بمفاهيم الواقع والحاضر وليس العكس، إنما الذي يقوم به دعاة الدين اليوم في الإعلام الديني هو الاستدعاء الشعوري للواقع الثقافي والآلي والقشري الحرفي لعصر الرسول وصحابته في القرن السابع الميلادي، دون أدنى اعتبار للقيمة الدينية المجردة في ذاتها والمعتقد الديني المجرد في ذاته، فمثلا نراهم يوهمون الناس ويلوثون وعيهم بأفكار كفكرة أن الإسلام مضطهد وأن المسلمون مضطهدون، ويحدث ذلك في حالة استدعاء ماكرة لذلك المشهد الذي كان يعيشه الرسول وصحابته في بدء الدعوة ويحاولون في خبث وحماقة أن يلصقوا ذلك بأنفسهم خادعين الناس بأنهم كالرسول وأن اضطهادهم هو اضطهاد للرسول وصحابته وأن نبذ أفكارهم هو نبذ للإسلام كدين. مما يصيب المشاهدين بحال من الفصام بين واقعهم اليوم وواقع الرسول وصحابته في القرن السابع الميلادي، ناهيك عن المظاهر الخطيرة والظواهر النفسية والسلوكية الأخطر التي قد تظهر على الناس في ذلك الاستدعاء الأحمق، فهم حين يروون للناس قصصا عن حياة الرسول وصحابته لا يحاولون التركيز على المعاني والقيم والمبادئ المجردة لتلكم القصص والمرويات بقدر تركيزهم على قشور وثقافة الماضي دون أدنى مراعاة لتغير الواقع وتغير آلياته وإمكاناته، ودون أدنى محاولة لبلورة القيم الدينية المجردة وإخراجها في ثوب الحاضر وآلياته الجديدة، لذلك أقول وبكل صراحة ووضوح إن الفكر الديني السائد الذي يبث سمومه الإعلام الديني الآن هو فكر يفتقر بل يفتقد لأي معنى قيمي مجرد، ولا يملك سوى قشور ومظاهر دينية من الماضي سرعان ما ستشتد بها الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد.

نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر_ أسيوط
موبايل/ 0164355385_ 002
إيميل: [email protected]



#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محاولات رهبنة الإسلام على يد دعاة الفضائيات الدينية
- رجال الدين وشرعنة الطغيان والاستبداد
- أمة الادعاء والأدعياء والكذب على النفس والناس
- رمضان شهر تقوى وهدى أم شهر برامج ومسلسلات؟
- هل نعي كيف تكون استخارة الله؟
- هل تموت الأمم بموت قادتها؟
- منى الشاذلي وتبرير الخروج على القانون
- الإعلام الديني يروج المخدرات بين مشاهديه
- شهوة التدين
- دعاة الدين الكنتاكي
- انغلاق الإعلام الديني وجنايته على الدين والناس
- عبثية الإعلام الديني وغياب المنهج وتعدد المرجعيات
- الإعلام الديني وخطيئة احتكار الدين
- هل صوت المرأة عورة ؟؟
- الدين بين استقذار الجنس وازدراء المرأة
- البابا شنودة يتهم القضاء المصري باضطهاد المسيحيين
- حق الزوج على زوجته كذبة كبرى لاستعباد الزوجة
- إلزام الزوجة بخدمة زوجها عبودية ورق
- قناة الجزيرة نبي هذا الزمان
- الإعلام المصري والرئيس مبارك


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - الفضائيات الدينية تجعل من الإسلام دينا رجعيا