أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمير أمين - لا تغرس مسماراً في الحائط..القي السترة فوق الكرسي !















المزيد.....

لا تغرس مسماراً في الحائط..القي السترة فوق الكرسي !


أمير أمين

الحوار المتمدن-العدد: 3113 - 2010 / 9 / 2 - 17:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



شاعت في أواسط الثمانينات أغنية وطنية ثورية كانت تؤديها فرقة الطريق العراقية التابعة للحزب الشيوعي العراقي وتضم نخبة من المبدعين الشيوعيين وأصدقائهم ومن الذكور والإناث ويقف على رأسهم الملحن المبدع الأستاذ حميد البصري وزوجته الفنانة المتألقة شوقية العطار والتي يبرز صوتها مدوياً وبنبرة رخيمة وعذبة من بين الآخرين وهي تردد كلمات هذه الأغنية التي تقول :

لا تغرس مسماراً في الحائط..القي السترة فوق الكرسي
لا تتمون إلاّ لليوم الواحد... فغداً عائد..فغداً عائد
لا تسقي النبتة .. لا تسقي..لا تجعلها شجرة
لا تحلم بنمو الاغصان..فغداً تمضي فرحان
قبل نمو الأغصان ...وغداً أنت العائد
لا تتعلم لغة أخرى... لا تقرأ كتباً عن لغة أخرى
ماذا تفعل باللغة الأخرى..وغداً يدعوك الوطن
بحروف تعرفها أنت... وينطقها الوطن
وغداً أنت العائد...وغداً أنت العائد
أنت عائد للوطن لا تنسى..لا تنسى

كلمات بسيطة ومؤثرة وغاية بالوضوح والتعبير عن الشعور الوطني العالي بالمسؤولية الملقات على عاتق الشيوعيين ومؤازريهم والذين إضطرتهم ظروفهم السياسية القاهرة لمغادرة وطنهم الحبيب العراق متوجهين وبصعوبة بالغة وبطرق شتى الى عدد من المنافي لعدد من الدول العربية والأجنبية مصطحبين معهم أحياناً عوائلهم..وخاصة في جمهورية اليمن الديمقراطية والجمهورية السورية وجمهورية لبنان بالإضافة الى الكويت والجزائر وغيرها وفي جميع البلدان الإشتراكية السابقة وخاصة في بلغاريا وجمهوريات الإتحاد السوفيتي السابقة تاركين في وطنهم وظائفهم وجامعاتهم وبيوتهم وممتلكاتهم وأصدقائهم وأقاربهم وآلاف الرفاق والرفيقات الذين يعذبون على أيدي زمر حزب البعث المجرمة وأجهزته الإرهابية الفاشية في السجون والمعتقلات التي غص بها العراق من شماله الى جنوبه وخاصة العاصمة بغداد..غير مبالين بأملاكهم الشخصية والتي تركوها عرضة للنهب من قبل عناصر حزب البعث وأجهزة أمنه المجرمة..وكانت لا تراود مخيلتهم الشيوعية إلاّ كيفية الحفاظ على شرف عضويتهم وإنتمائهم لحزبهم الشيوعي العراقي العظيم وكيفية لملمة الجراح التي أثخنهم بها حثالات البعث المقبور ومن أجل تضميد النزف المتدفق من شرايين الحزب المتقطعة الأوصال..فكانت كلمات هذه الأغنية الثورية بلسماً للجراح وقد تعاطف معها عشرات آلوف الشيوعيين وأصدقائهم في كردستان العراق الذين كانوا يتذكرون بألم مأسات رفاقهم المعذبين والمنفيين قسراً خارج العراق وإنشدّ الى تلك الكلمات آلاف الرفاق والرفيقات خارج الوطن تتعالى أصواتهم بصرخة واحدة مرددة أصداءها مع أصوات فرقة الطريق حينما يستمعون اليها من إذاعة صوت الشعب العراقي من دمشق أو حينما يحضرون بعض الحفلات الخاصة بالفرقة لمناصرة ودعم الشعب العراقي وإستمر الحال عدة سنين يتغنى بها الإنسان العراقي المعذب والبعيد عن أرض وطنه وعن ماء دجلة والفرات آملين بيوم الخلاص من حكم حزب البعث المقيت وإستمرت الحرب مع إيران طيلة الثمانية أعوام ولم يتمخض عنها شيء لصالح الشعب العراقي بالوقت الذي كان يتطلع فيه الشرفاء من بنات وأبناء شعبنا الى إنفراج الوضع السياسي عن القليل من الديمقراطية وأن يتم إطلاق سراح السجناء الشيوعيين والديمقراطيين وأن يتحقق شيء من العدالة الإجتماعية ويتحسن الوضع الإقتصادي..لكن بدلاً عن ذلك ظلت أجهزة النظام الإعلامية تسوق أغاني الحرب والإنتصارات المزعومة في ساحات الوغى !! وما لبث النظام أن إستعاد جزءً من أنفاسه المخنوقة حتى شن الغزو على الجارة الكويت بحجج وذرائع واهية..وبدأت أصداء الأغنية الثورية المشار اليها تتلاشى تدريجياً ودب اليأس والإحباط وسرى في نفوس أعداد لا يستهان بها من الشيوعيين والديمقراطيين وخاصة حينما جرى تدويل القضية العراقية وأصبح الرجوع للوطن شيء من الوهم ..بل بدأت أفواج النازحين والمشردين يهاجرون وطنهم دون وجهة معلومة وخاصة حينما جرى إخراج القوات العراقية بالقوة العسكرية من قبل أمريكا وحلفاءها وفشلت الإنتفاضة بعد أن سيطر المنتفضون على أربعة عشر محافظة عراقية وأجزاء من بغداد..تلك الإنتفاضة التي أنعشت الآمال بالعودة للوطن.. لكن الفشل الذي رافقها أحبط آمال مئات الوف العراقيين الذين كانوا قاب قوسين أو أدنى من العودة الى وطنهم وإعادة بناءه من جديد..لكن آمالهم تلاشت عند خيمة صفوان والتي إستسلم بها قادة النظام العراقي لشروط القوات الأمريكية المنتصرة في الحرب لتحرير دولة الكويت..في الوقت الذي شهد فيه العراقيين خارج الوطن التدفق المليوني للنازحين الأكراد الى تركيا وأيران والآلاف الهائلة للمنتفضين الذين إخترقوا الحدود سيراً على الأقدام الى المملكة السعودية بعد أن واجه رفاقهم البطش من قبل قوات الجيش العراقي وميليشيات الجيش الشعبي ومفارز الأمن وطائرات الهليكوبتر والطائرات العمودية والقصف المدفعي الذي طال كل شيء ولم تسلم منه حتى العتبات المقدسة في عموم العراق..وظل العراقي الذي أجبر للعيش خارج وطنه محسوداً من قبل المضطرين للعيش داخل العراق وفي ظروف الحصار الإقتصادي والعوز والحرمان من أبسط الحقوق بالإضافة الى الخناق على الحرية الذي تمارسه أجهزة السلطة الديكتاتورية..وبدأ العراقيين يتأقلمون على أن تكون منافيهم وطناً بديلاً وإنصرف الآلاف عن الإهتمام بالسياسة بشكل جدي بينما غادرها آلوف آخرون منصرفين للإهتمام بشؤون عوائلهم وأطفالهم الذين كبرت أعداد هائلة منهم وأصبحوا بعمر الشباب ولم يروا الوطن ولم يعرفوا عنه إلا النزر اليسير وصار الخروج من الحزب الشيوعي العراقي شيء سهل ومستساغ بالوقت الذي لم ينهار به عدد هائل من الشيوعيين تحت سياط التعذيب تراهم قد تركوا حزبهم طوعاً وبشكل سلس ودون أن يقدم الكثيرين منهم رسائل الإستقالة على الرغم من بقاء أغلبيتهم الساحقة في علاقة صداقة وإحترام مع حزبهم ورفاقهم السابقين ..وإستمر الإحباط بالتصاعد كلما قويت شكيمة النظام السابق بالوقت الذي كان فيه البلد يفرز الكثير من الممتعضين والناقمين والمعادين للنظام من الديمقراطيين والشيوعيين وحتى من المحسوبين على النظام نفسه ..لكن الإنفراج لم يتحقق على الرغم من التضييق الذي مارسته الأمم المتحدة والمنظمات الديمقراطية العالمية لتغيير نهج النظام الشمولي ولكي يتمتع الشعب العراقي بشيء من الحرية .. مما وسع من الإحباط للعراقيين خارج الوطن والذين مضى على أغلبهم ربع قرن من الزمن وهم خارجه ينتظرون بفرح أية أشارة للنصر يحققها الشرفاء داخل الوطن من أجل زعزعة أركان النظام للإطاحة به ..لكن دون جدوى حقيقية الى أن جاء اليوم الموعود حينما دكت القوات الأمريكية والبريطانية وحلفاءها العاصمة بغداد وأسقطت النظام في تسعة نيسان عام 2003 فإستبشر العراقيين خيراً على الرغم من أن غالبيتهم لم يكونوا مع خيار الحرب وخاصة الحزب الشيوعي العراقي بجميع منظماته داخل وخارج الوطن لكن الحرب وقعت وإنهار النظام بأيام معدودة وبدأ العراقيين بترقب الوضع بحذر والكل كان يريد العودة بأسرع ما يمكن..لكن الذي جرى لم يكن على بال أحد وهو ما شهدناه خلال السنين السبعة الماضية وهجرة ملايين العراقيين الى الخارج وفي داخل وطنهم لمحافظات أخرى وبدل أن نعود وتعود الينا ممتلكاتنا المنهوبة من قبل النظام السابق جرى النهب والإستحواذ على ممتلكات النظام السابق من قبل عدد من زعماء ومسؤولي الأحزاب والكتل المتنفذة بالإضافة الى توزيع العطايا والهبات وقطع الأراضي على عدد كبير من المحسوبين على هذا الحزب أو ذاك أو على بعض المسؤولين في الدولة والبرلمان الجديد ولا نزال للآن نترقب اليوم الذي نعود فيه الى وطننا وتعود لنا ممتلكاتنا ويتم أنصافنا من قبل حكومة وطنية فعلاً لا قولاً وهي بالجوهر طائفية لا تهتم إلا بمصالحها الآنية الضيقة بينما تقوم بهدر حقوق الآخرين ولا تكترث بإسترجاعها..فهل سنعود موفوري الكرامة ..معززين ..مكرمين ..في وطننا الذي ضحينا من أجله بالغالي والنفيس أم سنغرس مساميرنا في الحائط ولا نضع ستراتنا على الكراسي وأن نتمون لشهور وسنين وليس ليوم واحد وأن نزرع البساتين خارج الوطن ولا نكتفي بنبتة واحدة فقط ننتظر نمو أغصانها الوارفة
..وهل حقاً سنترك اللغة الأخرى ونتخلص من مفرداتها ؟!! وهل حقاً سيدعونا الوطن بالحروف العربية والكردية والتركمانية والآشورية الجميلة والمحببة للنفس والتي نعرفها حق المعرفة وينطقها بنات وأبناء وطننا ....أم سنبقى لنقبر في الغربة بعد لحظات من مشاهدة التلفزيون الذي يتصارع على شاشته السياسيين الجدد ويحيكون المؤامرات للإطاحة ببعضهم البعض بالوقت الذي يستقبلون بعضهم البعض الآخر كل يوم بالبشاشة والأحضان ويقبّل أحدهم الآخر بشوق ووله مبالغ فيه ومصطنع ..



#أمير_أمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مئة عام على تبني النشيد الأممي في كوبنهاكن !
- قصة سليم الذي فقد كل شيء !!
- في ذكرى رحيل فنانة الشعب العراقي المبدعة زينب
- العجلة في إجراء الإنتخابات تولد وليداً مشوهاً !
- رحلة صيد مع إبني الى إحدى البحيرات.... ويا مدلولة شبقة بعمري ...
- نصب الحرية من أهم إنجازات ثورة 14 تموز
- أمي التي رسمت وجهها في مياه الفرات *
- إسبوعان في أراضي كردستان المحررة !
- ثلاثون عام على الحملة والإختفاء ومغادرة الوطن !
- الشيوعيون يعودون الى وطنهم في نفس العام
- كيف ننتشل الطلبة والشبيبة من واقعهم المزري في العراق ؟
- أوبريت جذور الماء في الناصرية
- مسرحية الحواجز..البداية التي لم تكتمل !
- حكاية البقرة والضفدعة في قراءة الصف الثاني إبتدائي !
- ربع قرن على إستشهاد ..سحر بنت الحزب
- بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لرحيل الشهيد ( أبو الندى ) و ...
- في أربعينية الفقيد الخال بدري عرب !
- عمي جوعان يحب الحرس القومي !!!
- الداد ... المهمة الاولى لحكومتنا القادمة !


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمير أمين - لا تغرس مسماراً في الحائط..القي السترة فوق الكرسي !