أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - طويلة العمر ليلى (2)















المزيد.....

طويلة العمر ليلى (2)


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 3113 - 2010 / 9 / 2 - 10:45
المحور: كتابات ساخرة
    


اطلق العديد من المشاهدين العرب الحسرات والآهات ولعنوا الحظ العاثر حين انتهت حلقات مسلسل ليلى الكويتي في العام الماضي، وكانت ليلى قد استعبدت المشاهدين وشدتهم على الكراسي طيلة عرض المسلسل ببكائها ونحيبها ووجهها الملائكي الذي يبدي استعداده التام للبكاء في اية لحظة لاي سبب وبدون سبب. والذي لايعرف طبيعة المجتمع العربي يتساءل بغباء منقطع النظير : كل هذه الاموال والثروات التي منحكم اياها رب العزة ومازلتم تندبون حظكم وتبكون كما كانت جدات القوم في العصر الغابر.
وفي تلك الليلة التعيسة التي بثت فيها الحلقة الاخيرة تسمر القوم لرؤية هذا الملاك الذي يملك سلاحا من الدموع لايجاريه اي سلاح، حتى ان نكر ونكير رق قلبهما لها وقررا اغلاق ملفات حسابها في القبر بعد الممات.
الشوارع فارغة،محلات التسويق اعلنت عطلة اجبارية لكل العاملين للتفرغ لمشاهدة الحلقة الاخيرة من مسلسل ليلى وتعلم كيفية البكاء على حرف الياء – وهو الحرف الثاني من اسمها – وانتظار نهاية الرجل الثري الشريرالغدار الجاحد الطاغية الديكتاتور لاذمة له ولا ضمير والذي اشتراها من ابيها بالعملة الصعبة. وبعد دروس العويل والصياح واعلان المواقف المبدئية في السماء اللازوردية انفض القوم المشاهدون وهم من جنسيات مختلفة، فبعضهم شد رحاله الى اليمن السعيد ليشتري من هناك ليلاه وبعضهم اصطادته شبكة الاعلام المغرضة فيمم وجهه شطر تونس الخضراء وبعضهم – وهم كثر تمنوا ان تكون ليلى حوريتهم في الجنة في تفخيخ انفسهم في دار السلام.
اقول ان القوم انفضوا الا المخرج العتيد – يقال انه من طائفة الرافضة – فقد انبرت افكاره ولعلع صوتها في ذهنه وتلافيف نافوخه وقرر ان ان يشتري هذه الدجاجة التي تبيض بكاءا فقد انعم الله عليه بثروة لاتنضب وكتب في دفتر ملاحظاته قبل سنة تقريبا من هذا التاريخ مايلي:
عثرت على وجه يأمر بالبكاء وينهى عن الفرح وهذا مايريده مني القوم الراشدون، فوالله سأجعل من وجهها قنبلة البكاء في رمضان المقبل بل اجعلها تبكي حتى وهي تسمع بعض كلمات الغزل من زوجها بل اجعلها تذرف الدموع مدرارا حين تغني لطفلها قصة قبل النوم ولابد ان ابكيها حتى في منامها. تخرج الى التسوق وهي تبكي، تشتري البسكوت وهي تبكي، تجادل صاحب محل البقالة الهندي حول غلاء سعر البامياء وهي تبكي، وتدخل الى احد فروع الازياء الباريسية وهي تبكي وتقيس "نفنوف" ابيض اللون وتدفع ثمنه 4500 دولار امريكي وهي تبكي، ترجع الى البيت وهي تبكي وتطبخ البامياء لزوجها وهي تبكي وتأوى الى الفراش منهكة من البكاء وهي تبكي.
في ملسلسل العام الماضي – كما قلت – اشتراها رجل ثري بفلوسه ولكن هذه المرة سأجعل الزوج – هكذا كتب المخرج – يخون ليلى زوجته عيني عينك. وهنا يكون البكاء قد ثبت شرعا فمن من المشاهدين يمكن ان يعترض على ذلك خصوصا وان هذا الوجه الملائكي – كما قيل لي- ولد وهو يبكي وتعلم البكاء وهو يكمل دراسته الجامعية. وهكذا كان فقد طلع علينا المخرج في هذا الرمضان الفضيل بمسلسله المسمى ليلى (2).
وقيل انه امضى ثلاثة اشهر في حي العامل وهو حي مأثور من احياء بغداد القديمة يراقب الناس ويتعلم منهم كيف يبكون حتى انه تعرف الى احد اصحاب محلات الدواء الشعبي واشترى منه حبوب تسمى " الدمع المدرار" التي تتيح حال تناولك لها ان تبكي دونما سبب وهو ما يستعمله القوم في حالة مراجعتهم لانجاز معاملاتهم الرسمية في مدن كربلاء والنجف والكوفة وسامراء.
وقيل ايضا انه امضى شهرا كاملا في حي السيد زينب بالقاهرة والتقى بالعديد من النسوة ذات الوزن الثقيل مسترشدا بتعليماتهن حول البكاء وقت الحاجة عند زيارة قبر السيدة زينب او سماع الاخبار من اذاعة "هنا القاهرة". ويبدو ايضا انه قام بزيارة سرية الى اليمن السعيد وانخرط مع الحوثيين في جلساتهم الليلية وتناول القات بعد معارك الصباح ضد رجال الامن على الحدود السعودية اليمنية. وقيل انه قطع زيارته المقررة الى البحرين وعاد الى بلاده بعد ان وجد ان الرجال هناك احترفوا البكاء وتفوقوا على النساء مما جعله يتحاشى تدوين ذلك في دفتر ملاحظاته خوفا على مشاعر ليلى (2).
وخلال تصوير مشاهد هذا المسلسل الذي يعرض حاليا في عدد من القنوات الفضائية التي تعشق الدموع لانها تغسل ادران النفس بذل المخرج جهدا استثنائيا لاقناع احد الاثرياء بتصوير مشاهد البيت الزوجي في داره العامرة.
وحين وطأت رجل المخرج اليمنى اولا عتبة هذه الدار يرافقه طاقم التصوير كاد ان يغمى عليه فالذي يراه ليست دارا وانما مبنى يقف رئيس بروناي متحسرا ازاءه وهو الذي يعتقد ان الذهب اصبح "مودة" قديمة في طلاء شبابيك التواليت فاستعاض عنه بالياقوت والمرجان ،وحين دخل صالة الدار- وهي كلمة كتبها مؤقتا في دفتر ملاحظاته – وجد انه يحتاج الى عربة نقل ليتحرك بين ارجائها فهي ليست بالغة الترف فقط وانما اراد صاحبها ان يقول تعالوا لتروا جنة الله في الارض بما احتوت من سعة المكان ورحابة الشبابيك وعدد الابواب المصفحة وثرياتها المذهبة بالياقوت والزمرد والكنبات التي تبهر الناظر خصوصا اولئك "البدون" الذين يجلسون على كرسي ذي ثلاثة ارجل ويستعملون ساقهم اليسرى كرجل رابعة. وفي هذه القلعة التي تحتوي على اكثر من 25 غرفة نوم كل غرفة مؤثثة بطراز يقول لطراز الغرفة المجاورة"طرازي احسن منك الف مرة" فلدي عدا سرير نوم ينام عليه اربعة اشخاص براحة تامة مع سريرين احتياط للمساعدين والمساعدات هناك مجموعة فريدة من الحمامات احدهما للماء الحار فقط والثاني للماء متوسط الحرارة والثالث يتصاعد منه البخار فقط والرابع يحاط به 5 احواض للاسماك الملونة. اما المراحيض –عفوا التواليت – فان فان مقاعد البراز تتحرك فيها حسب حاجة الزائر حتى تسهل عليه عملية الانزال، اما ...
وكتب المخرج ملاحظات اخرى عن السلالم البنية التي ترى من قبل الزوار فقط ولايحق للخدم والحشم استعمالها خشية تلوثها بعرق ارجلهم السوداء.
كتب – كما قال - ملاحظات كثيرة تشوبها الدهشة والرهبة عن هذه القلعة العتيدة ولكنه كان فرحا الى غاية الجنون فسيرى المشاهدون الكرام كيف تبكي ليلى وهي تتنقل في صالات البيت بحثا عن قطتها ، وتبكي في غرفة نومها وهي تشاهد مسلسل راجل وست ستات، وتبكي وهي تقضي حاجتها في التواليت رقم 4 لتنتقل الى تواليت رقم 6 لتكمل مسيرة البكاء.
يعيش المشاهدون في بقاع الارض رعبا لامثيل له هذه الايام فقد بات مسلسل ليلى (2) في حلقاته الاخيرة ولابد من ايجاد طريقة مثلى لاستعادة دموع ليلى ولايمكن ان تمر هذه الدموع الملائكية في شهر رمضان فقط اذ لابأس ان تعرض حلقات "عوازة" في ايام عيد الفطر فالبكاء سنة لابد من اتباعها وترك الاطفال يفرحون لوحدهم في هذا العيد فهو لهم وحدهم.
تواردت بعض الانباء عن اعتكاف مخرج المسلسل ترافقه كاتبة السيناريو- اسمها ليلى ايضا – من اجل الاستعداد لكتابة ليلى (3) ليعرض في رمضان المقبل والتي سيكون قنبلة الموسم اذ سيكتسح كل المسلسلات العربية والاجنبية حين يرى المشاهدون ليلة وهي تلطم وحدها داخل احد صالونات القلعة وتنثر شعرها يمينا وشمالا منسجمة بدورها حتى انها لم تنتبه للمخرج وهو يصيح بها "توقفي ياليلى،فقد انتهى وقت التصوير"، توقفت ليلى وهي تبكي وقادوها الى صالة الشاي الصيني الاخضر وهي تبكي وقدموا لها كوبا من الاناناس وهي تبكي ثم جاءها رئيس الخدم وسألها عن وجبة العشاء وفي أي مكان تريده فاجابته وهي تبكي.
وحين جن الليل وعادت الى بيتها المتواضع في الجهراء لم يفتح لها الباب لان ابيها كان يبكي وامها تصيح" ولكم خلصت دموعي ،اريد دموع جديدة حتى ابكي" ولم يقدم السائق البلوشي اي مساعدة فقد كان يبكي.



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المفلسون اخوان الشياطون
- ياأهل قريش ها اني اعلن اسلامي بين ايديكم
- كيف يكبر الصوص في بيت اللصوص
- سعودية اسرائيلية في قمة عربية
- حجا والحمار وأنا
- اية مقاومة..اية ديمقراطية..اية تظاهرات؟؟
- انا عراقي والسيستاني عراقي!!
- ما أندل دلوني يابابا ، درب المحطة منين
- المخابرات نوعان كما قال عبد المجيد الفرحان
- السهو والخطأ مرجوع للطرفين
- ارجوكم انحنوا معي الى الموقر عمرو موسى
- حزب شيوعي لصاحبه عبد الحميد الباججي
- اسباب انحسار الماء في نظر السادة العلماء
- الله يلعنكم ايها العلمانيين
- الايدز داء شرعي في النجف الاشرف
- لحوم حمير مجمدة في رمضان المبارك
- منو أنت؟؟
- والله انا سلفي غصبا عنكم
- ايها المسلمون اسمعوا وعوا
- كروش ملهوفة تنتظر التنبلة الرمضانية


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - طويلة العمر ليلى (2)