أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم كاصد - ما الذي نفتقد؟














المزيد.....

ما الذي نفتقد؟


عبدالكريم كاصد

الحوار المتمدن-العدد: 3112 - 2010 / 9 / 1 - 15:20
المحور: الادب والفن
    




*هذا النص هو إجابة عن سؤال الملف الذي أعدّه الشاعر إبراهيم اليوسف لجريدة الخليج: لماذا لا ينخرط المثقفون العرب في القضايا والأحداث العالمية، مثلاً من كتب عن ساراماغو الذي زار فلسطين أثناء حصارها والتقى عرفات وهل تصادت تسونامي في كتاباتنا؟.


أشكّ أن المثقفين العرب معزولون عن العالم تماماً، ويبدو لي أن السؤال الأهم هو: هل إن المثقفين العرب منخرطون في قضايا مجتمعهم وأحداثه كما ينبغي؟ وإذا ما بقينا في حدود السؤال المطروح، بصيغته العامة، فإنّ اللوم لا يلقى على المثقفين العرب، بل على الإعلام الفلسطيني، إعلام عرفات، لعدم قدرته على استيعاب الحدث وتغطيته، وهو المعنيّ به أولا والمعايش له ثانيا، لاسيما أن ساراماغو ومن شهدوا الحصار معروفون في العالم العربي من خلال ترجمة أغلب أعمالهم إلى لغتنا (ومن قام بالترجمة هم مثقفون عرب أيضا). ولعلّ اللوم يبدو أشدّ إذا ما علمنا أن هذا الإعلام، بإلاضافة إلى صفته المهنية المعروفة باعتباره مؤسسة ضخمة تضم موظفين واختصاصيين وبرامج كأيّ إعلام رسميّ موجّه، يضم أيضا مثقفين فلسطينيين معروفين بإبداعهم وقدراتهم التي هي ليست موضع شك على الإطلاق، فأين الخلل؟ أما تسونامي فلا أدري ما المقصود بالسؤال هل التغطية الإعلامية أم المقصود هو توفر النصوص الإبداعية على مستوى هذا الحدث المأساة. وأنا بدوري أسال أيضاً: هل تمة نصوص إبداعية عن هذه الماساة الرهيبة في آداب العالم لم نطلع عليها؟
مع ذلك فالسؤال رغم ما يثيرهُ من أسئلة جانبية عديدة، يظلّ قائماً لأنه يطرح مسألة ذات بعد إنساني تتجاوز السؤال ذاته إلى ما هو أعمق من مواقف إنسانية في الإعلام والأدب معاً.
ما يستوقفني في الإعلام العربيّ هو افتقاده النزعة الفردية الإبداعية وغلبة الصفة الدعائية على مجمل نشاطاته، وهذه غالباً ما تكون ذات طابع سياسيّ ضيق مشحون بأوهامه وصراعاته، مما يحجب عنه الواقع الحقيقيّ .. أيّ واقع كان . إنه إعلام عام لا يشغله الحدث بقدر ما يشغله موقفه من الحدث وانعكاسات هذا الحدث على مساره وتوجهاته، أي بعبارة أخرى إعلام مؤسساتي مشوّه. وما يثير الحيرة في هذا الإعلام إنه يكاد يكون موحّداً في مصالحه، رغم اختلاف أنظمته المتصارعة حدّ الاحتراب أحياناً، وفي وحدته هذه ثمة تيقظ وقدرة على الصمت بالإجماع في مواقف لا تتطلب الإجماع على الإطلاق، كالصمت مثلاً على منح دكتاتور جائزة إلى مفكر محسوب على الفكر الليبرالي وقبول هذا بالجائزة، لأن الدكتاتور والمفكر في موقعين رسميين يمكن الاستفادة منهما مستقبلاً. كيف تأتى للإعلام أن يتفق في ما لا يمكن الاتفاق عليه عبر الصمت وليس التصويت، وهذا ما لا يمكن أن يتحقق حتى في أشدّ الجبهات السياسية رسوخاً؟ كيف تأتى لسوريالي أن يكون مسؤولاً في موقع تقليديّ، وتقليديّ أن يكون مسؤولاً في موقع سوريالي؟ كيف تأتى لهذه الأنظمة المتخلفة أن تكون أكثر المتحمسين للحداثة وكتابها؟ ما الذي يجمع هذه المفارقات؟ ما الموقف الذي يمكن أن يتّخذه الأدب ممثلا بمبدعيه وسط هذا اللهاث اليوميّ للإعلام الرسمي ؟ الصمت؟ الابتعاد؟ الانخراط على حدّ تعبيرك؟ المراوحة؟ ما الذي يفعله الأدب وسط إعلام مشغول بأعلامه، وجوائزه، ومسؤوليه القادرين على سرد منجزاتهم بقدرة مذهلة لعلها هي إنجازهم الوحيد. إن بمستطاع وزير ثقافة في بلدٍ كالعراق أن يتحدّث ساعة أو أكثر، بأكوام من الأخطاء النحوية، عن انجازات لا وجود لها وفي جمهور أدرى منه بالوضع الثقافيّ . في ظرف كهذا كيف ينخرط الأدب إن لم يكن إعلاماً هوأيضاً، لاسيما أن منتجيه، في أغلبهم، هم من داخل هذا الوسط الإعلامي أو من القريبين منه الخاضعين لضروراته اليومية الملحة.
نادرون أولئك الذي يستطيعون أن يحققوا استقلالهم بعيداً عن الإعلام الراهن وقد لا يكون هذا الاستقلال غير مصحوب بأزمات نفسية ومادية لها أعمق الأثر في نفوس أصحابها.
إنّ المطالبة بالنزعة الإنسانية والانخراط هي مطالبة مستحيلة فهذان، النزعة والانخراط، لا يتحققان، على مستوى المؤسسة أو الفرد، من خلال المناشدة وإنما من خلال عوامل عديدة سياسية واجتماعية وثقافية وموروث ايضاً، وقد أذهب بعيدا لاقول إن النزعة الإنسانية تكاد تكون مفقودة حتى في أكثر فنوننا الأدبية استقلالا: الشعر. فمنذ المتنبي أبرز القدامى (أنا الذي نظر الأعمى ..) إلى إدونيس ابرز المحدثين (وأنصّب نفسي ملكاً للرياح ...ما حيا كلّ حكمة.. وأنا الذي نبذته كلّ قبيلة ) ونحن نردح بالأنا شمالاً ويميناً ... البلاغة البلاغة آه سيدتي البلاغة حتى لدى شعرائنا كتاب قصيدة النثر المتفاصحين بعيداً عن ذواتهم والواقع ..أين نجد النزعة الإنسانية؟ وصار شرف الشعر ألا يكون منخرطاً؟ وما انخرط منه لم يكن غير إعلام بائس. أين نجد الشعر إذن؟ ومشاهد الحياة وما يتخلل كلّ ذلك من نزعة إنسانية تقرب الإنسان إلى الإنسان، والشعر من اللاشعر، والإعلام مما هو أدب حق؟
ثقافة في مأزق، ووضع سياسي في مأزق أشدّ والمثقف الحقيقيّ لا يجد نفسه في الاثنين إلا في علاقة عابرة هامشية هي النشر، إذا توفر النشر، ولعلّ الجوائر هي آخر مظهر من مظاهرهذه الفضيحة.



#عبدالكريم_كاصد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديوان المغربيّ
- القصيدة-النص
- لا وجود لداخلٍ أو خارج بشكلٍ مطلق
- باتجاه الجنوب.. باتجاه لوركا
- مختارات شعرية: نوافذ
- عن المسرح الشعريّ
- ديوان: وردة البيكاجي
- عن الملائكة- رافائيل ألبرتي
- ديوان الأخطاء
- ديوان : ولائم الحداد
- قصيدة طائفية
- مقاهٍ لم يرها أحدٌ
- هايكو: جاك كيرواك
- لعبة واحدة، اثنتاعشرة قصيدة، والشاعر العربيّ في المنفى
- من مختارات هارولد بنتر الشعرية
- الشاعر خارج النص: قصائد مختارة
- الشاعر خارج النص:الفصل الخامس
- الشاعر خارج النص: الفصل الرابع
- الشاعر خارج النص: الفصل الثالث
- الشاعر خارج النص: الفصل الثاني


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالكريم كاصد - ما الذي نفتقد؟