أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سامي فريدي - انحطاط القيم.. ظاهرة خاصة أم عامة؟..















المزيد.....

انحطاط القيم.. ظاهرة خاصة أم عامة؟..


سامي فريدي

الحوار المتمدن-العدد: 3110 - 2010 / 8 / 30 - 21:08
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


سامي فريدي
انحطاط القيم.. ظاهرة خاصة أم عامة؟..

ماذا يلزم المرء ليخسر قيمه الخلقية؟.. ما هو مفهوم الأخلاق وصلته بالانسان؟.. هل تعريف القيم الخلقية مسألة اصطلاحية ابستمولوجية أم شخصية بحتة؟..
يمرّ العالم حاليا بمرحلة انتقالية على صعيد التشكل التاريخي السياسي والمعرفي، ابتدأت عقب فترة يسيرة من الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية والهدوء النسبي بعد الحرب العالمية الثانية، ففي حين قاد انتهاء الحرب لنظام عالمي اقتصادي ثقافي قسم العالم إلى خندقين واتجاهين ايديولوجيين (رأسمالي ، اشتراكي)، فأن النظام الجديد كان يحمل بذور انهياره في داخله بحسب مبدأ التضاد التاريخي لماركس، في صورة ما دعي يومها ب(سياسة الحرب الباردة). وبالتالي فأن انهيار/ سقوط المعسكر الاشتراكي (1984- 1989) كان دالة نهاية الربيع العالمي القصير الذي نعمت به البلدان المتضررة من الحرب العالمية وهيمنة الكولونيالية السالفة.
*
(حلم أمريكي)..
ان استفراد الولايات المتحدة الأميركية بالهيمنة الدولية تعدى كونه مجرد تبدل واختلاف في ميزان القوى العالمية بالمفاهيم التقليدية وتجاوزه إلى ما أكثر منه بكثير..
1- استفراد الولايات المتحدة الأميركية لم يكن مجرد صدفة تاريخية وانما نتيجة تخطيط مسبق وصراع مستميت سخر مختلف الامكانات من أجل نجاحه.
2- حلم الهيمنة الأميركية العالمية يدخل في نواة تشكل التشارتر والدولة الأميركية، ويترجم نفسه على صعيد الثقافة الشعبية (popculture) في السلوك الاجتماعي والفردي للأشخاص المصطبغ بالكبرياء والشعور بالتفوق العنصري (arrogance).
3- تأكيد الولايات المتحدة الأميركية على السياسة الخارجية أكثر من أي شيء آخر.
4- التركيز على النشاط المخابراتي والعسكري في الخارج أكثر من سواها في جوانب السياسة الخارجية.
5- الهوية الوطنية والثقافية هدف غير منظور في الأفق السياسي.
الحلم الأميركي لا يخفي نواياه وجهوده في تغيير البنى التحتية للبلاد والمجتمعات الأخرى وفق رؤيا المشروع الأميركي للتاريخ والمستقبل، ومن غير ترك فرصة لاستفتاء الآخر أو اعطائه مساحة من الخيار. بعبارة أكثر وضوحا، ان العالم (الثالث والثاني حسب التقسيم التقليدي) أخذ على حين غرة في لحظة لم تكن الشعوب متهيأة أو قد تهيأت للأخذ بزمام أمورها. ولعل مسألة السبق هذه ذات المرجعية والفعالية العسكرية ضمنت التعامل مع مجتمعات مستضعفة لا تدرك ما يدور مع عدو يمتلك كل مستلزمات الهيمنة المسبقة. ان صورة عالم اليوم تختلف عن صورة العالم قبل ثلاثين عاما، وتلك تختلف عما كان قبل خمسين عاما. في السابق كان المرء يلزمه أن يعمر قرابة المائة عام لكي يكون مخضرما، أما اليوم فأن معدل نصف المدة زاد من نسبة المخضرمين، إلى حد اختزل معه قيمة (الخضرمة) وتساوى من رأى وعرف مع من لم ير ولم يعرف.
*
هزهزة الثوابت..
أحد الملامح الرئيسة للحالة الانتقالية هي اهتزاز الثوابت بما تشتمله من قيم ومبادئ وقوانين في أي مجال من مجالات الحياة والفكر والوجود. هذا الاهتزاز (أو- الهزهزة) انعكس سلبا على المضمون الفكري أو الاجتماعي أو القانوني للقيمة أو المبدأ أو القانون. في الشرق كان الالتزام الاجتماعي يتمثل في العيب والحياء يمثل قيمة عليا، تقود الاستهانة بها إلى انهيار قيمة الفرد، بينما الالتزام الاجتماعي في الغرب يتمثل في قيمة الصدق والانحياز للعقل. وكان التهاون في أي منها بداية السقوط بالنسبة للفرد أو الجماعة.
لقد أصبحت كل تلك المبادئ الأساسية في الغرب أو الشرق في خبر كان، ولم يعد الفرد أو الحزب أو الحكومة تجد حرجا من التمادي في أي منها.
فالسياسي يكذب قبل الانتخابات وبعدها.. يكذب وهو في الحكومة كما يكذب الذي في المعارضة، وكل طرف يجهد لضمان غرضه المحدد وتضليل المستمع أو المجتمع.. وما ينطبق على الجماعة ينطبق على الفرد العادي في مجالات الحياة اليومية بدء من البيت والعائلة إلى المدرسة والعمل والتدين.
الخلاصة المستخلصة من حمى استمراء الكذب والفساد.. هو خدمة غرض.. شخصي مادي.. وذلك على حساب المصلحة العامة.. والقيم الخلقية.
*
فلسفة البراغماتية
وليم جيمس (1842- 1910)* من مواليد نيويورك. عاش حياة حافلة غنية بالأحداث والترحال واكتساب الخبرات والتعلم. في عام 1869 حاز درجة الدكتوراه وبعد ثلاث سنوات بدأ تدريس الفلسفة في جامعة هارفارد. بدأ جيمس حياته بدراسة الرسم في جزيرة رودس ثم درس العلوم في جنيف وفي 1865 تنقل عدة سنوات في الأمازون، وبعد عمله في هارفارد، انصرف إلى علم النفس. كان لغنى حياته أثر في نظرته العملية الايجابية للحياة واعتبارها جديرة بالمعيشة. فهو يرى ان على كل شخص أن يستخدم عقيدته كأداة تساهم في صنع الحقيقة، لكي يتلمس تلك الحقيقة مع بدء كل يوم جديد. ان قيمة أي فكرة تعتمد على ما تقدمه من منفعة للشخص، ولذلك حذر من المبالغة في العقيدة، كما حذر من تبخيس قيمتها. معتبراً ان مسؤولية الفرد هي تجنب مخاطر ما يترتب على ذلك. ان حياة الانسان اليومية هي موضوع وليم جيمس الأثير عبر خبراته الملونة بين الفن والفلسفة وعلم النفس. ورؤيته في تعريف الحكمة والمنفعة، لها من الأهمية اليوم ما كان لها قبل قرن من الزمن.
*
الغرض الشخصي والبراغماتية الأميركية
يختلف مفهوم البراغماتية في تعريف السياسة العملية أو الواقعية السياسية عن تطور المفهوم واختصاصه بخدمة الغرض الشخصي للفرد في الحياة والعلاقات العامة. فقد اقترن هذا التطور باختزال القيمة الاجتماعية أو تجاوز القيم المتعارفة مما ألحق ضررا بالبنيان الاجتماعي العام من ناحية؛ ومن ناحية أخرى، فأن امتداد عدوى ذلك إلى مجال عمل الأفراد في مؤسسات حكومية أو خاصة زاد من رقعة الفساد الاداري وظهور المزاجية كبديل لمعايير العمل. ظهور المزاجية الادارية أو السياسية اختزل من مساحة دولة القانون وضوابط الأدارة. وفي حين كان ثبات القوانين والضوابط الادارية يشكل عامل دعم أمن واستقرار المواطن، زادت المزاجية من معدل قلق الفرد والشعور بالضياع وعدم الطمأنينة والاستقرار.
لو أحصينا عوامل عدم الاستقرار في الحياة المعاصرة بدء من ظاهرة الهجرة والعمل والمرتب والعائلة ، عدم ثبات مركز السكن والعمل وغياب ضمانات الحياة والعمل وعدم طمأنينة الظروف والمستقبل، ناهيك عن ان الاضطراب يكاد يكون صفة عامة لبلدان ومجتمعات كثيرة. ان ظروف عدم الاستقرار لم تعد سمة خاصة بالبلدان المتخلفة أو ذات الأنظمة العسكرية بل تشمل البدان المتقدمة في الغرب أسوة ببلاد أخرى كالصين واليابان أو الولايات المتحدة. ان افتقاد ضمانات الطمأنينة ودالة الاستقرار يجعل الفرد بحاجة إلى بديل نفسي أو مادي سريع يدعم به ذلك الجزء المهشم أو المهمش من كيانه الشخصي، وهو ما يجد له اشباعا في حيازة المادة أو الالتجاء للدين، علما أن لجوء البعض للدين لا يغنيهم عن الاستغراق في المادة.
*
دين وبراغماتية..
لعل من أكثر مظاهر التناقض في حياة اليوم هو اجتماع المتضادات والمتنافرات داخل لوحة المشهد اليومي لحياة الفرد. فالدين في مفهومه الراهن لم يعد وازعا روحيا أو خلقيا بما يكفي لضبط غرائز الأفراد، وإذا كان الوازع الخلقي والرسالة الأخلاقية تمثل جوهر الوصايا العشر المتداولة في أكثر من دين، فأن البراغماتية الدينية قلبت قاعدة منظومة الدين الدوغمائية على رأسها من خلال تفضيل غريزة الفرد وحاجاته أو رغباته الأنانية على حساب مصلحة الجماعة أو المجموع، جعل الدين عاجزا عن مواكبة تطور الحاجات البشرية أو لغة العصر. هذا لا يكشف ضعف/ غياب الجوهر الروحاني لفكرة الدين، فحسب، وانما إشكالية فرّيسيّة المتعاملين بالدين، حيث الفصل بين الدين كنصوص وتطبيقات الحياة العملية.
ان اختزال حاجة الفرد وتسخيره في بودقة الجماعة كان جناية من نوع ما على مدى التاريخ، لكن عكس الصورة لتمجيد الغرض الشخصي يلحق ضررا بالمصلحة العامة لا يليق ينظام منتسب لفكرة الدين. ففي غير حالة ومجتمع يجهد أفراد في تسخير الجماعة والطائفة والمؤسسة والدولة. ان تقاطعات براغماتية الدين المتراكمة اليوم مع جوهر الفكر الديني تتمثل في..
1- ان الله صالح ولا يسمح بالضرر للفرد أو الجماعة، وكل ما يخالف هذا ليس من الله في شيء.
2- وظيفة الانسان هو البناء والتنمية وتجسيد الخير وتيسيره للجميع.
3- الجشع يتناقض مع مبدأ القناعة، أي الاكتفاء بسداد الحاجة وكل ما يتجاوزه انما هو استلاب لحصص الآخرين وحرمانهم من حقوقهم.
4- أنانية الفرد المتضخمة أو المريضة تشكل تحديا للذات الالهية ومدخلا للشرك والوثنية.
5- ان الاضرار بالفرد انما هو اضرار بالمجموع وتجاوز على لائحة الوصايا العشر.
البراغماتية والدين أمران لا يلتقيان في الجوهر أو الاسلوب. وبموجب المضمون الاخلاقي للدين، تتقاطع البراغماتية مع الجوهر الخلقي. ولا تنفصل آثار القيمية البراغماتية عن ملامح الحياة الحاضرة بما يشيع فيها من يأس وفساد وفوضى، تتسيد عبره الامبريالية الأمريكية على مقدرات العالم مؤسسات وأفراد، دين ودولة وثقافة.
*
البديل ..
كن ايجابيا مع نفسك، ومع الآخرين.
أحب لنفسك كما تحب لغيرك..
عامل الناس كما تحب أن يعاملوك.
!
ــــــــــــــــــــــــــــــ
• William James (1842- 1910) , author of: The Principles of Psychology; The Varieties of Religious Experience.
لندن
الثلاثين من أوغست 2010



#سامي_فريدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماركس والعولمة
- حكومة كاميرون تبعد لاجئين عراقيين قسرا
- ثقافة الاعتذار والتسامح في العرف السياسي
- الانتخابات البريطانية والانسان العربي
- كنائس مصر والبلدوزر.. والانتخابات!
- لماذا لا يوجد لوبي عربي في بريطانيا؟!..
- في اركيولوجيا الثقافة
- يا عشاق الجمال والخير والمحبة تضامنوا
- من يثرب إلى العراق..
- العمال والعولمة
- قبل موت اللغة..!
- براءة العراق من علي ومزاعمه..
- شتائم اسلامية في أهل العراق
- (عليّ) في العراق..
- العراق من عمر إلى علي..
- المقدس.. من السماوي إلى الأرضي.. (جزء 2)
- المقدس.. من المطلق إلى النسبي.. من السماوي إلى الأرضي
- محاولة في تعريف الدين والمقدس
- العنف والمقدس (2)
- (كوتا.. كم.. نوع!!..) المرأة العراقية والمرحلة..!


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سامي فريدي - انحطاط القيم.. ظاهرة خاصة أم عامة؟..