أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مسعود محمد - عادل مراد















المزيد.....



عادل مراد


مسعود محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3110 - 2010 / 8 / 30 - 16:30
المحور: مقابلات و حوارات
    


اللقاء مع الأستاذ عادل مراد مسؤول الاعلام المركزي وعضو المكتب السياسي سابقا والقيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني ل 35 عاما أكثر من ممتع، فهو يدخلك الى تفاصيل السياسة الكردستانية بمتعة ودقة، تسأله بداية عن كيفية سقوط الثورة الكردية فيجيب انه في خضم الاحداث السياسية والاقليمية والمحلية، آنذاك اراد النظام العراقي الاستئثار بالساحة السياسية العراقية من خلال الغاء الاخرين، احزابا وتيارات وحركات وشخصيات سياسية رفضت سياسات النظام الدكتاتورية فتكاتفت ارادة النظام العراقي مع التكنولوجيا السوفياتية بالتآمر مع النظام الايراني وبرعاية وزير الخارجية الأميركية آنذاك كيسنجر لاسقاط الثورة الكردية.
أما لماذا الاسقاط؟ ذلك لأن الحركة الكردية كانت تمثل حركة مقلقة لدول المنطقة لأنها حركة وطنية ديمقراطية المضمون مدافعة عن حقوق شعب مضطهد، بغض النظر عن العلاقات النفعية الهامشية مع حكومة إيران وحجم المساعدات الشحيحة التي كان يقدمها شاه إيران للحركة الوطنية الكردية المسلحة انذاك، فتم لهم ذلك على اثر اتفاقية الجزائر التي وقعت يوم 6/3/1975 بين صدام حسين وشاه إيران تحت يافطة حل المشاكل الحدودية وتنفيذ بروتوكولات وملحقات اتفاقيات القسطنطينية لعام 1937 لحل النزاعات الحدودية والمياه المشتركة وتثبيت خط التالوك، تلك الاتفاقية التي كان الغرض الأساسي منها تفكيك الحركة الوطنية الكردية المسلحة في كردستان العراق وخنق ثورة ظفار في عمان، وتدمير الحركة الوطنية العراقية وتطلعات عرب إيران الإنسانية ونقل العراق تدريجيا إلى المعسكر الغربي عبر بوابة شاه إيران.
ألم تشعروا كقيادة بالمؤامرة التي كانت تحاك لكم؟
وعندما توسعت الحركة الكردية عامي 1974 و 1975 بعد التحاق الآلاف من المثقفين وأساتذة الجامعة والأطباء والعسكريين بهذه الحركة ، صارت الحركة مصدرا كبيرا للخوف لدول المنطقة خاصة الدول التي تتقاسم كردستان، والدول الاستعمارية آنذاك المستفيدة من نفط المنطقة وخيراتها، فبدأت عملية التخطيط للقضاء عليها، وتحرك هنري كيسنجر لتنفيذ عملية انهاء تلك الثورة، فعقد لقاء تمهيدي في أنقرة بين العراق وإيران والجزائر في شباط 1975 سبقته لقاءات سرية عديدة للتفاهم على ترتيب العملية بالكامل بما فيها اتفاقية الجزائر والتنازلات التي على النظام العراقي تقديمها لضمان استمراريته، آنذاك حذرنا من خطورة الموضوع والتحركات التي تجري الرئيس المصري أنور السادات رحمه الله، ففي يناير العام 1975 التقى الرئيس المصري المرحوم سامي عبد الرحمن والسفيرمحسن دزائي وحذرهم من مؤامرة تحاك للشعب الكردي لاسقاط ثورته، وفي فبراير من العام نفسه حذر مام جلال في لقاء جمعهما في القاهرة من مؤامرة حتمية تحاك ضد الشعب الكردي، الا أن الملا مصطفى البرزاني رحمه الله كان شديد الثقة بشاه ايران، ولم يكن يرى اي امكانية للتفاهم فيما بين شاه ايران وصدام حسين فلم يتفاعل مع هذه التحذيرات، وقد يكون الثمن الكبير الذي قدمه العراق لايران عبر اتفاقية الجزائر التي وقعها نائب الرئيس العراقي آنذاك صدام الذي كان يتصرف كرئيس فعلي للعراق، والرئيس الجزائري هواري بومدين وشاه إيران على هامش اجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك في 6 مارس 1975، عبرالتنازل عن نصف شط العرب ومساحات كبيرة من الأراضي الحدودية، والتنسيق مع ايران لمساعدتها على سحق الثورة الوطنية في ظفار وبسط الهيمنة الشاهنشاهية على الخليج ومحاربة القوى الديمقراطية في المنطقة برمتها والتخطيط لتفتيت جبهة الصمود والتصدي العربية دليل على صحة ما كان الملا يعتقده والجدير بالذكر ان المعارضه الوحيدة للتعاون مع ايران آنذاك كانت من قبل العصبة الماركسية اللينينية بقيادة شهاب شيخ نوري وجعفر عبد الواحد وأنور زوراب اذ كانت العصبة تعتبر أن الثورة يجب أن تبنى بالقوى الكردية الذاتية وأن الاتكال الكامل والكلي على ايران يهدد استمرارية الثورة وديمومتها وتبين لاحقا أن قياديي العصبة الذين أعدمهم صدام حسين في شهر 11/1976 كانوا على حق.
كيف تلقيتم خبر ايقاف عمليات الثورة وما كانت ردة فعلكم؟
عاد المرحوم الملا مصطفى البارزاني من طهران إلى كردستان العراق بعد اجتماعه مع شاه إيران بتاريخ 13/3/1975 بحضور السادة الدكتور محمود عثمان والسفير محسن دزه ئي، لبحث نتائج لقاء الجزائر . وكان اجتماعا قاسيا ابلغ فيه شاه ايران الملا مصطفى البارزاني رحمه الله بأنه توصل إلى حل لمشاكله السياسية مع نائب الرئيس العراقي صدام حسين في مؤتمر منظمة الاوبك بالجزائر يوم 6/3/1975 . وأبلغ الشاه الملا مصطفى ان البشمركة الكرد أمام خيارين لا ثالث لهما ، أما نزع السلاح والرجوع إلى العراق دون قيد أو شرط أو المكوث في ايران بصفة لاجئين والانصهار في المجتمع الإيراني. عاد الملا الى كردستان للتشاور مع قيادته وأعلن في طريق عودته ان القيادة ستقاوم المؤامرة وستواصل الثورة الكردية كفاحها المسلح اعتمادا على القوى الذاتية لشعب كردستان وستتجاوز المؤامرة عبر وضع خطة جديدة للمقاومة لتحقيق مطالب الشعب الكردي المحقة فاستقبل والوفد المرافق استقبالا حافلا من قادة ووزراء وكوادر الحزب الديمقراطي الكردستاني والثورة الكردية،
اتخذت بعد اجتماعات مكثفة لقيادة الثورة والحزب الاحتياطات المطلوبة فوضعت خطط عسكرية جديدة ووزعت المؤن وتم تخزين السلاح والعتاد، وقسمت المنطقة الى ثلاثة مراكز عسكرية :
• المنطقة الأولى منطقة حاجي عمران في محافظة اربيل وكانت بمثابة مركز أول للقيادة العسكرية وكانت المنطقة بقيادة رئيس اقليم كردستان الحالي السيد مسعود البارزاني وأخوه المرحوم إدريس البارزاني ومعهم عدد من الكوادر الحزبية والعسكرية أبرزهم الشهيد سامي عبد الرحمن ومقدم يوسف ميران والشهيد فرنسوا حريري والقائد العسكري عبدالله آغابشدري والنقيب الركن آزاد ميران وآزاد نجيب برواري والدكتور نجم الدين كريم وكريم سنجاري واخرين.
• المنطقة الثانية منطقة بنجوين الحدودية ناحية ايران ، والتي تقع شرق محافظة السليمانية للأشراف على العمل في محافظات السليمانية وكركوك ومدن خانقين وبغداد وجنوب العراق وكرميان ، ولهذه المنطقة الاستراتيجية انتخاب المرحوم نوري شاويس مسؤولا عنها، فتجمع حوله عدد من السياسيين والعسكريين من مدن السليمانية وكركوك واربيل وبغداد . وانضم اليه السيد فاروق ملا مصطفى مسؤول الحزب الشيوعي العراقي – القيادة المركزية – في كردستان في حينه، مع كل كوادره وأنصاره وكان معه عدد من الشيوعيين العراقيين العرب إضافة الى الشيوعيين الكرد ، فقاموا بتجميع السلاح والذخائر والمؤن بالتنسيق مع عدد من قياديي العصبة الماركسية اللينينية، ومكتب سكرتارية اتحاد طلبة كردستان التي كنت رئيسها آنذاك، للبدء بحرب الانصار إلى جانب قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني . فكنت في حينه على اتصال يومي مع المقاومين في الحزب الديمقراطي و الكومله والقيادة المركزية للتعبئة لشحذ الهمم والاستعداد لحرب عصابات طويلة الامد اعتمادا على القوى الذاتية لشعب كردستان.
• المنطقة الثالثة كانت في مناطق بادينان المحاذية للحدود التركية، حيث عين لقيادتها، الشخصية الوطنية السيد صالح اليوسفي للأشراف على العمل السياسي والعسكري في مدن محافظتي دهوك والموصل، (تجدر الإشارة إلى ان المرحوم صالح اليوسفي قد استشهد نزفا في منزله ببغداد صباح يوم 21/6/1981 من جراء فتحه رسالة ملغومة وصلت أليه بالبريد بتدبير وتخطيط من مدير المخابرات آنذاك برزان ابراهيم التكريتي، حيث قطعت يداه ومنعت عنه الإسعافات اللازمة) وكان معه عدد من خيرة الكوادر السياسية والعسكرية من اهالي المنطقة ومن ابرزهم المرحوم اسعد خوشوي والعسكري الشجاع رشيد سندي والسيد فاضل مطني وحسو ميرخان ومصطفى نيروه يي وعلي السنجاري وحميد افندي وتحسين اتروشي وحميد عقراوي.
تصاعدت العمليات الثورية للبيشمركة على جبهات القتال كافة وسجلت انتصارات كبيرة وخاصة في جبال زوزك وهندرين وحسن بك وماوت وبشدر وراوندوز كرميان ومنطقة سهل اربيل وسنجار وشيخان ومناطق بادينان بمحافظة دهوك . وبدأ أهالي كردستان يشعرون بالاعتزاز بقدرات قواتهم في مواجهة جيش النظام العراقي المسلح تسليحا روسيا متطورا دون أية مساعدة خارجية . فانخرط الآلاف من المواطنين في صفوف الثورة من جديد، وشعر الكثير من الوطنيين بان كاهل إيران قد أزيح عنهم . لكن هذا الحلم الوطني لم يدم طويلا، فسرعان ما انهارت الآمال بإعلان الملا مصطفى يوم 21/3/1975 ضرورة وقف اطلاق النار، وطلب من البشمركة القاء السلاح، للمحافظة على الشعب الكردي وقواته من الإبادة الجماعية، ولحماية البشمركة ومنعها من الوقوع بين فكي رحا الآلتين العسكريتين الجبارتين للعراق وإيران.
ما الدور الذي لعبه الرئيس العراقي الحالي مام جلال آنذاك؟
اخذ مام جلال على عاتقه مهمة الاتصال برؤساء الدول العربية الثلاث مصر وسوريا وليبيا السادة ( المرحوم أنور السادات والمرحوم حافظ الأسد والعقيد معمر القذافي ) للحصول على دعم للحركة الكردية ووقف التداعيات التي تمخضت عن اتفاقية الجزائر ، والعمل على إسقاط الاتفاقية الاستسلامية ولكن جهوده ومقابلاته للرؤساء الثلاثة لم تثمر عن أية نتيجة في حينه بسبب تسارع تراجيديا الانهيار.
ماذا حصل بعد الانهيار ؟
في 1/4/1975 أغلقت ايران الحدود لاقفال الباب أمام عودة البيشمركة للعراق، بدأنا نتحرك بين صفوف الطلبة والشباب من اجل اطلاق الثورة من جديد، ولكن بأسس جديدة وبنواة جديدة وقيادات متحمسة وأساليب ديمقراطية جديدة . دون ان نحدد أي اسم لهذا التنظيم ، لان الرأي لم يستقر على تشكيل تنظيم معين آنذاك . فكانت الآراء متضاربة بين من يدعو إلى تشكيل تنظيم جديد، وبين من يدعو لترك الأمور لسنوات أخرى لنضوج وضع جديد ، ومن كان مع مواصلة النضال تحت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني ولكن بعد إجراء تغييرات في قيادته، فهول الصدمة المروعة شتت الأفكار والمجموعات والمؤسسات الإدارية والحزبية والمهنية، الا أن الشعب الكردي بقي واعيا وثائرا ، وتحولت روحية الرفض لدى الشعب إلى إرادة قوية بالتغيير والتحرر فبدأ بعد اشهر قليلة جدا من النكسة بلملمة جراحه وبدأت الخلايا الثورية تتشكل هنا وهناك ، داخل وخارج العراق وكانت هناك قوة أساسية يسارية كردستانية ديمقراطية واعية تعمل في العراق باسم عصبة كادحي كردستان ( كومله )، إلى جانب منظمات ثورية كردستانية وماركسية وقومية عربية ناصرية واسلامية راديكالية شيعية وبعثية يسارية موالية لسوريا . تم تشكيل خلايا ولجان سرية ، في المدن العراقية والايرانية وأخرى علنية في المدن الأوروبية فنشطت هذه اللجان في مدن، مثل مهاباد و نقده واروميه و شنو و خانة لامتصاص زخم الصدمة المذهلة ولتشجيع المواطنين للعودة إلى العراق بدلا من البقاء في إيران الشاه، وأقنعتهم بتفضيل الكفاح السلمي والعسكري ضد الدكتاتورية في الوطن على الانزواء في إيران .


كيف تبلورت فكرة تأسيس الجديد؟
في شهر مارس قبيل عيد النوروز العام 1975 أعلن مام جلال في أحد الصحف اللبنانية آنذاك، بأن الثورة الكردية لن تتوقف، والشعب الكردي لن يرضخ لاتفاقيات الشاه مع العراق برعاية كيسنجر، وخطب في احتفال جماهيري في الملعب البلدي في بيروت بمناسبة عيد النوروز داعيا الى استمرار الثورة، تمت الاتصالات الأولى من قبل مام جلال بعدد من الوطنيين في الداخل والخارج بعد 13/3/1975 فقد تم الاتصال بنا برسالة من مام جلال نقلها لنا سرا في طهران المرحوم فاضل ملا محمود، الذي كان يحمل أيضا رسائل من مام جلال إلى بعض المسؤولين الكرد ومنها رسالة إلى المرحوم إدريس البارزاني، فأصبحت رسائل مام جلال بارقة أمل للوطنيين الكرد وعملت كرافعة ثورية لمواصلة الكفاح، وكان حينها يقيم مؤقتاً في بيروت.
ماذا كانت نتيجة هذا الموقف الرافض والاتصالات من قبل مام جلال؟
بدأنا اتصالاتنا ومشاوراتنا في طهران ومدن إيرانية أخرى وكردستان العراق وفي الخارج، لبحث أسباب النكسة وطرق النهوض الجديدة بالحركة وشحذ الهمم، وأتذكر انه كان بين العاملين على هذه الاتصالات، السادة دارا توفيق وحبيب محمد كريم وكامران قره داغي وعلي العسكري وشاسوار جلال ( آرام ) ودارا شيخ نوري وسالار عزيز وجمال حكيم ( جمال آغا ) وعدنان المفتي والدكتور خسرو محمد و جبار حاجي رشيد وآزا خفاف وحسين سنجاري والدكتور محمود عثمان وشمس الدين المفتي وقادر جباري وفرهاد عوني وحسن درويش وحسن فيض الله وحسيب روزبياني و ملا ناصح و رسول مامند وعلي هزار و سعد عبدالله والمهندس توفيق عبد الحسين وسربست بامرني ويدالله كريم وملازم اسماعيل باجلان وحسن درويش وتحسين عقراوي و ملا محمد اسماعيل والدكتور كمال خوشناو والدكتور جلال شفيق وكريم سنجاري وسامي شورش وبارزان خالد وفائق نيرويي وخالد يوسف خالد وطارق جمباز وحميد عقراوي والمحامي الشهيد هادي علي و دلشاد ميران وظاهر حمد وفؤاد حسين وجيا عباس صاحبقران وعلي إحسان و كاردو كلالي ورؤوف عقراوي والدكتور وريا ساعاتي وآزاد برواري وفاروق ملا مصطفى ومجموعته (القيادة المركزية للحزب الشيوعي العراقي) العصبة الماركسية اللينينية بقيادة شهاب شيخ نوري وجعفر عبد الواحد وأنور زوراب، والمئات من المناضلين الذين كانت لنا معهم علاقات جيدة .
ما كانت نتيجة تلك التعبأة والاتصالات ؟
كان يوم السابع من نيسان 1975 يوماً تاريخيا في حياتنا السياسية الجديدة ففي ذلك اليوم يوم وصلنا إلى دمشق أنا والسيد عبد الرزاق عزيز ميرزا والتقينا بمام جلال، كان اللقاء وديا مليئا بالحماس ، نقلت له دعم السيد مسعود البارزاني لتحركاته الجديدة وخطابه التاريخي الذي ألقاه في الملعب البلدي في بيروت أمام الآلاف من الكرد في لبنان بمناسبة النوروز يوم 21/3/1975 . بعد الاجتماع بمام جلال عقدنا سلسلة لقاءات مهمة بالسادة عبدالاله النصراوي الأمين العام للحركة الاشتراكية العربية، وإبراهيم علاوي الأمين العام للحزب الشيوعي العراقي ( القيادة المركزية ) والشهيد احمد العزاوي الأمين القطري للبعث العراقي الموالي لسوريا والمعادي لبعث العراق الذي استشهد على يد جماعات صدام بسيارة ملغومة في دمشق يوم 10/7/1976 لشرح اخر تطورات الوضع لهم .
استعرضنا لمام جلال الأوضاع التي حلت بنا واسباب النكسة وسبل توحيد الحركة من جديد وشكرته على الرسالة التي أرسلها لنا بيد السيد فاضل ملا محمود، تلك الرسالة التي أصبحت برنامج عمل لتحركاتنا في إيران . وفي كل اللقاءات كان معي السيد عبد الرزاق عزيز .. وقد فاجأنا مام جلال بتفاؤله وتصميمه على الكفاح بالاعتماد على قوى الشعب بالتعاون مع القيادة الكردية السابقة وقال بأنه بعث برسالة مطولة إلى المرحوم الملا مصطفى البارازاني للتأكيد على مواصلة الكفاح وتوحيد الصف الوطني .
ما كانت نتيجة اجتماعكم مع مام جلال والقوى الأخرى؟
في 25 مايو 1975. اجتمعنا أربعة من قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مقهى طليطلة وسط دمشق، وكنا جلال طالباني وفؤاد معصوم وعادل مراد وعبد الرزاق ميرزا لنتداول حول وضع الثورة الكردية التي توقفت بسبب الاتفاقية التي وقعت بين شاه إيران محمد رضا بهلوي وصدام حسين، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقية في الجزائر والتي أدت إلى أن يوقف شاه إيران دعمه للثورة الكردية في العراق.
بعد مداولات مطولة قررنا تأسيس تحالف سياسي جديد، وليس حزبا، باسم الاتحاد الوطني الكردستاني، مصممين على العودة إلى مواقع الثورة والكفاح المسلح في الجبال من أجل حقوق الشعب الكردي والقضية الكردية. وسخر صدام حسين آنذاك من تشكيل هذا التنظيم الجديد وقال " لو تطلع نخله برأس جلال الطالباني ما راح يقدر يصعد ستة مقاتلين للجبل " وفي 1/6/1976 أعلن الاتحاد الوطني الكردستاني الثورة و أدخل أول وجبة من المقاتلين عن طريق المثلث السوري التركي العراقي، بقيادة النقيب المهندس ابراهيم عزو ومعه حوالي 50 شابا وكان قد سبقهم مجموعات صغيرة من العصبة الماركسية.
لماذا كان الاصرار على هذا الاستمرار الانتحاري بالثورة رغم صعوبة الظروف؟
في ديسمبر 1976 كنت في زيارة للدكتور جورج حبش أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لطلب المساعدة للثورة الكردية سألني نفس السؤال، فقلت له ببساطة لأن النظام تعامل معنا باستخفاف ودونية، فهو بسبب غطرسته لم يعفو عن الثوار وقرر الانتقام من الشعب الكردي جماعيا حيث قامت مخابرات النظام العراقي بإجراءات فورية ضد الكرد بعد عودتهم من إيران إلى ارض الوطن .
تمثلت الإجراءات بالنفي السياسي والهجرة القسرية إلى غرب وجنوب العراق تنفيذا لسياسة التغيير الديمغرافي لمنطقة كردستان ، إذ من البديهي والمعروف لكل العالم ان سكان كردستان يعيشون في بيئة جبلية باردة وطبيعة جغرافية لها خصوصيتها، والمناطق الغربية والجنوبية في العراق تتسم بالحرارة المرتفعة صيفا، وبالتالي فان مثل هذه الإجراءات تعني النهاية والموت البطيء لشعب عاش في كردستان منذ آلاف السنين في أجواء مناخية مغايرة، وفعلا مات الآلاف من الأطفال والشيوخ الكرد في الجنوب وغرب البلاد وقد منع عنهم حتى العلاج الطبي.
فهجر الكرد قسريا إلى مدن المنطقة الغربية ( الرمادي، الفلوجة، عانه، هيت، حديثة، راوة وأبو سدرة ) والى مدن المنطقة الجنوبية ( كربلاء، الناصرية، السماوة، الحلة، النجف الاشرف، الكوفة، المسيب، قلعة صالح، القرنة، نقرة السلمان، عفك، الرميثة، الخضر، الدغارة، عين تمر، سدة الهندية، والشوملي ) وبمحاذاة الحدود الإقليمية العراقية – السعودية ونفي الالاف الى سامراء وبغداد والمحمودية واللطيفية، من اجل تغيير الواقع السكاني والجغرافي لمنطقة كردستان العراق .
كان النظام في بغداد يتصور ان هذه الهجرة القسرية لشعب كردستان ستمزق النسيج الوطني العراقي وستخلق مشاكل اجتماعية كبيرة وعدم انسجام بين أبناء القوميتين الرئيسيتين العربية والكردية وتخرب التلاحم القومي وتؤدي الى نفور عنصري وطائفي ( شيعي – سني ) ، ولكن النتائج كانت على عكس توقعات مخابرات النظام العنصري، حيث نشأت علاقات حميمة ووطيدة بين أبناء القوميتين المتآخيتين وسقطت بذلك كل مخططات النظام وبدلا من خلق النفور القومي نسجت علاقات وطيدة بين المهجرين والسكان العرب الأصليين مما دفع النظام إلى إرجاع المهجرين الكرد إلى كردستان في نهاية عام 1977 . وتلك التجربة المريرة أثبتت عمق العلاقات الوطنية والإنسانية بين العرب والكرد والتركمان والكلدان والاشوريين والسريان فلازال الآلاف من الكرد المهجرين يعيشون في تلك المدن بعد ان تصاهروا مع العوائل العربية هناك .
هذا الحزب الذي أعاد اطلاق الثورة الكردية واستنهض همة الأمة، وعمل على ايصال رئيسه الى قمة السلطة في العراق رئاسة الجمهورية ماذا يجري في صفوفه؟ علام الخلاف مع حركة التغيير بقيادة نائب رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني سابقا ورئيس حركة التغيير، نوشيروان مصطفى الذي دعيته من خلال مذكراتك الى كتابة تجربته حول تأسيس الاتحاد الوطني ليغني الأجيال الصاعدة بتجربته هل ما زلت تعتبره رفيقك؟
سأبدأ جوابي بنكتة كان يرددها مام جلال عندما كان الرفاق في المكتب السياسي يشتكون من عدم انصياعي اليهم لدى مام جلال، كان يقول لهم لا تتعبوا أنفسكم عادل مراد لديه في الاتحاد مرجعيتان فقط، جلال الطالباني ونوشيروان مصطفى، وما زلت الى اليوم أعتز برفقتي معهما. أما من الناحية العملية فأنا مؤمن جدا بالتغيير وضرورة اعطاء فرصة للأجيال الصاعدة لتولي المسؤوليات القيادية في الحزب ولذلك لم أترشح للقيادة في هذا المؤتمر الذي انتخبت رئيسا له بالاجماع لادارة أعماله، وكنت أتصور أن الكثير من الرفاق سيحذون حذوي بعدم الترشح لافساح المجال أمام الشباب الا انه للأسف يبدو أننا بحاجة للمزيد من الوقت لتطوير الديمقراطية في حزبنا لتجديد دمه والافساح بالمجال للشباب بالوصول الى القيادة.
أما من حيث ضرورة الاصلاح والتغيير في الحزب الذي دعا اليه شباب حركة التغيير فلا خلاف حوله وهو ضرورة لتنشيط الحياة الحزبية، الا ان الخلاف كان حول الاسلوب، أعتقد أن نوشيروان مصطفى قد استعجل الخروج من الحزب كان عليه العمل من الداخل الا أنه هناك مجموعة صغيرة من المنتفعين في قيادة الاتحاد دفعت بقوة نحو هذا الانفصال وأججت الخلافات ليخلو لها الجو.
ما الذي أفسح المجال لهذه المجموعة؟
انتخاب مام جلال رئيسا للعراق فاد الشعب العراقي، وحقق مكاسب للكرد، وأدى الى خسارة كبيرة لحزبه الاتحاد الوطني، فمام جلال كان يشكل حلقة الحوار المركزية في الحزب وكان صمام الأمان لعدم التفرد والتغريد خارج التقاليد الاتحادية، فشكل غيابه ووجوده الدائم في بغداد، فرصة لنمو طبقة غير متجانسة مع تلك التقاليد الاتحادية.
كيف يكون الحل برأيك ؟
بالعودة الى التقاليد الاتحادية بالسهر على مصالح الناس وحمايتها والدفاع عنها، ومحاربة طبقة الفاسدين وتجديد القيادة الحزبية عبر تطعيمها بعنصر الشباب، من المؤسف أن تتشكل طبقة من الأثرياء الفاحشين بصفوف القيادات الكردية على حساب ومصلحة الشعب الكردي مما شكل هوة فيما بين القاعدة والقيادة، على مام جلال العودة الى كردستان والتنسيق والنقاش مع رفاقنا في التغيير، كما على رفاقنا في التغيير نفس المسؤولية نحو النقاش الجاد، وربما حينها ننجح باعادة بناء اتحادنا لتحقيق مصالح الكرد، خسارة الاتحاد للانتخابات كان بسبب ابتعاد القيادة عن الجماهير لذلك علينا العودة الى العمل بوسط جمهورنا العريق.
لماذا لم تلعب مجموعة الآباء التاريخية أنت الاستاذ فؤاد معصوم، الاستاذ عدنان المفتي، دورا لرأب الصدع والحفاظ على وحدة الحزب؟
الدفع باتجاه اخراج نوشيروان والمجموعة التي كانت معه، وخروجه السريع لم يعطنا فرصة للعب هذا الدور.
هل انت مستعد للعب دور توفيقي ؟
أنا قضيت عمري بخدمة هذا الحزب وجماهير الشعب الكردي ولن أتردد بالقيام بأي واجب أدعى اليه.
العلاقات الكردية الكردية خاصة علاقات الحزبين كيف تقيمها؟
هناك ضرورة لتكاتف الكرد فيما بينهم للحفاظ على مكتسباتهم، والتضامن والتكاتف يجب أن يكون بين جميع مكونات الشعب الكردي وأحزابهم وتياراتهم السياسية، علينا أن نقدم نموذجا ديمقراطيا متقدما، للرأي العام يثبت أن الشعب الكردي يستحق أن يحكم نفسه، ويرسخ فيدراليته.
ما هي مطالب الكرد؟ وهل سينفصلون عن العراق؟ ما هو الحل لمشكلة كركوك؟ وهل مشكلة كركوك النفط؟
المطلب الأول والأخير للأكراد هو الحفاظ على الدستور العراقي الذي توافقنا عليه كعراقيين وتنفيذ المادة 140 من الدستور. ولا أعتقد أن الظروف مواتية لأن تكون هناك دولة كردية مستقلة الآن، ولذلك فإن اكثر الأكراد يؤمنون بالواقعية ويرون أن بقاء كردستان ضمن عراق فيدرالي ديمقراطي تعددي هو الحل الأنسب. وليكن معلوما للجميع حسب الدستور العراقي، النفط العراقي لجميع العراقيين ولن تستطيع أي فئة التفرد به، أنا متفائل بمستقبل الأكراد في العراق، لأن الأكراد في كافة أجزاء كردستان الكبرى مهتمون بالمحافظة على تراثهم وعلى ثقافتهم ويتطلعون الى تجربة أكراد العراق، حيث للمرة الأولى هناك حكومة وهي حكومة إقليم كردستان ترعى مصالح الكرد وتشكل نموذجا يحتذى لحل القضية الكردية في باقي أجزاء كردستان. بالنسبة لكركوك فهويتها تاريخيا كردية، لذلك نحن مع تصحيح الخطأ الديمغرافي الذي تسبب به النظام السابق لتغيير هوية المدينة مع الحفاظ عل جميع مكونات المدينة لتشكل كركوك نموذجا للتعايش، الا انه ليس سرا أن المريكان يريدون استمرار حالة اللاحل في كركوك فهم ضد تسجيل اي نقطه لصالح الكرد أو العرب فهم يريدون استمرار حالة الستاتيكو ولذلك عملوا على أن تكون نتيجة الانتخابات في كركوك 6 للعرب مقابل 6 للكرد.
هل ستشكل حكومة عراقية؟
المسألة معقدة جدا، رئاسة الوزراء هي من حق الشيعة كونهم أكثرية الشعب العراقي وعندهم أكبر عدد من النواب، وأياد علاوي كشخصية بعثية سابقة غير مقبول ولا يمثل الشيعة التقليدية في العراق، الا أن المشكلة أن الشيعة غير قادرين على التفاهم وحسم المسألة داخليا فيما بينهم، اذا اتفقت الأطراف الشيعية على أي اسم فستسير به الأطراف الأخرى.
كيف تصف علاقة الأكراد بالأمريكان ؟
أريدك أن تكتب أنه رغم انبهار القيادات العراقية والكردية بالأمريكان الا أن الأمريكان لم يجلبوا للعراق الا الخراب، ولم يساهموا الا بتدميره ولم يميزوا فيما بين الحليف والعدو كان جل هدفهم مصالحهم الخاصة و سأحكي لك حكاية تلخص تاريخ العراق ولك وللقارىء الاستنتاج حول ما مدى فائدة العراق من الأمريكان.
كان لوالدي أخوين قتل عمي برصاصة واحدة بالرأس أثناء مظاهرة معادية للاستعمار الانكليزي، وقتل صدام حسين والدي برصاصة واحدة بالرأس، وقتل الأمريكان عمي الثالث برصاصة واحدة بالرأس ودمروا بيته وشردوا عائلته وبعد ذلك اعتذر مني سفيرهم خليل زلماي خليل زادا دون تأثر وقال لي بأن الأخطاء في الحرب تحصل، هاجمنا بيت عمك نتيجة وشاية خاطئة.
اكتب أن هذا هو تاريخ العراق من بريطانيا مرورا بصدام حسين انتهاء بالأمريكان، انه تاريخ مزيل بتوقيع رصاصة برأس الشعب العراقي.



#مسعود_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أتكون أربيل عاصمة للعراق؟
- اتهام فانقلاب
- العمالة نشأتها بالتاريخ وتبريراتها
- الدفاع عن الاستقلال الوطني
- بين الدولة واللا دولة منطقين
- منطق الدولة ومنطق الميليشيا
- رجل الحوار وتثبيت هوية المرجعية
- مناهضة التعذيب تبدأ بتغيير تربيتنا
- مصير مسيحيي الشرق
- هل هي الفيدرالية لتركيا؟
- أدميت قلوبنا يا حزيران
- ما العمل
- بالأمس علوش واليوم فتفت من يكون غدا
- تركيا والدور الضرورة
- سمير قصير من باريس الى القدس
- يسألونك عن العراق
- خطاب مفتوح الى الرئاسات اللبنانية الثلاثة
- الأول من أيار في ظل الأزمة الاقتصادية
- ما بين جنبلاط و جعجع
- 13 نيسان فيما بين باكستان و لبنان


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - مسعود محمد - عادل مراد