أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالله تركماني - الأنظمة الاستبدادية .. العروبة ليست بخير















المزيد.....

الأنظمة الاستبدادية .. العروبة ليست بخير


عبدالله تركماني

الحوار المتمدن-العدد: 3110 - 2010 / 8 / 30 - 05:42
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


العالم العربي في أزمة حقيقية، بل وفي أزمات متعددة، في هذه المرحلة من تطوره، إلا أنّ خروجه منها هو مسؤوليته وحده: مسؤولية شعوبه وقواه الحية ونخبه السياسية والفكرية والعلمية المتعددة والكثيرة. والطريق يمر حتماً في تجاوزه للتأخر التاريخي واندراجه في التاريخ العالمي المعاصر، وفي تحرره من الهيمنة الاستعمارية وتحرير أراضيه من الاحتلال الصهيوني.
في الواقع، ليست العروبة اليوم بخير، ولا هي قادرة على أن تكون، بما هي عليه، مسلكاً مجدياً للمستقبل، ذلك أنّ نماذجها وتطبيقاتها لا يمكن إلا أن تبقيها مشروعاً إذا هي بقيت من دون مشروطية متجددة تحدد معالمها وإمكاناتها بواقعية، وتقيها شرور الانجراف نحو الماضوية والتحجر.
إنّ الخروج عن هذا المسار الانحداري الذي سوف يقود العرب إلى قاع التاريخ، في حال استمراره، لا يكون إلا بعكس اتجاهه. ولكي يحصل ذلك لا بد من استنهاض القوى الحية في المجتمعات العربية، من خلال العمل الجاد على خلق البدائل الوطنية الديموقراطية في السياسة، وفي الثقافة، وفي أنماط الحكم. وأنّ خلق هذه البدائل سوف يتطلب خوض معارك حقيقية في جميع الميادين المشار إليها، وهذه مهمة النخب الثقافية والاقتصادية والسياسية الوطنية الديموقراطية فهل تعي ضرورتها ؟
لقد اكتشفت الشعوب العربية، بخبراتها وتجاربها، جوانب هامة من تهافت سياسات بلدانها، وخداع قادتها. كما اكتشفت توجهات السياسات الدولية، وبدأت تمتلك وعياً كونياً يضغط لوضع أية معركة وطنية أو قومية في إطار النضال الإنساني من أجل حياة كريمة للمواطنين، في ظل أنظمة حكم ديمقراطية تحترم كرامات الناس وتوفر حقوقهم الإنسانية المعترف بها في مواثيق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
إذ لا يجوز الدفاع عن الأمر الواقع الراهن الذي استنفد طاقة المجتمعات العربية وجعل من العالم العربي بؤرة للطغيان والإرهاب والفساد والتفاهة، حسب تعبير الأستاذ ياسين الحاج صالح، ولا يجوز أن ندافع عنه ضد أعدائه إلا في سياق كسر هذا التكامل القدري بين سلطات دول الطغيان وقوى الاستعمار الجديد. باختصار يدور الأمر حول وحدة معركة الحرية: استقلال الوطن وحرية المواطن والإنسان، التحرر من السيطرة الخارجية لا كبديل عن الحرية السياسية والثقافية وحقوق الإنسان بل كأفضل شرط لتحقيقها. فبكل بساطة لا يمكن للشعوب أن تدافع عن سلطات دول تجوّعها وتحاصرها وتساومها حتى على حقها في مناقشة الشؤون العامة.
لسنا بحاجة لشعارات من أجل التعاطي المجدي مع التحديات الكبيرة المطروحة على أمتنا العربية، بل الارتقاء إلى مستوى التحديات، بما يخدم مصالح الأمة ويضمن حقوقها الأساسية في السيادة والحرية والتنمية والاستقلال التام. ولكي تتحول العروبة من مشروع تعاطف قومي، يعبّر كل طرف فيه عن إرادة توحده ووحدة همومه وانشغالاته مع الآخر، إلى مشروع عملي يؤمل منه أن يتحول إلى واقع متحقق في المستقبل، ليس على الأقطار العربية المختلفة إلا أن تصلح أوضاعها وتنمّي قدراتها المادية والبشرية، لكي تشكل كل منها أنموذجاً يُحتذى للآخر.
إنّ مشروع النهضة العربية كان ولا يزال في حاجة إلى فكر الأنوار والحداثة، وكذلك استيعاب التحولات والتغيّرات التي تطرأ على الساحتين الإقليمية والدولية. مما يستوجب الاعتراف بالخصوصيات القطرية، في إطار التنوع ضمن إطار الرابطة العربية، مع إمكانية تحويل هذا التنوع إلى عنصر غنى للثوابت الضرورية لتطور الرابطة العربية. ومن أجل ذلك، تبدو الديمقراطية في رأس أولويات التجديد العربي، والأمر يستدعي مقولات جديدة: المجتمع المدني، الديمقراطية، الدولة الحديثة، المواطنة. وتبدو أهمية ذلك إذا أدركنا أنّ العالم العربي المعاصر، بشكل عام، لا يملك لغة سياسية حديثة، منظمة وممأسسة، في بناه السياسية والثقافية، إذ بقي خارج تسلسل وتاريخ الأحداث، فالماضي مازال ملقى على هامش الحاضر، بل يهدد المستقبل.
وهكذا، فإنّ انخراط العرب في العالم المعاصر يتطلب منهم البحث عن مضمون جديد لحركتهم التحررية، بما يؤهلهم لـ " التكيّف الإيجابي " مع معطيات هذا العالم، وبالتالي الانخراط في مقتضيات التحولات العميقة للعلاقات الدولية، بما يقلل من الخسائر التي عليهم أن يدفعوها نتيجة فواتهم التاريخي، لريثما تتوفر شروط عامة للتحرر في المستقبل. فالعرب ليسوا المبدأ والمركز والغاية والنهاية، هم أمة من جملة أمم وثقافات، لا يمكن أن ينعزلوا عن تأثيرات وتطورات العالم الذي يعيشون فيه. إنّ الأمم التي تدور حول نفسها لا يمكن أن تتقدم، خاصة عندما تكون خطابات نخبها الفكرية والسياسية متوازية لا تواصل بينها، في حين أنّ التقدم يتطلب تراكم خبرات كل قوى الأمة، التي تعانق تناقضاتها، وتبحث عن حلول ممكنة وواقعية لمشكلاتها.
ومن سياقات ما قدمته، يبدو أنه لا يجوز القفز عن واقع الدولة القطرية تحت أي عنوان، بما فيه الطموح المشروع إلى دولة عربية واحدة. إنّ المشكلة الأهم المطروحة أمام الحركة العربية المعاصرة هي بناء الدولة الحديثة، دولة الحق والقانون، وما يتفرع عنها من أدوات مفاهيمية تنتمي إلى المجال التداولي المعاصر: الأمة، المجتمع المدني، المواطنة، الديمقراطية، حقوق الإنسان، التعاقد الاجتماعي، الشرعية الدستورية والقانونية، التنوير، العقلانية، العلمانية.
لعلنا بذلك نفتح من جديد باب التاريخ وندق أبواب المستقبل وننهض لإطلاق خطاب عربي عصري، عناوينه في توجهاته ومضامينه وفي تجديدنا له، يحتمل دائما التأويل والتعديل لصالح شعوبنا. إنها إعادة قراءة واجبة، ليس فقط في تجديد هذا الخطاب وإنما في تجديد العقل العربي المدعو إلى خوض مغامرة المستقبل بأدوات جديدة وأفق مفتوح وحوار دائم على المصالح والأهداف والممكن والمستحيل.
وكل ما نستطيع قوله، في هذه اللحظة من تاريخنا، أنه لا خيار لنا غير تجربة هذا الطريق بعد أن تبين أنّ الأنموذج الاستبدادي يؤدي إلى عكس ما تطمح شعوبنا إليه. إذ لم يكن الاحتلال الأمريكي للعراق وتداعياته، وقبله الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والجولان، لا بداية لأزماتنا ولا نهاية لمصائبنا إنما هو مرآة مكبرة لتقاعسنا عن إصلاح أنفسنا، ولعجزنا عن تشكيل أفضل لمجتمعاتنا، ولتكاسلنا في عملية الذود عن موقعنا في العالم. إنه مرآة لواقعنا، وصورة من اللامبالاة بضرورة التغيير، وعن غياب التضامن العربي الفعلي والمجدي، وعن التلكؤ في دخول العصر. والاعتقاد بأنّ مجتمعاتنا يمكن لها أن تسير إلى الأمام بمفاهيم متنافرة، منبثقة عن عصور مختلفة، هو الوهم عينه.
إنّ المدخل الصحيح لحل الأزمات العربية الراهنة هو إعادة بناء الثقافة السياسية، وبداية مشاريع للتنمية الشاملة لتحسين أوضاع المحكومين. وإلا تدخلت القوى الغربية، باسم العدل والحرية والمساواة، لتفتيت الأوطان مستعملة كلمات حق يراد بها باطل.



#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمن القومي العربي يبدأ من علاقة الدولة بمواطنيها
- كلفة تعثر التنمية في العالم العربي
- فقر الثقافة السياسية العربية
- الدول العربية الفاشلة وشرعية الأمر الواقع
- حين تصبح المؤامرة مشجباً تعلق عليه الأزمات
- ضعف شرعية الحكومات العربية
- دور التعليم في تنمية الموارد البشرية العربية
- حالة المواطنة في العالم العربي .. سيادة الاستبداد وغياب القا ...
- تفاقم الاحتقان السياسي والاجتماعي في العالم العربي
- الحكومات العربية والرأي العام
- تضخم دور سلطة الدولة العربية وضعف دور المجتمع المدني
- تركيا والمشهد الإقليمي في الشرق الأوسط
- تدهور الحياة الثقافية العربية
- أهم معوّقات التقدم العربي
- الاقتصاد العربي .. الموارد استُنزفت والإرادة استُلبت
- افتقاد الأنموذج في العالم العربي
- العالم العربي من الفقر إلى استبداد الأنظمة
- قمة سرت ومأزق العمل العربي المشترك
- في الحاجة العربية إلى عقد اجتماعي جديد
- مآلات الدولة العربية الحديثة


المزيد.....




- الصفدي لنظيره الإيراني: لن نسمح بخرق إيران أو إسرائيل للأجوا ...
- عميلة 24 قيراط.. ما هي تفاصيل أكبر سرقة ذهب في كندا؟
- إيران: ماذا نعرف عن الانفجارات بالقرب من قاعدة عسكرية في أصف ...
- ثالث وفاة في المصاعد في مصر بسبب قطع الكهرباء.. كيف تتصرف إذ ...
- مقتل التيكتوكر العراقية فيروز آزاد
- الجزائر والمغرب.. تصريحات حول الزليج تعيد -المعركة- حول التر ...
- إسرائيل وإيران، لماذا يهاجم كل منهما الآخر؟
- ماذا نعرف حتى الآن عن الهجوم الأخير على إيران؟
- هولندا تتبرع بـ 100 ألف زهرة توليب لمدينة لفيف الأوكرانية
- مشاركة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن في اجتماع مجموعة السبع ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عبدالله تركماني - الأنظمة الاستبدادية .. العروبة ليست بخير