أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نجيب الخنيزي - هل تموت النخلة في غياب غازي القصيبي؟















المزيد.....

هل تموت النخلة في غياب غازي القصيبي؟


نجيب الخنيزي

الحوار المتمدن-العدد: 3105 - 2010 / 8 / 25 - 19:37
المحور: سيرة ذاتية
    


هل تموت النخلة في غياب غازي القصيبي؟
صحارى الجزيرة العربية تتسم بعدة مواصفات تشترك فيها مع المناطق المشابهة في العالم، غير إنها تتمايز عنها جزئيا في بعض الخصائص الجغرافية والعديد من السمات الاجتماعية والثقافية والحضارية والنفسية لسكانها. القسم الأكبر من أراضي الجزيرة العربية وتحديدا المملكة العربية السعودية تتكون من صحاري قاحلة من الماء والزرع والبشر وكل مظاهر الحياة الطبيعية المعتادة ناهيك عن الحياة المدنية. غير أنه ضمن هذه الصحراء اللاهبة والمحرقة تواجدت واحات خضراء وارفة بالمياه والزرع والنخل والبشر والحجر، قبل أن تتفجر أرضها بالخيرات النفطية المكتشفة لاحقا والتي عمت ربوع المملكة. تلك الواحات كانت تتحدى بإباء وشموخ الأنواء والظروف المناخية القاسية و الصعبة. نخص بالذكر هنا واحتي الإحساء والقطيف في شرق الجزيرة وهما واحتان محصورتان بين الصحراء بمداها الذي يكاد لا ينتهي من جهة، وبين البحر ( الخليج) بأفقه المتعالي والمتداخل مع عوالم أخرى من الثقافات والحضارت القريبة والبعيدة . الواحتان تملكان تاريخا حضاريا عريقا ممتدا لآلاف السنين. نذكر من بينها حضارة العبيد ( الألف الخامس قبل الميلاد) وحضارة ديلمون ( نهاية الألف الثالث وبداية الألف الثاني ) .. ديلمون هو الاسم القديم لشرق الجزيرة وضمت ما عرف لاحقا بالأحساء ( هجر) والقطيف (الخط) و جزيرة أوال (دولة البحرين). غازي القصيبي ولد في واحة الأحساء وترعرع ودرس ( التعليم العام ) في مرحلة طفولته ومراهقته في البحرين قبل أن يواصل دراساته الجامعية في مصر أعقبها دراساته العليا في دول الغرب وبالتالي كان على تماس وصلة مباشرة مع الصحراء والبحر ومجتمعه التقليدي وأقصى ما يمثله من انفتاح وتعددية (البحرين والأحساء) في ذلك الوقت من جهة، ومع الثقافة العربية في مركزها المتقدم آنذاك (القاهرة) ثم المراكز (الولايات المتحدة وبريطانيا) الغربية الكبرى حيث العلوم والمعارف والثقافة الحديثة من جهة أخرى. البيئة الاجتماعية والثقافية المنفتحة التي عاشها القصيبي في سن مبكرة وانفتاحه على روافد الثقافة العربية والعالمية ساعدت على تفتق مواهبه الشعرية والإبداعية الدفينة من شعر ورواية ونثر كما صقلت ورشدت ملكة القيادة الإدارية لديه وهو ما تجلى في غالبية المهام والمسؤوليات الرفيعة المتعددة التي تسنمها والتي قد تبدو متضاربة ومتعارضة من حيث الشكل والمضمون. عمل أستاذا أكاديميا في كلية التجارة ثم عميدا لها وتسلم مناصب وزارية عدة كما عمل سفيرا لحكومته في الخارج. كلية التجارة التي درس فيها وأصبح عميدا لها تحولت في عهده إلى خلية نحل من النشاط العلمي والثقافي والأدبي والاجتماعي . أتذكر أني حضرت إحدى هذه الفعاليات في مطلع السبعينات مع الصديقين كاظم الجشي و عبد الخالق عبد الحي وكانا وقتها يدرسان في كلية التجارة (تغير اسمها لاحقا إلى كلية العلوم الإدارية) . عمل كاظم بعد تخرجه من كلية التجارة و نيله شهادة الماجستير من الولايات المتحدة في معهد الإدارة في حين أصبح عبد الخالق أستاذا في نفس الكلية بعد حصوله على شهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة. كنت مترددا في الذهاب معهما بحكم تكويني الثقافي، وحماس واندفاع الشباب من أمثالي في ذلك الوقت والذين يتشككون في إمكانية حدوث أي تغيير إيجابي ضمن الأنساق السائدة. اقتنعت أخيرا أو بالأحرى وافقت مجاملة لهما بالذهاب معهما من شدة حماسهما وتأكيدهما بأني سأرى مشهدا مختلفا عما استقر في ذهني. وبالفعل لم أندم على ذهابي، بل وأثارت لدي العديد من الأسئلة المقلقة بالنسبة لشاب متحمس ومندفع يتطلع إلى تغير سريع وراديكالي بضربة واحدة لأوضاع اجتماعية وثقافية ونفسية وغيرها ترسخت على مدى قرون. وقد تعمق لدي القلق والشك في ضوء التجارب الفاشلة للنظم العربية الموصومة بالراديكالية. كانت الفعالية التي عقدت في الفناء الخارجي لمبنى الكلية عبارة عن ندوة ثقافية مفتوحة، شملت الشعر والأدب والثقافة والاجتماع. نجما تلك الفعالية كانا الدكتور غازي القصيبي والدكتور محسون جلال. الدكتور غازي وأطروحاته الجريئة وفقا للنسق الثقافي السائد في الشعر الحديث (شعر التفعيلة) حيث كان منافحا عن حق هذا اللون والأسلوب الشعري أن يترك له المجال ليتواجد بحرية إلى جانب الشعر العامودي الذي يعتمد الوزن والقافية كمعيار وحيد لميزان الشعر وجمالياته. الجدير بالذكر بأن القصيبي كان يرى بحق أن الإبداع لا يمكن حصره في أسلوب فني محدد وجامد، حيث كان نتاجه الشعري موزعا بين التفعيلة والعامودي كما له تجارب محدودة في قصيدة النثر. أما الدكتور محسون جلال الوفي للمدرسة التنموية في الاقتصاد فقد أسهب في ربط التنمية بأبعادها ومتطلباتها المختلفة. بالطبع كان هناك من الدكاترة ممن يوصفون بالخط المحافظ سواء في حقلي الأدب والشعر أو الإدارة والاقتصاد. أدهشني جو الانفتاح والألفة والتعايش والقبول المتبادل بين ممثلي الخط الليبرالي والمحافظ وفقا لتعبير غازي القصيبي في كتابه حياة في الإدارة . بالطبع تلك الأجواء المشبعة بالتفاؤل سرعان ما تبددت في مرحلة لاحقة حين استطاعت جماعات " الصحوة " أو الإسلام الحركي من الإستفراد بالمجتمع وإحكام سيطرتها عليه من خلال استغلال وتوظيف عناوين وشعارات إسلامية ، واستغلال بعض السلبيات والثغرات الموجودة بهدف تمرير مشروعها الخاص في اختطاف ومصادرة المجتمع كبداية ، و وصولا إلى محاولة اختطاف ومصادرة الدولة في مرحلة لاحقا وعلى النحو الذي رأينا تجلياته وتمظهراته الدموية والإستئصالية المرعبة والتي لا تزال إفرازاته حية حتى وقتنا الحاضر . على صعيد آخر يسحضرني موقف للدكتور غازي القصيبي حين كان وزيرا للصحة لا يمكن أن ينساه سكان محافظة القطيف مطلقا. كانت المحافظة التي تضم عشرات البلدات والقرى المتفاوتة الحجم ناهيك عن ما يجاورها من هجر وبادية التي يقطنها مئات الألوف من الناس تفتقر إلى مستشفى مركزي حديث. كان المستشفى العام السابق انتهى عمره الافتراضي منذ سنوات سواء في مبناه وقدرة استيعابه أو في أقسامه و تجهيزاته المتوفرة ورغم محاولات الترقيع المستمرة غير إن ذلك لم يمنع من انهيار بعض أقسامه، الأمر الذي فرض إقفاله وبالتالي حرمت القطيف من مشفى عام أو مركزي. رفع الأهالي عدة خطابات إلى الجهات العليا في الدولة ومن بينها وزارة الصحة محور تلك الخطابات المطالبة بمستشفى بديل . تحمس الدكتور القصيبي لهذا المطلب الملح والحيوي وعمل على إدراج بناء مستشفى مركزي في القطيف ضمن مشاريع الوزارة وقد أقر ذلك في الميزانة المخصصة للوزارة، غير أن وجود الأرض المناسبة لإقامة المستشفى لم يكن متاحا لوزارة الصحة. كانت هناك أرض مناسبة لكن ملكيتها تعود لوزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان. حين علم الدكتور غازي القصيبي بذلك لم يتردد في طلب الحصول عليها من وزير الشؤون البلدية آنذاك سمو الأمير متعب بن عبد العزيز الذي تجاوب سريعا مع الطلب. وسرعان ما بني المستشفى المركزي في القطيف في فترة قياسية المستشفى الجديد كان بسعة 385 سريرا موزعة على جميع التخصصات وقد بلغ إجمالي تكلفة المشروع 360 مليون ريال سعودي ويقع على طريق الجبيل السريع مما يجعله متميزا بموقعه في استقبال معظم حالات حوادث الطرق والتحويل من المدن والقرى المختلفة بالمنطقة الشرقية. وقد افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله المستشفى أثناء زيارته للمحافظة وذلك بتاريخ 16 من ربيع الأول عام 1407هـ. بطبيعة الحال مستشفى القطيف
في الوقت الحاضر وبعد مرور أربعة وعشرين عاما على إنشائه ورغم التوسعات التي أضيفت إليه غير قادر (نوعا وكما) على خدمة قرابة المليون من سكان المحافظة والمناطق المجاورة لها مما يستدعي وعلى نحو ملح بناء أكثر من مستشفى و خاصة لبعض الأمراض المستوطنة في المنطقة مثل مرض فقر الدم المنجلي. قبل أن أختم أود تقديم خالص العزاء الحار للقيادة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ولزوجة الفقيد الكبير غازي وابنته يارا وابنيه سهيل وفارس وشقيقه وجميع أفراد عائلته في السعودية ودولة البحرين الشقيقة في فقيد الوطن والشعب الراحل الكبير غازي القصيبي، تغمده الله بواسع رحمته ورضوانه. في مقالي القادم سأتحدث عن جوانب مضيئة أخرى في شخصية الغائب / الحاضر أبدا غازي القصيبي.



#نجيب_الخنيزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب والحضارة الغربية.. تبعية أم مشاركة ؟ ( 1 )
- خطة التنمية التاسعة .. وتوطين العمالة السعودية
- التساؤل حول جدوى قانون التأمين ضد البطالة ؟
- ڤالا - لا تزال الزهور تبحث عن آنية - +
- التأمين ضد التعطل
- لقاء خاص مع وزير العمل البحريني
- تساؤلات حول البطالة النسائية ؟
- القطاع الخاص وتوطين العمالة
- هل سوق العمل بيئة طاردة للعمالة السعودية ؟ ( 2)
- هل سوق العمل بيئة طاردة للعمالة السعودية ؟
- هل البطالة السعودية هيكلية فقط ؟ - 4 -
- هل البطالة السعودية هيكلية فقط ؟ (3)
- هل البطالة السعودية هيكلية فقط ؟ «2»
- هل البطالة السعودية هيكلية فقط ؟ ( 1 )
- الذي يأتي ولا يأتي
- المثقف العربي .. بين سلطان السياسة وسلطة المجتمع
- التحرر من سطوة - الأبقار المقدسة -
- شهداء أسطول الحرية .. وإرهاب الدولة المارقة
- جدل الثقافة بين الخصوصية والكونية / حداثة وتنمية مبتورة( الح ...
- بيان تضامني مع - قافلة الحرية- وإدانة للمجزرة!


المزيد.....




- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - نجيب الخنيزي - هل تموت النخلة في غياب غازي القصيبي؟