أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام كوبع العتيبي - الاموات يرقصون مساء ..!! -1 .















المزيد.....

الاموات يرقصون مساء ..!! -1 .


سلام كوبع العتيبي

الحوار المتمدن-العدد: 941 - 2004 / 8 / 30 - 08:28
المحور: الادب والفن
    


ليس باستطاعتنا أن نتنبأ بما يحدث مستقبلا من أحداث تأخذ معها بعض الارواح وتهدم بدوامتها عدد كبير من المنازل فوق رؤوس أصحابه وتجهض الأجنة من الارحام بسبب الخوف والقلق ويتوقف العمال عن مزاولة أعمالهم و يتهيء الدفانون بمعاولهم لاستقبال وفود القتلى القادمة بفرح داخل الصدور (دعاء يارب ) بزيادة عدد جثث القتلى..غدا الكل يتهيء . الحكومة تكتب بياناتها الجديدة ووزير دفاعنا الصنديد يذيع اخطر التهديدات ووعود القتل والحسم !! الكل يتهيء غدا .. الكتاب يجهزون مقالاتهم الخرافية ويختارون افضل ما لديهم من مفردات المعجم العربي ومن الفاعل والمفعول- سكان القبور يتهيئون لملاقات وافدون جدد يرحبون بهم و يسألوهم عن عالم الدنيا - الاهل - الاصدقاء - المدن - الشوارع . أسئلة الموتى كثيرة ؛ لكنهم لا يسالون عن صحة الوطن المقهور بعد أن أصبحوا يقيمون في وطنهم النهائي الجميل ؛ وطن لاتسكنه الجريمة ولا تنتشر بشوارعه مقرات لاحزاب سياسية علمانية وإسلامية وليس هنالك طوائف دينية ومذاهب متناحرة ؛ وطن لا يشبه أوطاننا التي تختفي خلف أسعار البترول الذي سوف تنضب آباره !!
عندما مت نقلتني الايادي الى مقبرة تقع في أطراف المدينة ؛ امي تنتف شعرها بعد أن كشفت صدرها الى السماء ؛ انه ابني لماذا تاخذه يارب ؟! ابي يبكي دون نحيب ؛ الرجال لايبكون ؛ هكذا قال له جدي ؛ تجلد ولا تفضحنا الرجال لا يبكون كما تبكي النساء!! كان قد سبقي الى مثواه الاخير شاب آخر قتله رصاص الاحزاب المتناحرة على الغنائم ؛ عندما وصلت جنازتي كان الدفانون قد إنتهوا توا من دفن الزبون الأول .. ابي يوصي الدفانون ؛ احفروا قبره قرب هذا القبر الجديد كانوا أصدقاء ؛ كيف كنا أصدقاء ؛ ياترى من هذا الذي دفن هنا ؟ كان هول الموت على روحي ثقيل لكني استشعر بعض الاشياء و ليس كلها ؛ صراخ نحيب قراءات قرانية ؛ اختلطت الاشياء ببعضها البعض دون تمييز؛ اتم الحفارون قبري ؛ كانوا بخلاء بجهدهم ومساحة القبر ؛ عندما انزلوا جثتي لغرض الدفن لم يسعني القبر ؛ اخرجوني مرتين واعادوا الحفر من جديد ؛ كنت اسمع امي تقول ؛ لا تعذبوه وسعوا قبره ؛ حرام عليكم ( تعلعلوه ) يكفي ما عاشه في دنياه . كان قبري ضيق جدا صرخة بهم بصوت عالي ؛ انه ضيق- ضيق ؛ لكن دون جدوى ؛ كان صراخي جثت مثلي ؛ لم يسمعني أحد .. صوت الموتى لايسمع !!
هذا آخر عهدي بأهلي – امي -ابي - أنهم دفنوني وسوف ينسوني غدا كما نسينا الكثيرون الذين سبقوني في الموت. شعرت اني بحاجة الى النوم بعد أن هبط ظلام دامس لاارى من خلاله حتى اصبعي بعد أن حررته من كفن ضيق ؛ كل شيء كانوا به بخلاء حتى كفني الرخيص . سيطر علي النوم وغفوت لاكني لا اتذكر كم عدد الساعات التي نمنتها ؛ اتذكر صحوت نشيطا معافى من هول الموت الذي سيطر علي في اول ساعات موتي ؛ وجدت نفسي انام في مدينة لا تشبه المدن التي تركتها خلفي وهواء لا يشبه هواء بيتنا العفن المرطوب - انهار – أشجار – نساء – غلمان – انه عالم الآخرة ؛ مدينة جميلة بيوتها اعظم البيوت ؛ الله صممها والملائكة هم البنائون ؛ اشعر بنشاط ليس له مثيل سابق ؛ فوق راسي كانت تتدلى فاكهة لا اعرف الوانها ؛ قطفة منها ثمرة لم اذق طعما مثل طعم هذه الفاكهة سابقا .. وتلمضة ...
جاء رجل وسيم طويل القامة ابيض البشرة تحيط به مجموعة من الفتيات الجميلات يرتدين ازياء خضراء اللون حريرية الملمس وقلائد ذهبية روعة من الجمال من حيث التصميم وغلمان أجمل من كل الفتيات . رحب بي وجلس على كرسي ذهبي اللون مرتفع قليلا وانا اقف أمامه بصمت الموتى ؛ جائت له احدى الفتيات بحقيبة حمراء اللون أخرج منها بعض الاوراق الصفراء تشبه أوراق العسكر في عالم الاحياء وأخذ يسالني : وانا أجيبه عن أسمي واسم أبي واسم امي ومدينتي وقبيلتي لكني اجهل تاريخ ميلادي- ابي يقول قبل مقتل الزعيم بعام ولدة ! لم يجيبني بشيء سوى كلمة واحده قالها ونهض مستعجلا امرا أخر . ليس انت المطلوب ؛ وخرج !
بعد ساعة من زمن عالم الدنيا جاء ثلاثة رجال يتسمون بغلاضة القلوب ذات بشرة سمراء طويلي القامة؛ قالو عليك ان تعود الى عالم الاحياء ؛ كنت لا ادرك ماذا يقصدون بعالم الأحياء ؛ اين انا الان وعن اي عالم يتحدثون هؤلاء الاغبياء !! عن اي عالم اعود اليه يتكلمون – اين انا اذن ؟!
عليك ان تخرج الان وتعود الى اهلك : اين انا؛ من هم اهلي وكم ياتراني مكثت هنا ؟ لكنني لا اريد أن اعود الى عالمي السابق خاصة بعد أن كرهت كل ما به من قوم حتى اهلي ؛لا اريد ان اعود اليهم دعوني هنا واذا لم يكن لديكم مسكن فانا اتدبر امري ؛ سوف اعمل خيمة او انام في حدائق هذا العالم الجميل الهاديء دون أصوات رصاص وسياسيين وعمائم منافقة ؛ عليك ان تعود الى عالمك وهذا ما امرنا به القائد العام . خذوني إلى قائدكم عسى ان يسمح لي بالبقاء ولا تكونوا كغيركم من أهل الدنيا . اقنعتهم أن اواجه قائدهم ؛ تناظروا من خلال العيون موافقين . سرت اتبعهم بخطوات الموتى الذاهبين الى جهنم ؛ بعد دقائق توقفنا أمام قصر جميل البناء لم أرى ببابه حرس كحراس أهل الدنيا لكني شاهدت كثير من الفتيات الجميلات يفترشن الارض باسمات ؛ طلب من ان انتظر في أحدى غرف القصر جلست وانا مشدود النظر الى ما بداخل هذه الغرفة من أثاث وتحف فنية غاية من الروعة والجمال لم ارى مثله في سابق ايامي ؛ قدمت لي فتاة كاس من (معين!!) . تنظارنا بعد أن ابتسمت لي وعادت من حيث أتت ؛ حاولت ارجوها أن تتوسط لي عند القائد العام من أجل أن يسمح لي في البقاء بينهم . انها جميلة وعلي ان احدثها بقصتي عسى لها ان تشفع لي .. خرجت ابحث عنها لكنها غابت عن نظري ..
جاء الرجلان ليدخلاني على القائد العام .. سرنا في دهاليز ملتوية داخل القصر حتى وقفنا على باحة كبيرة جدرانها شفافة مفروشة بسجاد احمر اللون وارائك خضراء وفتيات جميلات يحيطن القائد من كل صوب .. قال لي لماذا لا تريد أن تعود الى عالمك واهلك وذويك : لا اريد مولاي أن اعود لهم ؛ مرتاح بينكم هنا ؛ لكن عليك أن تعود وليس الان موعدك فمازلت لم تنهي أيامك المعدودة التي عليك ان تعيشها في عالم الدنيا ؛ كيف اذن جئتوا بي الى هنا .؟! كان هنالك خطأ من حيث الاسم وتاريخ الميلاد ؛ انت ولدة بعد وفاة الزعيم ونحن نريد من ولد في يوم مقتل الزعيم .!! مولاي اتركوني هنا وسوف أكون خادمكم الصالح الامين .. لكننا لا نحتاج الى خدم وحشم وكل ما نريده ياتي لنا مجرد ما نفكر به . اذن ممكن ان اعمل اي شيء تطلبونه ؛ قلت لك لا نحتاج وعليك أن تعود . قلت بيني وبين نفسي طالما سوف اخرج من هنا لا بد وان اعمل اقبح الاعمال وارذلها قبل خروجي من هذا العالم بعد أن أتفقنا أن ابقى شهر واحدا وبعدها اخرج ؛ كنت احسبه مثلما كان يقوله أبي : اليوم في عالم الاخرة بسبعين عاما مما نعد من ايام عالم الدنيا ؛ أذن اني سوف أقضي وقتا كافيا هنا سبعين عاما في شهر ( ثلاثون يوم ) ايام كافية أن اعمل بها اقبح الاعمال داخل هذا العالم وبعدها لا ندم عندما يخرجوني منه !



#سلام_كوبع_العتيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يستطيع السيستاني إصلاح ما أفسده جيش المهدي ..؟!
- سياط الحجاج و لعبة المفاتيح ..!!
- حكومة علاوي تجتث هيئة إجتثاث البعث ..!!
- علماء دين يخطفون ومقتدى الصدر فرار ..!!
- زمن الانحطاط العربي وسفالة البعض من الحركات الراديكالية المت ...
- من الذاكرة .. سهران لوحدي أناغي طيفك ...!!
- كل العراقيين والعرب ديموقراطيين ... من يبعث برسائل الفايروسا ...
- الخمر حرام ... الحشيش مش حرام ...الخمر غالي ...الأفيون أرخص ...
- عود وكمنجه وطبل ...دك وأرقص وغني..!!
- دبابات أمريكية وعمائم إيرانية وشاهد ما شافش حاجة ..!!
- جل ما أخشاه أن يكون الله أمريكي ..؟!!
- مجاهدين هندوس .. أنبياء للإيجار ...!!
- مقتدى الصدر سينتصر !! أياد علاوي سينتصر..؟!!
- هل العراق قرية متخلفة من قرى خرم شهر الإيرانية ..؟!!
- الشارع العراقي بين الإنشقاق ومهزلة العصابات الدينية ..!!
- أذا لم ترقص في عرس أمك يا يوم ترقص
- لعبة البيضة والحجر في قيام أمارة إسلامية في الجنوب العراقي . ...
- لماذا قوات عربية وإسلامية مولانا تاتي للعراق ..؟!!
- ضياع عمامة شيخنا الجليل ..!!
- عمائم العراقيين تتراقص على أنغام عمائم إيران ..!!


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام كوبع العتيبي - الاموات يرقصون مساء ..!! -1 .