أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - أمة الادعاء والأدعياء والكذب على النفس والناس















المزيد.....

أمة الادعاء والأدعياء والكذب على النفس والناس


نهرو عبد الصبور طنطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3102 - 2010 / 8 / 22 - 19:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن العدالة المطلقة التي يتصف بها الخالق سبحانه تعد من أكثر ما يبث الطمأنينة في نفس الإنسان، أثناء وجوده الموقوت في هذه الحياة الدنيا، ومن أبرز مظاهر تلك العدالة الإلهية، أن الله ليس بينه وبين الآدميين نسباً، ولا صهراً، ولا قرابة، ولا مصالح، ولم يتخذ منهم صاحبة ولا ولداً، ولم يكن له شريك في الملك، ولا ولي من الذل، وما كان معه من إله غيره، هذه هي قمة العدالة الإلهية وروعتها، فتعالى الله عن ذلك، لو كان له نوعا من هذه الروابط أو الوشائج بأي مجموعة بشرية، لتصدعت تلك العدالة، وانهارت في نفوس الناس، لأنها ستتهم بالانحياز والميل والجور والمحاباة، لكنه تعالى عن ذلك علوا كبيراً قد أعلنها صريحة مدوية في كثير من آيات الكتاب الحكيم، فقال: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ(100) بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(101) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) (102_ الأنعام). وقال تعالى: (وَقُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) (111_ الإسراء). وقال تعالى: (وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ المُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ) (34_ الأنفال). وقال تعالى: (وَقَالَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ المَصِيرُ) (18_ المائدة).

فقد جعل الحق سبحانه معياره الوحيد في تقييم وتكريم الآدميين هو معيار التقوى، فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (13_ الحجرات). أما الادعاء بأن مجرد انتساب فئة ما من الناس أو أمة ما من الأمم لدين بعينه أو لرسالة دينية بعينها يعطيها الكثير من الامتيازات الإلهية رغم خروجها على تعاليم ذلك الدين الذي تنتسب إليه هو ادعاء باطل كاذب يكذبه القرآن الكريم ولا يقيم له وزنا، وبرهان ذلك حين ادعى أهل الكتاب من اليهود والنصارى أفضليتهم وأسبقيتهم بإنزال الكتاب عليهم (التوراة والإنجيل) وأن لهم السبق بالإيمان بالله ورسله وكتبه، أمر الله رسوله بأن يرد عليهم ادعائهم هذا لأنهم لم يقيموا تعاليم التوراة والإنجيل في حياتهم ولم يلتزموا بما جاء فيهما من قيم وأخلاق وأحكام وتشريعات، فقال تعالى: (قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم) (68_ المائدة). بل إن الله أراد أن يقطع الطريق على الجميع سواء أهل الكتاب أو أتباع النبي محمد عليه الصلاة والسلام في هذا الادعاء الزائف وتلك الامتيازات المزعومة التي يظن معظم الناس أن مجرد الانتماء أو الانتساب إلى دين ما أو رسالة ما سوف يكون للمنتمين والمنتسبين حظوة وامتيازات تشبه تلك التي يمنحها بعض أولي الأمر من الحكام الطغاة المستبدين لأقربائهم وتابعيهم فقط لمجرد القرابة والتبعية حتى وإن كانوا لا يستحقونها، فقال تعالى: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلاَ أَمَانِيِّ أَهْلِ الكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِياًّ وَلاَ نَصِيراً) (123_ النساء).

إذاً فالأمر عند الله لا ينفع فيه الانتماء لمجرد الانتماء، ولا الانتساب لمجرد الانتساب، ولا الادعاء لمجرد الادعاء، وليس الأمر مجرد شعارات نهتف بها، ولا لافتات نرفعها، ولا أسماء نتسمى بها، إنما الأمر في حقيقته هو التزام حقيقي وتطبيق عملي واقعي لما نردد من شعارات ولما نرفع من لافتات، وإلا يبقى الشعار مجرد شعار لا وزن له، واللافتة مجرد لافتة لا قيمة لها. ويبقى الادعاء في أي أمر مجرد كذبة كبرى يعيش الناس في ظلالها طيلة أعمارهم، وهذا هو ما تعيشه الأمة العربية الآن ونراه في كثير من المواقع، منها: حين يخرج على الناس سياسي عربي دجال كذاب أشر فيقول للناس: نحن نعيش في بلد ديمقراطي شفاف حر، ولدينا انتخابات نزيهة حرة، وآخر يقول: نحن نعيش في دولة قانون ومؤسسات، وآخر يقول: المواطنون ينعمون برخاء اقتصادي، وآخر يقول: نحن نعيش في دولة قوية تملك إرادتها وقراراتها ولا نسمح لأحد بأن يتدخل في شئوننا الداخلية. وأقوالهم هذه ليست هي المصيبة وحسب، إنما المصيبة الأكبر أن ذلك السياسي يعلم علم اليقين أنه كذاب دجال أشر لكنه يصدق نفسه، بل الأشنع من هذا أن الجماهير الغافلة المستغفلة تصدقه. كذلك حين نرى إعلاميا دجالا كذابا راقصا منتفعا متسلقا متملقا يخرج على الناس في مساندة فاضحة للسياسي الكذاب ليمارس على الناس العهر والدعارة الإعلامية الوطنية، فيتغنى بحب الوطن وجمال الوطن وخفة دم الوطن وطيبة الوطن وحنان ودفء الوطن وتاريخ وحضارة الوطن وأن الوطن أغلى عنده من أمه التي ولدته، والأغرب من ذلك كله أننا نرى الجماهير البلهاء الساذجة تردد وراءه أناشيد النخاسة الوطنية تلك وهي فَرِحَة منتشية مسرورة، ترى أعينهم تفيض من الدمع حبا في وهم اسمه الوطن.

فنحن أصبحنا أمة دعية، أو أمة الأدعياء، أدعياء الشرف، وأدعياء الأمانة، وأدعياء الفضيلة، وأدعياء الحرية، وأدعياء الكرم، بل أدعياء الدين والتدين، فنرى دعاة الإعلام الديني وهم يكذبون على الناس، حين يقولون لهم قول الحق سبحانه: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (110_ آل عمران). فعندما أسمع هذه العبارة القرآنية الكريمة يرددها الدعاة في القنوات الدينية أجدني عاجزاً عن التعبير عن مدى دهشتي واستغرابي من ترديدهم لهذه العبارة على مسامع الناس ليل نهار دون أي وازع من حرج أو خجل، بل أجدني أنا من أشعر بالحرج والخجل حين أسمع ترديدهم لهذه العبارة وأرى الناس يصدقونهم، وما يجعلني أشعر بالخجل من ترديد هذا القول هو الحال المزري الذي تحي فيه الأمة الإسلامية اليوم، بل ويجعلني ويجعل كل من يزال يحتفظ بشيء من رأسه سالما أن يتساءل في أي شيء تكمن هذه الخيرية في الأمة الإسلامية الآن؟؟. بل إنني أتوجه بالسؤال مباشرة لكل دعاة الدين ولكل مشايخنا في كل ربوع الأمة الإسلامية وأطلب منهم أن يخبرونا عن خيرية واحدة وحيدة نمتاز بها الآن على جميع الأمم؟؟ هل هي خيرية الفكر؟ أم خيرية التعليم؟ أم خيرية التقدم العلمي والتقني والتكنولوجي؟، أم خيرية الصحة؟، أم خيرية القوة؟، أم خيرية الرخاء الاقتصادي؟، أم خيرية حقوق الإنسان؟، أم خيرية الإنتاج الزراعي والصناعي؟، أم خيرية النظم السياسية؟؟،،،،، إلخ.

وإذا لم يكن لديهم جوابا وهو بالفعل كذلك، أقول لهم ألا يعد ذلك كذبا على الناس وخداعا لهم وتضليلا؟؟، أم أنكم تقصدون بالخيرية كثرة المنتسبين للدين الإسلامي، وترديدنا للشهادتين، وادعاؤنا الكاذب أننا أمة التوحيد، وكثرة المساجد، وكثرة المصلين، وكثرة اللحى، وكثرة الحجاج والمعتمرين، وكثرة الصائمين، وكثرة الذين يمسكون بالمسبحة، وكثرة حفظة القرآن، وكثرة مرتديات الخمار والنقاب؟؟، فإن كنتم تقصدون أننا بهذه الأشياء نكون خير أمة أخرجت للناس، فعندئذ لا لوم على أي سياسي أو اقتصادي أو مفكر أو إعلامي عربي أو مسلم حين يكذب على الناس، وعندئذ لنقل على الأمة بل على الدنيا بأسرها السلام.

نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر_ أسيوط
موبايل/ 0164355385_ 002
إيميل: [email protected]



#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان شهر تقوى وهدى أم شهر برامج ومسلسلات؟
- هل نعي كيف تكون استخارة الله؟
- هل تموت الأمم بموت قادتها؟
- منى الشاذلي وتبرير الخروج على القانون
- الإعلام الديني يروج المخدرات بين مشاهديه
- شهوة التدين
- دعاة الدين الكنتاكي
- انغلاق الإعلام الديني وجنايته على الدين والناس
- عبثية الإعلام الديني وغياب المنهج وتعدد المرجعيات
- الإعلام الديني وخطيئة احتكار الدين
- هل صوت المرأة عورة ؟؟
- الدين بين استقذار الجنس وازدراء المرأة
- البابا شنودة يتهم القضاء المصري باضطهاد المسيحيين
- حق الزوج على زوجته كذبة كبرى لاستعباد الزوجة
- إلزام الزوجة بخدمة زوجها عبودية ورق
- قناة الجزيرة نبي هذا الزمان
- الإعلام المصري والرئيس مبارك
- الإعلام المصري بين إهدار دم الأقباط وازدراء المسلمين
- الجهل السياسي لحركة حماس هو سر مأزقها
- جماعة تكفير الأنبياء


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - أمة الادعاء والأدعياء والكذب على النفس والناس