أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عذري مازغ - تأملات رمضانية: الجنة قبر جميل حالم















المزيد.....

تأملات رمضانية: الجنة قبر جميل حالم


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 3102 - 2010 / 8 / 22 - 19:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يعتقد الكثيرون أنه لا لزوم لنقد مافطن به المرء طيلة خمسة عشر قرنا، وصحيح أن مثل هذا النقد المقموع تاريخيا، كان حاضرا في كل مراحل هذه الخمسة عشر قرنا، ولن يجادل في الأمر إلا جاحد استلهم الحقيقة المطلقة لهذه البدعة المضحكة، فالتاريخ الإسلامي مفعم بالمحاكمات والإغتيالات التي طالت كل الإبداع الأدبي والفلسفي والتاريخي، إن الفضيلة الدينية أو لنقل إن المهزلة المحكمة التي ظلت قائمة في التاريخ العربي هي هذه النزعة الجامحة من صفاء الإيمان المعتق بنكهة الأساطير، هي هذا النزوع القاتل نحو تأسيس هذة المومياءات المحنطة، هي التسليم المطلق بالموروثات، هذه التركة الجميلة من الغباء الواطيء على دماغ الأحياء كما قال ماركس، كل نقد يروم أن يخترق هذه الفضيلة المثلى لنموذج الكهنة الورعين المخلصين لتفاهة الخلاص الإنساني، هو خروج عن الإجماع، هو في المطاف الأخير انتماء علني إلى الآخر وضد الوحدة، ضد الإجماع قولا وفعلا، يتجاهل الناس أن المسافة بيني وبين الآخر كيفما كان شانه، هي مساحة استغلال أرفضها فيما هو يقحمها، لا يرى الناس حكوماتنا العجيبة والورعة بديموقراطية العمالة المقنعة هي من يقحم في وجودنا هذا الآخر، لا يرى الناس أن حكوماتنا البلهاء لا تصادق، في المنتديات الدولية سوى على ما يوغل فينا سيزيف الإستنزاف، أما القضايا الأخرى التي لها علاقة بالحقوق المدنية والسياسية والإجتماعية، فهي إن صادقت، فحبر على ورق. إن الفضيلة في العرف الإسلامي هي هذا الإلتزام الخلاق بطقوس تحفظ للأمة خصوصيتها، أي وبكل الجلاء العظيم ذلك الوفاء القيم لنموذج السلف الذي خلف نحبه : الوفاء المقدس لتاريخ البعير، وما هذه الخصوصية التي يتبجح بها الجمهور العريض، أمة الإجماع والتخلف، سوى هذا التميز العجيب في الإفتخار بأنها امة تومن بجميع الكهنة الذين عبروا التاريخ واستعمدوا من حيضه، اي كل اولئك الذين أسسوا البلاهة والغباء الفطري لتتعمد فيه الأجيال المتتالية، إن مايميزنا عن الآخرين هو اننا امة محنطة لا تحرك ساكنا، أمة بالفطرة البلهاء لا تبدع سوى فن التحنيط، امة تبغي حياة في يوم الآخرة وتنسى همومها الفعلية: أمة تبغي يوم القيامة حيث الموت الأبدي يقرع أحلامنا بالعجز والكسل: الجنة، أو المقبرة الحالمة، تجد فيها كل شيء حيث تمد يدك، إنها حياة المومياء في التجريد الفرعوني، لكن في الحقيقة، كم هي مقارنة عبثية أن نقارن بين واقعية الفراعنة وسذاجة الأمة المسلمة،إذ أين نحن من حلمهم إذ هم يحملون جنتهم معهم إلى المقبرة، لا معنى للجنة من دون هذه النمطية من التفكير، على الأقل كما يبدو لي شخصيا، الجنة، هذه الأرض الملهمة، العائمة في السماء، ليست في الحقيقة إلا قبر حالم جميل تحيط من حوله الهدايا الإلهية ، تمد يدك كطفل صغير في المهد لتأخذ منها ماتشاء،.أي ككائن كاسح لا يتحرك، محنط كما أسلفنا، إن الجنة في أحسن الأحوال هي الحنين الأبدي إلى حياتنا البدائية في المهد، إذ لا معنى للحركة في الجنة، لا معنى للجنس ولا للأكل ولا للشرب مادام الناس سيعيشون على طول، وبتعبير آخر لا معنى للمتعة في الجنة، لأنه لا تحكمها تناقضات ولا مكبوتات ولا شيء آخر، إنها الموت الأبدي حيث الخلود صامك كصمك الله. ليس التمايز فينا، او بالتعبير الحالم الذي يجيده جهابذة الفكر القومي، ليست خصوصيتنا سوى هذا التحنط في المقدس، هذا التحنط الذي يقتل ود الإختلاف، يعني أن تكون الأمة محنطة في الإجماع، إنه الإيمان نفسه الذي حنط حقيقة سطحية الأرض، حين كان صعبا على جاليليو أن يخالف الإجماع الذي تحقق في سطح الخرافات الدينية، فما أصعب أن يتحقق الأمر عندنا على الرغم من أن البواخر تعبر في البحر كيفما شاءت وقي كل الإتجاهات، يستحق جاليليو أن نحفل بعناده، كان المسكين يموت وفي نفسه شيء من حتى، كانت هذه الحتى هي الحقيقة كلها، التي قالها وهو يحتضن موته:” ومع ذلك فهي كروية الشكل، ومع ذلك فهي تدور”ـ
في حياتنا العامة، يعلن شباب معطل هنا وعمال هنالك إ أو سجناء الراي في حالات أخرى إضرابا عن الطعام، صيام سياسي كما يحلو لتركة اتباع الأنظمة، وطبيعي جدا أن يكون لوقع هذا الصيام تفارق كبير بين الذي يصوم نهارا ليتخم في الليل وبين الذي يعلنه رفضا لوضع معين ويمدده اياما، فرق شاسع بين الصيامين هو الفرق بين من يحن إلى قبر جميل مرصع بالهدايا وبين الذي يعلنه رفضا لوضع معين، وصحيح ان الثاني يعشق الحياة اكثر من الاول، لأنه يعيشها وفق ذوق خاص لأن وضعه الخاص ينم عن شروط تمس كرامته الإنسانية، وبين الذي يهرب بعيدا إلى الأمام لأجل مكانة معينة مكانة كالقبر الجميل الحالم. الأول يصوم بشكل كارثي، انتحار بطيئ، إعلان عن بؤس الأوضاع التي يعيشها، توق عارم إلى الحياة الحقة، إلى الكرامة الإنسانية. تختلف في الحقيقة قدسية الصيامين كما تختلف جديتهما وصرامتهما، دنيويا يتجوع الكائن المسلم نهارا وهو ينتظر أكلا دسما في المساء عند المغرب، بينما صيام السياسي ينتظر وضعا حسنا يليق بكرامته ويصوم لذلك أياما متواصلة ليلها كنهاره، في الصيام الأول يكذب فيه الأطباء الروحانيون بفضائل التخمة الليلية بينما في الصيام الثاني تحضر الحقيقة وتحضر بجدية خطورة حالة الكائن السياسي المضرب، وطبعا يختلف فيهما القداس بين أن يكون قداسا دينيا وأن يكون قداسا سياسيا، إن الفارق الشاسع بين الإثنين هي فارق الوقعية بين الحياة والموت.
1
إن الفضيلة الوحيدة للتجويع هو هذا الإستنفار الغريزي للمتع واللذات، الفقراء وحدهم يقبلون على الخبز الحافي بنهم كبير، وبتلذذ أحيانا كثيرة، بينما الأغنياء يعتبرونه لقمة شاحفة تخنق الجسد، انظروا إلى هذه الهالة الإعلامية التي تدعونا على مدار الساعات لاستنفار غرائزنا الحيوانية... كم هو بليد هذا الإله عندما لم يحدد كم من الوجبات الغذائية في الجنة، فهو حددها بالفيض المطلق، بينما الإنسان عندنا كائن جرعوي أو تقطيري، أي أنه يستقبل الأشياء عندنا جرعة جرعة أو قطرة قطرة
2
يشكل رمضان هذه النزعة الفائضة من المتع لكنها للأسف هي خاصية دنيوية، لم يفكر القائمون الدنيويون بهذه العبادات البليدة،، أن جنة الجنات الحقيقية هي قتل غريزة اللذة ، لينتهوا بالمرة من الإنتصاب الأبدي لجنس الحوريات.... لكن الجنة وللأسف الكبير ليست سوى حنين إلى الولادة من جديد، إلى صندوق صغير مرصع بالأحلام، إلى ثذي امرأة جميلة هي التي ولدتك
3
يستحيي المومنون القول بأن اجمل ما في رمضان هو هذا الإستنفار العائم للملذات، كل الغرائز فينا مصابة بحساسية الاكل والجنس والعطش، يكبتونها بالنهار ليستنفروها بالليل، ماعدا هذا، الكل يكابر استظهارا بأنه شهر العفة.
للإستدلال فقط، محمد كان يقبل عائشة في شهر رمضان ويقول بأنه ليس جنس، هو زوجها او هي متعة .. ملكية خاصة (راجع جواهر البخاري)ـ
.4
في رمضان ، وبالبلاهة ذاتها ، يعتقد المرء ان قوة الصيام هي قدرة للتحدي المفعم بنخوة الصبر، جميل كل ذلك، لتتحدى شعوبنا المبتلاة بالضعف الأبدي، هذا الحنين الجامح إلى المقبرة، إلى الجنة العجيبة، لتبتلي إلى تغيير أوضاعها بناء على ذلك، لا أن تستكين إلى نشوة الإستمناء
5
ملا حظة أخيرة، وهي رد لبعض الذين انتقدوني لنزعة قومية ما، وهي نزعة قائمة صراحة: اعتبروني ناسكا مثلكم في رمضان، مع اختلاف كبير، هو اني أفكر عكس ما تفكرون، سأضيف أيضا، ان رمضان هو شهر الإيحاء بالنسبة إلي، ولا أدري لماذا؟, ربما لأنني معصوم من خطيئته على الرغم من أن جحافل قوميتي تصومه وبخشوع يفوق خشوع الآخرين
الموقف من الصيام مني هو موقف شخصي وليس موقف قوميتي.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايا من المهجر: لاموخنيرا (2)
- رمضان من وجهة نظر مختلفة
- أبواب الجنة
- نداء الأرض
- رفاق الفرقة
- النيولبرالية المتوحشة3 : وضع الطبقة العاملة المحلية
- حكايا من المهجر: آلة الوتر
- النيوليبرالية المتوحشة (2)
- اشراقات أمازيغية
- النيولبرالية الجديدة: الزراعة المكثفة نموذجا، إلخيدو (ألميري ...
- إعلان عن احتجاج عمال مهاجرين بألميريا (إسبانيا)
- العمالة المهاجرة: ودور التنسيق النقابي
- مدخل لفهم نمط القطاع الخدماتي
- سلام لذاكرة المعتوهين
- هل حقا انتفت الطبقات
- الإجماع الوطني، أو ميتافيزقا الجلاد المغربي (دفاعا عن الجمعي ...
- يوميات مغارة الموت: إضراب 1990
- يوميات مغارة الموت: تداعيات الأزمة
- يوميات مغارة الموت: تجربة الحلم
- سفر الخروج.. إلى أين ؟-2-


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عذري مازغ - تأملات رمضانية: الجنة قبر جميل حالم