أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - رجوع عجلة التاريخ الى الوراء















المزيد.....

رجوع عجلة التاريخ الى الوراء


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 940 - 2004 / 8 / 29 - 10:34
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


من المعروف ان المجتمع البشري منذ انفصال البشرية عن المملكة الحيوانية وحتى اليوم قد مر خلال تطوره بشتى انواع الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات والحرائق والعصور الجليدية وغيرها والعديد من الكوارث التي خلقها الانسان كالحروب والصراعات وغيرها ولكن عجلة التاريخ مع ذلك تقدمت الى امام وواصل المجتمع البشري تطوره حتى بلغنا الى عصرنا هذا، عصر الثورة التكنولوجية والقنابل الذرية والهيدروجينية وعصر غزو الفضاء. فعجلة التاريخ لم تتقدم تقدما سلسا متواصلا بل جابهت الكثير من النكسات والتراجعات.
ليس هذا موضوع البحث في هذا المقال وانما احاول في هذا البحث ان اجيب على سؤال آخر هو "هل يمكن لعجلة التاريخ ان ترجع مرحلة تطور كاملة من مراحل تاريخ البشرية؟" واذا امكن ذلك "فكيف ولماذا ومتى يحدث ذلك؟"
في مقالتي السابقتين عن ثورة تموز اوضحت ان الثورة البرجوازية بعد ان حدثت فلا رجعة لها الى المرحلة الاقطاعية مهما تغيرت ظروف المجتمع العراقي ومهما جرى من انقلابات وصراعات على السلطة. ولكني اشرت ان عجلة التاريخ تعرف رجعة واحدة الى الوراء، رجعة الاتحاد السوفييتي من مرحلة الاشتراكية الى مرحلة البرجوازية. احاول في هذا المقال ان اجد تفسيرا علميا لهذا التناقض بين مستقبل الثورة البرجوازية ومستقبل الثورة الاشتراكية.
تعتبر الماركسية ان الثورة في اية مرحلة كانت تصبح ضرورة اجتماعية حين تتطور قوى الانتاج الاجتماعي الى درجة يصبح فيها النظام السياسي القائم او علاقات الانتاج القائمة عائقا في سبيل استمرار تطور هذه القوى. فثورات العبيد اصبحت ضرورة حين اصبح النظام العبودي عائقا في سبيل استمرار تطور قوى انتاج المجتمع العبودي. واصبحت الثورات البرجوازية ضرورة حين تطورت قوى الانتاج الاجتماعي الى درجة اصبح النظام الاقطاعي فيها عائقا في سبيل استمرار التطور الاجتماعي. واصبحت الثورات الاشتراكية ضرورة حين تطورت قوى الانتاج الاجتماعي الى درجة اصبح فيها النظام الراسمالي عائقا في سبيل استمرار التطور الاجتماعي. فأحد الاسباب التي تمنع عودة التاريخ مرحلة كاملة الى الوراء هو ان قوى الانتاج بلغت في تطورها درجة لا يمكن القضاء عليها وارجاعها الى مرحلة تطور فات اوانها.
ولكن التفسير الديالكتيكي لهذه الظاهرة هو ان التحول من مرحلة دانية الى مرحلة اعلى في تاريخ تطور البشرية قبل الثورات الاشتراكية لم يكن نقضا لتشكيلة المجتمع الطبقية. فالتحول من العبودية الى الاقطاع لم يغير من طبيعة الدولة. فالدولة بقيت سلطة طبقة اقلية مستغِلة تستغل الاغلبية الساحقة من المجتمع. والذي جرى هو انتقال السلطة من ايدي طبقة مستغِلة الى ايدي طبقة مستغلة اخرى. فالمجتمع بقي منقسما الى اقلية تفرض سلطتها على الاغلبية الساحقة من المجتمع. وهذا يصح على المجتمعات السابقة لمرحلة الثورات الاشتراكية كلها.
واول ثورة في التاريخ شكلت نقضا لتركيب المجتمع الطبقي هي الثورة الاشتراكية. ففي الثورة الاشتراكية تحول التركيب الطبقي في المجتمع الى نقيضه. اصبحت الاغلبية الساحقة من الشعب التي كانت هدف استغلال الطبقة الراسمالية طبقة حاكمة واصبحت الطبقة الراسمالية وسائر بقايا الطبقات المستغلة السابقة طبقة محكومة. هذا هو الفرق الاساسي بين الثورات الاجتماعية السابقة كلها وبين الثورة الاشتراكية. وهذا الفرق هو اساس جميع الفروق بين الثورات السابقة والثورات الاشتراكية.
ففي جميع الثورات السابقة كانت الطبقات الحاكمة تقيم دكتاتورية ضد الطبقات المحكومة من اجل ضمان السيطرة عليها ومواصلة استغلالها. وحين كانت تحدث ثورة كانت الطبقات الحاكمة الجديدة تجد كل ما يلزمها لاقامة دكتاتوريتها من جيش وشرطة ومحاكم وسجون واسلحة الخ. اذ ان الثورة لم تغير من طبيعة النظام السائد.
والوضع يختلف تماما في التحول الذي يجري على المجتمع بعد انتصار الثورة الاشتراكية. فلكي تنتصر الثورة الاشتراكية يجب الاطاحة بالطبقة الحاكمة وبكل وسائل فرضها للدكتاتورية على الطبقات الكادحة. فالثورة الاشتراكية لا تستطيع الاعتماد على الجيش والشرطة والمحاكم وسائر مؤسسات الدولة السابقة لانها انشئت واستخدمت كوسائل لضمان استغلال الطبقات الكادحة وليس لضمان حرياتها. وهذه الوسائل كلها تبقى بعد الثورة معادية للثورة بل انها تشن حربا عليها من اجل الاطاحة بالثورة واعادة سلطتها المدحورة. فعلى الثورة الاشتراكية ان تبني مؤسساتها من صفوف الطبقات الكادحة لكي تضمن صيانة دولتها الجديدة. وكما ان كافة الدول السابقة اقامت دكتاتوريتها من اجل ضمان مصالحها في استغلال الطبقات الكادحة فان على الطبقة العاملة واحلافها من الفلاحين وسائر الكادحين ان يقيموا دكتاتوريتهم ضد الطبقات الحاكمة المطاح بها. ولهذا توصل ماركس وانجلز منذ البداية الى ان شكل الحكومة التي تأتي بعد الثورة الاشتراكية يجب ان يكون دكتاتورية تفرضها الطبقة العاملة من اجل ضمان حرية الطبقة العاملة وسائر الكادحين عن طريق استخدام اقسى انواع الدكتاتورية ضد الطبقات المطاح بها. فدكتاتورية البروليتاريا ضرورة حتمية لانتصار الثورة الاشتراكية. وقد جاءت هذه الدكتاتورية بشكل دولة السوفييتات في ثورة اكتوبر ولكنها قد تتخذ اشكالا اخرى في ثورات اشتراكية في المستقبل ولكنها يجب ان تكون بالضرورة دكتاتورية ضد الطبقات المطاح بها اي دكتاتورية البروليتاريا.
وظاهرة نقض التكوين الطبقي في الثورة الاشتراكية يدلنا على فرق جوهري اخر بين الثورات السابقة والثورة الاشتراكية. فالثورات السابقة كانت تغير الطبقة الحاكمة ولا تغير من طبيعة المجتمع ولذلك فان الثورة تنتهي باستيلاء الطبقة الجديدة على السلطة. ولهذا فان اللينينية تعتبر ان الثورة البرجوازية تنتهي بالثورة نفسها اذ ان الثورة تحقق هدفها الاساسي يوم الاستيلاء على السلطة. اما الثورة الاشتراكية فتختلف عن ذلك اختلافا جوهريا. فالثورة الاشتراكية تأتي بالطبقة العاملة كطبقة حاكمة في مجتمع كان منذ قرون مجتمعا تحكمه طبقات مستغلة. والمجتمع لا يمكن ان يتحول بمجرد استلام البروليتاريا السلطة واقامة دكتاتورية البروليتاريا. على دكتاتورية البروليتاريا ان تعمل على تغيير المجتمع تغييرا كليا يلائم حكم الطبقة العاملة وسائر الكادحين. ولذلك تعتبر اللينينية ان الثورة الاشتراكية الظافرة هي مجرد بداية وليست نهاية كما هو الحال في الثورات السابقة وان الثورة الاشتراكية هي ثورة مستمرة حتى تحقيق المجتمع الاشتراكي ثم الى التحول الى مجتمع شيوعي.
في الثورات السابقة بقي التناقض بين الطبقات المستغلة والطبقات المستغَلة قائما ولم يتغير سوى كون حلول طبقة جديدة تستغل الشعب الكادح بصورة جديدة بدلا من الطبقة القديمة التي اصبحت عاجزة عن الاستمرار في حكمها. ولكن نقض التكوين الطبقي في الثورة الاشتراكية يغير من طبيعة التناقض الطبقي في المجتمع. فالطبقة التي كانت طبقة حاكمة اصبحت طبقة محكومة والطبقة التي كانت محكومة اصبحت طبقة حاكمة. ولكن التناقض نفسه ما زال قائما. وعليه فان الطبقة التي فقدت سلطتها تستمر في النضال من اجل استعادة السلطة المفقودة ولا يمكن منعها عن ذلك الا بمواصلة اشد انواع الدكتاتورية على بقايا تلك الطبقات ليس جسميا وحسب بل اجتماعيا واخلاقيا وتقليديا ايضا. فدكتاتورية البرولياريا تبقى ضرورة طالما بقي التناقض قائما واي تراخ في ممارسة هذه الدكتاتورية يتيح الفرصة امام الطبقات المطاح بها للهجوم ومحاولة استعادة السلطة. لذا فان دكتاتورية البروليتاريا تبقى ضرورية الى حين الغاء التناقض، اي بالتعبير الديالكتيكي حتى تحقيق نقض النقض. ونقض النقض هو تحقيق المجتمع الشيوعي. فطالما لم يتحول المجتمع الاشتراكي الى مجتمع شيوعي تبقى الدولة ضرورية ويبقى شكلها هو دكتاتورية البروليتاريا. ان الاحزاب الانتهازية او المنحرفة عن الماركسية اذ تعلن انها تريد تحقيق الاشتراكية بدون دكتاتورية البروليتاريا ليست عاجزة عن تحقيق الثورة الاشتراكية وحسب بل انها لا تريد تحقيق الثورة الاشتراكية اطلاقا.
ان دولة دكتاتورية البروليتاريا، شأنها شأن جميع الدول التي سبقتها، هي وحدة نقيضين، ولا يمكن ان تكون سوى وحدة نقيضين، هما الدكتاتورية والديمقراطية. وقد تحدثنا اعلاه عن الجانب الدكتاتوري لدكتاتورية البروليتاريا. ولكن الجانب الديمقراطي من دكتاتورية البروليتاريا لا يقل اهمية عن جانبها الدكتاتوري. ومهمات الجانب الديمقراطي لدكتاتورية البروليتاريا يختلف تمام الاختلاف عن الجانب الديمقراطي لكافة الدول السابقة للدولة الاشتراكية.
فالمهام الديمقراطية للدول السابقة كانت تحقيق الارباح الناجمة عن استغلال الطبقات الكادحة وزيادتها الى الحد الاقصى مع ما يتضمنه ذلك من تطوير لطرق الانتاج وتحقيق رفاه وبذخ الطبقات الحاكمة باستثمار هذه الارباح.
ان مهمة دكتاتورية البروليتاريا اضافة الى مهامها الدكتاتورية في قمع نضال الطبقات الحاكمة السابقة من الهجوم من اجل استعادة سلطتها المطاحة وهي مهمة صعبة تتطلب نضالا مستمرا متواصلا وشديد الحذر، لها مهمات ديمقراطية اساسية هي خلق الظروف المناسبة لتطور المجتمع الى مجتمع اشتراكي اولا ثم تطور المجتمع الاشتراكي الى مجتمع شيوعي.
تستلم البروليتاريا مجتمعا برجوازيا كامل التطور وليست اقامة الدولة الجديدة، دولة دكتاتورية البروليتاريا سوى البداية. على هذه الدولة الجديدة ان تغير طبيعة المجتمع كله. فطبيعة المجتمع البرجوازي مترسخة ليس فقط في الطبقة الراسمالية المطاح بها بل في جميع افراد الشعب الكادح بما فيهم البروليتاريا نفسها. واول مستلزمات المجتمع الشيوعي الذي تهدف دكتاتورية البروليتاريا الى تحقيقه هو التطور الاقتصادي. فعلاقات الانتاج الاشتراكية اصبحت عاملا ايجابيا في تطوير قوى الانتاج وهي تفسح المجال امام البروليتاريا والفلاحين وسائر الكادحين الى التقدم السريع نحو البلوغ بالانتاج الاجتماعي الى المستوى المطلوب لتحقيق المجتمع الشيوعي. فمن اهم مستلزمات المجتمع الشيوعي ان يبلغ انتاج المواد الضرورية على الاقل الى درجة تكفي بان توفر لكل عضو من اعضاء المجتمع ما يكفي لتلبية حاجاته الاساسية. وهذا يستلزم تطوير الانتاج الاجتماعي تطويرا مبرمجا يتناول كل فروع الانتاج الاجتماعي. وهذا هو السبب في ان الدولة الاشتراكية الاولى لجأت الى تحقيق الاستقلال الاقتصادي بتطوير الانتاج وفقا لما تتطلبه نسب الانتاج الاجتماعي بصورة مبرمجة ووفقا لقانون التطور المتوازن الذي ظهر كقانون اقتصادي من قوانين النظام الاشتركي. وهذا ما شاهدناه في تطور المجتمع الاشتراكي الاول صناعيا بحيث تحول الاتحاد السوفييتي من دولة زراعية متأخرة زراعيا وصناعيا الى ثاني دولة صناعية في العالم. ولولا الحرب العالمية الثانية لرأينا تقدمه على الولايات المتحدة بخطوات سريعة وثابتة كما رأيناه في برامج السنوات الخمس الثلاثة التي جرت قبل الحرب العالمية الثانية.
وتستلم البروليتاريا السلطة وليست لديها اية خبرة في ادارة الدولة او ادارة النظام الاقتصادي للمجتمع. عليها ان تخلق من بين البروليتاريا والكادحين كوادر تستطيع ادارة الدولة وتوجيه التطور الاقتصادي الجديد. عليها ان تتعلم من عدوها البرجوازية كل ما تستطيع تعلمه من اجل خلق مثل هذه الكوادر من صفوف الطبقات الكادحة. وهذه مهمة لم تكن سهلة المنال في دولة اشتراكية نشأت في اقسى ظروف العداء الراسمالي العالمي والمحلي كما شاهدناه في حرب التدخل التي تلت ثورة اكتوبر مباشرة والحصار الاقتصادي الذي فرضته الدول الامبريالية على هذه الدولة الفتية.
تستلم البروليتاريا السلطة في مجتمع يسوده التفاوت بين الايدي العاملة والايدي المثقفة. فهناك تفاوت هائل بين العمل اليدوي والعمل الفكري. ومن واجبات دكتاتورية البروليتاريا ان تبذل الجهود في التغلب على هذا التناقض الهائل. والتغلب على هذا التفاوت لا يمكن ان يجري بخفض مستوى العمل الفكري الى مستوى العمل اليدوي بل بالعكس لا يتحقق الا برفع مستوى العمل اليدوي الى مستوى العمل الفكري. ويجري ذلك عن طريق خلق الظروف المناسبة للعمال والفلاحين برفع مستواهم الفكري قبل كل شيء، وذلك بتقليص يوم العمل للعمال والفلاحين اولا ومنحهم الفرصة لاستغلال اوقات فراغهم لتطوير انفسهم تطويرا فكريا يقربهم من مستوى المهندسين والفنيين. ومن مستلزمات المجتمع الشيوعي ان ينتفي التناقض بين العمل اليدوي والعمل الفكري. وهذه عملية طويلة شاقة لا تتحقق الا بالنضال المتواصل خلال فترة المرحلة الاشتراكية كلها. ولكننا شاهدنا في الاتحاد السوفييتي في الفترة القصيرة من عمر الاشتراكية التي لم تتجاوز خمسة عشر عاما تقدما هائلا في هذا المجال بحيث ان الحركة الستاخانوفية لم تنشأ بين المهندسين والمثقفين بل نشأت من بين اوساط الطبقة العاملة.
ومن مهام دكتاتورية البروليتاريا الديمقراطية تقليص التفاوت بين العمل الزراعي والعمل الصناعي. وأقول تقليص هذا التفاوت لان التفاوت بين العمل الزراعي والعمل الصناعي يبقى قائما الى درجة ما حتى في المجتمع الشيوعي. وطبيعي قد تكون احدى وسائل تقليص هذا التفاوت تغيير توزيع الانتاج الصناعي بحيث لا يبقى محصورا في المدن الكبرى بل انشاء المؤسسات الصناعية المختلفة حتى في المناطق الزراعية. ولكن اهم ظاهرة في تقليص هذا التفاوت هو رفع الانتاج الزراعي من صورته الاشتراكية ذات الطابع الخاص في المزارع التعاونية الى صورته العامة للملكية الاشتراكية كمزارع الدولة. وهذه المهمة هي من مهمات دكتاتورية البروليتاريا الديمقراطية وليست من مهمات دولة دكتاتورية البروليتاريا الدكتاتورية لان الانتاج الزراعي هو جزء لا يتجزأ من الانتاج الاجتماعي ككل ولا يمكن الفصل بين التطور الصناعي والتطور الزراعي في الدولة الاشتراكية. ويجري ذلك بطريق واحدة هي اقناع فلاحي المزارع التعاونية عن طريق التجربة بان ما توفره لهم الدولة عن طريق رفع مستوى المزرعة التعاونية الى مستوى مزرعة دولة هو اكثر مما تحصل عليه المزرعة التعاونية لدى بقائها مزرعة تعاونية. انها طريق ديمقراطية بحتة ولا وجود للدكتاتورية اي دور فيها.
واخيرا نتحدث عن اهم مهام دكتاتورية البروليتاريا على الاطلاق، مهمة تغيير طبيعة الانسان الاشتراكي. فالانسان خلال فترة تطوره منذ انفصاله عن المملكة الحيوانية الى ما بعد الثورة الاشتراكية اكتسب صفات تغلغلت في نفوس جميع افراد المجتمع الى درجة ان اغلب الناس بما فيهم مثقفيهم اعتبروها طبيعة بشرية لا يمكن تغييرها. هذه الصفات هي في الجوهر حب الانسان للحصول على الاكثر. فالعامل مثلا يريد يرى العمل وسيلة للحصول على وسيلة العيش فيريد زيادة مدخوله اولا ويريد التخفيف من شدة عمله كذلك. وليس هنا مجال لتفصيل الظواهر الناشئة عن هذه الرغبة من طمع وجشع واستلاب اموال الغير وهي الصفات الظاهرة لدى جميع افراد المجتمع الانساني. ومهمة دكتاتورية البروليتاريا هي ان تعمل على تغيير هذه الطبيعة الانسانية الى طبيعة اخرى لخصها معلمو الماركسية بشعور الانسان بان العمل جزء من الحياة وضرورة طبيعية لديه. وطبيعي ان هذا التغيير لا يدخل ضمن المهام الدكتاتورية لدكتاتورية البروليتاريا بل يدخل ضمن المهام الديمقراطية لها. ويجري عن طريقين مترابطين الاول هو توفير الحاجات الضرورية للانسان وتمكين كل فرد من الحصول عليها بسهولة بحيث انه لا يخاف من المستقبل، والطريقة الثانية هي التثقيف والتربية الصحيحة التي ينشأ عليها الانسان الاشتراكي منذ طفولته. ولكن هذا لا يغير من ان هذه المهمة هي اصعب مهام دكتاتورية البروليتاريا اطلاقا.
لدى اكتمال جميع هذه المهام الدكتاتورية والديمقراطية لدكتاتورية البروليتاريا يحدث نقض النقض. ونقض النقض في هذه الظاهرة يعني نقض الطابع الطبقي للمجتمع اذ يصبح المجتمع بدون طبقات. ولذلك لا تعود هناك حاجة الى وجود الدولة لان الدولة هي ظاهرة ناتجة عن انقسام المجتمع الى طبقات. فكما لم تكن هناك دولة في المجتمع الشيوعي البدائي لا وجود للدولة في المجتمع الشيوعي. ولا توجد مؤسسات للدفاع عن المجتمع الشيوعي الا اذا كانت ما تزال في العالم مجتمعات طبقية تعرض المجتمع الشيوعي للخطر. واذ ذاك فقط تزول امكانية عودة عجلة التاريخ الى الوراء، الى المجتمع الاشتراكي او الى المجتمع الراسمالي.
نرى من كل هذا ان التحول من المرحلة الاولى للشيوعية، مرحلة الاشتراكية، الى المرحلة الثانية من الشيوعية، مرحلة الشيوعية عملية شاقة وطويلة ومحفوفة باخطار عودة عجلة التاريخ الى الوراء الى المرحلة الراسمالية. فان اي تراخ في الجانب الدكتاتوري لدكتاتورية البروليتاريا او اي اهمال في الجانب الديمقراطي لدكتاتورية البروليتاريا بامكانه ان يعكس التاريخ ويحول الدولة الاشتراكية الى دولة راسمالية. وكان هذا التقاعس بجانبيه الدكتاتوري والديمقراطي الذي سلكته الحكومات الخروشوفية مثالا على ذلك.
ان عودة عجلة التاريخ الى الوراء خطر يبقى مهددا للمجتمع الاشتراكي طيلة فترة دكتاتورية البروليتاريا والى حين حدوث نقض النقض وتحول المجتمع من مجتمع اشتراكي الى مجتمع شيوعي. وهذا التحول صعب الى درجة ان اغلب المثقفين والكتاب لم يستطيعوا تصور امكانية بلوغه. وعلى سبيل المثال اورد ما توصل اليه الباحثان اللذان كتبا كتابهما عن فهد فساويا شعار المجتمع الشيوعي "من كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته" بالجنة التي تصورها انبياء الديانات المختلفة.
حسقيل قوجمان
٢٥ آب ٢٠٠٤



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دروس من ثورة تموز
- وأد ثورة تموز
- من وحي كتاب فهد (حلقة اخيرة) شخصية فهد
- من وحي كتاب فهد (الحلقة السادسة عشرة) سياسة فهد الاقتصادية
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الخامسة عشرة) الاممية الشيوعية
- استشهاد وحيد منصور
- وجاء الفرج
- كيف يصبح الانسان ماركسيا
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الرابعة عشرة) مزورو التاريخ
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثالثة عشرة) التطور العقلاني في الص ...
- النقابات العمالية، مصادر قوتها واسباب ضعفها
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثانية عشرة) سياسة لينين الاقتصادية ...
- ِتحية اجلال واكرام للفيلق السادس
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الحادية عشرة) اخيانة عظمى ام تصفيات ...
- من وحي كتاب فهد (الحلقة العاشرة) الانتقاد، اغراضه وفوائده
- الاحتفال الاول بعيدنا الوطني الجديد
- من وحي كتاب فهد (الحلقة التاسعة) فهد الستاليني
- مرحلة الثورة الاشتراكية وموعد اعلانها
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثامنة) الجبهة الوطنية والنضال ضد ا ...
- من وحي كتاب فهد (الحلقة السابعة) العقيدة الجامدة


المزيد.....




- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - رجوع عجلة التاريخ الى الوراء