أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى السماوي - دفاعا عن الإبداع














المزيد.....

دفاعا عن الإبداع


يحيى السماوي

الحوار المتمدن-العدد: 3099 - 2010 / 8 / 19 - 13:53
المحور: الادب والفن
    




يحدث أحيانا بالنسبة لنا ـ نحن الذين نزعم أننا أدباء ـ أن نخون شرف الأدب دون قصد منا ، فنظن مانرتكبه " حسنة " بينما هو في حقيقته " خطيئة " .. واللافت للإنتباه أن أكثر الذين يقومون بهذا الفعل غير الصحيح هم رجال ..
وبتوضيح أكثر : يحدث أن تصل بعضنا نصوص من صديقات أو أصدقاء ، فنجد فيها أخطاء تكشف عن عدم امتلاك صاحبها أدواته الفنية كشاعر / شاعرة إنْ على صعيد العروض أو على صعيد نسج الجملة الشعرية ... وبدلا من أن نقوم بشرح الخطأ كي يستفيد كاتب/ كاتبة النص فيتلافى أخطاءه مستقبلا ، فإننا نقوم بإعادة صياغة القصيدة و " ضبط " عروضها فيتحوّل النص من خاطرة مسجوعة إلى قصيدة دون أن نأخذ بالإعتبار حقيقة أن ماقمنا به هو مجانب للشرف الأدبي لكونه خيانة مضاعفة ... فمن جهة هو خيانة لكاتب النص لأننا نوهمه بأنه شاعر متمكن من أدواته الفنية وهذا الإيهام سيحول دون اعتماده على نفسه في تطوير إمكاناته الأدبية ليقف على قدمين واثقتين ... ومن جهة أخرى هو استغفال للقارئ وخداعُ له ... ومن جهة ثالثة هو ابتذال لأدبنا ـ نحن الذين " نكتب لغيرنا نصوصا " ـ أو نجعل من سجعهم وجملهم المرتبكة شعرا بحجة المساعدة أو التنقيح وما شابه من مبررات واهية نختلقها ـ نحن الرجال ـ وبخاصة حين يكون النص المرسل إلينا من إحدى حفيدات حواء وليس من أحد أحفاد آدم !! ؟؟

قبل أكثر من أربعين عاما حملت قصيدتي واقتحمت على الشاعر العربي الكبير المرحوم " بلند الحيدري " خلوته في المقهى البرازيلية " في شارع الرشيد ببغداد ... جلست إليه وأنا أرتجف لأعرّفه بأنني ذلك " الشويعر " الذي هاتفه قبل يومين طالبا منه أن يجود عليه ببضع دقائق ليقرأ عليه قصيدته ... كان جبيني يتصبب عرقا رغم برودة الشتاء ... قرأ قصيدتي ( وأتذكر أن اسمها كان " قمري الأسمر " ... أخرج قلمه ـ وكان ذا حبر أخضر ـ ووضع خطا ً تحت سطر من سطور القصيدة وهو يقول : هنا عندك خروج على الوزن .... ثم أكمل : أستطيع تقويمه ولكني لن أفعل ... خذ قصيدتك وعدْ بها إليّ بعد تصويب الخلل العروضي بنفسك في البيت الذي أشرت إليه .. وأتذكر أنه قال لي أيضا : لا تستعرْ صوت غيرك ... إسْعَ أن تنشد بحنجرتك لا بحنجرة نزار قباني ) .. من يومها أصبح بلند الحيدري أحد أحبّ أساتذتي وأصدقائي ( أشار بنفسه رحمه الله إلى ذلك في لقاء ضمنا مع الصحافي فهد الشريف في مهرجان الجنادرية للعام 1993 ) .

تقول الحكمة الصينية : ( لاتُعط ِ الجائع سمكة .. إنما : علّمه كيف يصطاد السمك ) ..
وتأسيسا على هذه الحكمة أقول : إنني سأرتكب خطيئة بحق الشاعر الناشئ إذا عرض عليّ " منظومته " فأعدت له كتابتها بأسلوبي وبلغتي الشعرية وشجعته على نشرها باسمه ... سأرتكب خطيئة وليس خطأ ... وشتان بين الخطيئة والخطأ !

كنت ـ ومازلت ـ أعمل محررا أدبيا غير متفرغ في صحيفتين ورقيتين ومجلة ـ لا طمعا بالمردود المادي الجيد إنما لرغبتي في مواصلة عمل كنت أمارسه قبل سنين كثيرة ... وصلني قبل زمن نصٌّ منظوم سليم القافية يحمل مشاعر جميلة ورائعة ... لكنه يخلو من الشعر ومرتبك الوزن تماما ... أعدت النص إلى صاحبه مع ملاحظاتي ... بعد بضعة أيام أعاد لي النص ولكنه مختلف تماما ... فقد جاء يخلو من أيّ خلل عروضي وفيه انزياحات شعرية هائلة لا تتناسب مع النص في حاله الأول ... فكتبت له : سننشر هذه القصيدة الرائعة ولكن بشرط أن ننشر معها اسم الشاعر الذي أعاد صياغتها بأسلوبه ، وعليك أن ترسل لي اسمه كي ننشره مع القصيدة إن رغبت في نشرها ..
لم يكن موقفي مجانبا للصواب .. فليس من المعقول أن يحدث هذا التطور الهائل في طاقته الشعرية خلال بضعة أيام وهو الذي كان قبل " يومين وقصيدة " لا يعرف الفرق بين السجع والشعر ( أجابني بصدق لكنه طلب عدم نشر القصيدة وأنه سيعتمد على نفسه ... هذا الشخص سيكون شاعرا حتما .. وربما سأكتب عنه ذات غد أرجو ألآ يكون بعيدا ... )

هل ينطبق على قولي هذا المثل العربي القائل : ( إياك أعني واسمعي ياجارة ) ؟
جوابي : نعم .... لقد قرأت نصوصا في صحف ورقية وفي مواقع ومنتديات أدبية على الشبكة العنكبوتية ـ بل وفي دواوين مطبوعة يعرف بعضها حبيبنا المبدع الكبير عبد الإله الصائغ والإعلامي القدير زيد الحلي والعلامة د . محمد حسين الأعرجي وغيرهم ـ هي في حقيقتها نصوص كتبها غيرهم بحجة التصحيح أو التعديل ...

هذه النصوص صحيحة لكنها خطأ !!
أظن أن أحدا سيقول : كيف يكون النص صحيحا وخطأ في ذات الوقت ؟
سأجيبه : حدث يوما أن طلبت من شقيقي ( وكان في الصف الخامس الإبتدائي ) أن يضع كلمة " غرّد " في جملة مفيدة .. فكتب : غرّد الخروفُ فوق الشجرة ِ .
لغويا ً الجملة صحيحة .. غرد : فعل ماض ٍ .. الخروف : فاعل مرفوع .. فوق : ظرف مكان مبني على الفتح في محل نصب وهو مضاف .. الشجرة : مضاف إليه مجرور .. هي إذن جملة صحيحة لغويا ... ولكن الخطأ يكمن في شقيقي وفي الخروف أيضا : هل الخروف يغرّد ؟ وعلى افتراض أن ثغاءه يمكن أن يكون بمثابة تغريد ـ وهذا جائز لأن راعي الغنم قد يعتبر ثغاء حَمَل ٍ تلده نعجة في الحظيرة أحبّ إليه من تغريد البلبل على الشجرة ... ولكن : كيف صعد الخروف إلى الشجرة ؟

نعم لتبادل الآراء ... نعم لإبانة الخطأ وتأشيره وتقويمه ... أمّا لكتابة نصوص للآخرين أو إعادة صياغتها كاملة بحجة تقويمها فألف لا .. ومَنْ يدري ؟ فربما أكون غير مصيب ٍ في رأيي هذا ... وقد يزعل فلان أو فلانة معتقدين أنني أقصدهما .. وربما سيزعل مني زميل في الصحيفة التي أكتب فيها أو الموقع الذي أنشر فيه ... وربما .. وربما ـ غير أنني سأبقى مصرا على رأيي في أن الخروف لا يمكن أن يغرد على الشجرة . .. وأنني يمكن أنوب عن صديقي أو صديقتي في دفع فاتورة الكهرباء ـ إذا كان منشغلا ـ أو في رعاية إدارة حانوته حين يمرض ... أمّا أن أنوب عنه في كتابة نصه فألف لا ... ألف لا ... وليس لا واحدة .



#يحيى_السماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا مُبْطِلا ً حتى وُضوئي !
- التظاهرات الجماهيرية نذير عاصفة
- مستنقع المحاصصة وجراثيم الفساد المالي والإداري
- هل سيشهد العراق انقلابا ً أبيض ؟
- الدروس المستخلصة من انتخاب مجالس المحافظات
- هنيئا للشعب العراقي بفوزه
- ما الذي سيحدث لو عاد حزب البعث إلى السلطة ؟
- شهادة جندي اسرائيلي على الهولوكوست الجديد
- ( الساكت عن الحق شيطان أخرس )
- مَنْ تُسمعين ؟
- الإنقلاب العسكري أت ٍ طالما بقي جنرال بعثي في القوات المسلحة
- شكرا لك سيدي البطل منتظر الزيدي
- بهيّ القلب
- أكلُّ هذا التشابه .. وتقولين نحن مُختلفان ؟
- إنصب خيمتك داخل جرحك !!
- البيتُ الأبيض
- قطار التحرير الأمريكي
- ضلوعي تساقطت نخلة إثر نخلة
- لماذا يُصرون على احتلال العراق ؟
- القرضاوي تجاوز مرحلة الخطأ فدخل مرحلة الخطيئة


المزيد.....




- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى السماوي - دفاعا عن الإبداع