أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس الربيعي - يوميات من عتق ( 3 )















المزيد.....

يوميات من عتق ( 3 )


بلقيس الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3097 - 2010 / 8 / 17 - 12:25
المحور: الادب والفن
    


العادات والتقاليد في الأعراس في عتق لا تختلف كثيراً عما هو عليه في ريف المدن الأخرى في القسم الجنوبي من اليمن . ويتجلى في هذه الأعراس التضامن الإجتماعي وطريقة إستقبال الضيوف ، الذين غالبا ما يكونون من القرى المجاورة. والجميع يعتبر العرس مهرجانا إحتفالياً عاما لكل افراد القرية . و ابناء عتق معروفون بطيبتهم وتواضعهم ، يعيشون حياتهم البسيطة ، ولاشك ان هذا التواضع يجعل كل شيء من حولهم متواضعاً حتى في الأفراح..

في بداية عمله في عتق عام 1979 ، دُعي ابو ظفر الى عرس شقيق موظف يعمل معه في مستشفى عتق المركزي ولبى هذه الدعوة . ومن العادات هناك ، ان يكون ترتيب الضيوف حسب درجات الإستضافة ، فمن يكون من خارج القرية يتم تجليسه في الداخل ويسمونه ( نقع المقعد ) وبإعتبار ابو ظفر ضيف يحضر لإول مرة ، فقد تمً تجليسه في الركن الداخلي ثم يأتي بعده الضيوف الآخرين القادمين من القرى المجاورة، اما اهل القرية ،يكون مكانهم عند المدخل .
وعلى الغداء ، يقدم اهل العريس لكل خمسة او ستة اشخاص صحن كبير فيه رز وعليه قطع لحم . وفي الصحن المخصص لإبي ظفر والجالسين معه على المائدة وُضع امام ابو ظفر بالضبط قلب وظهر الخروف ويسمونها شمة الضيف ( الدخيل ) . رفع ابو ظفر القلب وحاول ان يقظمه ، لكنه لم يستطع لأن القلب كان غير مطبوخ جيدا ( وهذه طريقتهم في الطبخ) ، فأبعده عنه . قام احد الجالسين معه على المائدة بإعادته امام ابو ظفر ، وابو ظفر يبعده عنه و تكررت هذه العملية عدة مرات ، بعدها قال احد الجالسينعلى المائدة . ” دكتور من عاداتنا ان نضع قلب الخروف امام الضيف وهو يقوم بتقطيعه وتوزيعه على الجالسين معه على المائدة . ” إعتذر ابو ظفر لأنه يجهل عاداتهم وسارع بتقطيع القلب وتوزيعه على الجالسين معه على مائدة الغداء .


بعد أن إلتحقتُ بابي ظفر ، روى لي هذه المفارقة اللطيفة فأخذت فكرة عن بعض التقاليد هناك . وفي إحدى المرات دُعيتُ وابو ظفر الى عرس في منطقة الجابية القريبة من عتق . إعتذر ابو ظفر عن الحضور لأنه لا يستطيع ترك المستشفى وهو الطبيب الوحيد في المنطقة ، فطلب مني ان انوب عنه ، وكانت فرصة جميلة لي للتعرف على عادات المنطقة في الأعراس . ذهبت مع ظفر ويسار ورافقتني ام محمود والفقيد ابو رياض .

بدأ تجمع الأقرباء والضيوف في بيت اهل العروسة لتناول الغداء . ، جلستُ وام محمود وبعض ضيوف اهل العروسة على الأرض ووُضع امامنا صحن كبير فيه رز وعليه قطع لحم . وكالمعتاد وبإعتباري الضيف لهذا العرس ، وضع امامي قلب الخروف . ومن المعلومة التي عرفتها من ابو ظفر ، باشرت بتقطيع القلب وقمتُ بتوزيعه على الجالسين معي على المائدة . إستغربت الحاضرات من اهل العروسة لمعرفتي بعاداتهم وقلن : ” والله زوجة الدكتور تعرف تقاليدنا ! ” إنهن لا يعرفن بأني اجهل ذلك لولاما رواه لي ابو ظفر
بعد تناول الغداء ، طلبتُ أن ارى العروسة ، فأخذتني امها الى غرفة مجاورة للغرفة التي تناولنا فيها الغداء حيث كانت العروسة تجلس لمفردها وهي مغطاة من رأسها الى اخمص قدميها بغطاء يحجبها عن الحاضرين . جلستُ بجانبها ، لكنها لم تكشف عن وجهها . بعدها قلتُ لها : ” جئتُ من عتق و من غير الممكن ان احضر عرسك ولا اراك ِ ! ” وإستجابت لطلبي فرفعت غطاء وجهها قليلاً يسمح لي برؤية وجهها قليلاً . فقد كانت شابة جميلة بدون مكياج وشعر رأسها مغطى بالكامل بالحناء بحيث لايرى المرء شعرة واحدة تتدلى على جبهتها . وبعد اقل من دقيقة ، أعادت الغطاء على وجهها وهذا يعني بأنه لا يمكن لأي احد ان يراها قبل ان يراها العريس في ليلة الدخلة .
وعند المساء يتوجه الضيوف واهل القرية الى قاعة كبيرة خارج المنزل ( عادة ما تُقام فيها افراح اهل القرية ) . تمشي العروسة من منزل اهلها بالحناء ، وهي مغطاة بالكامل ، الى مكان حضور المدعوات وتُجلًس في ركن من القاعة ، ويبدأ الحفل بالاهازيج اليمنية الراقصة ولشبوة اهازيج خاصة بالزفاف تتغنى بالحب وبالفرح وتتباهى النسوة بالعروسة والعريس وتقوم بعض النسوة من الحاضرات بالرقص ويسموه (الشرح - البرع - السمرة) . بعدها تقوم إحدى النسوة بإعلان (الجباء- ألرفده ) ومعناها العون والمساهمة مرددة : ” رفدتك (جباك) يا حريو من فلان ابن فلان مبلغ … “ ومن حسن حظي كان في حقيبتي مبلغ على ما اذكر ثلاثة دنانير فسارعت بتقديمه ، لكني شعرت بالخجل حين رددت المرأة “ رفدة من زوجة الدكتورمبلغ ….. ”
بعدها يغادر المدعوون وتُزف العروسة الى بيت زوجها بحنتها وحين سألت : ” لماذا لا تغتسل قبل ذهابها الى بيت الزوجية “ ، قالوا : ” انها العادات بأن تغتسل في بيت زوجها... ” كانت النسوة يرددن الأهازيج :
“ ساري على ساري بسم الله الرحمن
ساري على ساري بخزي بكِ الشيطان
ساري على ساري مهرة وأخذها حصان


العروسة عمود البيت يلي تحيوها
إدعوا لها بالخير يلي تحبوها

بنتنا جاهل داخل المحجبة
رحًبوا بها ألف يا مرحبا


حلا حلا يستاهل
عاد صغير جاهل




وللمرة الثانية حضرت عرساً في مدينة نصاب ، يبدو أنهم يتبعون التقاليد نفسها مع بعض التغيير . فقبل ان تُزف العروسة الى بيت زوجها ، تجلس بجانب العريس كاشفة وجهها ،و لاتتكلم معه طيلة الوقت . " ويسمون هذه الاحتفالية بالمخدرة " ، تقوم فنانة يمنية بإنشاد الأغاني اليمنية الراقصة وتقوم والدة العريس واخواته بالرقص . في ذلك العرس أثار إنتباهي الى الفنانة التي تُنشد الأهازيج كانت بين الحين والحين تقول شعراً فيه نفس سياسي بعدها فهمتُ انها تقصد الوحدة اليمنية ولازلت اذكر منه :
“ ياعدن قولي لصنعاء لو تشتي دا نضالي
لا تقولي دا رجعي ولا دا شمالي “



#بلقيس_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة من الماضي
- فلادمير ماياكوفسكي .... في الذكرى الثمانين لرحيله
- ابا ظفر ... في عيد ميلادك لك الحب والوفاء
- اجمل الكلمات في عيد الأم
- تنسيق الأزهار
- ما اشبه اليوم بالبارحة
- ورحلت المناضلة زكية خليفة
- كلمات جميلة
- الشهادة والشهيد يبقيان الى الأبد
- في عيد الحب
- إنتخب النزيه والكفوء
- في الذكرى 150 لميلاده ...انطون تشيخوف الكاتب الأنساني العظيم
- في الذكرى 150 لميلاده ....انطون تشيخوف الكاتب الإنساني العظي ...
- الحوار المتمدن لؤلؤةً بين المواقع
- هدية لأمي
- الفنان السينمائي والفوتوغرافي اليمني العالمي ناجي مصلح نعمان
- في اليوبيل الفضي لإستشهادك سماوتك لن تنساك
- أبا ظفر ... الغائب .. الحاضر
- أبا ظفر ... اقسم بالله العظيم إننا لم ننساكم
- في الذكرى الخامسة والعشرين لإستشهاده الأنصار يتحدثون


المزيد.....




- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...
- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس الربيعي - يوميات من عتق ( 3 )