أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - الرحابُ فى جفاف














المزيد.....

الرحابُ فى جفاف


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 3097 - 2010 / 8 / 17 - 12:17
المحور: سيرة ذاتية
    


لليوم الرابع على التوالى، ولأجَلٍ غير مسمًى، يعلمه اللهُ ورسولُه والمسؤولون عن المياه والمرافق فى مصر، تعيش مدينةُ الرحاب فى جفاف تامّ! دون قطرة مياه واحدة.

والأخطر، والأشدُّ إيلامًا و«جفافًا»، دون كلمة واحدة من مسؤول، سواءً كانت، كلمةَ اعتذارٍ، أو توضيح! أعرفُ يقينًا أن هواةَ تربية الحيوانات، من قطط وكلاب وطيور، وحتى ثعابين وبوم وقوارض، يكلّمون حيواناتهم. يتعاملون معها كأنما هى بشرٌ عاقل! يحترمونها! يداعبونها حين يقدمون لها الطعام، ويعتذرون لها، إن الطعامُ تأخر عن موعده.

لكنْ، يبدو أن المواطن فى مصرَ لا يرقى لتلك المعاملة! فتنقطع عنه المياه، والكهرباء، وجميع الموارد الحيوية، تتضاعفُ أسعارُ السلع، ويختفى بعضُها، مثلما تتضاعف فواتيرُ الكهرباء والتليفون والمياه، دونما كلمة واحدة من مسؤول. كلمة تبرير، أو «تصبير»، أو توضيح، أو تلميح. المواطنُ فى مصر غيرُ موجود! كنّا، قبل سنوات، نقول إن المواطنَ المصرى رخيصٌ لدى حكومته، الآن صرنا نقول إنه غير موجود أصلاً!

انقطعتِ المياهُ أول أيام رمضان عن المدينة بأسرها، ثم عادت بعد الإفطار. ثم انقطعت فى اليوم التالى ولم تعد أبدًا! اتصلنا برقم شكاوى المدينة ١٦١٨٤، فقالوا، بنفاد صبر، إن الأمر خارج حدود تصرفهم. وعلى مَن يعترض أن يتصل برقم شكاوى القاهرة ١٢٥. ثم أغلقوا الخط نهائيًّا فى وجه قاطنى المدينة. لكنهم نسوا، قبل أن يغلقوا باب الاتصال، أن يرفعوا أيضًا تلك الرسالة المسجّلة السخيفة: «أهلا بك فى جهاز مدينة الرحاب، ولضمان جودة الخدمة، نرجو العلم بأن مكالماتك قد تكون مسجلة. ثم تيت تيت تيت تيت (بتاعة الخط المشغول!)». الأمر نفسه يحدث مع ١٢٥!

قالوا انفجرت ماسورةٌ فى مدينة العبور. وقالوا فى التجمع الأول. وأيًّا ما كان الأمر، وأيًّا ما كانت المشكلةُ التى تفتكُ بك، فأنتَ مواطنٌ لا قيمةَ لك! سواءً كنتَ تسكن فى الرحاب، أو فى العشوائيات. أنت «نكرةٌ» لدى حكومة بلادك، ولدى مسؤولى بلادك، ولدى حكّام بلادك. أنتَ زائدٌ عن الحاجة.

تجوّلْ فى مدينة الرحاب، تلك المدينة الراقية، لتجد الرجالَ والنساء يحملون «الجراكن» الفارغة يدورون بها، علّهم يقعون على صنبور أو خرطوم به بعض قطرات منسية. رأيتُ النساء اتخذن من حمّام السباحة فى نادى الرحاب مأوًى لهن، بعدما لفظتهن بيوتهن الجافةُ من المياه.

رأيتُهن يفترشن الفوط الكبيرة حول الحمّام ويغططن فى النوم. ورأيتُ الأمهات يسحبن أطفالهن ليحمّمنهم فى غرف تغيير الملابس فى النادى، المكان الوحيد بالمدينة الذى مازال ينعم ببعض الماء! لكنها نعمةٌ مؤقتة، ستزول بعدما تنضبُ خزاناتُ المياه الاحتياطية.

قد نتحمّل جفافَ الماء، وجفافَ الحلق، وجفافَ الروح حتى، مادمنا فى بلاد لا تحترم آدمية مواطنيها، ولكنْ كيف نتحمل تجاهل مسؤول يبخل بكلمة واحدة قد ترطّب ذلك الحلقَ الجاف، وتلك الروحَ المتشققة؟ ماذا يضير مسؤولا، يعيش فى رَغَد السلطان، أن يذيع بيانًا مقتضبًا فى جريدة أو إذاعة أو تليفزيون، يهدئ من روع الناس، ويطمئنهم أن الأمر طارئٌ، وأن الحكومة تعمل على قدم وساق من أجل حلّ الأزمة. ولو بالكذب!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية -قطط الشارع-
- مجدي أحمد علي مُخرج اللقطات الملهمة
- عسلٌ أسود، مرآةُ ميدوزا
- البنت المصرية سعاد حسني
- مسرحية -أوديب وشفيقة-
- مسرحية -العميان--أشعرُ بالقمر فوق يدي
- جبل راشمور في الشيخ زايد
- متشوّقون للجمال
- عقيدتُك ليست تعنيني
- محمود سلطان، الإعلاميُّ الجميل
- تثقيفُ البسطاء في ثقافة الجيزة
- صديقي المبدع، بهيج إسماعيل
- عبدةُ الزهور الجميلة
- الثالثُ المرفوع، وغير المرفوع
- لأن معي أتعاب المحامي
- أزمة الإنسان واحدةٌ فوق المكان والزمان
- درسُ سلماوي الصعب!
- يوميات قبطي، واحد م البلد دي
- مندور، ابنُ الزمن الجميل
- كتابٌ مخيف من ترجمة طلعت الشايب


المزيد.....




- نتنياهو يأذن لمديري الموساد والشاباك بالعودة إلى مفاوضات الد ...
- رئيس وزراء بولندا يكشف عن -جدال مثير- أشعله نظيره الإسباني ف ...
- دراسة رسمية تكشف أهم المجالات التي ينتشر فيها الفساد بالمغرب ...
- تشابي ألونسو يستعد لإعلان قرار حاسم بشأن مستقبله مع نادي ليف ...
- الجيش الروسي يكشف تفاصيل دقيقة عن ضربات قوية وجهها للقوات ال ...
- مصر.. إعادة افتتاح أشهر وأقدم مساجد البلاد بعد شهرين من إغلا ...
- قائد القوات الأوكرانية: تحولنا إلى وضع الدفاع وهدفنا وقف خسا ...
- مقتل شخص وإصابة اثنين إثر سقوط مسيّرة أوكرانية على مبنى سكني ...
- استطلاع يظهر تحولا ملحوظا في الرأي العام الأمريكي بحرب غزة
- معتمر -عملاق- في الحرم المكي يثير تفاعلا كبيرا على السوشيال ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - الرحابُ فى جفاف