أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - صادق الازرقي - نظرة في القوانين السائدة














المزيد.....

نظرة في القوانين السائدة


صادق الازرقي

الحوار المتمدن-العدد: 3096 - 2010 / 8 / 16 - 10:29
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


المادة 136 .. فسادُ بأغطية شرعية
منعت المادة ( 136) التي وردت في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 تقديم أي موظف حكومي الى المحاكم لتهم تتعلق بالوظيفة إلا بعد الرجوع الى مرجع الموظف واستحصال موافقته على وفق ما نصت عليه المادة، و ذلك المرجع يتمثل عادة في شخص الوزير عينه.
وبصرف النظر عن التطرق الى الأسباب التي استوجبت تشريع تلك المادة في حينه فان الظروف والمستجدات التي حصلت في العراق لاسيما منذ إسقاط النظام المباد في نيسان 2003 أوجبت الحاجة الملحة الى إلغاء تلك المادة، اذ لوحظ ان استمرارها يكرس ويديم حالة الفساد الإداري والمالي في دوائر الدولة، عن طريق تملص الوزراء من الموافقة على تقديم موظفيهم الى المحاكم الجنائية حتى إذا كانوا متلبسين بالفساد المشهود، مثلما حصل في عدة أحداث منها ما وقع في وزارة التجارة، إذ واصل المسؤولون الفاسدون أعمالهم برغم الشكاوى المقرونة بالدلائل ضدهم، بسبب ممانعة وزير التجارة السابق في الاستماع الى تلك الشكاوى ورفعها الى المحاكم الى ان جرى إقالة الوزير، فأقيل عندئذ بعض المتهمين وادخل بعضهم السجن ومنهم شقيق الوزير الذي كان عين مساعداً للوزير.
لقد شعر بعض السياسيين والمسؤولين الذين تسلموا بعض السلطات اثر سقوط النظام المباد بخطورة المادة 136 وتأثيرها السلبي على الأوضاع في البلد، وقد علقت سلطة الائتلاف المؤقتة العمل بهذه المادة، غير ان الحكومات التي تعاقبت على الحكم تمسكت بها، بل الأكثر من ذلك جرى التنافس والتسابق في الفوز بمغانمها عن طريق دفاع الوزراء المستميت عن المسؤولين الفاسدين الذين يعملون بمعيتهم، ووفرت تلك الماد غطاءً شرعياً لنهب أموال البلد عن طريق الاطمئنان الى سندهم الشرعي المتمثل بالوزير المعني.
يشير البعض الى ان إلغاء تلك المادة أو تعديلها يتطلب قراراً من السلطة التشريعية المتمثلة بمجلس النواب، ولقد طالب بعض أعضاء المجلس فعلاً في دورته السابقة بالتصويت على إلغاء تلك المادة كي يتسنى القيام بالإجراءات المطلوبة لتقديم المفسدين من المسؤولين الى القضاء العراقي الذي يحرص الجميع على استقلاليته، غير ان نواباً آخرين اعترضوا على ذلك وعطلوا التصويت على ذلك الإجراء الضروري كي لا يصار الى كشف السرقات التي تجري تحت غطاء الأحزاب المنضوين تحت كياناتها، حصل مثل هذا الأمر مثلما جرت المماطلة في التصويت على قرارات مهمة تتعلق بحياة المواطن ومعيشته.
لقد استغلت المادة 136 أبشع استغلال لممارسة الفساد الإداري والمالي بغطاء شرعي تمثل في دفاع الوزراء المستميت عن موظفيهم حتى إذا ارتشوا او افسدوا غير مبالين بضياع أموال العراقيين التي تسربت من دون وجه حق الى أيادي لصوص استعملوها في صفقات مشبوهة وتعطلت بنتيجة ذلك عملية اعمار البلد وضاعت مشاريع أبنائه. و لطالما ان الوزير باق في منصبه حتى وان اخفق في تنفيذ برنامج وزارته وفشل في تلبية حاجات الناس المسؤول عنها، فان مدراءه العامين ومسؤولي أقسام وزارته في حل من المساءلة حتى إذا حامت الشبهات بشأن طبيعة أعمالهم وتصرفهم بأموال اؤتمنوا عليها.
ان وضع العراق وحاجة أبنائه القصوى لبناء بلدهم المخرب تستدعي الإلغاء الفوري للمادة 136التي يشكل بقاؤها عبئا على القضاء العراقي تمنع تحركه وتحد من دوره في استدعاء المفسدين الى المحاكم وإقرار العقوبات المطلوبة بحقهم، مثلما يستدعي الأمر إلغاء القوانين المجحفة التي أهدرت ثروة المواطن ومنها امتيازات النواب ورواتبهم غير المسوغة في الوقت الذي لم يحققوا شيئا لأبناء البلد، اذ لم تزل الكهرباء مقطوعة برغم انقضاء دورتهم الانتخابية ولم تزل المياه الصالحة للشرب شحيحة عن قطاعات واسعة من الناس ومازالت المياه الثقيلة تنبثق في باحات كثير من البيوت وغرفها لتنغص على الناس حياتهم، وغير ذلك من المحن التي حلت بالعراق في ظل الأداء السيئ لمفاصل سلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية.
لقد تطرقنا الى موضوع المادة 136 من قانون أصول المحاكمات الجزائية كأنموذج على الخطورة التي تكتنف بناء الدولة العراقية الجديدة التي يطمح الجميع الى إرساء أسس ثابتة لها تحتفي بالإنسان وكرامته وتحافظ على ثروات البلد وأموال أبنائه، مع علمنا بأن ثمة فقرات كثيرة في القوانين العراقية المعمول بها حاليا تتسم بالخطورة ذاتها التي تتصف بها تلك المادة، بل ان كثيرا من تلك القوانين الظالمة التي سنت في زمن النظام المباد لم تزل سارية المفعول ويعمل بها برغم انتفاء الحاجة إليها. اخترنا المادة 136 لتكون موضوع مقالنا هذا بصفتها من أخطر المواد التي تشجع على الفساد في دوائر الدولة عن طريق (شرعنة) التواطؤ بين المسؤولين في المناصب العليا ولاسيما الوزراء وبين مدراء ورؤساء دوائرهم الذين اختير معظمهم من قبل هؤلاء الوزراء أنفسهم وليس على أساس مبدأ الكفاءة والمهنية المعمول به في دول العالم المتحضر، وبالنتيجة فان أي تلاعب بأموال الناس من قبل هؤلاء المسؤولين سيكون محميا من قبل مراجعهم المعصومين عن المساءلة. وفي الواقع فان هؤلاء المسؤولين يتمتعون بحصانة فعلية تسوغ للمفسدين منهم التصرف بمصالح الناس على هواها.
وأخيرا نقول؛ إذا لم تلغ المادة 136 التي تحمي الفساد والمفسدين وإذ لم تشن حملة فعلية ضد الفساد وإجراء العقوبات المطلوبة بحق منتسبي دوائر الدولة الفاسدين ولاسيما في المناصب العليا و كشف جرائمهم للناس بوساطة وسائل الإعلام فان الهوة التي يوشك مجنمعنا على الانحدار إليها ستتسع وستتواصل عملية إهدار ثروات البلد وإضاعة أمواله عن طريق لصوص تسلحوا بشرعية اختلقوها لأنفسهم وتدرعوا بمناصب هم غير أهل لها، ولن ننجح في بناء أي مشروع حقيقي وستواصل الكهرباء انهيارها ويتعطل بناء البلاد وستحيق كوارث جديدة بنا شئنا أم أبينا.



#صادق_الازرقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين الاقتصاد في برامج السياسيين
- و لتأخير تشكيل الحكومة أسبابه!
- أرقام استثمارية كبيرة بنتائج شحيحة
- قبل القمة علينا أن نصلح بيتنا أولا !
- الاستهانة بكرامة المواطن
- مشاريع الإسكان وحصة المواطن
- (إجه ايكحلهه عِماها)!
- طبّاخات الرُطب
- خرق دستوري فاضح
- إخطبوط (بول) لفك طلاسمنا
- تحالف المالكي و علاوي!
- حراك الجماهير بمواجهة حراك السياسيين
- أزمة الكهرباء والخدمات مفتعلة
- تقية وزير.. كريم وحيد أنموذجاً
- سيناريوهات الوزارة المقبلة .. فجر العراق الحالك
- مشاريع على ورق!
- تقليص صلاحيات رئيس الوزراء تكريس للفوضى
- اختلفوا على اللجان فهل يتفقون على الرئاسات؟
- تأخير تشكيل الحكومة مظهرٌ للاخفاق
- تشكيل الوزارة أم لجان الاختيار؟


المزيد.....




- بعد 200 يوم من بدء الحرب على غزة.. مخاوف النازحين في رفح تتص ...
- ألمانيا تعتزم استئناف تعاونها مع الأونروا في قطاع غزة
- العفو الدولية تحذر: النظام العالمي مهدد بالانهيار
- الخارجية الروسية: لا خطط لزيارة الأمين العام للأمم المتحدة إ ...
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بتهمة تلقيه رشى
- أستراليا.. اعتقال سبعة مراهقين يعتنقون -أيديولوجية متطرفة-
- الكرملين يدعو لاعتماد المعلومات الرسمية بشأن اعتقال تيمور إي ...
- ألمانيا تعاود العمل مع -الأونروا- في غزة
- المبادرة المصرية تدين اعتقال لبنى درويش وأخريات في استمرار ل ...
- مفوض أوروبي يطالب باستئناف دعم الأونروا وواشنطن تجدد شروطها ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - صادق الازرقي - نظرة في القوانين السائدة