أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ناصر موحى - المعطلون و ضيق هامش المناورة














المزيد.....

المعطلون و ضيق هامش المناورة


ناصر موحى

الحوار المتمدن-العدد: 3096 - 2010 / 8 / 16 - 08:05
المحور: المجتمع المدني
    


مرحبا بكم في مسرح فريد من نوعه في العالم . مسرح يعرض مسرحياته الدرامية جدا على الهواء المراقب على مدار الساعة ليلا ونهارا إثنا عشر شهرا في العام . على خشبته المقصلة تمر أجيال من الممثلين الحقيقيين يمثلون جل جهات البلد بشكل ديمقراطي قل نظيره . يأتون مكرهين ليقدموا مشاهد مخجلة من مغرب يستطيع حكامه ردم حي بسكانه لتشييد تذكار حقوق البعوض فوق جثثهم . ولأن الأحداث درامية في كليتها فالديكور الخلفي قاتم تزينه ألبسة الكوارث وأحذية مقرفة شكلا ورائحة مع وضع عصي مكهربة وخوذات صلبة واقية لأدمغة هشة المبنى وصلبة المظهر .
مرحبا بكم فوق ركح يمتص عصارة شباب أفنت كراسي الجامعات والمعاهد جزءا من عنفوانهم ومشاكساتهم . مرحبا بالجمهور الذي الف مشاهد جيل مغدور وأصبح حضورهم ضروريا لتأثيث المدينة مثلهم مثل المقاهي الممتلئة وحاويات الأزبال والقطط المشردة وسيارات اللصوص المصفحة التي تسهل حروف لوحاتها الحمراء مهمة التعرف عليها .
مرحبا بكم في مسرح أقامه أبناء فقراء المغرب أمام مبنى البرلمان بالعاصمة الرباط و الذي ظل يقدم عروضه مند عشرين سنة خلت دون انقطاع وبالمجان وظلت مختلف أجهزة النظام القمعية تكافئهم بسخاء حاتمي بكل أشكال التنكيل ودون كلل .
لقد طبعت نضالات جمعيات المعطلين حاملي الشهادات تاريخ الرباط المعاصر عامة وقلبها النابض خاصة بمداد من دم ومعاناة وظلت تضحياتها كتلك الرياح التي تعري مؤخرة الدجاج وتزيل مساحيق الديمقراطية البهلوانية عن الوجه البشع لدولة العصابات ونظام التفرقة الطبقية .
أجيال مرت هناك بعضها حصلت على التقاعد ليس عن العمل بل عن الإعتصام واخرى تقاعدت عن الكلام والفرح والحلم وقليل منها حصلت على حقها الطبيعي في الشغل بعدما تركت هراوات القمع خرائط الكرامة فوق أجسادها كتذكارات لأحلام المواطنة وإنذارات لأي سخونية الراس المستقبلية .
ورغم ضخامة التضحيات وحجم الإستعداد لمزيد من الصمود الذي كان يتحلى به معطلو المغرب فإن الثمار تبدو جد هزيلة لكون اجهزة النظام واعية بطبيعة تركيبتهم السوسيوقتصادية والنفسية الغير متجانسة. لدلك صب خدام المخزن اهتمامهم على كيفية إشعال فتيل التناقضات الداخلية لضرب العامل الحاسم في قوتهم المتمثل في وحدتهم التنظيمية . وقد نجح في دلك بشكل كبير لدرجة اصبح لكل شهادة جمعيتها الخاصة بل ولكل تخصص إطاره الخاص . أضف إلى هدا كله العامل الزمني حيث تتراكم أجيال مختلفة من المعطلين ذوو منطلقات وأهداف مختلفة لتتشكل الأرضية الخصبة للإبتزاز وشراء الذمم .
وإذا كانت ضربات المخزن منتظرة وحتمية نظرا لتناقظ المصالح وصراعها فإن الخطر الأكبر على تنظيمات المعطلين يكمن في هفواتها الداخلية وغياب روح الإبداع في الأشكال النضالية واماكنها ومواقيتها . فمثلا ظلت بوابة البرلمان لسنوات طويلة المكان الأوحد لنضالات المعطلين الوطنية رغم أن المغاربة يعرفون جيدا أن البرلمان مؤسسة فارغة وشكلية ولادور لها حتى في تسيير شؤونها الإدارية الداخلية . كما أن الوقفات الإحتجاجية تتم في الغالب نهارا وفي أوقات العمل الرسمية وتتفادى التظاهر في الأعياد الرسمية .
إن طبيعة النظام المغربي القمعية لاتسمح له أن يكون مرنا في تعامله مع أي شكل احتجاجي مهما كان صغيرا فبالأحرى مع مطلب رئيسي كالشغل حين يكون الإحتجاج مؤلما لمصالحه . وهدا يعني أن علىالمحتجين وليس المعطلين حاملي الشواهد وحدهما البحث عن أكثر الأشكال إلاما لمصالح التحالف المسيطر والمتمثلة في شل الوحدات الصناعية مهما كان نشاطها الإنتاجي وطبيعتها المؤسساتية أكانت عمومية أو خاصة وفي أي منطقة من المغرب أو التوجه لبوابات القصور الملكية وللإعتصام أمامها. وكمن ضغطت على جرحه سيكون رد النظام سريعا وعنيفا لأقصى الحدود لكنه سيركع امام إصرار المحتجين ماداموا وصلوا على مستويات إحراق أجسادهم . وما حدث في سيدي إفني سنة 2008 مثال حي مازالت آثار جريمته لم تندمل بعد . فلسنوات طويلة ظلت وقفات معطلي المدينة الباعمرانية بدون صدى ولا أحد يهتم لها ماعدا باشا المدينة نظرا لطابعها الكلاسيكي . لكن محاصرة ميناء المدينة لأيام قليلة وضعت أجهزت الدولة المخزنية من أسفل إلى أعلى القمة في حالة سعار واستنفار قصوى كشرت خلالها عن حقيقتها الهمجية واضطرتها للبحث عن مخارج الأزمة رغم سنها سياسة العقاب الجماعي في حق ساكنة المدينة .
إن الإحتجاجات التي توصف بالحضارية والسلمية أشكال تعطي مفعولها في الأنظمة المتحضرة ذات قوانين عادلة واعراف ديمقراطية عريقة أما الأنظمة القراقوشية التي تبعد عن الحضارة بسنوات ضوئية فمن الضروري البحث عن أشكال نضالية تناسب طبيعتها البربرية وإلا ظل انتظار الشغل كمن ينتظر كودو .



#ناصر_موحى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرحبا بالأبقار المهجرة
- فرسان وقرصان وإكفتان ...
- الحاج الوزير والبلطجي !!
- عيد الزعيم ومزاليطه !!
- معنى أن تكون مغربيا الآن !!
- بوكرين الصعلوك ...إلى الجحيم !!
- ما أشبه الأمس باليوم !!
- حمار وقطار يابلدي !
- وزراء دولة أم مجرد عوازل طبية !!؟؟
- مستوطنات في فلسطين ومستوطنات في المغرب ! أية علاقة ؟(1)
- حين تصبح صاحبة الجلالة جارية في بلاط -صاحب الجلالة - رشيد ني ...
- من الأشرف ياعقلاء ؟؟حجاجنا الميامين ام عاهراتنا المهجرات ؟؟!
- هكذا يكون القضاء وإلا فلا !!
- كيف يشجع النظام المغربي الإنفصال ؟ سيدي إفني نموذجا !!
- على قارعة الزمن الرديء...(4)
- شكرا لكل من ساهم في جعلنا شعبا من المتسولين !
- ماذا لو...
- 55 جثة متفحمة هي هدية الباترونا المغربية للعمال في عيدهم الأ ...
- على قارعة الزمن الردئ...(3)
- على قارعة الزمن الردئ... (2)


المزيد.....




- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ناصر موحى - المعطلون و ضيق هامش المناورة